الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تخف، إن المال معنا

شبلي شمايل

2012 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو جليا أن السيد حمد بن جاسم قد تعب من اللعبة السورية ولم يعد يحتمل أن تطول أكثر. فقد ملّ رؤية نفس الأشخاص وسماع نفس الأخبار وكأي مراهق يتعامل مع المرأة والسياسة والكحول والكلينكس بنفس الطريقة، فقد قرر أن يسير على إيقاعه الخاص ولوحده هذه المرة. ويذهب لمجلس الأمن بدون أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي الذي يحاول مقاومة الإغراءات حتى لا يحرق كل أوراقه منذ العام الأول لولايته.
إن كون القضية السورية عند حمد، هذه الشخصية الباثولوجية، تشبه أية لعبة لشخصية بارانوئية، جميلة في البدء مقبولة في المنتصف ومملة في الفصول الأخيرة، فقد قرر أن يمر من سرعة 100 ميل بالساعة إلى سرعة 300 ميل بالساعة. ورغم أن نظيره الفرنسي قد انعزل على نفسه بتصريحات نارية تحرق أصابع صاحبها بعد أن تركه ساركوزي يرقص وحده في الحلبة الشرق أوسطية وذهب لخوض معركته الإنتخابية، ورغم أن نظيره التركي أوغلو قد اكتشف أن "الجيش الحر" لعبة في غاية الخطر لأن المتطوعين العرب من الخليج وليبيا فيه من السلفيين الجهاديين الذين فجروا في اسطنبول وأنقرة أكثر من مرة، والمتطوعين الإسلاميين السوريين أكثر من المنشقين، وأن ما لا تستطيع تركيا استيعابه من متطرفين، يقوم حزب التحرير وشركاه في طرابلس باستقطابه. فما زال حمد بن جاسم يعتقد بأنه سيد اللعبة، وأن بإمكانه أن يستحضر الناتو كما استحضر أكبر قاعدة أمريكية خارج الولايات المتحدة لقطر لإكمال الثلاثي القطري البائس: الجزيرة، القاعدة الأمريكية، القرضاوية.
لا يمكن لهذا التاجر الربوي الذي يتقاسم مع حمد بن خليفة أهم المشاريع الاقتصادية في المزرعة القطرية، أن يتصور أن الشعب السوري أكبر بكثير من أمواله. وأن هذا الشعب ليس حفنة من طالبي المال الخليجي. ولهذا ينظر للثورة السورية من نافذة واحدة: هي صفقة، مثلها مثل شركة الطيران القطرية، صفقة تعزز دوره كسمسار دولي في الربيع العربي، سمسار قادر على لجم الثوريين باسم الثورة وشراء الضمائر باسم المغتصبات الحرائر وزج أشباه المعارضين في خطط الناتو والأمريكيين.
في يوم واحد، تناغم هائل بين قناة الجزيرة ومجلس اسطنبول وسفر حمد بن جاسم لتدويل القضية السورية. الجزيرة تعلن أن المعارضة السورية تطلب إحالة الملف السوري لمجلس الأمن، فيصل القاسم يتصل بأحد زبائنه المعتادين في برنامجه الأسبوعي (أنور مالك) ويطلب منه ترك بعثة المراقبين والقدوم إلى الدوحة، ويتصل بموظف أمن الدولة السابق في رئاسة الوزراء ووكالة الأنباء السورية والملاحق في جريمة اختلاس أموال الدولة (بسام جعارة) لكي يلتحق بالدوحة للهجوم على أصحاب الحل العربي الرافضين للتدويل، تسع مداخلات تلفزيونية للمجلس الاسطنبولي تطالب بالتدويل حتى أن جورج صبرا رفع عدد الشهداء اليومي إلى 300 شهيد. بيان من مجلس اسطنبول يطالب بالتدويل، بأمر من القرضاوي حركة الأخوان المسلمين في سورية تعتبر تدخل الناتو أمرا ضروريا لحماية المدنيين. مؤتمر صحفي لبرهان غليون دائما من اسطنبول يقول فيه بأن النظام أنهى المبادرة العربية ويطالب بالسفر إلى مجلس الأمن، وبعد ساعات من التغطية السياسية والإعلامية لخطوات حمد بن جاسم، يصل سوبرمان العرب والعجم إلى أمريكا ويعلن فشل المبادرة العربية وضرورة تدخل مجلس الأمن.
كم هو جميل هذا التنسيق والعزف المشترك على أقدام حمد بن جاسم وعلى أوتار الناتو. ما هي هذه القدرة العجيبة لهذا الرجل التي تجعل غليون وقضماني والمالح ورمضان والنشار والمطيع والعبيدة والعبدة بل ورياض الترك يركعون على أقدامه؟ كيف تحول علمانيون مثل برهان غليون وصادق جلال العظم وياسين الحاج صالح لمروجين للحل القطري؟ هل أصبح النوم في فنادق السبع نجوم ضرورة ثورية؟ هل أصبح امتلاك رصيد مصرفي كبير واجب نضالي؟ هل تحولت معارضة اسطنبول إلى بوق لحمد بن جاسم؟ أليس هذا الإنحطاط هو الذي يعطي بشار الأسد القوة من جديد ليعود ويتحدث في الإرهاب والمؤامرة ؟ وأي سوري شريف يمكن أن يثق بمعارضة يصرف الواحد فيها في يوم وليلة ما يكفي لمساعدة ابن شهيد لعام؟
إذا نجح الإسفلت الخليجي الأسود في تسويد صورة الثورة، فسيضطر الشعب السوري لدفع فاتورة مضاعفة من أجل الإنتصار، فاتورة الوقت الضائع في اكتشاف الدور الخليجي المدمر للثورة واكتشاف من باعه من أبناء جلدته بأبخس الأثمان !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية