الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين هنا.. وهناك (بحث عن الذات)

وليد ياسين

2012 / 1 / 17
الادب والفن



هذه هي صورتكَ
قالت لي
ونظرت نحو الجدار…
تبحث عن وجه الشبه
بيني وبين صورتي
وأنا كنت أنظر إليها وأرى في صورتها
شبابي..

ذات يوم كان لي جسدي
كنت مثلها ابتسم
وكنت مثلها أبحث في الصورة
عن أوجه الشبه بين الواقع والخيال
كانت طفولتي صامتة..
لكنها لم تخلُ من بعض شقاوة
مثل كل أترابي..
مثلها، أحببت من كانت تكبرني
وتمنيت لو يوماً تصير لي ظلي
كنت أرسم صورتها بالحبر في الصباح
وأنام في حضنها في أحلامي
كنت اكتبها قصائد وروايات غرامية
وأقاسمها أدوار البطولة
وذات صباح..
أشرقت الشمس، لكنها
هي غابت
وانطفأ مصباحي..

وها أنظر إليها الآن
في وجه هذه الشابة السمراء
تجالسني وتسألني عن صورتي
وكأنها لا تدري
أن ما كان هناك
لم يعد هنا..
وأن كل شيء صار رمادي اللون
حتى لون السماء تغير
ولون البحر تغير
وأنا بين هناك وهنا
أشعر كعصفور حب
رغم شيب الشعر
وترهل الجسد...

قلت لها وأنا أراها تقلب نظراتي بين تقاسيم وجهي هنا وتلك المختلفة هناك
أعرف يا صديقتي أنني الآن لست هو
لكني أعرف أن قلبه ما زال يسكنني
وروحه ما زالت تحلق في روحي
كغمامةٍ بيضاء في صحن السماء
يتغير شكلها..
وأحياناً لونها
لكنها دوما تعود
لتمطر في الشتاء..

ابتسمت وقالت:
دعك من الماضي
فأنا أعيش الحاضر فيك
وما تغير لن يقهر قراري
في اختيارك..
وعلى غفلة مني
طبعت ابتسامة على وجهي
وغابت في أحلامها
حين ألقت بشبابها
على وسادتي
وهمست:
هل تعود كما كنت
لأجلي؟

كان الشتاء يترصد ردة فعلي
وحين لامست أناملي صفحة خدها
تساقط غزيراً وقرعت حباته زجاج نافذتي
فأيقظتني من أحلامي
واحترت بين وجه ينادي وجهي
وشتاء يهزأ بخريفي
وكأني أسمعه يعاتبني
ويقول لي:
ليست الدنيا لك
وليست هي دنياك
فتعال معي إلى حيث ستصير
حبات تراب..

ابتسمت لرفيقة صباحي
وغادرت صورتي المعلقة فوق الحائط
رافضاً المضي وراء السراب..
قلت للشتاء
لا تسخر من خريفي
فذات يوم كان ربيعاً
وكان صيفاً
وموعدي مع التراب ليس بيدك
فدعني استرجع ولو للحظة واحدة
شبابي..

لا شيء يؤلمني الآن إلا أني تركتها ترحل إلى موطنها
وقد نسيت حتى كتابة اسمها
علني يوماً أطير
وأحظى بليلة حب
يتناغم فيها جسدي
على موجات صوتها المخملي..

لم يبق لي شيء
إلا جسدي
ولا بقاء للجسد
بعد ذهاب الروح
ولا أملك إلا بضعة أحرف وخطوط
تشابكت في لوحتي السريالية..

قالت لي وهي تقف إلى الباب:
ستشعر يوماً برغبة في فهم وجودك هنا معي.
فلا تسأل الآن أين أنت مني
ولا ما أبقته لي ولك
نسمة الهواء..
قلت:
أريد أن أفهمني وأفهمك
أن استجمع صورتي في شرايينك
علني حين يأتي موعدي
تذكريني واقعاً لا خيال..

قالت لي:
أحيانا يكون الغموض جميلاً
فاستنجدت بزرقة السماء وهمست
وما نفع الغموض وأنا
تلفني رياح الفرح
في حضورك..

لم استكمل حواريّ الذاتي
بين الماضي والآني
فقد هبت عاصفة وحطمت زجاج روحي
وتناثرت حبات المطر على جسدي
واغتسلت بدمي
حين صدت هي بابي
وارتحلت...
تاركة ابتسامتها البيضاء
تداعب أفكاري
وتزرع ألف سؤال
بلا جواب...

17/1/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس