الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هامش الخطأ في الثورة

دانا جلال

2012 / 1 / 13
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


الثورة وكما وصفها "غوركي" ليست ببركان تقذف بالرجال كما تقذف البراكين بالحجارة. الثورة سهول، وجبال، وصحاري مقفرة، بل هي "كوكب" يضم مكامن حقول غير منتهية لعالم سري، عالم نكتشف فيه رموز وطقوس قد تحيل نبضة الثورة وروحها الى مومياء ودين جديد بقائمة الانبياء و المعصومين الذين يولدون ويورثون في خلايا الحزب والحركة.
انبياء الثورة ومعصوميها يفسرون نص الثورة بحديث الحزب، والنتيجة ان المُختَّلِف والمُختَّلفْ يتحولان الى بدعة، وكل بدعة في الحزب ظلالة. المُختَّلِف والمُختَّلفْ عداء للدين في الحزب الديني، وللطبقة في الحزب الطبقي، و للقومية بالنسبة للأحزاب القومية.
تحويل "الحزب" و"الثورة" الى دين جديد، يتجلى في المجتمعات الشرقية بكامل تفاصيله، فالشرق ليس بمنتج للرموز والطقوس فحسب، بل هو منتج كبير لرموز وطقوس ثورية تقتبس مفرداتها من تراكمات هائلة لثوراته العنيفة. هنا تكمن قوة الشرق وضعفه. فالتحزب في الشرق متهم بانه نقيض لحرية الانسان في رحلة اكتشافه للذات وبحثه عن الحرية ، متهم بانه اسوا من جمهورية افلاطون الذي طُرِدَ فيها الشعراء، لأن الحزب وكما هو شائع يقبل الشعراء مقابل تنازلهم عن حرية القصيدة.
هل يمكن تحرير "الحزب" و"الثورة" من النزعات الدكتاتورية ورفع التهم الموجهة اليهما من قبل أعدائهما؟.
حاول "تروتسكي" و"دوبريه" من خلال مفهوميهما " الثورة المستمرة"، و " ثورة في ثورة" اكتشاف ضفاف اخرى للثورة ، بحثهما انصب على جهد فكري من اجل ديمومة الثورة باكتشاف خطاب سياسي و"حلقة التواصل" بين المراحل، اي ان محاولاتهما انصبت على الجوانب الغائية مع ابقاء ذات المركب والبوصلة.
مهمة (الثورات والاحزاب) راهناً، وبعد المتغيرات البنيوية التي شهدتها الانسانية تتمثل بممارسة نضال فكري وجماهيري لرفع التهمة عن مصادرة حرية الفرد وابداعه في خنادقها وخلاياه. ان الاحزاب السياسية في منطقتنا وبعد المد الجماهيري الذي افرز خريف الحكام كمقدمة لربيع الشعوب بحاجة الى توسيع مجال الحرية الفردية داخل الاحزاب وتقبل حرية منظمات المجتمع المدني المجاورة لها والابتعاد عن فكر الوصاية ومحاولات تدجينها.
هيكلة الاحزاب وهرميتها مازال يحمل ذات المسميات والمهام المحصورة في لجانها "الاعلامية" و"المالية" و"الفكرية" ووو. السؤال الذي لم يطرح هو ( اين هي "لجنة حقوق الانسان" في الأحزاب والحركات الثورية)؟.
كي لا تغتصب الثورة بعد اغتصاب دكتاتور هُزِمَ زنقة زنقة "القذافي نموذجا" وكي لا يتحول ثوار الامس الى طغمة "دكتاتورية ثورية" فان العمل من اجل حقوق الانسان من خلال لجنة قائمة بذاتها في الاحزاب والحركات الثورية تمثل مهمة عاجلة لا تحتمل التأجيل. ان "لجنة حقوق الانسان" في الحزب لم ولن يكون بديلا عن المنظمات التي تعمل بشكل مستقل للدفاع عن حقوق الانسان ، لان الاخيرة تراقب النظام وتسجل وتوثق جرائمه من جهة وتسلط الضوء على هامش الخطأ في الثورات بغرض تقويمها وليس بغرض الدفاع عن النظام كما ظهر في بيان لعدد من مناضلي وكتاب الثورة السورية و اتهامهم للمرصد السوري لحقوق الانسان بانه طائفي ويعمل لصالح النظام القمعي في دمشق. فالمرصد وغيره من المنظمات التي تعمل في ذات المجال ليست بمنظمة حزبية تضع الاجندة وفق روى سياسية محددة، وليس من مصلحة الثورة ان تضع هكذا منظمات في حقيبة المسئول الحزبي او خطابه السياسي. ان احزاب الشرق وحركاته الثورية مازالت بعيدة عن ممارسة شجاعة النقد الذاتي، والنتيجة هي تشويه للثورة والثوار من خلال تقديمهما كجمهورية فاضلة وانبياء دين جديد . على الثوار ان يقبلوا بحقيقة وجود هامش الخطأ الثوري في العملية الثورية ومن ثم امتلاك جرأة النقد بدلا من اللجوء الى نقد النقد ، فالثورات النقية لم تولد ولن تتحقق لان اداة الثورة هو الانسان بكل قوته وضعفه، بتأثيره في مجريات الاحداث وتأثره بما حدث.
http://www.sooryoon.net/?p=43812








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا


.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.




.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو


.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza




.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع