الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ألبومها الأخير -وحدة-......تانيا صالح تغني للتكتلات السياسية والعلمانية ونبذ الطائفية

ناجي الناجي

2012 / 1 / 15
الادب والفن


أطلقت الفنانة اللبنانية الملتزمة تانيا صالح ألبومها الغنائي الأخير "وحدة"، والذي يعد امتداداً للخط الفني الهادف سياسياً واجتماعياً الذي انتهجته العديد من التجارب الفنية الشابة في الأقطار العربية.
ولعل التساؤل الأول الذي يتبادر الى الأذهان في تجربة تانيا صالح الأخيرة، هو مدى امكانية تحقيق معادلة الإلتزام الفني من جهة ، ومواكبة عصرية الموسيقى من جهة أخرى، سيما في ظل سيطرة انطباعات طويلة الأمد عن وجوب تحلّي العمل الملتزم بالإطار الكلاسيكي، وفي ظل تراث موسيقي هادف طويل انتهج الآلة الواحدة أو الحد الأدنى من التوزيع الموسيقي لحساب الكلمة أو القصيدة ، قبل أن يبدأ بعض علامات الفن الملتزم – كمرسيل خليفة وأحمد قعبور - بكسر تلك التابوهات ومحاولة تحقيق الإتزان بين النغم والكلمة، وفي أحيان أخرى الإنتصار للموسيقى، بموازاة تجارب موسيقية معاصرة بعثت في مطلع الألفية الجديدة في مصر ولبنان وتونس وفلسطين والأردن .
وقد يكون ألبوم "وحدة" حقق جزءاً كبيراً من تلك المعادلة، فتنوعت موسيقى الأغنيات بين أكثر من قالب موسيقي غربي" كالهيب هوب والجاز" بالإضافة الى تراث عربي، مستخدماً آلات الكيبورد والجيتار والبايزجيتار والقانون ، مع مضمون شرقي بحت، حيث تتساءل أغنية "وحدة" عن مدى إمكانية بقاء الدول فرادى في ظل عالم يستشرس يوماً بعد يوم ضمن تكتلات سياسية ، تقول الأغنية :

في وحدة وطنية بنت عيلة وبنت حلال
في وحدة عربية أللاوية وعراسا شال
وفي وحدة أوروبية آية من الجمال
أيا وحدة بدك...مافيك تضلك وحدك
صار لازم تلاقي ..وحدة توقف جنبك
شي وحدة تفهم عليك ..
تتحملا وتتحملك
بتربيها عا ايديك
ملكة هي وأنت الملك
شي وحدة يكون حلما
تبقوا سوا طول الزمان

الأغنية جاءت في إيقاع موسيقي هادىء أفرد للتساؤل المطروح مساحة غالبة للكلمة، مع الإبقاء على تكرار اللازمة الموسيقية الفيصلية في الأغنية وهي "أيا وحدة بدك ما فيك تضلك وحدك".
وفي دعوة صريحة لوقف الاقتتال السني الشيعي ونبذ الطائفية المستشرية في المنطقة، جاءت أغنية "عمر وعلي" بموسيقى تأرجحت بين الدعوة تارة و النداء تارة أخرى، تقول :

يا عمر كلم علي
قوم وقاف سلم عليه
جايي من آخر دني
وقفلو مرة شو عليه
يا علي كلم عمر
واقف و مادد إديه
قرب فشخة يا علي
قرب بوسو من عينيه
يا عمر كلم علي
لا قادر عايش معو
ولا فيك تكفي بلا
حلو هالقصة تعو
مش ناقصنا بلبلة
كل الكتب المنزلة
كل الرسل المرسلة
قالو الحب هو الدوا
وحلو كل المسالة
يا عمر كلم علي
العالم صار حارة صغيرة
واللعبة لعبة كبيرة
بدك تلعب يا عمر
لازم تلعب مع علي
يا علي بلا ولولة
يا عمر بلا مرجلة
الله يجازي يلي بلاك
يلي بلاك وإلي بلا
يا عمر ... يا علي
يا عمر كلم علي

تلامس تانيا في هذه الأغنية ثلاث قضايا غاية في الأهمية، أولها الدعوة الى التمازج ونبذ الطائفية بكافة أشكالها، ثانيها قدرية التعايش بين السنة والشيعة واستحالة بقاء أحدهما على حساب الآخر، ثالثهما هو مصلحة أطراف أخرى في الوقيعة بين الطائفتين وضرورة رفض اللعبة السياسية القائمة على التفكيك المجتمعي ، هذا النوع من الأعمال الفنية يعكس المسؤولية الإجتماعية والسياسية للنخب الثقافية، ومحاولة دحض الأفكار المشوّشة المزروعة في رؤوس الأقل وعياً أو الأكثر تقّيداً بسلطة رجل الدين.
وفي الإطار ذاته، جاءت الأغنية التحذيرية القصيرة "أيا شي" و المغناة صولو :
أيا شي معقولة يصير
خليك صاحي خليك واعي
الحالة خطرة خطرة كتير
خليك متوقع ضربة
يا من شمالك يا من جنوبك
وخبي راسك أو بيطير
خليك فايق خليك واعي
الحالة وسخة وسخة كتير

وفي قالب موسيقي مختلف، جاءت أغنية "لازم" بموسيقى "الهيب هوب" الغربية، ولعل تلك الأغنية من أكثر أغنيات الألبوم تعبيراً عن حالة الشباب العربي الرافض لتاريخ طويل من الإملاءات السياسية والإجتماعية والفكرية والثقافية :

لازم نام لازم قوم لازم آكل لازم صوم
لازم إطلع لازم روح لازم إضحك لازم نوح
لازم فضي لازم عبّي لازم دايما إشكر ربّي
لازم روق لازم فوق لازم إمشي لازم سوق
لازم خاف لازم إبكي لازم قول لازم إحكي
لازم حب لازم غار لازم ما إلعب بالنّار
لازم آخد لازم أعطي لازم كشّف لازم غطّي
لازم إمزح لازم إفلح لازم سكّر لازم إفتح
ولوين لوين بعدين

وتنوّعت بقية أغنيات الألبوم بين العاطفية "راح الحب" و"شو" ، أيضاً ضمن موسيقى خفيفة وكلمات بعيدة عن التعقيد ، وجاءت أغنية "ما قلنا شي" كنموذج جليً الوضوح للتأثر والتطور لأغاني الرحابنة القديمة، القائمة على السرد القصصي الغنائي الخفيف، والتراثية "8ا مولايا" التي جاءت على موسيقى اللحن التراثي "عالعين موليتين"، مع تصرف كامل بالكلمات لتخدم النهج العام للعمل :

عَ العين موليّتين 18 موليَّ
جسر الحديد انقطع من دوس رجليَّ
عندي 18 ملّة كلّن عم يبكولي
شي عم يبكي من القلّة و شي عامل قبّولة
إذا بتلاقولن حلّة يا ناس قولولي
أحسن ما بكرا الفلّة كلّها تطلع فيَّ
كلّ مين في عقل براسُه بيصير علمانيّ
العالم ماشي لَ قدّام و عم نمشي خليفاني
قصّتنا بدّها دكتور تحليل نفسانيّ
يحكّمنا من هالعلّة و يخفّف همّ عليّ
عَ العين موليّتين 18 موليَّ
جسر الحديد انقطع من دوس رجليَّ
كلّ ملّة عندها مشروع ، كلّ ملّة دكّانة
كلّن اللّه باعتلن إلهام ربّانيّ
الجسر اللّي انقطع مرّة بينقطع مرّة تاني
أهليّة بمحلّيّة منكفّي المسرحيّة

إن الأهمية الحقيقة لهذا العمل، ومحاولة تسليط الضوء عليه، تكمن في كونه نموذجاً حياً لدمج فكرة التوعية الفنية والمسؤولية الثقافية في قوالب مقبولة لجيل يحيا في ظل انفتاح تام على شتّى أنواع الفنون، ويرفض جملةً وتفصيلاً الإنصياع للتلقين المباشر والنمطي ، وانحيازه المطلق للإبداع، فلن يقرأ أو يسمع أو يشاهد عملاً لوجوب فعل ذلك، وإنما لما يحتويه هذا العمل من تقنيات التفّوق، وآليات الوصول لمتلقّيه، وهو ما يعيد الفنان والكاتب العربي لسؤاله السرمدي، هل عليه أن يكتفي بالتربع على برجه العاجي، أم البحث عن وسائل الوصول للجمهور، سيّما في ظل عولمة ثقافية طاحنة تبث ما تريد من رسائل بأحدث وأخف الوسائل !!











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا


.. شكلت لوحات فنية.. عرض مُبهر بالطائرات من دون طيار في كوريا ا




.. إعلان نشره رئيس شركة أبل يثير غضب فنانين وكتاب والشركة: آسفو


.. متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا




.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر