الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنسحاب البرادعي ... خطوة صح في مصلحة مصر ... رغم إن القادم أسوأ

أسعد أسعد

2012 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


كانت صدمة للشباب و الليبراليين حين أعلن الدكتور البرادعي إنسحابه من السباق علي كرسي الرئاسة في مصر ... و قد راحت التحليلات الإخبارية و أحاديث التوك شو و الميديا تحلل و تناقش و تحاول أن تكشف الأسباب و الدوافع التي من أجلها إنسحب البرادعي من السباق علي حكم مصر ... و السؤآل الذي ينبغي علينا الإجابة عليه ... ليس هو لماذا إنسحب البرادعي ... و سواء إتبعنا نظرية المؤامرة أو نظرية صراع القوة أو الأسباب الشخصية ... فإن هذه كلها لن تقدم و لا تؤخر في قضية إيجاد حل لمشكلة مستقبل مصر المنهارة ... فالسؤآل الذي يفرض نفسه علينا الآن في ضوء إنسحاب البرادعي هو ... ماذا بعد أو بدون البرادعي ...
أولا البرادعي شخص ممتاز و عقليه جبارة و خبرة بالسياسات الدولية و رجل قانون و علم ... إلا أن الحقيقة التي ينبغي أن نعتبرها و نحن نزن الأمور هي إن البرادعي بكل إمتيازاته هذه فهو مجرد موظف سابق في الأمم المتحدة ... نال منصبه بالتعيين قي وظيفة مدير بعد أن ترقي في عدة مناصب كلها حصل عليها بالوظيفة ... البرادعي يستطيع أن يعمل داخل نظام و بحسب عقليته يجب أن يكون ذلك النظام حديث و سليم و له سند شرعي ... و هذا ما جعل البرادعي يزن أموره و يستنتج إنه لن يصلح لمنصب رئيس جمهورية مصر المنهوبة المخروبة ... البرادعي يستطيع أن يشغّل و أن يدير نظام سليم و قائم فعلا ... لكن مصر منهارة... مصر تحتاج لبنّاء و ليس لمدير ... تحتاج إن من يتقدم لقيادتها أن يبني لها نظام جديد ... علي ميه بيضه .. كما نقول بالعامي في مصر ... النظام المصري فاسد و منهار .... أي نظام الحكم .. نظام تشغيل البلد ... إرتباط الزراعه بالإسكان بالأمن بالتعليم ... و كلهم مع الإقتصاد و الشركات و المصانع و الإنتاج ... كل النظام منهار لأن حكومة الثورة المباركة منذ عام 52 أفسدت نظام مصر الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي بواسطة أبعادهم و مقاييسهم الديكتاتورية التي وضعوها للسيطرة علي البلد و التي نتج عنها علي مدي الستين عاما الأخيرة الفساد السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي الذي نجني كوارثه نحن اليوم ... الدكتور البرادعي وزن الأمور و رأي الموقف و هو صائب في رأيه و حكمه ... و إنه بخبرته المتاحة لا يستطيع أن يبني نظاما سليما لمصر في ظل و ظروف ما هو موجود الآن... فهو إما أن يرضخ و يتحالف مع أحد المحاور أو المراكز اللاعبة الآن علي ساحة مصر المخروبة و بالتالي يكون جزء منها و من فسادها ... أو ينسحب بشرف ... و هذا ما إختاره البرادعي ... برافوا ... رجل وطني و صادق مع نفسه و مع الوطن ... البرادعي ليس هو الرجل الذي يستطيع أن يبطل الفساد و يبني مجتمع سليم ....
ثم إن البرادعي أدرك إنه لا يستطيع أن يحصل علي تأييد أمريكا التي لها اليد العليا و الطولي في العالم و بالأخص في الشرق الأوسط ... أمريكا تعرف البرادعي و أستاذيته و مبادئه و شرفه ... و البرادعي أيضا يعرف أمريكا ... أمريكا حاولت الإيقاع بينه و بين الشعب المصري فدست عليه الإشاعات أنه هو المسؤل عن ضرب و إحتلال العراق ... ثم عادت و حاولت تلميعه بأنه هو من يقف ضد و يعارض مشاريع إيران النووية ... و لم تفلح هذه أيضا ... فالبرادعي رجل يقوم بمهام منصبه دون النظر لأي إعتبارات أخري فهو إلي جانب علمه و خبرته رجل قانون و صاحب ضمير قانوني في المقام الأول ... و هذا خطر جدا بالنسبة لأمريكا ... لأن البرادعي يعرف عن أمريكا الكثير بحكم وظيفته .. فلذلك فهو لا يصلح لأن يكون رجلها في المنطقة .. و البرادعي أدرك إنه إذا دخل إلي هذا المنصب ...رئيس مصر فستكون أمريكا ضده .. ليس ضده شخصيا فقط بل ضد مصر ذاتها الذي هو رئيسها و ستضيع رئاسته في مهاترات السياسة الأمريكية التي يدركها البرادعي جيدا و هذا ليس في مصلحتة و لا في مصلحة مصر ...
مصر اليوم تتكون من ثلاثة ذئاب و جثة ... الذئب الأول جيش مصر الفاسد الذي أغرق نفسه في حلقة من الفساد الإقتصادي و أسلم قيادته الفعلية لأمريكا ليتجنب صراعه الفعلي مع عدو مصر الأول إسرائيل فقبع في معسكراته و نواديه الإسطورية و منتجعاته الترفيهية الأرسطقراطية و إسكانه الفاخر المتميز ... جميع إحتياجاته توفرها له مزارعه الخاصة و مصانعه الحربية و مؤسساته و حساباته الماليه التي لا يجرؤ أحد من الشعب المصري أو البرلمان المصري أن يتساءل عنها ... الجيش هو الذئب الأول الذي ينهش و يفترس جثة مصر المخروبة و هذا الذئب لن يستطيع البرادعي بإسلوبه و تعليمه أن يواجهه .. فهو ليس له أي علاقة و لا إتصالات بالمؤسسة العسكرية و هو لا يمثل بالنسبة لها أي قوة .. لأن البرادعي ليس له أي سند في جثة مصر المخروبة ... و إستناده إليها يعتبر في نظر الجيش نكته أو أضحوكة يتسلي بها المشير و أعوانه من اللواءات من ضباع و ذئاب المؤسسة العسكريه و هم يتسلون و يتسامرون بها في جلساتهم الخاصة في نواديهم العسكرية الفارهة ..
الذئب الثاني هي شلة الحزب الوطني بإمبراطوريتها الإقتصادية الإسطورية التي قامت علي سلب و نهب الشعب المصري و أراضيه و ثرواته و هي تتجزاء إلي جزئين متكاملين رجال الأعمال الموالين للحزب – رغم حله – فهو مازال موجودا علي أرض الواقع في المصالح المالية المشتركة و المترابطة ... و الجزء الثاني وزارت الحكومة و صناديقها المالية و حساباتها البنكية الخاصة - التي لا تخضع للرقابة - من مال الشعب المنهوب ... و هذا الذئب قوته في المال و ليس في السلاح ... سلاحه ضعيف .. أفراد شركات الأمن الخاصة ... و البلطجية و العصابات الصغيرة التي تعمل لحساب المعلم .. و هذه القوة لن تقبل أن تتعامل أو تتعاون مع رئيس مصري مخلص لوطنه لأن معني هذا أن يحطمها و يقلم أظافرها و يرجع ثرواتها إلي جيوب الشعب المصري و هذا مستحيل .. هذه القوة الذئبة تستطيع التحالف مع المؤسسة العسكرية .. الذئب الأول عن طريق شيلني و أشيلك ... تبادل المصالح و تبادل المنفعة ... أنا أعمل إللي أنا عايزه و إنت تعمل إللي إنت عايزه .. و هذه قوتها أمام الجيش إن ثقلها المالي يقع في مؤسسات عالمية ليس فقط في ثروات مصر ...فإذا أمّم الجيش ثرواتها علي طريقه عبد الناصر فقد تعلمت هي أيضا الدرس من عبد الناصر ... شركات عالميه .. من الهند و الصين و أوروبا و أمريكا ... و ما يظهر منها في مصر هو مجرد قمة جبل الثلج أي إن ما خفي كان أعظم ... و خطر هذا يعلمه الجيش جيدا ... فهذا الذئب الإقتصادي يستطيع أن يحارب الذئب العسكري عالميا من خارج حدود البلد ... فهما ذئبان متوازنان ...متبادلان المصالح بينهما توازنات محليه و دوليه ..
الذئب الثالث ...الإخوان المسلمين الذين بنو ثروتهم الإقتصادية علي التجارة المحلية و علي ما إستطاعو ان يبتزوه من البترودولار بما وعدوا به الأمراء و الملوك من إقامة الخلافة الإسلامية التي ستوطد الحكم الإسلامي ... و هذا الذئب قاعدته ... التغييب الديني لعقول الشعب المصري .... الشعب عاوز دين .. إديله دين ... و الآن قد حصد هذا الذئب أكثر من ثمانين بالمائه من مقاعد مجلس الشعب تحت شعار إن المواطنة حرام و الديموقراطية تعليم شيطاني و الليبراليه هي العري و الخمر و الإباحية و الجنس في الشوارع .. و هذا الذئب يسيطر علي جثة مصر الخربانه بالمشايخ و الفتاوي و قاعدته في المساجد و الزوايا ... و أصبح يلوح قبضته في وجه الذئبين الآخرين ... بالجهاد في سبيل الله ... تكفير كل من لا يخضع له و لفتاويه و كل من يعارض مصالحه فهو كافر يقيم عليه الحد ... فالمجلس العسكري إنحني له بالتقية و الحزب الوطني إنحني له بالمؤلفة قلوبهم ...
أما جثة مصر التي ينهشها هؤلاء الذئاب الثلاثة فهي الشعب الغلبان المغيب المهزوم إقتصاديا القابع في مقبرته المسماة بميدان التحرير و المغلوب علي أمره ثقافيا مع الأحزاب الأراجوزيه و المثقفين الحالمين في أبراجهم العاجية و الغالبيه المتمثلة في حزب الكنبه .. هؤلاء لا يملكون سوي صيحات الغضب و هتافاتهم الحنجورية و إعتصاماتهم الكاريكاتوريه ... هؤلاء لا قوة لهم ... يدهسهم الجيش بدباباته ... و يسلط عليهم القناصة و يطلق عليهم الرصاص الحي ...و كل يوم يحصدون شهدائهم ... فإما أن يسلّموا لذئب المجلس العسكري و يتظاهرون لحسابه في العباسية أو أن يتبلطجوا لحساب فلول الوطني ... او أن يطلقون ذقونهم و يتجلببوا و يتحجبوا لصالح ذئب الإخوان ... و هكذا تسيل دماء الشعب المصري كل يوم و يمتصها ذئب الجيش أو ذئب الوطني أو ذئب الإخوان ...
فأين يذهب البرادعي ... و هؤلاء الثلاثة تحتضنهم و ترعاهم أمريكا ... المعونه و الأسلحة و التدريب و العيون المغمضه عن العمولات لذئب الجيش ... إتفاقيات البزنس و المشاريع المبهمة مع شركات القطاع الخاص و نهب ثروات الغاز و البترول و المعادن في صفقات مع وزارات الحكومة لذئب الوطني و فلوله ... دعم البترو دولار تحت رعاية امريكا لذئب الإخوان المسلمين .... و جثة مصر المغيبة تلعب بها أمريكا عن طريق التيوتر و الفيس بوك و وائل غنيم ...
البرادعي فهم كل هذا فانسحب ... أمريكا قد تؤيد غيره و لو من خارج غابة الذئاب ... لكن ليس كالبرادعي ... لأنه يعرف عن أمريكا أكثر مما ينبغي ...
إن إنسحاب البرادعي ... ليس فقط لمصلحة البرادعي ... بل لمصلحة مصر أيضا ...
إذا أردنا أن نبني مصر اليوم فيجب أن نبحث عن ذئب خبيث في شكل حمل وديع يستطيع أن يتحالف مع العسكري ضد الوطني و الإخوان .. و أن يعقد صفقات مع الوطني ضد الإخوان و العسكر و يستطيع أن يضع يده في يد الإخوان و يقرأ الفاتحة معهم ضد ضد الوطني و العسكر .... ذئب يستطيع أن يقنع أمريكا أنه الحمل الوديع و خادمها المطيع ... فمن يجد في نفسه الكفاءة فليتقدم ... و الأصعب هل تقتنع به جثة مصر المنهوبة بعد أن فقدت الوعي و فقدت الثقة في الكل ... إن إنسحاب البرادعي هو مؤشر ينبئ بنهاية مصر المؤلمة ... ليس لأن البرادعي كان الفارس المنقذ بل لأن إنسحاب البرادعي هو صدي لكلمات زعيم مصر العظيم الراحل سعد زغلول ...مافيش فايده ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مافيش فايدة
محمد بن عبد الله ( 2012 / 1 / 16 - 14:00 )
أتفق مع النتيجة التي خرجت بها من الموضوع لكنني أختلف جذريا في عدة نقاط

الأولى تأكيدك على أن اسرائيل هي العدو الأول لمصر...لماذا نفترض مثل هذه المسلّمات التي ورثناها عن حقد عبد الناصر وتعصب الاخوان ؟
اسرائيل دولة تريد العيش بسلام مع جيرانها..هي لها بالفعل مشاكل لا تحصى مع الفلسطينيين لكنهم السبب وراء معظم مصائبهم لرفضهم الاعتراف بالاستعمار الاستيطاني اليهودي لبلادهم رغم أنهم أنفسهم ناتج لاستعمار استيطاني اسلامي...ارتضى أجدادهم حكم غرباء عنهم جنسا ولغة ودينا فليقتدوا بهم وتنتهي حالة الحرب ! !
ثم بشأن أمريكا...يا سيدي هل نلوم امريكا على التعامل مع الاخوان الذين يمثلون حقيقة الملايين من الشعب المتعصب؟ أمريكا تبحث عن مصالحها التي لا تتعارض أبدا مع مصالحنا فنحن من نصنع أعداءنا بأيدينا...

لنعترف باسرائيل ونطبّق ما تعهدنا به من سلام لم نحترمه يوما ولنفعّل علاقات اقتصادية وثقافية وفنية طبيعية سليمة مع دولة لا أطماع لها في شبر من أرض مصر ..انسحبت اسرائيل مقابل سلام حقيقي ثم نكثنا بعهودنا وتآمر (المجتمع المدني) ليحوّل هذا السلام إلى حبر على ورق

احس بأني أؤذن في مالطة...فعلا مافيش فايدة

اخر الافلام

.. -علموا أولادكم البرمجة-..جدل في مصر بعد تصريحات السيسي


.. قافلة مساعدات إنسانية من الأردن إلى قطاع غزة • فرانس 24




.. الشرطة الأمريكية تداهم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب


.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24




.. بلينكن يلتقي من جديد مع نتنياهو.. ما أهداف اللقاء المعلنة؟