الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيحكم الإسلاميون الجزائر ...؟ .

الطيب آيت حمودة

2012 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


في هذا الشهر من عام 1992 وفي 12 منه بالضبط ،كُتمت أنفاس استحقاق كبير ، شارك فيه الجزائريون بعفوية كبيرة ، آملين في الخروج من عقود الإنبطاح السياسي إلى سنوات الفعل والعمل ، حيث يصبح ُ صوت المواطن مسموعا عبر آلية الديموقراطية ، غير أن نتيجة الإستحقاق أقبرت في دورها الثاني ، ووقع الإنقلاب الكبير على الشرعية الشعبية ، بنفس الطريقة التي وقعت في صائفة 1962.
ولا غرابة في انتصار الإسلاميين في بلد قوافل الشهداء ، ولا غرابة في أن يسعى الشعبُ إلى استبدال الأسوء بالأحسن ، لكن الغريب هو حدوث انقلاب على إرادة الشعب ، والحكم عليه بالبلادة وسوء التقدير ، أو بأنه أخطأ المسير .... ولا يمكن تفسير اكتساح جبهة الإنقاذ الإسلامية للنتائج سوى رغبة جامحة لبسطاء الناس وسذجهم الإحتماء بالدين كمخرج من حكم طواغيت الزمان ، دون أن يعرفوا بأن ( ملة الساسة ) واحدة سواء كانوا من البيضان أو السودان ، أو من (الفرنكوفونيين أو المعربين)، فجلهم تشبع بأحكام مكيافيلية ترجموها في كون (الغاية تبرر الوسيلة ) ، وحيثما كان فعل ( ساس ويسوس) فثمة الخبث والدهاء وأفعال ا لقتل الرجيم ، فلو عرف بُسطاء الناس ما يدور بخلد هؤلاء الساسة لكفروا بالسلطة والإنضباط والنظام ، ولتجمهروا أزمانا طوالا وصاحوا بسقوط النظم والأنظمة وأذيالها كما يفعل أهل ساحتا التغيير في اليمن ، والتحرير في مصر .

*** الإنقلاب الذي أدمى الجزائر وأبكاها لعشر سنين عجاف .

لا نتمنى أن تعود مجددا سنوات البكاء والنحيب ، ولا نتمنى أن يٌؤكل الثور الأبيض لمرتين ؟ ، أو تُستعمل ( الخرفان البيضاء ضد التيوس السوداء ) في معارك وهمية تجرنا خلفا دائما ، فالواجب يدعو الإحتكام للصندوق بطريقة ديموقراطية تصان فيها حقوق الأقليات ، وتُعطى فيها للمعارضة فُسحا للمناورة السياسية لبلوغ السلطة ، لأن كل من عمل بالسياسة هدفه القريب والبعيد ( هوالكرسي والصولجان ) حيث المال والجاه والسيادة والريادة .

** إسلاميوا الجزائر في طريقهم إلى الحكم ....

اكتساح الإسلاميين لنتائج الإنتخابات التشريعية في كل من المغرب ( حزب العدالة والتنمية) ، وفي تونس ( حزب النهضة ) وفي مصر ( الإخوان المسلمون وحزب النور السلفي ) أسال لعاب إسلامي الجزائر لتحقيق ما حققهم أمثالهم ، وهو ما تجلى في الهبة الكبيرة التي قام بها هذا التيار من حيث رسم استراتيجية محكمة تكفل لهم ( صيدا وفيرا ،ومغنما كبيرا) في الإستحقاق التشريعي القادم ، ولعل في محاولة جمع الشتات في حزب إسلامي واحد ( مؤمول ) ،هو ديدنهم الأعظم لتكرار تجربة 1991 ، تماهيا مع حزب العدالة التركي بأردوغانه ، أما م جبهة ديموقراطية مهلهلة العرى ، مقسمة الأطياف ، ظاهرها ديموقراطي وخفيها استبدادٌ تجلى في تمسك رؤساء الأحزاب بالرئاسة دون تداول يذكر ، فنفس الأسماء بقيت في الواجهة دون حراك ، وكل محاولة للتداول والتصحيح تُقبر كما فعل صاحب حزب (الأفانا ) مُؤخرا ، وهو يبشر بمستقبل واعد للتيار الإسلامي في التشريعيات القادمة وإن بدت مظاهر تثبط وقرف من لدن الشعب بسبب فواجع وألم العشرية السوداء .

*** هل الإسلام هو الحل .....؟

ما نص عليه دستور الجزائر 1989 ، هو منعُ تأسيس أحزاب على أساس ديني أو عرقي ، لأننا أمة واحدة ، وبدين واحد ، فلا يعقل التميز بالإسلام داخل مجتمع كله مسلم ، فإذا كانت إطلاقتنا على مناضلي (الفيس ، والنهضة ، وحمس )، .... بالإسلاميين فذاك يعني أن بقية عموم الشعب الإسلامي المنضوي في أحزاب أخرى غير مسلم ، يعني ( كافر ) ؟
*الإسلام اتخذه البعض سلاحا لتحقيق مآربهم السلطوية وطموحاتهم السياسية ، فهؤلاء الساسة ( الإسلاماويون) في حقيقتهم لا يختلفون عن الآخرين إلا مظهرا ، فلبُّهم واحد وملتُهم واحدة ، وكم تمنيت أن يتنفذ التيار الإسلامي في الحكم ويفوز به لنرى ما سيقدر على فعله أمام عولمة لا تُقهر وإعلام لا يُهزم ، ولا أستبعد في إن بلوغ هذا التيار للسلطة مخطط في الدوائر الإستراتيجية الخارجية هدفه تمكين ( الإسلامويين ) من السلطة لإظهار سقطاتهم وعيوبهم التي ستعالجها الشعوب بنفس الطريقة التي عولجت بها أنظمة ( زين العابدين) و(حسني مبارك ) و(معمرالقذافي ) و (عبد الله صالح ) و(بشارالأسد) ، أي وضعهم على المحك لتبرز أدرانهم وتتضح نواياهم ، .....لأن مَنشد الدولة الإسلامية لم يتحقق عبر تاريخ الإسلام إلا في قليل من المناسبات لم تزد مدتها عن (14 عاما ) : (عمر ابن الخطاب ) ، (عمر بن عبد العزيز الأموي ) ( المهتدى العباسي ) وهؤلاء الخلفاء الثلاثة بزمن حكمهم القصير لم يموتوا موتة طبيعية وإنما قتلوا .....أما ما بقي منها من الدول والدويلات فهي دنيوية بدأ من الصحابي (معاوية بن أبي سفيان) الذي أسقط مبدأ الشورى وحول الحكم إلى دولة عضوض في أبنائه وقبيلته أمية ، وسار على نهجه من لحقه من حكام المسلمين إلى يومنا هذا ..... ولو في ايامنا باسم الديموقراطية ؟.، فهي دول منافقة في مجملها دنيوية في أحكامها ، أسقطت كثيرا من تعاليم الإسلام من قواميسها التعاملية الخفية منها والمعلنة ، وستُبلغنا وتنبؤنا الأيام والسنوات القادمة عن عثراتهم ولججهم ،وبأنهم يقولون ما لا يفعلون ، وهم في كل واد يهيمون .. ولأنهم لا يقدرون على تطبيق الإسلام بمفهومه السلفي في وضع عالمي متجبر ، والذين يصدق فيهم قول المفكر الليبي( صادق النيهوم ) في كونهم يريدون منا أن ( ننظر إلى كتاب الله بعين أعرابي ميت منذ ألف سنة ، نتكلمُ بلسانه ونردد مقتنعاته وأساطيره ) ، تقدير المنصفين المسلمين أن (خصم الله جل وعلا ) هو (من يستخدم الدين في طموحه الدنيوي ) .

صفوة القول أن شعبنا الجزائري حاليا يتساءل كيف السبيل لزحزحة جبال متراكمة من الفساد [ السياسي والمالي والفكري ] ، وماهي الوسائل التي يمكنها تعرية كل المسلمات السابقة التي فُرضت قسرا على عقولنا وشيدت قصورا من الوهم الكاذب ، وفضح الفتوى التكفيري الجاثم على الصدور والمخيلة الشعبية الساذجة ، وأنتجت أكواما من الرؤوس المقطوعة، وبحرا من الدماء المغدقة هدرا وغدرا ، باسم الإسلام أحيانا والديموقراطية أخرى ، فالجزائريون حاليا هُم إلى ( حاكم فعال أحوج من حاكم قوال ) ، وأنهم جادون في قلب العلائق بين الحاكم والمحكوم بالسعي إلى اخضاع الحكومات لإرادة الشعوب وليس العكس .

حرر ببجاية صبيحة يوم 17/01/2012
الطيب آيت حمودة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقيقة المرة
جزائري ( 2012 / 1 / 17 - 15:30 )
الجزائر احوج ما تكون الى شعب اخر متحرر من كل الخرافات بدا من الدين وليس اخرها الوطنية المزيفة والشعارات الجوفاء كاكبر ثورة واكبر جيش واكبرمصنع واكبر...الخ وهكذا كل شيئ كبير على الورق فقط


2 - إسلاميين أو علمانيين لا نريد فقط متطرفين
رضا الوحيد ( 2012 / 2 / 7 - 14:03 )
في الجزائر يلزمنا ثورة فكرية بعيدة عن الأساطير الدينية و الدوغما العقائدية. حكام هذا الوطن هم أبناء هذا الشعب يحملون أفكاره حتى و لو غيرناهم بأفراد أخرين فانا أشك بأن التغيير المأمول سيكون في المدى القريب. و هكذا عمل يلزمه الكثير من المثقفين و المتنورين للقيام به أكثر من الساسة و السياسيين.
فيما يخص عمر بن الخطاب ، ففي زمنه انتشرت المجاعة و لم يستطع مواجهتها لآنه ضيع الأموال المنهوبة في الغزوات بتوزيعها على الصحابة و زوجات النبي و أصحاب بدر ....، و عدله الأسطوري كان محصورا فقط فيما بين العرب أما بقية الناس
فعنصرية قاتلة. إذن يمكنك تقليص الحكم الإسلامي الرشيد إلى 4 سنوات أو أقل ( مدة عهدة رئاسية في بعض الدول المتقدمة).


3 - تحليل في محله و مفيد
عقبة ( 2012 / 9 / 9 - 20:48 )
مقال واقعي و تحليل صائب و نابع من صميم الهموم، هموم الجزائري، حقا ما كان اسلاميو الجزائر الا اسلامويين، و الساسة يختلفون في اديولوجياتهم لكنهم يتفقون في مصالحهم
اللهم ارزقنا عفوك و عافيتك

اخر الافلام

.. ما مدى صحة وضع الثوم بالفريزر؟ ومتى يجب التخلص منه؟


.. رحيل عموتة عن تدريب منتخب الأردن.. لماذا ترك -النشامى- وهو ف




.. حرب الجبهتين.. الاغتيالات الإسرائيلية | #غرفة_الأخبار


.. ما دلالة غياب اللاعبين البرازيليين في الدوري السعودي عن -كوب




.. حزب الله يهدد إسرائيل.. من شمالها إلى جنوبها