الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثمار جفت قبل نضوجها

احمد عبد مراد

2012 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



شهد العالم العربي موجة ثورية عارمة جرفت العديد من اقوى الانظمة السياسية واعتاهها تسلطا وجبروتا، وقد تجدد الامل الذي كادت ان تخمد جذوته ويصبح في حكم المنتهي بعد ان دام تسلط تلك الانظمة قرابة النصف قرن ولاح في الافق الحكم الجمهوري الوراثي،لقد اختمرت عوامل الثورة الجماهيرية الشعبية على مدى تلك السنين العجاف وبلغ الظلم مديات لم يعد الشعب قادرا على تحملها فكان يكفي لانبعاث شرارة ما لتفجر بركان يحرق كل من حاول اطفائه اوتيارا يجرف كل من حاول الوقوف بوجهه ،تلك هي الحالة الثورية العامة التي اطاحت بحكام تونس ومصر وليبيا مع حصول بعض الفوارق وخاصة في الحالة الليبية وهذا ماجعل النظم العربية الاخرى ترتجف فزعا فتسارع للقيام بحلول مجتزئة وترقيعية كما حصل في المغرب والاردن وعمّان ،والتآمر على ثورة البحرين واتهام شعبها بالتواطئ مع جهات خارجية بغية تبرير الانقضاض عليها، كما ان الحالة الراهنة في سوريا والصراع الدامي الذي ذهب بحياة الالوف من الجانبين المتصارعين لا زال في حكم الترقب وموضع خلاف حاد على المستوى الاقليمي والدولي ومشروعية الانتفاضة من عدمها.
لقد ارعبت تلك الثورات الشبابية التي فاجئت الجميع كل القوى الرجعية الداخلية واسيادها في الخارج فعملت تلك القوى مجتمعة لاحتواء تلك الثورات والسيطرة عليها فراحت تجمع فلولها بغية دفعها ودسها بين الجموع الثائرة لحرف الثورة عن مسارها التقدمي وتمكين القوى الظلامية من الامساك بدفة القيادة وتوجيهها الوجهة التي تحقق لها اهدافها الرجعية والتي تعود بالشعوب الى حكم القرون الوسطى وهكذا نرى ان قوى الاخوان المسلمين والسلفية الوهابية ومن على شاكلتها تهرع مهرولة نحو الثورة من خلال دخولها ساحة ميدان التحرير في مصر واقامة الصلاة والتكبير بأسم الله وحمده وكان من الطبيعي ان تردد الناس ورائهم شعاراتهم لان من ذاك الذي يتجرأ ليرد على تلك الاصوات ليقول لها انتم تستخدمون هذه الشعارات بهدف التضليل كما فعل يومها عمر بن العاص مخادعا حين رفع القرآن الكريم على اسنة الرماح ، وفي هذه الظروف كانت تجري صفقات مشبوهة عبر محادثات سياسية في الاروقة المظلمة بين الاخوان المسلمين وبين القيادة العسكرية المصرية من جهة وبينهم وبين السفارة الامريكية وبعض السفارات الغربية من جهة اخرى وعلى اثر تلك المفاوضات وبعد ابرام الصفقات المشبوهة تخلا الاخوان المسلمون عن الثورة والثوار وانسحبوا من ميدان التحرير بعد ان اخذ صراع الثورة يتعمق ويتجذر ويقترب الصدام بين الجماهير الثائرة وبين المكتب العسكري في مصر الذي اخذ يؤكد عزمه على فرض هيمنته الكاملة ويبسط قوته ويسيطر على زمام الامور ويدعو القوى السياسية للحوار فلبت بعض الاحزاب وفي مقدمتها الاخوان لحضور تلك المفاوضات و على اثر تلك الصفقات امتنع الاخوان من الاشتراك في التظاهر والتجمع بل راحوا يدعون الاخرين اعطاء الفرصة للمجلس بغية ترتيب عملية الانتخابات.
لقد كان الاخوان المسلمين يرفضون الاحزاب كما يمتنعون عن تأسيس حزبا خاصا بهم ويتحججون على انهم حركة دينية دعوية كما ان السلفيين وهم قمة في الرجعية والظلامية بدورهم يحرمون الانتخابات ويعتبرون الديمقراطية بدعة ظلالية من صنع الغرب واعوانه ، في الوقت الذي نرى اليوم هرولة وتسارع حزب الاخوان المسلمين في مصر وكذلك حزب النهضة الاسلامية في تونس وكذلك الحركة السلفية والاخوانية في المغرب ينبرون الى تشكيل احزابهم وتكتلاتهم السياسية الخاصة بهم كما ان حركة حماس هي الاخرى تتجه لتشكيل حزبا خاصا بها وبنفس الوقت اصدرت تلك الاحزاب الظلامية برامج انتخابية انفتحت بها على القوى الاخرى ودعتهم لمشاركتها السلطة كما اكدت على حرية المراة وحقوقها والتزامها بحقوق الانسان والديمقراطية والحريات العامة ،كما الزمت نفسها بالمعاهدات التي عقدتها دولهم مع الدول الاخرى وكذلك القوانين والعهود الدولية الاخرى بما في ذلك اتفاقية كام ديفد ...ولكن كل ذلك يظل كلاما يراد منه ايهام الناس وقد نجحوا في تحقيق الفوز الكاسح في الانتخابات يضاف الى ذلك تشتت القوى الليبرالية والديمقراطية بشكل عام وعدم قدرتها على طرح برامج مقنعة تنير الدرب للناخبين ...لقد سطوا على ميادين التحرير في بلدانهم وسرقوا الثورة الشبابية قبل ان يحين قطف ثمارها وهربوا بها يغازلون قوى الانظمة القديمة كما غازلوا وطمئنوا امريكا ومخابراتها ومن يسير في فلكها فقد كانت زيارات رجال الساسة الفرنسيين والامريكان والبريطانيين لا تنقطع عن مقرات الاحزاب الاسلامية طيلة نشوب واثناء تطور الثورات الشعبية والتنسيق المتواصل معها والعمل المشترك للانقضاض على ثورة الشعوب وحرفها عن مسارها وخطها الصحيح وكان لهم ما ارادوا ...ان اعادت الحياة الى الاشجار تحتاج الى السقي الدائم بالماء ،ولكن الثورات تعود الى الحياة والتفجروالانبعاث اذا ما سقيت بدماء الثوارحتى تنضج ويحين قطف ثمارها وذلك بتحقييق كامل اهدافها في تغيير النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت


.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا




.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و


.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن




.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا