الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية سياسية ... هجينية - 1 -

حميد غني جعفر

2012 / 1 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


من أول المؤشرات على أهداف ونوايا أمريكا – وحلفاءها الغربيون – عند غزو العراق عام – 2003 – هو منع قوى المعارضة الوطنية المسلحة في كردستان من مشاركتها في العمليات العسكرية والهجوم على مرتكزات النظام السابق ، خشية من أن تتحول هذه المشاركة إلى ثورة شعبية عارمة – إذ أن لكل من هذه القوى والأحزاب الوطنية قاعدتها الجماهيرية من الأنصار والمؤيدين ولا بد من مشاركة هذه الجماهير في المعارك والهجوم على قلاع النظام ومرتكزاته ، ويتفجر بركان الغضب العراقي والحقد المقدس على النظام البوليسي كما تفجر في حرب الخليج الثانية عام – 1991 – حين سقطت – 14 – أربعة عشر محافظة بيد الثوار المنتفضين فأعلنت أمريكا إيقاف الحرب ، خلافا لما أعلنته على – لسان رئيسها الأسبق بوش – بإسقاط نظام صدام تاركة الشعب يسبح في نهر من الدم على يد طاغية العصر صدام ، وكان هذا درسا بليغا لأمريكا وحلفاءها باستخلاص العبرة ولذالك لم تسمح لقوى المعارضة العراقية بالمشاركة في المعارك وتكون هي الخاسرة وتفقد السيطرة على زمام الأمور ، واليوم وبعد أن تم احتلالها للعراق فهي تخشى أيضا من اقتصار العملية السياسية على الأحزاب الرئيسة التي كانت في لقاءات ومفاوضات ومؤتمرات معها – في الخارج – ذالك لأن اقتصار العملية السياسية على الأحزاب الرئيسة فقط ، يجعلها مقيدة باتفاقات مبرمة بين الطرفين – ومع أننا لا نعلم بالاتفاقات السرية المبرمة – فهذا أمر لا يعلم به إلا الله – لكنه وفي كل الأحوال لابد أن يحد من سطوتها وهيمنتها ، ولذالك عمدت وسعت كل جهدها في إشراك كل القوى – كل من هب ودب – وفي المقدمة منهم أيتام وفلول النظام السابق ومنحت نفسها حق الوصاية على العراق والعراقيين وراحت تتفاوض – خلف الكواليس – ومن وراء ظهر العراقيين مع أقطاب النظام السابق الهاربين من غضب الشعب في العديد من الدول ومع عصابات الإرهابيين من القتلة السفاحين والكثير من شتى المجاميع حتى من غير السياسيين الذين لا صلة لهم بالسياسة والعمل السياسي أصلا لتدفع بهم جميعا إلى دائرة – العملية السياسية – بذريعة الديمقراطية المزعومة ، وإن لكل من هذه القوى والمجاميع ظهير يسندها من دول الجوار أو الدول الإقليمية والأجنبية – ذات المطامع بالغنيمة – إضافة إلى أن لكل منها أيضا مليشيات مسلحة ، وكان هذا عن تخطيط مدروس ومتقن بشكل جيد و – بخبث – لأن أمريكا تدرك جيدا أن مثل هذا – الهجين – الخليط غير المتجانس – مخلط يا لوز – يخلق لها الأرضية الخصبة والمناخ الملائم للتحكم بثروات البلاد ومواردها والهيمنة على مركز القرار ، بفعل انشغال هذا الخليط بالصراعات التناحرية على المغانم والمناصب إلى جانب زرع الفتنة الطائفية والقومية والعشائرية وفي خضم تلك الصراعات والمهاترات – فكل يبكي على ليلاه – في الحصول على حصته من الغنيمة ، وبذالك انشغلت القوى السياسية الحقيقية عن مهماتها الوطنية الأساسية حتى غاب الحس الوطني وغابت معه وحدة الإرادة والموقف الذي يصب في مصلحة الشعب والبلاد ، وتجذرت الفتنة الطائفية والقومية التي قامت على أساسها العملية السياسية وعلى أساسها أيضا كان تشكيل البرلمان والحكومة ... فكانت الوزارة وكأنها ملك صرف لهذا الوزير أو ذاك الذي ينتمي لهذه الكتلة أو تلك وعلى هذا فالقانون أو القرار الذي يصدر من السلطة التنفيذية يطبق في هذه الوزارة بصورة مغايرة في الوزارة الأخرى وبحسب انتماء الوزير لهذه الجهة أو تلك – بعيدا عن أي شعور بالمسؤولية أو بمصلحة المواطن وهذا ما يتجلى بوضوح في الكثير من المظاهر التي باتت معروفة للقاصي والداني ، وإبتداءا من تزوير الشهادات للحصول على منصب أو موقع رفيع في الدولة إلى المشاريع والعقود الوهمية وعلى أعلى المستويات في الحكومة والبرلمان ثم الاختلاسات المهولة للمال العام من عرق وجبين الشعب الجائع وإلى الهدر المريع – غير المسؤول – لأموال الدولة ، والانكى من ذالك أن يشرع مجلس النواب قانون للعفو العام عن كل هؤلاء فأين هو صدق الوطنية ؟ هذا – بإيجاز - ما حصل طيلة السنوات التسع المنصرمة من عمر هذا الهجين ، فكيف سيكون المشهد اليوم بعد دخول المجاميع المسلحة إلى مشروع المصالحة الوطنية والعملية السياسية وكل منها يبتغي موقعا ومنصب وحصة من الكعكة – الدسمة - الأمر الذي يؤكد أن تشكيلة بهذه الصورة الشوهاء لم ولن تقود البلاد إلى بر الأمن والأمان والاستقرار وستبقى العملية السياسية عرضة للعواصف بفعل الصراعات والمهاترات بين المتصارعين على المغانم والكراسي بعيدا عن مصالح الشعب والوطن والضحية هو المواطن المسكين المبتلى الذي تبددت كل آماله وتطلعاته في التغيير .
وإلى الحلقة القادمة



حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على أرجاء قطاع غزة مع اشتداد المعارك في شرق رفح


.. أوكرانيا، روسيا، غزة: هل ستغير الانتخابات البرلمانية الأوروب




.. أوكرانيا: موسكو تشن هجوما بريا على خاركيف وكييف تخلي بلدات ف


.. لبنان.. جدل واتهام للمسرحي وجدي معوض بالعمالة لإسرائيل




.. متاعب جديدة لشركة الطيران الأمريكية بوينغ.. واختفاء مجهول لع