الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا..متى ستلتحق الأقليات بقطار الثورة؟

حسين ديبان

2012 / 1 / 16
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


مع دخول ثورة الحرية والكرامة في سوريا شهرها الحادي عشر، أصبح هذا السؤال ملحا وضروريا أكثر من أي وقت مضى، وربما أن أحد الأسباب التي حالت دون وصول الثورة السورية الى مرحلة الحسم المبكر في مواجهة عصابة دمشق هو تحمل طائفة واحدة هي الطائفة السنية لكل أعباء الثورة، ومشاركة أعداد محدودة جدا من بقية الطوائف وبشكل فردي بالمشاركة مع مظاهرات اخوتهم السنة لا يغني عن طرح السؤال عنوان المقال.

لو شهدت الثورة السورية مظاهرات تنطلق من الكنائس والخلوات ودور العبادة الاخرى غير مساجد الطائفة السنية لانهارت منذ اللحظة الأولى رواية نظام العصابة اليتيمة والغير حقيقية من أنه يواجه عصابات سلفية مسلحة تنطلق بمظاهراتها فقط من المساجد، ولو شهدت الثورة السورية مظاهرات تنطلق من مدن وبلدات وقرى ومناطق معروفة بأن سكانها، أو أغلبهم على الأقل هم من غير طائفة الأكثرية السنية لربما حققت الثورة نصرا مبكرا ووفرت على الشعب السوري دماء كثيرة ماكان لها أن تسيل.

لو كان هناك نسبة قليلة من شهداء هذه الثورة من أبناء الطوائف الأخرى لكان عندها الحديث عن المواطنة والثورة الوطنية ذو معنى، ولأصبح الحديث بهذا الشكل هو حديثا طائفيا بامتياز، ولكن بعد عشرة أشهر لم تسجل سجلات الثورة إلا عددا من الشهداء لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة ممن ينتمون الى طوائف الأقليات، والأسماء تلك مختلف عليها، ففي حين يصر القائمون على الثورة اضافتهم الى سجلاتها كشهداء ايمانا منهم بأن ذلك يعطي لثورتهم طابعا وطنيا عاما، نجد أن اعلام عصابة دمشق يحاول التأكيد على ان تلك الأسماء على قلتها هي ضحايا عنف طائفي من قبل الثوار، والعصابة لا أحد يلومها في هذا الطرح لأنه يأتي تدليلا لما تحاول ترويجه بأنها تواجه عصابات مسلحة، لكن من نعتب عليه هنا هو شخصيات عُرف عنها ادعاءها العلمانية والتحرر من أفق الطائفية الضيق، والمصادفة غير البريئة أن كل تلك الشخصيات التي وافقت رواية النظام في ما يتعلق بالشهيد الطفل ساري الساعود على سبيل المثال هي شخصيات من طوائف الأقليات.

ماهي المواطنة وكيف تترجم على الأرض ان لم تكن من خلال المشاركة الفاعلة بالثورة من قبل كل مكونات الشعب السوري؟ وماهي المواطنة ان لم تكن عبارة عن شراكة حقيقة في الجهد والدم وبذل الغالي والرخيص قبل الشراكة في في السلطة.

الحديث الان عن ان عصابة دمشق ليست طائفية هو حديث كان يجدي قبل الثورة وقبل قتل آلاف الشهداء، وفي أحسن الأحوال في الأشهر الأولى للثورة، أما الأن بعد دخول الثورة شهرها الحادي عشر ومع هذا الكم الكبير والاجرام اللامتناهي في القتل، فان استمرار الحديث عن لا طائفية العصابة وانها مجرد نظام حكم عصاباتي يضم بين صفوفه أناس من مختلف الطوائف تلاقت مصالحهم في الفساد والنهب، هذا الحديث لم يعد له نصيب من الصحة على الأرض، والصحيح الوحيد فيه ان الوجوه الموجودة في السلطة من غير الطائفة الحاكمة وهي وجوه مغيبة ومفروض عليها نوع من الاقامة الجبرية والمراقبة الدائمة هي وجوه لا علاقة لها بسلطة اتخاذ القرار ولا تملك من ذلك شيئا، وقد تم استعمالها تاريخيا فقط كديكورات لتلميع العصابة واضهارها على انها نظام حكم يضم في صفوفه كافة مكونات الشعب وطوائفه، وهذه الحالة شهدناها بشكل معاكس في تركيبة نظام صدام حسين البائد من حيث سيطرة العائلة الصدامية وأبناء عمومتها من طائفة السنة على مركز اتخاذ القرار في حين لم تتجاوز مشاركة الطوائف الأخرى دور اضفاء التنوع الشكلي على قيادة العراق أنذاك.

الأن بدأت الأمور تتجه على الأرض باتجاه عملية فرز طائفية واضحة لكل ذي بصر وبصيرة للأسف الشديد، تقف فيه طائفة الأغلبية السنية - بعربها وكردها - في الجانب الثائر والمقاوم والمنتفض المطالب بالحرية والكرامة والخلاص من العصابة الأسدية، وهو ما يمكن استنتاجه ببساطة من خلال ما لا يقل عن سبعة آلاف شهيد هو العدد المعروف والموثق في سجلات الثورة، وعشرات آلاف المعتقلين ومثلهم من الجرحى، واستباحة تامة لأملاكهم وأعراضهم في اغلب مناطقهم من جنوب سوريا الى شمالها ومن شرقها الى غربها، اضافة الى تعرضهم لعقوبات جماعية من خلال حرمان مناطقهم من الكهرباء والماء والوقود والطحين وغيره من المواد الغذائية الضرورية، يقابله في الجهة الأخرى طوائف الاقليات التي نجحت العصابة في تجييشها الى جانبها فنجد أن أغلب الشبيحة والقتلة من تلك الطوائف بعد أن انحسر وبشكل يكاد يكون شبه كامل أعداد القتلة والمجرمين من الطائفة السنية نتيجة ضغوط اجتماعية تعرضوا لها من طائفتهم وغالبا ما كانت تأتي نتيجة أفعال العصابة تجاه أقاربهم وعائلاتهم وعشائرهم وأبناء مناطقهم، فتحولوا إما الى منشقين أو هاربين أو ثائرين، كما أن مناطق تلك الطوائف ما تزال تنعم بكل الخدمات وتعيش حياتها بشكل طبيعي حتى في تلك المناطق المتاخمة لمناطق اخوتهم من طائفة السنة وحيث يستطيعون سماع اطلاق الرصاص والقذائف وربما سماع هتافاتهم وأنات جرحاهم واستغاثات منكوبيهم دون أن يحرك ذلك شيئا فيهم حتى الأن على الأقل، وحتى ان ما قيل للمراقبين العرب من سكان تلك المناطق لا علاقة له بما يحصل في سوريا في محاولة منهم للدفاع عن العصابة وبقاءها.

لم يجد ممثلو تلك الطوائف أو من يتبع لها من حجج واهية لعدم تحركهم الى جانب اخوتهم السنة حتى الأن، إلا التذرع بأنهم سيتعرضون للقمع الشديد من العصابة فيما لو تحركوا وكأن القتل والمذابح اليومية التي يتعرض لها اخوتهم من طائفة السنة هي أخف ألما من القمع المتوقع بحقهم، أو اعادة طرح سؤال باهت وسخيف في محاولة لخلط الأمور، وهو لماذا لا تلومون أهل حلب أو أهل دمشق لعدم خروجهم بينما توجهون اللوم لنا، وفي هذا السؤال خدمة للنظام أولا من حيث ترسيخ ادعاءه الاعلامي الكاذب بأن لا شيئ يحدث في دمشق وحلب، في حين رأينا خمسة وأربعون نقطة تظاهر في حلب وريفها في جمعة دعم الجيش السوري الحر ولم تتوقف التظاهرات في دمشق حتى في المنطقة الملاصقة لقصر الطاغية في قلب العاصمة السورية، ومن جهة أخرى فان هذا التساؤل يشترط شيئا مستحيل التحقق، وهو بالتالي مجرد ذريعة لعدم مشاركة اخوتهم في الحراك الثوري، فلا يوجد ثورة عبر التاريخ شارك بها كل الشعب على الاطلاق.

سوريا تمر الان بمنعطف مصيري وهام وخطير بذات الوقت، لن يخرجها منه إلا قرار فوري من تلكم الأقليات وفي مقدمتها الطائفة العلوية بمشاركة اخوتهم في الحراك الثوري للخلاص من العصابة التي استباحت وعلى مدار اربعين عاما جميع مكونات الشعب وطوائفه، وبغير ذلك فان الثورة في سوريا في طريقها الى النصر عاجلا أم آجلا، سواء بامكاناتها الذاتية بعد أن اتجهت باتجاه تسليح نفسها ودعم جيشها الحر أم بتدخل دولي لن يكون منه مفر في حال استمر حمام الدم السوري، فاذا قررت الأقليات واليوم قبل الغد النزول الى الشارع للمشاركة في الثورة ودفع ضريبة الحرية والمواطنة فان كل الأفاق الجميلة والسعيدة والرحبة ستكون أمام الشعب السوري يبني فيها دولة المواطنة والتعددية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص واحترام الخصوصيات الدينية والقومية، وبعكس ذلك فان انتصار الثورة لن يكون إلا خطوة أولى باتجاه حرب طائفية لا تذر ولا تبقي إلا ربما أطلال وطن كان هنا يوما يدعى سوريا..سوريا كما عرفناها وعرفها العالم بلد متعدد الاعراق والاديان والمذاهب والقوميات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نظرة مختلفة للأحداث
موجيكي المنذر ( 2012 / 1 / 16 - 12:06 )
أحترم نظرتك للوضع ككائنٍ تابع للـ..ـأغلبية، وأعتذر إن لم تكن

كلنا استبشرنا خيراً بهكذا حراك علّه ينفض عن مجتمعنا أدران الفساد والمرض

لمْ يدمْ هذا الحراك السلمي النظيف المبرر النقي إلا سويعات قليلة حتى ركبته شياطين الجن والإنس، ما يرى ومالا يرى، وعفاريت الظلام الطائفية الدموية المتخلفة القمئة

هذه الشياطين الناتوية وملحقاتها التي باتت تتحكم وعلى طريقة الريموت كونترول بهذا الحراك، أنْحتْه صوب الخطأ القاتل المتمثل بالتجييش الطائفي

لا تصدق ياسيدي أن النظام قد لعب لعبة طائفية لأن الجمر أصلاً راقد تحت الرماد، ينتظر نفخة بسيطة ليعلو اللهب وتستعر النيران، والبركة .. كل البركة، بالمال الخليجي والعمالة السورية في الخليج التي أُصيبت بالفيروس ومن ثمّ نقلته لتحقنه في البدن السوري، فعم الحجاب وتبرعم النقاب في مجتمع لم يعرفه يوماً

أفَبَعْدَ الوقوع في المحظور تطلبُ حضرتك ممن أسميتهم: أقيات (!؟) أن يقعوا بنفس الخطأ، وكلنا بات يعلم يقيناً من سيجني ثمار هذا ... الربيع، ولا حول ولا قوة إلا بالناتو .. وإخوانه المسلمين وأخواته ... مَنْ سَلف ومن خَلف، رضوان اللات عليهم أجمعين في جنّاته؟

نأسف


2 - دولة سنية
أميل الطيبي ( 2012 / 1 / 16 - 18:37 )
وهل سوريا اهم من جيكسلوفكيا او العراق او السودان او يوغسلافيا فاذا كان الخطاب وصل الى هذا المدى من الطائفية سنه اغلبية واقليات فالتقسيم هو النهاية المثالية والحتمية لاأرضاء الميول والنزعات الطائفية والعرقية وهذا مكفول بالقانون الدولي تحت مبداء حق الشعوب في تقرير مصيرها اذ حتى ولو ان هناك اغلبية سنية بالبلاد فلايحق لها اجبار الاقليات على العيش بالاكراه في وطن هي تملك حكمه وقراره فبدلا من ان تطلب من الاقليات ان تكون تابعة والا مصيرها التطهير فايضا الاقليات لها الحق بالانفصال كونها شعوب لها حق الاختيار فكما انت تدافع عن سنيتك فالاخرين لهم الحق بالدفاع عن مذهبهم وعرقهم وباختصار فالاقليات لها الحق ان الانبقى في هذا الوطن دون ان ننشئ اوطانها القومية والطائفية


3 - سوريا ياماكان
أحمد جادر ( 2012 / 1 / 16 - 19:26 )
طالما وصل الخطاب في سوريا الى هذا الفحيح الطائفي تحت غاية اسقاط النظام السياسي الذي توصفه بانه اقلوي علوي معادي وتطهيري للاغلبية السنية فاني أزف لك البشرة بان سوريا دخلت دوامة لن تنفك منها الا عبر التهشم المتسارع كوطن وكنسيج اجتماعي الى ان تتحول الى دولة مفككة بلارأس تدار كأي شركة من خارج البلاد هذا بالضبط ماحصل في العراق فالطائفية اشر الشرور وهي تفوق قوة الاسلحة النووية لذا أستخدام هذه الورقة الطائفية هو وحده يقود الى حشد مشاعرالاقليم السني العربي المهووس بالفحيح الطائفي لدعم السنة في سوريا بغية اسقاط النظام وتفكيك المجتمع والدولة كليا.سوريا ربما في طريقها الى ان تكون شياء من الماضي ماضي يذكر بغوار الطوشة ونهاد قلعي كهوية لتعدديات تحت مظلة وطن ربما كان أسمه سوريا


4 - كلام منطقي
Elias Ashor ( 2012 / 1 / 16 - 21:13 )
أستاذ حسين
كلام منطقي ولكن هل تعلم أن من يقود المظاهرات في اوربا هم السريان الآشوريين وهم مع المعارضة من أول يوم- النتيجة تم تهميشهم وعدم ذكر قوميتهم. مع أن اسم سوريا يعني آشور راجع اسم syria بالانكليزية، ولغة سوريا قبل الإسلام السريانية واليونانية. ١٤٠٠سنة مضت على تهميشنا وذبحنا، ولم نجد دولة عربية أو اسلامية تعتذر عما لحق بنا آخر مذبحة عام ١٩١٥ قتل ٢٠٠٠٠٠٠مسيحي أرمني وآشوري
ومع كل هذا فأغلب السريان الآشوريين في الغرب هم مع الثورة


5 - انسي
zoma ( 2012 / 2 / 3 - 10:09 )
في مثل في مصر بيقول اللي اتلسع من الشوربه ينفخ في الزبادي

يعني بعد الاقليات السوريه ماتطلعت علي الثوره المصريه و علي مجلس الشعب الافغاني اللي افرزته و علي التجاره بالدين

متوقع منهم ايه نار بشار ولا جنه الاخوان و السلفيين
للاسف كله بيفكر كده و مقدرش الومه

اخيرا لو كل السنه اللي في العالم اتجمعوا في سوريا لن يتزحزح بشار متر واحد
التدخل و الغزو الاجنبي هو الحل

عليك ان تختار

اخر الافلام

.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق


.. الاعتداء على داعمين لفلسطين اعتصموا بمركز تجاري بالسويد




.. تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي: 96% من سكان غزة يواجهون مست


.. مصادر العربية: إطلاق النار في محج قلعة أثناء القبض على من سا




.. -إيرباص- تُعاني بسبب الإمداد.. والرئيس التنفيذي للشركة يتوقع