الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البطولة والفتنة والازمة

ساطع راجي

2012 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


يستحق كل من يقدم على التضحية بنفسه أن يلقى اهتماما بالغا من الجهات الرسمية والشعبية كما إن كل مواطن يستحق أن يحظى بسكن وراتب تقاعدي وغيرها من الظروف التي تحفظ كرامته وتمنحه حياة انسانية محترمة، سواء أكان هذا المواطن عاديا على قيد الحياة او بطلا فقد حياته في حالة استثنائية، ولذلك فإن قرارات تكريم الشهيدين نزهان الجبوري وعلي احمد الحديدي اللذين قضيا نحبيهما في تفجير البطححاء هو استحقاق نتمنى ان يتحقق فعلا وان لا يكون قرارا يتأخر تنفيذه لسنوات كما حدث مع عثمان العبيدي، ومع ذلك فإن استشهاد الجبوري والحديدي وطريقة التعامل معه له جنبة سياسية ووطنية بحاجة الى التمحيص.
البطولة عمل استثنائي في توقيت يحتاجه المجتمع لتجاوز أزمة وهذا الفعل الاستثنائي يعني أيضا إن السائد في السلوك والتفكير هو عكس ذلك تماما، ولهذا تم تقديم استشهاد الجبوري والحديدي في إطار مصغر جدا هو "سنيان قتلا دفاعا عن زوار شيعة"، هناك رجال جيش وشرطة عراقيون من مختلف الانتماءات يقتلون في مختلف مناطق العراق، ويمر إستشهادهم مرورا عابرا ومثل ذلك التعامل يحدث يوميا مع ضحايا العنف أيا كانت هويتهم الطائفية، إنهم أرقام عابرة لا تستفز مشاعر المسؤولين واحيانا لا تستفز حتى مشاعر بقية المواطنين الذين هم جميعا ضحايا محتملين للعنف الضارب في البلاد منذ سنوات.
إستشهاد رجلين في ملابسات تناقض الهويات الطائفية كان له صدى اعلامي لأنه جاء في لحظة احتقان سياسي يراد تسويقه وادارته وحسمه تحت عناوين طائفية فجاء الحدث الاستشهادي وكأنه لحظة قطع في السجال، لحظة محرجة لكن الساسة تعاملوا معها برشاقة عالية، فقفزوا على حادث الاستشهاد الذي قد يحدث يوميا، بل إن الساسة راحوا يستغلون الحادثة ويلاحقون الشهيدين حتى في مأتميهما مصطحبين معهم وسائل الاعلام ليدلوا بتصريحات على هامش حضورهم المآتم فيكون المأتم مجرد خلفية للتصريح، وكرر أكثر من واحد بين الساسة مقولة ساذجة نصها "ان الشهيدين قدما درسا للساسة" ولا ندري هل ذلك يعني اعترافا من الساسة وبينهم مسؤولون كبار بالحاجة الى دروس وانهم "الساسة" بطيئي الفهم ام انهم ارادوا حشو المشهد بعبارة غبية لا تعني شيئا.
لقد استغل الساسة هذه الحادثة ايضا لمصالحهم الشخصية لتجاهل عشرات الضحايا الاخرين الذين سقطوا في تفجيرات البطحاء وغيرها من التفجيرات واستغل الساسة الحادثة للقفز على مسؤولية الخرق الامني في منطقة مستقرة في وقت شهد تشديدا في الاجراءات الامنية بالتزامن مع زيارة الاربعينية ووجه الساسة لبعضهم البعض اصابع الاتهام بعدم استيعاب درس والجرأة على القيام بتضحية بطولية في محاولة لاحراج بعضهم بعضا وكل واحد في دخيلة نفسه يرفض الاقدام على اي تنازل عما يعتبره حقا خصته به العناية الالهية والقدر التاريخي، الساسة يسخرون من البطولة والتضحية والايثار واكدوا ذلك في مواقفهم عبر السنوات الماضية.
احتفاؤنا بالبطولة هو ايضا اعتراف بالازمة وللاسف فإن استشهاد شخص أو أكثر في عمل تضحوي بطولي لن يردع تحويل الازمة الى فتنة لأن مثيرو الفتنة أكثر قوة وسطوة وتأثيرا وهم مصممون على ادامة الازمة حتى تتحول الى فتنة ينغمس فيها الابرياء ويحترقون بنيرانها، ولنتذكر ان المواجهة الطائفية التي شهدها العراق حصلت بعد استشهاد عثمان العبيدي خلال انقاذ الزائرين الشيعة بأشهر، يجب ان لا نخدع انفسنا بالاعتماد على الفعل الانساني الفردي العفوي لمواجهة الفتنة التي تدار بدقة وتصميم احترافيين حتى ولو اثنى مثيرو الفتنة على تضحيات الشهداء الافراد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ