الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في البرامج السياسية...و التقهقر المعرفي للأحزاب المغربية
رضا الهمادي
2012 / 1 / 17مواضيع وابحاث سياسية
عند اقتراب موعد الانتخابات تخرج الأحزاب السياسية المغربية ببرامج تطلق عليها "البرنامج الانتخابي". جلها عبارة عن التزامات أمام المواطنين و برامج عمل و مقترحات حلول للمشاكل الاقتصادية و الاجتماعية التي تعيشها بلادنا. لكن هذه العملية تعرف عدة تناقضات و اختلالات بنيوية تفقد هاته البرامج روحها و تعطي للمواطن انطباعات عكسية عن العملية الانتخابية.
أولا :تسمية البرنامج الانتخابي التي تستعملها الأحزاب هي خطأ لغوي كبير يحيل على موسمية الأحزاب و على استعمالها البرامج كأداة للدعاية الانتخابية لا غير. فلا هي تعبر عن تصور مجتمعي و قناعات لما يجب أن تصبح علية الأمور في مختلف المجالات بعد تولي الحزب السلطة. ولا هي تعبر عن هوية و مرجعية الحزب. معظم هذه البرامج هي مجرد و عود و مزايدات انتخابوية تحرر بمقرات الأحزاب على عجل أسابيع قبل الانتخابات لذا يستحيل تسميتها ب "البرنامج الحزبي" أو "برنامج عمل الحزب" أو التصور الحزبي".
ثانيا : عند قراءة برامج جل الأحزاب ، نخرج بقناعة أنها برامج سطحية هاوية بعيدة عن السياق الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي. بل هناك من الأحزاب من اكتفى بتحرير برنامج عمل شامل في اقل من 40 صفحة. مما يحيل إلى اقتصار أحزابنا إلى أطر و نخب بإمكانها إبداع برامج حقيقية مدججة بالأرقام و الدراسات. فسقطت جل البرامج في الشعارات التي تمس نقط ضعف المواطنين ( التشغيل – الخدمات الاجتماعية – الرخاء الاقتصادي …). يطرح " الفقر المعرفي " لأحزابنا نقط استفهام كبيرة. فكيف لحزب يفتقد للكفاءات القادرة على إعداد تصور مجتمعي و اقتصادي للمرحلة القادمة أن يدعي قدرته على التموقع في المسؤولية؟ و كيف لأحزاب احترفت السطو على التقارير الاقتصادية و تبني مشاريع ملكية ( تقرير الخمسينية) أن تدعي توفرها على أطر و نخب و هي عاجزة عن الإنتاج الفكري الحقيقي؟ و كيف لأحزاب أن تضمن برامجها قرارات فلكلورية و خرافية من قبيل رفع الحد الأدنى الأجور من 2100 درهم إلى 4000 في الظرفية الاقتصادية القادمة التي ستعرف كسادا اقتصاديا حقيقيا أن تدعي قدرتها على إدارة البلاد و هي لم تنجح حتى في تحرير تقرير من 40 صفحة؟ و كيف لحزب يستورد برنامج عمل من مركز أبحاث فرنسي بعيد عن الواقع المغربي أن يواجه المواطنين و يقنعهم بجدوى تحمله المسؤولية؟
ثالثا : عند مقارنة " البرامج الانتخابية " لكل حزب مع برامجه السابقة، يتضح عدم استمرارية نفس الأفكار و عدم تناسق البرامج مع بعضها، فتارة يطلع الحزب ببرامج ذو طابع اجتماعي و بعد خمس سنوات يعود نفس الحزب لتحرير برنامج ليبرالي محض لا يأخذ بعين الاعتبار الظرفية الاقتصادية الحالية و المستقبلية و المنجزات الحكومية السابقة. مما يضع أحزابنا موضع مساءلة أمام الناخبين حول جدية هذه المقترحات.
رابعا : عند تفحص مضمون البرامج نجد غلبة المقترحات الاقتصادية و الاجتماعية على باقي المجالات. بعض الأحزاب لم تأت ببرامج في الرياضة و الثقافة و السياسة الخارجية . قد يبدو هذا مفهوما في ظل الدستور القديم لوجود وزارات السيادة التي لم تكن تأتمر بأوامر الوزير الأول . لكن دستور 2011 منح لرئيس الحكومة سيادة كاملة على جميع الوزارات. فلماذا استمرت أحزابنا في إلغاء وزارات السيادة من برامجها؟ و لماذا لا تأتي أحزابنا بجديد في الفكر والتعليم و غيرها من المجالات التي تتطلب مقاربات جديدة أكثر إبداعا؟ و يبقى السؤال الأكثر إلحاحا هو أية مسافة تصل الأحزاب عن مشروعها المجتمعي؟
إن الدارس للحقل السياسي ببلادنا يفاجأ بالتقهقر المعرفي الذي سجله الفاعل السياسي و الذي ينعكس سلبا على العملية السياسية برمتها. والمستوى الهزيل لبرامج الأحزاب ما هو إلا أحد تجليات هذا التقهقر..
- رضا الهمادي .
- باحث في الإعلام و التواصل .
- كاتب عام لمنتدى الأطر الشابة الديمقراطية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا
.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م
.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي
.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع
.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟