الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو تحالف اوسع واشمل للتيار الدمقراطي

فاضل عباس البدراوي

2012 / 1 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


سعى الديمقراطيون العراقيون منذ سقوط النظام الدكتاتوري البعثي ، للملمة صفوفهم وجمع شملهم وتوحيد خطابهم السياسي، لمواجهة تيار الاسلام السياسي، وبعض القوى التي تدعي الليبرالية والعلمانية وهي في حقيقتها ابعد من ذلك، تلك القوى التي اجتاحت الساحة العراقية مستفيدة من تركات النظام المقبور وسياساته الشوفينية والطائفية اضافة الى قمعه وسحقه للقوى الديمقراطية، فكانت التجربة الاولى هو اللقاء الديمقراطي الذي جمع بعض الاحزاب الديمقراطية (الحزب الشيوعي العراقي، الحزب الوطني الديمقراطي، الحركة الاشتراكية العربية، وتجمع الديمقراطيين المستقلين بزعامة عدنان الباجه جي ومهدي الحافظ)، الا ان تلك التجربة باءت بالفشل، عندما خاضت كل جهة منها الانتخابات الاولى التي جرت بداية عام 2005 بصورة منفردة، وقد خسرت جميعها المعركة الانتخابية عدا مقعدين يتيمين حصل عليهما الحزب الشيوعي. كان من المفترض ان تكون تلك التجربة القاسية حافزا لاعادة توحيد الصف الديمقراطي، واعادة النظر بخطابه السياسي بما يتناسب مع متطلبات المرحلة والتركيز على المطالب الاساسية للجماهير الشعبية، واستقطاب جهات وشخصيات اخرى الى صفوفها، الا ان ذلك لم يحدث مع الاسف، وقد انفرط عقد ذلك اللقاء ، ثم جاءت التجربة اليتيمة الثانية عندما خاضت بعض القوى الديمقراطية انتخابات مجالس المحافظات في بعض المحافظات وليس في جميعها (الحزب الشيوعي والوطني الديمقراطي والحركة الاشتراكية العربية وبعض الديمقراطيين المستقلين) والتي جرت اوائل عام 2009 تحت عنوان (مدنيون) وشابت تلك التجربة ايضا ثغرات ونواقص كثيرة سبق وان تناولناها بعد الخسارة القاسية التي لحقت بقائمة (مدنيون).
منذ اكثر من عام بدأ تحرك جديد للقوى والشخصيات الديمقراطية لتشكيل تحالف جديد استعدادا لخوض الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات ومجالس الاقضية والنواحي والتهيؤ للانتخابات البرلمانية المقبلة. عقدت عدة مؤتمرات في المحافظات العراقية، وكذلك في عدد من مناطق بغداد، تمخضت عنها انتخاب عدد من لجان التنسيق يمثلون تلك المحافظات والمناطق استعدادا لعقد المؤتمر العام للتيار.
تم بالفعل عقد المؤتمر العام لشخصيات وقوى التيار الديمقراطي في 22 تشرين الاول الماضي وحضره ممثلو الاحزاب والشخصيات المنضوية تحت التيار وانبثق عنه لجنة عليا ومكتب تنفيذي وعدد من اللجان الاختصاصية الاخرى.
انطلاقا من واجبي كديمقراطي عراقي حريص جدا على نجاح هذه التجربة وان لا يصيبها الاخفاق كسابقاتها،اود من باب الحرص ليس الا، ان ابدي بعض الملاحظات ارجو ان يتسع صدر الاخوة الديمقراطيين لها كوننا ان كنا ديمقراطيين حقيقيين، يجب علينا تقبل النقد البناء واحترام الرأي الاخر.و سوف اوجز ملاحظاتي هذه على النقاط التالية:
1- لم يحدد المؤتمر بشكل واضح هويته، هل هو تحالف انتخابي، ام هو جبهه ذات اهداف استراتيجية بعيدة المدى، فاذا كانت كذلك لماذا الاحتفاظ بتسمية (مؤتمر) ولم يسم جبهة القوى والشخصيات الديمقراطية او اية تسمية مناسبة اخرى؟
2- كان يغلب على تشكيلة المؤتمر والشخصيات التي حضرتها، الطابع النخبوي (حيث كان معظم الحضور من الشخصيات الاكاديمية والثقافية والادبية وبعض من رجال الاعمال والمهنيين) لاشك ان لمعظم تلك الشخصيات تاريخ وطني عريق وهم من الديمقراطيين الحقيقيين، ولكن لا اعتقد ان احدا سيختلف معي انهم بدون قاعدة جماهيرية حقيقية او ربما قاعدتهم تنحصر في بعض من مجالات اختاصصاتهم وهي محدودة جدا.
3- تم دعوة عدد غير قليل من المدعوين عن طريق الاتصال الهاتفي قبل عقد المؤتمر بفترة قصيرة جدا ( كنت من ضمن المدعوين بهذه الطريقة ولم احضر المؤتمر للاسباب التي ذكرتها والتي سوف اذكرها) ، فلم يجر اي اجتماع تداولي لطرح جدول اعمال المؤتمر ومناقشة اختيار المدعوين من تلك الجهات وممثليها في الهيئات واللجان المتفرعة عنها، واعتقد ان كل ديمقراطي يشاطرني الرأي بأن تلك الالية بعيدة كل البعد عن الية العمل الديمقراطي.
4- غاب عن المؤتمر ممثلو الجماهير الشعبية الفقيرة والمسحوقة ، صاحبة المصلحة الرئيسية في التغيير الديمقراطي والطامحة نحو حياة افضل وتخليصها من حالة البؤس التي جلبتها لها الاحزاب المتنفذة الحاكمة، ونظرة فاحصة عن اسماء السيدات والسادة اعضاء اللجنة العليا والمكتب التنفيذي ولجان الاختصاص نرى تغييبا حقيقيا لممثلي تلك الجماهير وللمناطق التي جرت فيها المؤتمرات التي سبقت عقد المؤتمر العام.
5- جاء تمثيل المرأة بائسا جدا حيث لم يتجاوز ممثلات النساء الدمقراطيات العراقيات على اقل من 10% بالمئة من الحاضرين (هذا ما نقله الي بعض الذين حضروا المؤتمر) بينما كان الديمقراطيون العراقيون منذ عقود طويلة من السنين اكثر القوى دفاعا عن حقوق المرأة العراقية ، حينما كانت القوى الرجعية والاحزاب الدينية تحاول تحجيم دور المرأة في الحياة العامة، كما ان اختيار سيدة شابة اكاديمية فاضلة لتمثيل المرأة في المكتب التنفغيذي لم تتم ايضا بالية ديمقراطية بل تم بطريقة التعيين، كان من الافضل عقد مؤتمر موسع للنساء الديمقراطيات قبل المؤتمر العام ينتخبن ممثلاتهن الى المؤتمر والهيئات واللجان المتفرعة عنه، على ان لا تقل تمثيل المرأة عن 25% بالمئة من نسبة المؤتمرين، وهذا لم يحدث ايضا، كما ان تمثيل الشباب تم بنفس طريقة تمثيل المرأة وبآلية تعيين شاب واحد من النشطاء في الحركة الاحتجاجية، ولم يمثل الطلبة احد في الهيئات واللجان المنبثقة عن المؤتمر وهم يمثلون الشريحة الجماهيرية الواسعة وجيل المستقبل بعد مغادرتنا نحن الشيوخ الحياة، لا ادري على وفق اية الية تمت تلك الاجراءات غير الديمقراطية؟
6- كان من المستغرب جدا عندما شاهدت مع الاف المشاهدين الندوة التي نظمتها قناة الحرة عراق فبل اسابيع في برنامج (بالعراقي) للتيار الديمقراطي حيث تحدث ممثل الحزب الشيوعي العراقي في المكتب التنفيذي للتيار، عندما جاء في معرض كلامه عن طبيعة التيار، اذ انه حددها باكثر من مرة بأن التيار يمثل الطبقة الوسطى وقيادته من النخب الوطنية الذين يمثلون تلك الطبقة وجاء ذلك على لسانه اكثر من مرة، وفي اكثر من فضائية. اذا كان الامر كذلك فكان يجب تمثيل بعض الحركات والاحزاب التي تدعي انها تمثل الجماهير الكادحة، رغم محدودية قاعدتها الحزبية نسبة الى القاعدة الحزبية الاكثر اتساعا للحزب الشيوعي العراقي، ثم اين الطبقة الوسطى الوسطى؟ حتى يكون هذا التحالف ممثلا لها؟ لقد سحق النظام البعثي الفاشي تلك الطبقة وبعد التغيير، لم تنهض تلك الطبقة بسبب الفوضى السياسية والاقتصادية التي سادت الحياة العامة في العراق وكان للاحتلال الامريكي دور بارزفي تحجيمها، اما اذا كان المقصود هو شريحة المثقفين والمهنيين، فأتساءل كم يشكل هؤلاء من عدد نسبة الناخبين، وهل ان هؤلاء جميعا محسوبون على التيار الديموقراطي؟ الواقع على الارض يقول عكس ذلك حيث ان عددا كبيرا من هؤلاء المثقفين ورجال الاعمال مشغولون باعمالهم الشخصية عازفون عن السياسة، وقسم اخر منهم محسوبون على القوى المتنفذة، والقليل منهم ديمقراطيون حقيقيون.
ان كنا نريد فعلا استنهاضا حقيقيا وفعالا للقوى الديمقراطية وتهيئة الاجواء لخوض الانتخابات المقبلة، على السادة القائمين على التيار ان يتداركوا بسرعة النواقص والهفوات التي رافقت تشكيل هذا التحالف، عن طريق الانفتاح الحقيقي على كل القوى الديمقراطية والليبرالية والعلمانية واليسارية صغيرها وكبيرها كذلك الانفتاح بصورة اوسع على الجماهير المستقلة، الكادحة والمسحوقة منها على الاخص لا لترك هؤلاء فريسة لاحزاب التيارات الدينية والشوفينية وايتام النظام المباد الذين تغلغلوا في الاحزاب العاملة على الساحة السياسية، ومنها مع الاسف التيار الديمقراطي، الواجب كنسها وتنظيف التيار منها.
7- هناك متسع من الوقت للتهيئة لعقد مؤتمر، لتحالف ديمقراطي اوسع واشمل بدون وضع خطوط حمراء على اية جهة. بشرط ان تتوفر فيها الصدقية في تبنيها للمنهج الديمقراطي، واعطاء دور اكبرللفئات المهمشة وللمرأة وللشباب في هذه التيار، وأؤكد على الاليات الديمقراطية في تمثيل جميع المشاركين فيها على قدم المساواة.
8- واخيرا لا اجد ضرورة لتشكيل تلك اللجان الاختصاصية الكثيرة في الوقت الحالي، لان لاعمل حقيقي لها، فالتيار ليس له موطيء قدم في السلطتين التنفيذية والتشريعية، حتى يشكل لجانا متخصصة لتنفيذ برنامجه، والاحرى ان تكون اللجنة الاعلامية هي اللجنة المهمة والرئيسية المنبثقة عن التحالف، لان المعركة الاساسية التي سيخوضها التيار لكسب الجماهير، هو عن طريق المنبر الاعلامي والاهتمام به اكثر من اية لجان هامشية اخرى واشغال مناضلي التيار بها، ويجب انتخاب اسماء اعلامية معروفة على النطاق الجماهيري وهم ليسوا بقليل على ان يتوجه التيار اليهم وكسبهم وشحذ هممهم وزجهم في اطار التيار الديمقراطي، واستغلال صفحات ثابتة من صحف احزاب التيار والصحف المتعاطفة معه لنشر نشاطات وبرامج التيار واصدار صحيفة ان امكن لتنطق باسم التيار، ومهم جدا محاولة الاتفاق مع بعض الفضائيات عن طريق المشاركة في نشر مبادئ التيار الديمقراطي في الندوات والحوارت لتهيئة اذهان المواطنين لتقبل برنامج التيار والتصويت له، واستثمار ما جلبتها القوى المتنفذة بصراعاتها المستديمة على المراكز والمغانم، ذلك بتبصير الجماهير بان اختيارهم كان خاطئا وعليهم تلمس الطريق الحقيقي للخلاص من وضعهم المزري ، عبر انتخاب الشخصيات االوطنية الحاملة للهوية العراقية واصحاب الكفاءة والمشهود لهم بالنزاهة، وفضح اولئك الذين اوصلوا البلاد الى حافة الهاوية، على ان يكون اختيار المتحدث باسم التيار في تلك المناظرات ، من الشخصيات المتمكنة وله اطلاع واسع بتاريخ العراق السياسي، ويكون ذرب اللسان لابراز تفوقه على الاخرين من خلال تلك المناظرات وجلب انتباه المشاهدين الى ما يقوله، وان لا تتكرر نفس الاسماء، حيث ان الوسط الديمقراطي زاخر بالشخصيات المثقفة والمتمكنة من اقناع الاخرين بصواب طروحات التيار الديمقراطي وانه المعبر الحقيقي عن تطلعات الجماهير الشعبية، لان ايصال رسائل التيار الى اوسع جماهير الشعب هو الاعلام المرئي والمسموع والمقروء اكثر بكثير من لجان متعددة، كما يجب التركيز على اللجان الشبايبة والنسوية، اما بقية اللجان فلا ضرورة لها على ما اعتقد في الظرف الراهن.
هذه الملاحظات التي اردت ايصالها الى الاخوة في التيار الديمقراطي عسى ان اكون قد اسهمت بطروحات متواضعة لاغناء التنيار الديمقراطي ببعض من الملاحظات التي اقتنع بانها تصب لصالح عمل التيار الديمقراطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التيار الديمقراطي
خالد عبيد جبر ( 2012 / 1 / 18 - 21:08 )
عزيزي الاستاذ فاضل لمحترم...
موضوعكم عن التيار الديمقراطي في هذه الضروف التي يمر بها البلد يعتبر من المواضيع المهمه حاليا من خلال ما يسود العمليه السياسيه من تشويبات عديده(محاصصه طائفيه&غلبه اهويه الفرعيه).رجالها هم الفاعلون في عدم ترتيب الوضع السليم ...ملاحظاتك جيده كان من الافضل بك ان تحضر هذا المؤتمر بغض النظر عن الوسيله التي وصلت اليك .
برأيي ان تجري وحده لليسار العراقي وكفانا التشتت والتشرذم خدمه للشعب والوطن .
ان المؤتمر الذي عقد هو تحالف انتخابي من خلال البرنامج الذي طرح في المؤتمر والدعوه مفتوحه لكل التنظيمات والشخصيات في المساهمه والمشاركه في انبثاق وتعزيز واعطاء دور للتيار الديمقراطي في المرحله القادمه وهو تيار معول عليه في المستقبل ....مع تمنياتي


2 - التيار الديمقراطي
جواد الديوان ( 2012 / 1 / 19 - 10:00 )
ملاحظات قيمة وفي مكانها، الا انه يا سيدي لا يوجد عمل متكامل فاهفوات والاخطاء واردة. الا انه لا توجد نية حقيقة لتقديم تيار ديمقراطي، ولا يوجد ملاك على الارض. ومتى نقدر في العراق الكفاءات، ومراجعتك التاريخية في مقالاتك السابقة يؤكد ذلك. تقبلوا تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟