الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة الأخلاق والتاريخ بين دريدا وليفيناس

محمد بوجنان

2012 / 1 / 16
الادب والفن


Paola Marrati-Guénoun, Université Catholique de Nimègue
ترجمة : ذ محمد بوجنان
الكتابة , الأخلاق والتاريخ بين دريدا ولفيناس
فتح دريدا ببحثه المسهب "العنف والميتافيزيقا " حوارا مع أفكار ليفيناس ,حوار ما يزال مستمرا منذئذ . وقد تم نشره لثلاث سنوات خلت من ظهور كتاب" الكلية والمطلق " عندما كانت نصوص دريدا ماتزال قيد التشكل . كشف هذا النص منذ الوهلة الأولى عن وجاهة مشروع ليفيناس الفلسفي .وقد بارك دريدا سعي ليفيناس في مساءلة التراث الفلسفي الغربي برمته , انطلاقا من أصله الإغريقي . هذا الأصل الذي لا يشير إلى أي واقع معين, بقدر ما يعين نظاما من المقولات والمفاهيم المركزية , التي ترجع نشأتها الأولى إلى اليونان ,والتي تتحكم في كل الخطابات الفلسفية . يهيمن ,حسب ليفيناس, على هذه المفاهيم سمو الواحد والهو ,كما يقضي بنشأة تاريخ الفلسفة الطويل في كنف بارميندس هذا الذي ما فتئ يتحكم, بثقة أكبر مما يمكن تصوره, في فينومينولوجيا هوسرل وأنطولوجيا هيدغر . على أن ما يطرحه دريدا, في العنف والمتافيزيقا, يصب اهتمامه على مقاصد ليفيناس أكثر من اهتمامه باستراتيجيته الخطابية.إن دريدا لا يعارض انفتاح الفلسفة على أصل غير يوناني أقلها لكي نتمكن من الانصات, في تضاعيف الخطاب الفلسفي, لجرس غيرية قادرة على ممانعة سمو الواحد والهو . هذه التحفظات تندرج من باب أولى ضمن المستوى الاستراتيجي الذي يتعين اتباعه بغية تفعيل هذا الانفتاح .
يبرز دريدا قدرة اللوغوس اليوناني " البيان "بوصفه لغة تستمد أكثرأصولها رسوخا من بنية تقابلية تمني بالفشل كل محاولة للتغيير تقوم على عملية قلب بسيطة للتراتبية المفهومية التي حققتها الفلسفة . كانت هذه المسألة قد بدأت تطرح بمعية مفهوم المغايرة كمفهوم مركزي في "الكلية والمطلق " ذلك أن المغايرة اللانهائية والمطلقة ,حسب دريدا ,لا تذعن للترجمة بسهولة في التصور الإغريقي للآخر. وهذا لا يعني أن أي مفهوم يختلف عن مفهوم المغايرة يكون أفضل ملاءمة بقدر ما يفصح عن كون صعوبة الانفلات من اللوغوس الإغريقي مرده إلى المسألة اللغوية عموما
إن الرغبة التي تحذو ليفيناس في بناء فكره على أساس من سلطة التجربة وحدها , وهي التجربة التي تتحدد بكونها خروج صوب الغير , وهي في نظر دريدارغبة فكرة محض من أجل اختلاف خالص إن أكبرعائق يواجه هذا الفكر يأتي من صميم اللغة ذاتها أو على الأقل من ذلك التمفصل الذي يمكن أن تستغني.دون الحاجة لبسط التحاليل الملازمة لقصة دريدا وليفيناس قصة مايزال أمامنا الكثير لكي ننهي فصولها . سأحاول أن أركز على ماهية ثلاث نقط مرجعية ؛ العنف المتسامي ,الأثر والعدالة فرضية ٌراءة تسمح باتباع مسار ينتقل بنا من "العنف" واالمتافزيقا إلى ما أدعوه مؤقتا بموضوعات الفيض . إن هذا المسار لا يحلو من انقطاع ولكنأحسبني مع ذلك أطارد خيط مفهوم معين للتاريخانية ,سعيا لتدقيق معناه ومقاصده في الصفحات الموالية .
1) الحاضر الحي والعنف المتسامي

منذ "العنف والميتافزيقا"كانت قد بدأت تلوح تباشير سؤال مشترك وبالأخص في إحدى النقط التي نعتقد أن دريدايبتعد فيها كثيرا من تفكير دريدا حول وضعية الأنا المغاير Alter Ego...ففي التأملات الديكارتية لهوسرل أدركنا أن دريدا رفض أن يلحق بالآخر جريرة التغيرالمقصودللأنا مثلمافعل هوسرل في التأمل الخامس : حين تصور الآخر كظاهرة مقصودة من قبل الأنا ناشئة عن الاستغناء عن المماثل مما يعني إلغاء غيريته المطلقة .
يعرض تصورهوسرل لمفهوم المماثل ,حسب ليفيناس, نفسه للقراءة بطريقة لا تخلو من دلالة بشكل نموذجي هذه الحساسية المزمنة التي تعد السمة الأعمق في الفلسفة الغربية . لايساق دريدابسرعة مع الأحكام ليفيناس بل يبدا باسترجاع كل مشهد من تأملات ديكارت ‘لى هوسرل لأغيرية الآخرالراسخة , إن ما يميز بدءا التعثر الحقيقي للفينومينولوجيا حضور الغير في شكل لا حضور أصلي إن كان على الآخر بوصفه كذلك أن يمثل قسراأمام الذات وإلا لاستحالت إمكانية احترامه لغيريته .إن كان الآخر من ظواهر الأنا فهو ظاهرة عزلاء بالمطلق بيد أنها مشغولة على الدوام بحالة من اقتصاد العنف . ما إن تفتح اللغة أمامنا إمكانية للارتباط بالأخلاق إلا وتفتح في الان نفسه احتمال لخوض الحرب . تمثل اللغة مجالا لإرادة القوة ,ضرب من اقتصاد العنف يقع فيه اختيار اللغة كبديل عن العنف المادي المجهول التسمية لصمت يسبق الأصل يأتي في مقابل العنف اللفظي الذي لا يمكن تفاديه . تختار اللغة أهون العنفين لإاللغة تعربلا تعرب عن السلم لولا أن يكون الثمن الذي تقدمه حرب ضد نفسها .إن مفهو اقتصاد العنف لدى دريدا لا يختلف عن مفهوم التاريخانية المحتوم .واستحالة الإنفلات من قبصة العنف يوازي استحادلة الانفلات من قبضة التاريخ . ولكن ببعد تاريخي لا يتطابق مع هذه الكلية المتناهية للمماثل وللحرب مما ينعته ليفيناس في كتابه الكلية والمطلق " بالتاريخ الذي يضعه في مقابل المتعالي الدينوني لسلام "ماوراء التاريخ" فالتاريخانية التي يجعلها دريدا في حكم الحتمي هي فعل القطيعة ذاته في شتى أنواعه سواء ما انتهى منها أو ما لم ينته بعد ,لأن التاريخانية في الاختلاف بين القطبين اللذين لا يحضران من تلقاء ذاتهما بل ينشآن عن الحركة التاريخية .
من هذا المنطلق يأتي التاريخ حسب دريدا ليتطابق مع الحركة نفسها التي يسمها ليفيناس التعالي أو الدينونية , إن هذه اللحظة الأولى من حوار دريدا وليفيناستتصدر ما يبدو لي مرحلة ثانية مركزية في علاقتهما ببعض وتتمثل في مواجهتهما حول مفهوم الأثر.
ينعلق الأمربوضوح بالنسبة لدريدا بما هو أكثر من مجرد بصمة أصطلاحية ما بعد تسمية الأثر "لكونه يتقاسم مع دريدا مسألة الزمن الخامل التي يومئ إليهامفهوم الأثر . خمول الزمن الذي يمثل بالنسبة للفيلسوفين معاأحد أهم المصادر لمراجعة الفينومينولوجياوالأنطولوجيا والذي يجد أحد أكثر مبرراته رسوخافي ضرورة التفكير في الزمنية Temporalité كما لو كانت بذاتها حركة تغيير ضرورية ,إذ الأمر هنا يتعلقب مقتضى أخلاقي واضح حسب ليفيناس فإن الإنشغالات الأخلاقية ليست غريبة عن مآثر دريدا .إن تحليل مفهوم الأثريفرض نفسه كلماكلما هممنا فهم ما يؤلف الرجلينأو يفرقهما ؛ما يتقاسمانه بالمعنى المزدوج للمصطلح. يبدو لي أن مثل هذا التوضيح أضحى ضروريا لمناقشة ما يمكن أن وسمه بالمرحلةالثالثة في سياق ما يجمع دريدا بليفيناس . فطفو بعد المسائل التى تزداد إلحاحا في أعمال الأول كمسألة " الهبة " و " العدل " الذي لا يتجزأ والمسألة المسيحانية بدون مسيح إلخ .. موضوعات تشير في مجملها إلى فكر يقوم على الفيض والإمتلاء إلى فكر يحاول أن يمهدبيديه الطريق "لمجيء الآخر" بعابرة أوضح يبدو أن دريدا تنازل تخلى على كثير من حذره تحفظاته التي ألزم نفسه بها في نص من قبيل " العنف والميتافيزيقا "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي