الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات لا يمحوها الزمن (ايام في معتقل قصر النهايه) الحلقة الرابعه

عبدالحسن حسين يوسف

2012 / 1 / 17
سيرة ذاتية


عرفت ان دخولي الباب الرئيسي لقصر النهايه كان فجر يوم 23 شباط 1972 فعند دخول (موكبي ) سمعت آذان الفجرمن الجامع القريب للقصر تصورت ان (المستقبلين لي )سيكونوا نيام لاجذب انفاسي ولكني لم اعرف ان شهامتهم العربيه الاصيله ابت عليهم ان ادخل بدون حفلة الاستقبال المعهودة التي سمعت عنها فوجدتهم جاهزين على مدخل القصر فاستقبلوني بالهراوات والايادي والارجل ولم اشعر بعد ذلك الا وانا ممدد في مكان فسيح ملىء بالملابس الممزقه والقاذورات حدست بان هذا المكان هو الذي كان يتكلم عنه الرفاق انه المسرح الذي حوله الجلادون الى مكان للتعذيب فقد رئيت الكرين والكرسي المنكنه والخشبه الطويله وفي وسطها حبل عرفت بانها الفلقه.. ففي هذه اللحضات انتهى بالنسبة لي الزمن فلا اعرف كم الساعه ولا اليوم كنت اتصور اني من اصحاب الكهف الذين تكلمت عنهم الاسطوره الدينيه ولكن ليس لدي النقود لاشتري الخبز كما تقول القصة, صرير فتح الباب اعادني الى رشدي حاولت التمثيل وادعاء الاغماء ولكن جنود (ناظم كزار) لم تنطلي عليهم الحيله فكانت هراواتهم المطاطيه كافية لكشف تصنعي كانو يسحبون معهم شخصا لا اعرفه, ومن نضراته خمنت ايضا انه لا يعرفني, هل تعرف هذا؟ قلت لا ليس بطولة ولكن هي الحقيقه هو ايضا اجاب انه لا يعرفني وكان صادقا قال احد الجلادين عرفت بعد ذلك انه سالم الشكره (هل اقتنعتم يا اولاد ال... اننا نعرفكم اكثر من انفسكم ...هذا الذي جئت لاخذه الى جحر ناو جلكان رجالنا اقرب منك اليه ماذا تريد ان تصير وزير انت جندي نحن نعرف كل ماتقومون به من اعمال وضربنا لكم فقط لتأديبكم يا اولاد ال...) وامر احد الواقفين جنبه آمرا خذوهم خل يولون سحبو رفيقي الى جهة لا اعرفها وسحبنى احدهم كنت لااستطيع المشي فكان يسندني بين لحضة واخرى انعطفنا خلف القصر ودخلنا ممر فيه صف من الابواب المغلقه ففتح احدها, دفعني أحدهم واغلق الباب نضرت حولي في الجزء المتبقي من احد عيوني فوجدت (جودليه) قذرة وصحن المنيوم وملعقه و(مطارية ماء) استطعت الوصول اليها فوجدت فيها ماء استطعت بصعوبه ايصالها الى فمي وشربت دون ان اسئل نفسي كم هي المده التي وجد فيها الماء في هذه المطاريه...شهر ..شهرين ...اكثر ...كان البرد قارسا جدا وليس هناك مكان في جسمي ليس فيه ضربة هراوه او لكمة.. شعرت ان البعث لا يعمل الا بشكل جماعي والدليل انهم والحق يقال قامو بتعذيبي (عمل شعبي) كنت مقتنعا اني سأموت في اية لحظه من الامي الفضيعه والبرد وبعد تجاوزي الازمه شعرت ان الانسان اقوى كائن على الارض فلو تعرض اي كائن اخر لمثل ما تعرضت له لما بقي على قيد الحياة ولكن ربما حب الانسان للحياة يجعل له طاقة مخزونه يستعملها عند الحاجه..شعرت ان الليل قد بدء لان الظلام يزداد في الغرفه سمعت الباب يفتح اعتقدت ان الحفله المسائيه معي قد بدئت ولكن هذه المر ة لم تكن (غراب) بل (سمسم) فألقى احدهم علي بطانيه واخذ الصحن القريب مني ليضع فيه مغرفة مرق عرفت انه حار من خلال البخار المنبعث منه مع صمونه واغلق الباب دون ان يتفوه بكلمه عرفت بعد ذلك انه معتقل ايضا ويعمل مراقب ويخدم الجلادين ويوزع الاكل على المعتقلين اسمه (حجاب) وهو عريف شرطه من اهالي القائم وتهمته قومي من الحزب الاشتراكي العربي الذى كان يقوده رشيد محسن مدير الامن العام في زمن عبد الرحمن عارف
والذي استطاع الهروب ومعه إعترافات صدام حسين اثناء اعتقاله فكان الضحيه المسكين حجاب الذي كان سائق عند رشيد محسن. لا اعتقد ان الليل طويل الى هذا الحد رغم ان البطانيه اضافت لي شىء من الدفء في الصباح فتح الباب نفس الشخص السابق (حجاب) والقى مرق البارحه الذي بقي في مكانه ليضع بدله شوربه. هذه المره وجه لي تعليمات مختصرة قائلا عليك من الان ان تنسى اسمك واسمك من الان هورقم (42) لانه رقم غرفتك فعند ذهابك الى المرافق الصحيه فعندما يطلب من رقم 42 الخروج فعليك ان تخرج حالا سوا اكملت حاجتك ام لا والا سيخرجوك بالف صونده وصوندة وعندما يسئلك اي شخص من مسؤولي القواطع عن اسمك قل اسمي 42 فقط قاطع أليف. بقيت في هذه الغرفه خمس وثلاثين يوما لاني اضع خطا عن كل يوما ينتهى في حائط الغرفه وقلمي هو طرف ملعقتي بدأت اقرء اسماء من سبقني في هذه الغرفه احدهم صاحب فضل علي فلم انسى اسمه هو صاحب الجودليه الذي عرفت ان الجلادين اعدموه هو الاستاذ (عبد العزيز بركات) رئيس تحرير صحيفة المنارالتي كانت تصدر في زمن عبد الرحمن عارف وقد عاودت الصدور بعد سقوط النظام الصدامي وهي تحمل اسم مؤسسها عبد العزيز بركات لان اسمه كان مكتوب عليها..بدأت جروحي تندمل وعند خروجي الى المرافق الصحيه اختلس النضر فاشاهد بعض من اعرفهم ومنهم استادي ورفيقي واقاربي علوان جبر حبيب الذي اعترفت عليه منظمة الناصريه للحزب لانه كان هو الذي استطاع ربط المنضمه بالحزب بعد انقطاع طويل منذ زمن عزيز الحاج (هذه القضيه يطول شرحها اتمنى من احد اعضاء المنضمه الاحياء ان يشرح الملابسات لكل تنظيم الناصريه للحزب وهو بالتاكيد افضل مني)... في احد الليالي فتح علي احد الجلادين الباب وطلب مني لملمة اغراضي وتم نقلي الى غرفة اخرى وكان رقمها هذه المرة هي 17 قاطع أليف وكان فيها شخص آخر هو الدكتور خلف صوفي الدليمي وهو دكتوراه في كيمياء الاغذيه واستاذ في كلية زراعة بغداد وتهمته المشاركه في انقلاب قومي مع ضباط قوميين منهم هادي خماس الظابط الذي اذاع بيان الانقلابيين الاول في 8شباط 1963 تحياتي لكم والى حلقة اخرى من ذكرياتي المؤلمه في هذا المكان اللعين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحيه لك ايها المناضل
فؤاده ( 2012 / 1 / 17 - 21:07 )
لا يسعني الكلام ولا اعرف ما اقوله سوى اننا العراقيين تحملنا ما لا يحتمله بشر وعلينا ان نحول هذه الآلام الى شيء جيد وان نستخلص الايجابيات من تجاربنا المريره ولا محاله باننا سنخرج اقوى من الاول
اكرر التحيه


2 - تحية للرفيق العزيز عبد الحسن حسين يوسف
صباح البدران ( 2012 / 1 / 18 - 00:44 )
شكرا ايها الرفيق لكتابة ونشر يومياتك عن قصر النهاية الذي يسعى حكام العراق الجدد لطمس ذكراه الاليمة سعيا لتغييب وشطب تاريخ طويل ابقى فيه الشيوعيون شعلة النضال لاسقاط الفاشية متوقدة عاليا ودون ان يكونوا اتباعا خاضعين للدول العظمى او ما تدعى بدول الجوار


3 - مرحلة مظلمة
عبد الغني سلامه ( 2012 / 1 / 18 - 07:04 )
الأخ عبد الحسن
كل الشكر لك على سرد هذه الذكريات المؤلمة والتي نتمنى أن لا تعود وإن كان هناك عمليا ما هو ما هو أسوأ منها في ظل حكم العراق الجديد
الدكتور خلف صوفي الدليمي هو فعلا أستاذ الكيمياء في كلية الزراعة أبو غريب التي تخرجت منها عام 1989 وكتابه في كيمياء الأغذية ما زال عندي أرجع له كلما اقتضت الحاجة
برجاء ذكر أية معلومات عن هذا الدكتور الرائع هل ما زال حيا أم ماذا؟
تحياتي لك وشكرا مرة ثانية
وتحياتي لشعب العراق العظيم


4 - شكرايا استاذتي فؤاده
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 18 - 14:47 )
الاستاذه الفاضله فؤاده العراقيه ثقي ان متابعاتك الدائمه لما اكتب هي احد الدوافع الاساسيه لاستمراري في الكتابه تحياتي وشكري وتقديري لك


5 - تحياتي يا رفيقي صباح
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 18 - 14:56 )
رفبقي صباح البدران اشكرك على مرورك الكريم على ما اكتب واتمنى من الرفاق الذين على قيد الحياة الذين عاشو ا فترة اطول منى في هذا المعتقل وتعرضوا للاذى اكثر ان يكتبو عن هذا المسلخ البشري لتكون الصورة واضحه اكثر تحياتى يا رفيقي العزيز


6 - لا يستطيع الفاشست قتل الحقيقة
علي عباس خفيف ( 2012 / 1 / 18 - 15:00 )
لتعلم أيها الرفيق العزيزأن هذه الذكريات تعيد، مع ألمها ومرارتها ، إلى النفس قبس النور الذي اضاء أرواحنا . لم تستطع كل ذلك الظلام وما تلاه أن يمحو ألق روحك ونبلك . سلم يراعك وأنت تعيد للحياة ما يكاد النسيان ان يقتله ، خصوصاً وأن اجيالاً كاملة لا تدري ما ذا يعني قصر النهاية ، وما هي الأساليب التي اتبعها الفاشست في محاولة قتل الانسانية وأمل الانسان في العدالة والمساواة والاشتراكية. سلمت أيها الرفيق ....


7 - تحياتي استاذ عبد الغني
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 18 - 15:12 )
الاستاذ عبد الغني سلامه المحترم اشكرك على تعقيبك الكريم اما عن الدكتور خلف صوفى الدليمى فقبل اشهر قليله قرئت في النت مذكره مرفوعه الى الحكومه في موضوع معين كان الدكتور خلف احد الموقعين عليها اتمنى له الصحه تحياتي لك يا استاذي العزيز


8 - شكرا رفيقي علي عباس
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 18 - 19:42 )
عزيزي علي عباس خفيف رفيقي المحترم اشكرك على تعقيبك الجميل وثق ان هدفي من كتابة هذه الذكريات هو كما اراد حضرتك وهوليعرف الجيل الحالي كم عانى الشيوعيين من المآسي في ضل البعث حتى لا يخدعوا مرة اخرى بان التيار القوموي يمكنه ان يكون وطنبا ويقدم خدمة للشعب تحياتي يا رفيقي المحترم


9 - يا كومونيو العالم اتحدوا
فؤاد محمد ( 2012 / 1 / 18 - 20:39 )
الرفيق المناضل تحيه
شكراعلى جهودكم في كتابة هذه البطولات وصمود الشيوعيين الابطال
اتمنى ان تستمر في تصوير هذه الفتره المظلمه من حكم الفاشست
ترى لماذا ذهبت سدى كل هذه البطولات وتشرذم وتشظى الشيوعيين في الافاق
اعانقكم


10 - ان الشيوعيه ملح الارضي يارفيقي فؤاد
عبد الحسن حسين يوسف ( 2012 / 1 / 19 - 09:02 )
عزيزي الرفيق فؤاد اشكرك على تعقيبك وملاحضاتك الجميله واود ان اقول لك ان دماء رفاقنا وتضحياتهم لم تذهب سدى والدليل حجم التامر الذي تتعرض له الشيوعيه الان ان الشيوعيين ملح الارض كما قال الشهيد ابو كاطع ولن تتخلى الارض عن ملخها يا رفيقي العزيز

اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات