الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اخاف ان تخضعني لتجربتك

نايف حسين الحلبي

2012 / 1 / 12
الادب والفن


أخاف أن تخضعني لتجربتك

صديقة كتبت تقول إني أخاف من إخضاع كل من حولك لقلمك ولتحليلاتك واخشي من أن تكون حقل لتجربتك وتأملاتك....... وما تعنيه هنا أن تكون تعاملاتي معها ومع المحيطين بي امتدت لتكون مراكز معدة للاختبار...
وفي كل كلمة أتلفظها يكمن ورائها مختبر يرصد ردود أفعالها ، وكل تصرف أقوم به ما هو إلا بالونات اختبار، وكل فكرة اطرحها للمناقشة إنما يكمن ورائها لغز ما....
وكمن يرقص الهيجا، يصيب مرة ويخطئ أخرى. ولكن ليس هكذا تورد الإبل.....

ولكن يا صديقتي دعينا نرى أين تكمن المشكلة؟ وهل أصبح الفكر يعاب في زماننا؟
أم إن العيب فينا؟وهل العيب في الآلة الموسيقية بأنها لا تحدث أنغاماً جميلة؟
أم العيب بمن يقوم بالعزف عليها؟ هل العيب في الحياة نفسها أم العيب بمن يعيش هذه الحياة؟

لم أعب عليكِ رأيكِ وأفكارك فهذا حال الكثيرين من أبناء جلدتنا، فنحن ضحية تربية غير مدروسة، وغير مدركة للآثار النفسية التي وراءها.....
وما أفكارك إلا ارتياب وشك وتخوف وقلق تعيشينه، أخذت تعكسينه من خلال تربيتك لأولادك، وكل ما يحيط بك.... ولكن أضرار ذلك كبيرة على المجتمع وعلى السلوك الفردي التي يظل محصور ومُقُولب بدائرة حُددت له ولم يستطع الخروج منها....

مثل الفيل الذي رُبِط لفترة طويلة بحبل طوله خمسة أمتار وعندما تم إزالة الحبل ظل يدور بفلك الخمسة أمتار فقط ولم يتجاوزها...... والأمثلة كثيرة لمدربي ومروضي الحيوانات... بحيث لم يعد بمقدور ذلك الفيل تجاوزها، وهكذا الأمة المصابة بشلل هذا التفكير تخاف من الأفكار الجريئة والعقل المنفتح حتى راحت تأنس وتركن لكل أوجاعها وتحارب كل فكرة تخرج عن المألوف،
وينطبق عليها قول المفكر عبد الرحمن الكواكبي " لقد الفت أمتي الذل كما يألف الجسم السقم"

صديقتي تعي جيدا إن تجربتي غير مخطط لها، ولم يكن خلفها نوايا مبيتة، ولكنها لم ترها على حقيقتها.....ولم ترها بالعمق. بل تراها من خلال شكوكها وتخوفاتها.
فقط هي تجربة أعيشها ، وحراك أقوم برصده وإنني عندما أشارك صديقتي أو غيرها من معارفي بهذه التجربة فليس لأدخلهم في مختبراتها لأنني أنا نفسي داخل هذا المختبر ونتيجة تفاعلاته إنما تعنيني أنا بالذات باعتباري صاحب التجربة ولا أنكر أي زخم لأراء الآخرين يتعلق بالخطوط العريضة لهذه التجربة على اعتبار إنهم أيضا إنما يقيمون هذه التجربة من خلال تجاربهم الخاصة التي قد استفيد أنا أيضا منها في صقل تجربتي واغنائها هذا على الأقل ما تعلمته من المعرفة.



وأنا عندما اخضع تجاوزا "إذا صح التعبير" تلك التجربة للمناقشة والحوار العقلي إنما لأبين لنفسي أولا قبل الآخرين نقاط القوة ونقاط الضعف والدوافع من تلك التجربة واثبات صحتها من عدمها
وانظر للآثار التي خلفتها، من منظور مختلف قد لا تراه هي.
ويساعدني ذلك على الوقوف عند تلك التجربة، والإشارة لمواطن الخلل، وما أنا إلا عين تتفحص ما يحدث، وأقوم برصدها والنظر إليها من منظار العقل وبتجرد تام

بعيدا عن الشخوص نفسها، وأتطلع إليها من موقع المراقب.....
إن الكثير من المجتمعات تعيش عمرها بأكمله ملتصقة بمعتقدات لم تطورها وتجعلها لم تعِ ذاتها وملكاتها ، وما أقوم به هو إبراز الفكرة للوجود بعد تسليط الضوء عليها ليس إلا، وبدافع النية الحسنة وحب الخير والنماء للمجتمع، وان انمي قوايّ الروحية وادفع بها للأمام إلى الحد الذي يكون فيه لعجلة الزمن من معنى نرصد من خلاله مدى تقدمنا الروحي والعقلي وخاصة على صعيد التجربة.

ومع ذلك كنت ألاحظ إن لكلماتها معنى تختبئ خلفه أشياء كثيرة من دافع الخوف، والشك، والارتياب، وتخوفات عدة تربكها...... ولم تكن نتاج حرية تعيشها، بل رسالة قمع لم تدرك خطورتها لأنها أصبحت جزء من ثقافة مجتمع عاشت في كنفه حتى أصبحت صديقتي تضع نفسها في موقع الإدانة والتأنيب إذا ما حاولت الخروج عنها فكيف بمقارعتها لها؟

ورحت متسائلا ما الغرابة إن كنت أضع تلك التجربة واضعا أمامي منظار العقل وليس المألوف؟
وما الغضاضة بذلك إن قدمتها كتجربة حياة لتعم الفائدة للجميع ؟
فكل ما في الأمر إنني
أقوم بتحليل الفكرة وتركيبها، أعيش معها، أتناغم معها بعمق استمتع بوقتي اجلس إليها بتمعن أصغي إليها لاستخلص منها رحيقها وابحث عن أرجلها الحقيقية التي تقف عليها.....
لا تتوقفين كثيرا عند الأسماء!!!! لان الزمن لن يتوقف عندها، مليارات الأسماء مُحيت وشطبت من التاريخ، وأصبحت أثراً بعد عين وبقيت التجربة الحياتية المعاشة، لتنتقل من جيل إلى أخر عبر جيناتها وتجاربها الحية. فلن تعم الفائدة إن لم تكن أفكارنا من بنات واقعنا......

وكيف سيتطور أي مفكر أو أي كاتب أو باحث، إذا استثنينا كل ما يحيط به؟
وهل سيأتي بأفكاره من السماء أم من الأرض التي يقف عليها؟
فلما العجب؟

فقط هو غوص داخلي يخص الكاتب نفسه ومرجعيته النفيسة والاجتماعية والظروف التي عاش بها، وما هي إلا وجهة نظر ليس إلا وغير ملزمة لأحد غايتها أن تعم
الفائدة، والخروج من براثن جهل نعيشه ويعيق مسيرتنا، ويُثبط الكثير من عزيمتنا، ويخرجنا من دائرة الفاعلية الوجدانية، لدرجة نجد أنفسنا نساق بدوافع لا تتواءم مع داخلنا، ومن دائرة نحن رسمناها لأنفسنا وقمنا بتصديقها وأصبحنا غير قادرين على الخروج منها....

من غير المنطقي أن اترك جراحي تنز واذهب لمداواة غيري، وهذا ما تقتضيه الطبيعة وعندما أصاب بجرح عميق تقول لي الطبيعة أولا أغلق جرحك، اربطه، عالجه، وسارع إلى الطبيب، لا تقف وتقل للناس تعالوا شاهدوا عمق الجرح.

من تجاربنا البسيطة يحدث النماء. من حياتنا اليومية يحدث النماء..... من تعاملنا البيتية على مستوى الأسرة، وعلى مستوى الأقارب، والأصدقاء يحدث النماء، وبتعزيز القيم النبيلة والتركيز عليها يحدث النماء....

فانا لم أتحدث عن المجتمع في لوس أنجلس، أو في برلين، أو في لينينغراد فهذا لن يطورني.... ولم يبنِ جسوراً متينة بداخلي، أنا ابن مكان ما انطلق منه. ريف، أو مدينة، انطلق من موقعي، من جذوري قبل أن يمتد العطب ليشل الجسم بأكمله....

الانطلاقة من الواقع أولا عندها سيحدث النماء. كل من موقعه ليطال كامل الجسد الإنساني
الشكوى والتوجسات والهموم وكبت ما نراه صواب لم ولن يطورنا......ولن يفعل خطواتنا ويجعلنا فاعلين، وسوف تكثر همومنا وتغرق زوارقنا عبر محيط متهالك يطال الجميع....

أرجو أن لا تقلقك أفكاري وكتاباتي فهي تجربة حياة أعيشها وأقوم برصدها بمعزل عن الأسماء والألقاب وان كنتِ أنت من الدائرة التي لا تعنيها هذه الأفكار، فقط أرجو أن لا تصادري حقي في التفكير والكتابة بما أشاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف