الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دليل المحتار في بيان أحوال الكفار

زيد كثير الحمداني

2012 / 1 / 16
كتابات ساخرة


أنا أكره الكفار كراهتي للسقم وأستوحشهم وحشتي من العجز والهرم. وفي شريعتي، من يؤازرهم قولا ويناصرهم فعلا هو من شرالبرية. وبالمعاكسة والمخالفة أضداد أولئك خيرالبرية. وفي هذه المقالة قصتان، مضحكتان مبكيتان، أوردتهما ليميز المؤمنون الخبيث من الطيب وأهل الصلاح الأتقياء من الكفار الأشقياء. فنسأل الله القدير العون والسداد في حسن القول والتعبير... زيد





I

في اواسط العقد الماضي كنت مقيما في دولة عربية لاحاجة لذكراسمها هاهنا لأن ذلك لن يغير من فكرة القصة وبغيتي من استحضارها. ففي الرقعة الجغرافية الممتدة من المحيط الأطلسي غرباًً الى الخليج العربي أو الفارسي "حتى ما يزعل علينا أحمدي نجاد واصحاب الموسوعة الثقافية البريطانية وتقريبا جميع مراجع الجغرافيا العالمية!" شرقاً قد تتنوع الوان البشر وتتمايز عمائر الريف والحضر الا أن المقولة البغدادية التي حفظتها عن آبائي الاولين "حرامي لا تصير، من السلطان لا تخاف" هي شعارالمرحلة الأنجع ودليل الساري في تيه أنظمة يترادف فيهن الإسمان (الحرامي والسلطان) في كثير من الأحيان. لذا آثرت الا أتلصص على ذاكرتي للسطو على إسم تلك الدولة المحروسة كي أظل آمنا على نفسي من سلاطين العرب والروم والعجم



في أول يوم من أيام العيد، أظنه ان لم تخني الذاكرة عيد الفطر، استأجرنا -انا واحد اقربائي والمقيم في دولة اوروبية مع عائلته الصغيرة والذي قد جاء لزيارتي في تلك المناسبة- سيارة أجرة (سيرفيس) تحمل ثمانية ركاب قاصدين في رحلة قصيرة احدى المصايف المعروفة في تلك البلاد. كان الطريق جبليا صاعدا، وقبل بلوغنا المصيف مررنا بسفح جبلي اقتلعت منه كتل صخرية بطريقة هندسية مدهشة. المنظر جذب انتباه قريبي واستثاره فسألني مستفسرا عن سر تلك الثغور المنحوتة في سفح الجبل.

-"هي بيوت الكفار (لعنة الله عليهم) حفروها في سفوح الجبال بعد فرارهم من جيوش المسلمين الفاتحين في عصر متقدم من عصورالفتح الإسلامي."



أجبته معتمدا على معلومات كنت قد استقيتها من سائق سرفيس تعرفت عليه في زيارة سابقة لذلك المصيف. لن اخفيكم سرا بأني كنت اشعر بالزهو كلما مررت بتلك الكهوف الجبلية لانها تذكرني بقوة المسلمين وذعر الكفار من تلك القوة المؤمنة. المهم، ظل ذلك القريب العزيز جدا يتابع معالم الطريق باهتمام وسكينة، ولم يزد على قولي شيئا البتة. وحال دخولنا المصيف مررنا بمجموعة من الفيلل الفخمة والمنتصبة على قمة جبل قريب غير شاهق. حينها كسر جدار صمتنا وسألني

-"لمن هذه الفيلل؟"

- هذه بيوت بعض الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة.

اجبته باقتضاب ولم اسهب لاني بصراحة لا اعرف الكثيرعن تلك القصور. رشف رشفة أخيرة من قنينة جعة محلية الصنع كان يصر على ان مذاقها مشابه تماما لمذاق الجعة في الوطن الأول. ثم قال لي

-حبيبي زيد، هذه القصور لا تلك الثغور هي بيوت الكفار





II

أيها المواطنون الغافلون عن ثرواتكم الدفينة هل أتاكم نبأ اختفاء المليارات الاربعين؟



بصراحة هي قصة عجب، وكأنها حكاية من حكايا الف ليلة وليلة أو خرافة من خرافات أيسوب. حيث يقال "والعهدة ليست على القائل وحده لأن السواد الاعظم من المواطنين على علم بما يدور في جيوب المسؤولين" بأن تلك الاموال هي من عوائد النفط التي كانت توضع في صندوق التنمية العراقي بعد الغزو الأمريكي في عام 2003 وقد فقدت في عهد الحاكم الامريكي للعراق بريمر. "من المرجح انه -أي الصندوق- كان قديما وافقاله غير محكمة!" هذه هي فحوى التقريرالصادرعن لجنة النزاهة التي شكلت من قبل البرلمان للتحقيق في القضية. المهم حاول بعض الساسة العراقيين "المعروفين بنزاهتهم" توجيه اصابع الاتهام الى المسكين بريمر. ولكن بريمر في امريكا. وامريكا بعيدة. والمواصلات اليها مكلفة. لذلك كف الجميع عن اتهام ذلك المسؤول والمطالبة باستجوابه. وقد آثر الرجل الإستقالة من منصبه بعد عام واحد قضاه في العراق. وقررالعودة الى أرض الوطن والعيش ببساطة وزهد في قصره المنيف الذي اشتراه بعد عامه السعيد في الميزوبوتيميا



بعد نشر هذا الغسيل "الطاهر" في الصحف وفي كثير من المواقع المهتمة بالشأن العراقي، انبرى المفكرون ودهاقنة الاقتصاد في البلد على تقديم توصيات مخلصة للكشف عن مصير تلك الاموال. وقدمت الكثير من التصورات عن الوجهات الأستثمارية التي يمكن أن تسلكها في حال تم العثورعليها. ومن بين عشرات المشاريع العملاقة المقترحة التي قرأت عنها في الصحف المحلية، لفت انتباهي مشروع خيري مدهش اقترحه احد الصحفيين العراقيين في حال تم العثورعلى المبلغ الضائع



يرى ذلك الصحفي بأنه لو يتم صرف المبلغ المذكور في اعداد وجبة طعام عالمية لكل الشعوب التي تسكن كوكب الأرض. حيث تتكون الوجبة من سندويشة فلافل يتم اعدادها في احدى مطاعم بغداد الشعبية، وقد كان الرجل دقيقا جدا في تفاصيل مشروعه حيث اوصى في مقترحه بإختيارمطعم ابو فالح الشهير في منطقة بغداد الجديدة لاعداد السندويشات المذكورة، مع قنينة مياة غازية وبكلفة اجمالية لاتزيد عن دولار واحد للوجبة. في هذه الحالة ستتمكن الحكومة العراقية من توفير ست سندويشات لكل فرد من افراد الكرة الارضية البالغ عددهم ست مليارات آنذاك. وستستهلك ستة وثلاثون ملياردولارفي هذا المشروع الضخم. اما الفائض المالي المتبقي وهو اربع مليارات دولار فيمكن استخدامه في اعداد وجبة من الشاي أوالكابوتشينو أوالقهوة تقدم بعد وجبة الفلافل الغنية بالبروتين



المشروع واجه انتقادات واسعة من قبل اطراف حكومية عديدة ذات مرجعيات دينية بيضاء وخضراء. لا تعجبوا من حكاية الالوان هذه، فكفرق كرة القدم في الدوري الانكليزي الممتاز، لكل مرجعية في الساحة العراقية لون يميزها.وعودة الى موضوع رفض المشروع المذكور، أقول لربما واجه المشروع تلك الانتقادات لما يمكن أن تسببه الفلافل من حصرغازات مؤذية ومفسدة للوضوء داخل امعاء الكثير من المؤمنين في أرجاء المعمورة



في النهاية، اقصد نهاية الأمل في الوصول الى خباء الكنز المفقود، وبعد سنوات عديدة من الهرج والمرج في خزائن الدولة المصون، الجميع بات يعلم بأن القصة الخيالية لاختفاء المليارات الاربعين لم تتفتق عن قريحة أدبية فذة كقريحة المبدع ماركيزأو المذهلة ايزابيل اليندي، وانما خرجت من افواه ساسة العراق "الملتحين الجدد" والذين تنطبق عليهم مقولة أمي العزيزة التي عادة ماكانت تنهي بها حديثها معي بعد هذياني المتواصل دفاعا عن فكرة بلهاء احاول يائسا اقناعها بها: أبني الله يرضى عنك، اذا الي يحجي مخبل، ف الي يسمع عاقل

وبكل تأكيد المخبول هو أنا، أما أمي فهي العاقلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم


.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع




.. هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية