الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية عبر الفيسبوك: غوص في شذرات الشاعر المغربي عبد الكريم الطبال

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2012 / 1 / 13
الادب والفن


من الشعر ما يمضي دون أثر، و منه ما يعلق مدونا مروره، متحديا مجمل الاختلافات بين الشاعر و المتلقي، و الشاعر المغربي "عبد الكريم الطبال" واحد من الشعراء المميزين الذين لا يجدون أدنى صعوبة في تخليد عبورهم بعاطفتنا، بما تفرد به حرفهم من بساطة و جمال. و حين نتحدث عن الشاعر "عبد الكريم الطبال" فإننا نتحدث عن هرم من أهرام الشعر، ليس على صعيد وطنه المغرب فحسب، بل في سائر العالم العربي. فقد نجح هذا الشاعر بموهبته الفريدة و رؤيته الواضحة، في بلورة قصيدة تتعدى الجغرافيا و العصر، ترسيخا لمفاهيم كونية و أسس عليا، تربطنا أكثر بذواتنا في أي مكان و أي زمان.


لن أتحدث في هذا النص عن الشاعر أو تجربته، فهو مدرسة شعرية أكبر من التقييم و التحليل، لكني سأغوص في بعض شذراته الأخيرة المنشورة على صفحته بالفيسبوك، في محاولة لترجمتها حسيا، انطلاقا مما تركت بي من انطباعات.
و الشذرة بالنسبة لعبد الكريم الطبال ليست مجرد فكرة أو صورة شعرية تراوده بقدر ما هي رؤية شمولية تفصح عن تصوره لما يرتبط جوهريا بإنسانية الإنسان. و لعل اختياره للشذرة كمجال للتعبير، يعد تصريحا منه بمشروعية هذا الجنس الأدبي و قيمته في زمننا الحاضر و في المستقبل.


و من هذا الجنس الأدبي، يواصل صياغة العالم، بروابطه و تفصيلاته، إيجابياته و سلبياته، وفق مفاهيم خاصة و لغة شفافة هي لغة الإنسان. فالشرارة عند الشاعر عبد الكريم الطبال لا تعبر عن الكارثة أو التداعي، أو الضياع و الوهم المرهق، لكنها ترمز لاكتشاف جديد يفسح المجال لرؤى جديد، وحدهم العارفون يفكون طلاسيمها:
شرارة
في آخر الخيال
ليست سرابا
عند العارفين
و تجسيدا لروحه الراقية المحبة المثخنة بالجمال، يتنقل بين الإنسان و "نقيضه" ليلملم حقائق نغفل عنها، في رحلتنا إلى الكمال الكاذب، بين اليومي و المألوف. :

يا غَارباً في النُّور

رفقا بالْبَصـيرَة

فالضَّلالةُ في دُجاها أرْحَمُ

قفْ في المَشَارف لا تَزدْ خطْواً

فقدْ تهْوي فَتَنْسى ما خطَوْتَ وتَنْدَمُ


لكل شيء خصوصيته عند للشاعر عبد الكريم الطبال، بما في ذلك مكونات الطبيعة. فقبلة الماء للعشب مثلا، ليست سلاما، و ليست مداما، إنما دمعة في الصلاة. كما أن تشبثه بالقيم العليا المشتركة بين الإنسان و أخيه الإنسان، بعيدا عن العرق و اللون و المعتقد و المستوى الدراسي و الاجتماعي و الاقتصادي؛ بعيدا عن كل ما يجعلنا مختلفين، يظهر بقوة في كل شذراته، عبر صور واضحة، نصادفها خلال ترحالنا القصير من الموت إلى الموت:
إخوتي
انتشروا
في بيوت الحجارة
لوذوا بها
اشربوا ماءها
الذئاب ستكشر
أنيابها
حين تخفون
بين البيوت

و لعله من الشعراء القلائل الذين تفانوا في الحفاظ على رسالة الشعر، كأرضية مشتركة للتعايش و الحوار، و عاملا محفزا للاقتراب من الآخر و معرفة ما بيننا من قواسم مشتركة، تجسيدا لدور الشعر الأساسي و رسالته الوحيدة و الأوحد ألا و هي نشر الحب. و حين يحب شخص أخاه الإنسان سيكون قادرا على محبة الطبيعة، بغيمها وصبحها و بحرها، حتى في أكثر لحظاتها مأساوية، و هذا الحب يتيح لنا الفرصة لفهمها:
شاردا
أفكر في الغيم
كيف يبكي في الصباح
في الريح
كيف تبكي قبل الموت
في البحر يرثي البحر
و هو البحر


أعرف أني غامرت حين قررت السفر في أبجدية الشاعر عبد الكريم الطبال، لكني حاولت التغلغل في انعكاس العمق على السطح، فهو نجمة قي سماء الشعر:
نجمة..
لا تمس الغيوم
ذؤاباتها
أو تطول إليها
يد المستحيل

و رغم أن عدتي لا تتعدى ولعا و قلما و ورقة، إلا أني كابرت مستعينا بعاطفتي و حدسي لبلوغ وجهة، ليست سوى ذاك النجم، نجم الشاعر المغربي الكبير عبد الكريم الطبال.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب