الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب الى أين .؟

ماجد فاضل الزبون

2012 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



كانت القوى العربية المتبنية للأيديولوجية الوحدوية تأمل والى عهد ليس بالبعيد بتأسيس الدولة القومية الممتدة من الخليج الى المحيط ، وبالفعل فقد تحققت تجارب حقيقية وواقعية في هذا الإتجاه تمثلت في الوحدة بين إمارات الخليج العربي في العام 1971 ، هذه التجربة الوحدوية الرائدة التي لا تزال وستبقى ناجحة وبإمتياز ، على الرغم من إن الوحدة بين مصر وسوريا في 22 شباط من العام 1958 إنفرط عقدها في 28 أيلول من العام 1961 لأسباب كثيرة ومعروفة .
التجارب الوحدوية العربية لا تزال محط إجتهادات الدارسين والباحثين بين مؤيد ورافض لها بغض النظر عما حققته من إنجازات أو إنكسارات كما يحلو للبعض تسميتها . مبررات الطرفين المتناقضين في الرؤى وعلى أحسن تقدير لا تتعدى ما يحملونه من آيديولوجيات فكرية وسياسية تأثروا بها في زمن تكوين شخصية الذات ابان مرحلة عاصفة حملت الكثير من الإجتهادات والمفارقات الفكرية التي لم تكن بعيدة هي الأخرى عن البداية التي كانت فيها الأمة تعيد تكوين ذاتها وسط تحديات ومخاطر تمثلت في كسر القيود والتحرر من الإستعمار، بمعنى إن اولئك الأشخاص سواء كانوا مؤيدين أو رافضين للوحدة آنذاك عاشوا ذات المرحلة التي كانت فيها الأمة تعيد صياغة تجربتها الفتية لصنع ذاتها القديمة وتؤسس لها .
هذا التناقض في توجهات التيارات السياسية خلق مجالا خصبا للتناحر والقطيعة خصوصا إن الأفكار الماركسية آنذاك أخذت حيزها في فضاء الفكر العربي لتقف نقيضا مع التوجهات القومية بإعتبار إنها تحول دون تحقيق الدولة الأممية ومبادئها الإشتراكية والديمقراطية وبناء العالم الفاضل الذي يتساوى فيه الجميع ( وفي مقدمتهم البروليتاريا ) بالحقوق والواجبات ، دون أن يدركوا إن بناء الدولة القومية سيختصر لهم الجهد والزمن لتحقيق حلم قيام دولتهم الأممية المنشودة .
كما إن الإسلاميين وللأسف وقفوا بالضد أيضا من المشروع الوحدوي العربي متناسين ما كانت عليه أمتهم بإعتبار إن بناء الدولة القومية هو مفهوم عنصري مناهض لأممية الإسلام ليلتقوا مع الفكر الماركسي الذي عادة ما ينعتونه بالإلحاد .
المشروع النهضوي العربي أجهض في مهده من قبل أعدائه وتآمر عليه بعض من دعاته ، إلاّ إن أعداء هذا المشروع والمتآمرين عليه ندموا جميعا أمام حقائق الواقع وما يتشكل على الأرض العربية والإسلامية الآن .. فالماركسيون الحالمون بالدولة الأممية خسروا إتحادهم السوفيتي الذي تهشم الى دويلات بدأت تتشظى هي الأخرى وخسروا أيضا جميع دول ما كان يسمى بالمعسكر الشرقي أو الدول الإشتراكية أو حلف وارشو ، والإسلاميون الرافضون لوحدة الأمة العربية والحالمون بتحقيق دولة الخلافة يرون بأعينهم ما يحصل للعالم الإسلامي من إنكسارات حادة كما هو الحال في فلسطين أفغانستان وغيرها .
وما بقي لدعاة القومية العربية هو الأسى بعينه ، فالمشروع الوحدوي ( الحلم ) بتحقيق الدولة القومية شتتته يقظة قوة مفترسة ومعادية يعرفها الجميع ، إمتدت ليس على جسد الأمة فحسب بل إنها أخذت تفكك منظومة الدولة القطرية الواحدة الى عدة دول كما حدث في السودان ، والمشكلة إن الدولة السودانية الوليدة لم تنضم الى الجامعة العربية بل إنها سرعان ما إرتمت في أحضان إسرائيل .!
والخشية هي ما قد سيحدث في الأقطار العربية الأخرى لاحقا حيث بدأت فيها الصراعات الآن على أساس الدين والمذهب والمدينة ، لا بل وحتى القبيلة .!!
مشروع الدولة الأممية إنتهى ، وتحقيق مشروع دولة الخلافة الإسلامية هو الآخر قد إنتهى وينسحب الأمر ذاته على مشروع الدولة العربية الموحدة ، فالجميع إستيقظوا على ( كابوس ) صادم ، فهم عاجزون الآن عن إيقاف سلسلة التشظيات ضمن الدولة الواحدة كل على حدة .
وهنا يحق لنا التساؤل .. أين تكمن المشكلة وراء كل الخسارات السابقة واللاحقة ، وما هو القصور في تلك الأفكار والتوجهات السياسية .؟ التي وعلى الرغم من كل تناقضاتها إلاّ إنها كانت تمثل الحد الأدنى للحياة الطبيعية والتعايش السلمي ، لأننا أمام مرحلة تحمل تيارات وأفكارا متطرفة قد تجرنا الى أن نتقاتل فيما بيننا ( لا سامح الله ) إذا لم نوقف هذا التداعي والإنحدار الخطير.. وعلينا في البدء أن نشخص من هو الرابح وراء كل خسائرنا وخيباتنا التي قد لا تنتهي ، لنتبنى مشروعنا الجديد أيا كانت توجهاته إسلامية كانت أم علمانية ، المهم علينا أن لا ندع للعدو مجالا للفرقة وأن لا نمكنه من أن يجزأ البلد الواحد الى بلدان عدة أو أن يوقع الفتنة بين طوائف الشعب الواحد لتتقاتل فيما بينها ، وهذا ما لا يتمناه أي عربي شريف مهما كانت ديانته وطائفته وتوجهه .؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طائرات بوينغ: لماذا هذه السلسلة من الحوادث؟ • فرانس 24 / FRA


.. رفح.. موجات نزوح جديدة وتحذيرات من توقف المساعدات | #غرفة_ال




.. جدل الرصيف الأميركي العائم في غزة | #غرفة_الأخبار


.. طلاب فرنسيون يطالبون بالإفراج عن زميلهم الذي اعتقلته الشرطة




.. كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية