الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكام العرب ووصية الحطيئة

ايت وكريم احماد بن الحسين
مدون ومراسل

(Ahmad Ait Ouakrim)

2012 / 1 / 14
الصحافة والاعلام


سُؤل الحطيئة في يوم من الأيام عما يوصي به لليتامى؟ فأجاب: «كلوا أموالهم ونيكوا أمهاتهم».
وهذا ما سهر عليه الحكام العرب لتطبيقه حرفيا، ولذلك لا يجوز للشعوب العربية محاسبتهم لأنهم عاهدوا على الوصية وأوفوا بعهدهم. بل هو من العار والعيب محاسبتهم ومحاكمتهم، لأن الشعوب العربية في ذلك تقلد الغرب الكافر الذي لا يتأخر في محاكمة رؤسائه بعد انتهاء فترات حكمهم، كما هو حال فرنسا التي تحاكم الرئيس جاك شيراك، وبما أن الخصوصيات العربية لا تسمح بذلك وكما نعلم أن الحكام العرب لا تنتهي فترات حكمهم إلا بالانقلابات العسكرية أو الموت، لذلك شاهدنا بأم أعيننا كيف ناضل «ملك الملوك» و«عميد الرؤساء العرب» و«أمير المؤمنين إفريقيا» من أجل البقاء في كرسي الليبي رغم أنه ليس برئيس دولة ولا ملك ولا أمير بل هو زعيم الثورة كما يدعي حيث سلم الحكم مباشرة للجان الشعبية التي تحكم ليبيا، وبقي هو مكلف فقط بإدخار مالية الدولة في حساباته وتوميل الحركات الإرهابية عبر العالم وتفقير الشعب الليبي والسهر على جبهة البوليزارو –الصهيوينة- وكان الزعيم جد صريح حين قال: «لو كنت رئيسا لرميت الاستقالة على وجوهكم» وأضاف بأنه زعيم الثورة ولا يمكنه الاستسلام وهو لا يملك مليما واحدا –فعلا لا يملك مليم لكنه يملك المليارات من الدولارات الموزعة في عدد من البنوك الغربية- وأعلن أنه على استعداد لمحاربة الجرذان المتكونين من الحشاشين وآكلي الحبوب الهلوسة، وعلى استعداد لمحاربة فيول القاعدة التي تتواجد بدول المغرب الكبير – لكن خاب الضن وخاب صاحبه لأن الجرذ الكبير هو الذي سرق مالية الشعب، وقتل الصحفيين والسياسيين...، وبعض الجثث الخاصة بمعارضيه من أبناء ليبيا الأبية في الثلاجات لأزيد من ربع قرن، ورغم إدعاءاته بأنه أمير المؤمنين بخل على ضحاياه بالدفن، والكل يعرف أن إكرام الميت دفنه.
وتعود بنا الذكريات لبداية الربيع التونسي حين قال بأن التونسيين لن يجدوا أحسن من بن علي لأن هذا الأخير حكم تونس وتفانى في خدمتها، وفعلا نجد أن الرئيس الهارب من تونس قد أحسن الخدمات التي قدمها إلى أصهاره ولنفسه ويتجلى ذلك في الحسابات البنكية المتراكمة لأقاربه، كما قدم خدمات جليلة لتونس تتمثل في بولسة البلاد واستعباد أبناء الشابي والتنكيل بهم، وكانت فرحة التونسيين كبيرة وترى من خلال الشيخ صاحب مقولة «هرمنا هرمنا من أجل هاته اللحظة» ومن كلمات الأستاذ المحامي الذي لم يتمالك نفسه في الشارع ليخرج ليزف الخبر السار لأبناء تونس«بن علي هرب بن علي هرب يحيا الشعب التونسي الشعب التونسي أعطانا الحرية ... يحيا الشعب التونسي..» وللعلم أن الأستاذ المحامي يعرف ما جدوى تواجد المحاكم التونسية في عهد بن علي وقد ذاق المرارة وأحس بالظلم شخصيا، وحين نحلل كلماته نذرك جيدا أن ما كانت تكتبه سهام بنسدرين في مجلة "كلمة" لم يكن من أجل التكالب على الحاكم بل هو تحفيز للهمم لشباب وشابات تونس الخضراء ولم يكن من أجل التحريض على التخريب والفساد في البلاد، لكنه من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وكانت كتاباتها موجهه بالخصوص إلى اللذين ازدادوا في الفترة التي اغتصب فيها زين العابدين بن علي كرسي الحكم عقب الانقلاب الأبيض على الرئيس التونسي المخلوع الحبيب بورقيبة. كلماتها الموجه إلى شباب وشابات تونس لم تكن عفوائية أو صرخة في واد بل كانت عن دراية أن التغيير لن يأتي من النقابات أو الأحزاب الفاقدة للون والطعم، وحتى الأحزاب التي كانت تنادي بالديمقراطية فكتابها العامون فهم إما في السجن أو المنفى الإجباري.-وللتذكير أن كتابات بنسدرين لم تمر مرور الكرام من أمام زيانية بن علي بل أدت السهام الثمن غاليا تكسير أنفها واعتقالها وحرمانها من جواز سفرها إضافة إلى العديد من المضايقات التي شاركت فيها الصحافة الصفراء بالبلاد التونسية.
وبذلك استطاع شباب وشابات تونس التخلص من عقدة الحاكم وقاموا بالثورة المباركة التي أتت على رأس النظام في انتظار إسقاط آليات النظام السابق. وقد ساعد في ذلك دور الجيش التونسي الذي كان جيشا وطنيا بكل ما تحمله الكلمة من معاني الوطنية، حيث رفض الخضوع إلى الممارسات القمعية رغم نزوله للشارع فقد سهر على الحفاظ على أمن المؤسسات الوطنية وحماية المواطنين من القمعة البوليسية وأزلام الرئيس. وبذلك يؤكد الجيش التونسي أنه جيش وطني وقد سبق له أن قام بنفس الفعل في انتفاضة "الخبزة" سنة 1985 في عهد الرئيس المخلوع بورقيبة.
وهو نفس السيناريو الذي وقع في مصر –أم الدنيا- بعد صبر تجاوز 3 عقود من الحكم الأحادي المتسم بالحرمان من أبسط حقوق الإنسان حيث برزت عدد من المظاهر التنكيلية التي كانت تمارس على أبناء الشعب في تلك الحقبة، مما أجبر حسني مبارك على التخلي عن السلطة وتسليم نفسه للسلطة الانتقالية،
وفي الأخير نعود إلى "ملك الملوك" أو -ملك الطغاة العرب المستبدين إن صح التعبير- الذي لم يفي بوعده في المقاومة وهو الذي يعرف فداحة ما فعله في الشعب الليبي إضافة إلى خطاباته الأخيرة التي كفرت العديد من الثوار وأغمضت عيونهم على كل المبادئ حين تم اعتقاله قرب سرت، وتم التنكيل به كما كان يفعل الحجاج وغير من سابقيهم من الحكام العرب والإسلاماويين بالأسرى، حيث يتم مخالفة النواميس الوضعية والسماوية في آن واحد.
قتل جرد ليبيا بسبب تربيتة الانتقامية التنكيلية التي نقشها في نفوس الليبيين، حيث تمكن من تدجيلهم واحتقارهم وهذا ما ردوا له يوم أسره.
وبكل هاته الانجازات تكون الشعوب المذكورة قد خرقت القانون حيث أن بن علي وحسني مبارك والقذافي طبقوا وصية الحطيئة بالحرف بل تفننوا في الإضافات لها ما كان ينقصها «لا رضيه الله عنهم »، فقد أكلوا مال الأيتام ونكحوا أمهاتهم وبمساعدة أبنائهم ومرديهم الذين استماتوا في الدفاع عنهم إلى آخر لحظة من حكمهم.
وبما أن العديد من الحكام العرب السابقين لم تتم محاسبتهم على أكل مال الأيتام في بلدانهم وعلى اغتصاب أمهات الأيتام، لأن تلك الفترة كانت تمتاز بالترهيب والتنكيل والاعتقالات القسرية التي نتج عنها بناء سجون لم تصل عبقرية هامان وهامون إلى بناء مثلها.
وهنا لا ألوم حكامنا العرب على صنيعهم اليوم لأنهم قاموا فقط بمثل أفعال سابقيهم من الحكام لا رحمة الله على أي منهم السابقين واللاحقين وتابعين إلى يوم القيامة ولكن ندعو لهم بالعذاب الأليم، ونرفع أيادينا لله للخالق الجبار مطالبين بأن يمكر عليهم كما مكروا على شعوبهم والقهار خير الماكرين.
لا لوم أيها الحكام، أن تستمروا بالمتعة وتلبية الشهوات وتستمتعوا بأقوال شهرزاد وتتحسسوا بكل حواسكم تلك اللذة التي لم تخلقوا إلا من أجلها فقط. كما وصف لكم أحد شعراء في زمن لا تكون فيه قيمة للحاكم إلا باستغلال الشعب والتنكيل بهم واعتبارهم مجرد "عبيدات" ومن حقهم التمتع بهاته القصيدة " ولها خد كشقائق النعمان، وشفتان كالمرجان والعقيق، وريقها أشهى من الرحيق يطفىء مذاقه عذاب الحريق ... ولها صدر فتنة لمن يراه، فسبحان من خلقه و سواه، ومتصل بذلك الصدر عضدان مدملجان ... ولها نهدان كأنهما من العاج يستمد من إشراقهما القمران ولها بطن ملوية كطي القباطي المصرية، وينتهي ذلك إلى خصر مختصر من وهم الخيال فوق ردف ككثيب من رمال يقعدها إذا قامت، و يوقظها إذا نامت .. يحمل ذلك الكفل فخذان كأنهما من الدر عمودان وعلى حمله ما أقدرهما إلا بركة الشيخ الذي بينهما " لأن من حق الحكام أن يستمتعوا بالملذات لكي يستطيعوا تركيع هاته الشعوب المغلوبة على أمرها والمفقرة والمقهورة ...
اليوم نشكر الشعب التونسي ونقف له إجلالا واحتراما على انتفاضته ضد الظلم والجور ونتمنى له كل الخير، حيث أصبح نبراس الشعوب العربية المغلوبة على أمرها وأتمنى أن يستفيق بعض الظلاميين من غيهم ومن سباتهم ويدركوا أن تونس تتسع لكل التونسيين ويكفوا من تكفير إخوانهم ونعتهم بالزنادقة وأن يكفوا عن أعمال الشغب التي لن تزيد الشعب التونسي غير الاحتقارية لدى باقي الأمم الغربية والعربية، ولن تمنح للشعب التونسي غير مزيدا من التخلف، شكرا أبناء وبنات تونس، تونس الحضارة وتونس التسامح...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف