الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحديات التي تواجهة العراق

سعد كاظم

2012 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


التحديات التي تواجهه العراق

في نهاية 2011 غادر اخر جندي امريكي العراق , وبالتاكيد ان العراق الذي غادرته الولايات المتحدة يختلف كثيرا عن العراق قبل عام 2003 ، حيث لاول مرةمنذ 1957 اصبح لدية دستور دائم اقــّره في عام 2005 اكثر من 11 مليون عراقي ، و على اساسه تشكلـت لاول مرة برلمان و حكومات منتخبه .
ولكن كلنا ايضا يعرف ان عراق اليوم يختلف عن عراق ماقبل 2003 وكل الدلائل تشير ان محاولة الولايات المتحدة لبناء نظام ديمقراطي كانت مغامرة انتهت بنهاية سائبة غير محكمة, وحربها على الارهاب لم يكن الا غطاء لتكون بالقرب من مصادر النفط والطاقة ، وبسياستها الغير حكيمة تعمق الصراع الطائفي والعرقي لياخذ مساحة اكبر مما كانت علية قبل 2003 .

السؤال الذي يطرح : ماهي التحديات التي تواجه عراق ما بعد 2011 ، وماذا نعمل لتصحيح مسار العملية السياسية والديمقراطية في العراق؟

التحدي الاول :
منذ احتلال العراق في 2003 ، اصبح العراق التحدي الاول للولايات المتحدة في صراعها المباشر مع ايران من خلال المواجهة المباشرة مع الميشليات المدعومة جمهورية ايران الاسلامية والرجعيات العربية وهذا الصراع أخرج الولايات المتحدة الامريكية مهزومة ، حيث لم تستطع القضاء على المليشيات الشيعية ، ولكنها اضعفت المليشيات السنية وتنظيـم القاعدة ، وهذا ماكان ليتم الا بمساعدة المليشيات الشيعية وايران ، حيث ان هناك مصلحة مشتركة للحد من القاعدة وايضا للحد من القوى المتطرفة السنية والسلفية والمدعومة الى حد ما من قبل دول الخليج العربي، وبالتالي اعتقد ان ايران قد ربحت هذة الجولة وتركت العراق وشعبة ليواجة مصير جديد ضمن اصطفافات مختلفه تماما عما كان عليه عند احتلال العراق2003 ، رافقها اختلاف حاد في الخارطة السياسية العراقية والعربية .

التحدي الثاني:
منذ سقوط النظام برز الاسلام السياسي كقوه فاعله في العراق بالارتباط مع فشل المشروع القومي والوحدوي وايضا تعثر اليسار العراقي والعربي بشكل عام ، فالعراق اليوم تقوده قوى الاسلام السياسي الشيعي ( للعلم ان الشيعة هم الاكثر فقرا والاكثر تضررا من حكم الاسلام السياسي القائم الان على اساس المحاصصة الطائفية ) والمدعوم من قبل ايران ، هذا الدعم والتخندق الطائفي لقوى الاسلام السياسي (الشيعية) الحاكمة في العراق يواجه مقاومة شديدة من قبل دول الخليج وبالاخص العربية السعودية الطرف الاخر للتخندق الطائفي ( السني السلفي) , رغـم ان العربية السعودية لم تبدي معارضة شديدة لقيام جمهورية ايران الاسلامية عـــام 1979 ، ولم تعارض نظام الحكم الطائفي فيها ، فقد تعايشت مع الحكم الجديد. ولكنها تعارض وبشراسة امتداته ( الشيعي) لدول مجاورة مثل العراق ، و تعي دول الخليج ان تشكـّـل مثل هذه القوة (الاسلام السياسي الشيعي) من قبل ايران والعراق وامتداداتها الجغرافية الى سوريا ولبنان معتمدة على قوتها الاقتصادية الممثل بالخزين النفطي الهائل ، سيضعف من دور العربية السعودية و دول الخليج ، وتعي تماما ان العراق هذا سيكون مصدر قلق دائم لدول الخليج على المدى البعيد ، لاسيمـا ان مصادر النفط في منطقة الخليج العربي والسعودية خاصة يقع في مناطق تقطنها اغلبية شيعية قد تتاثر بحركة التخندق الطائفي التي تعصف بالمنطقة العربية ،و لا توجد حصانة لدول الخليج والسعودية من التغيرات الحاصلة في المنطقة العربية ، ونتائجها المتمثلة بسقوط دكتاتوريات معروفة من خلال الانتفاضات الشعبية التي سميت بالربيع العربي، جعلها تتحسس اكثر من التغيرات الحاصلة في العراق.

التحدي الثالث :
بروز تركيا تحت حكم اردوغان كقوة سياسية و اقتصادية ، لها مصالحها التي ترعاها ، خاصة بعد عام 2003 وسقوط نظام صدام حسين ، اذ دخل العراق ضمن توجهاتها ، والكل يتذكر ان تركيا وقفت بالضد من الحرب ولم تسمح للولايات المتحدة باستخدام (قاعدة انرجك) وامتناعها من دعم التحالف الدولي لاسقاط نظام صدام الدكتاتوري ، حيث كان النظام البائد يعمل لها كشرطي حراسة ، وقد منح الدكتاتور الكثير من التسهيلات لتركيا لملاحقة حزب العمال الكردستاني ، وبسقوط النظام الدكتاتوري 2003 فقدت تركيا كل هذة المميزات.
كل هذا جعلها تعيد حساباتها وترتيب اوراقها على ضوء المتغيرات الجديدة ، وهذا سـّر دعمها في تشكيل تكتل القوى الطائفية ( السنية) في مواجهة تعاظم المد( الشيعي) و للحد من الاطماع الايرانية في دعمهم الاحزاب السياسية الشيعية , وعند اشتداد التخندق الطائفي لا تجد حرجا بالادلاء بدلوها والتدخل في الشائن العراقي .
كما انها تعمل جاهدة لمسك العصا من الوسط تجاة الطموحات الكردية ، فهي لا تفرط باستثماراتها وتجارتها مع كردستان ، والعراق بشكل عام ، لكنها تلوح بالعصا الغليضة تجاة التوجهات الانفصالية للاكراد ، ولا تتورع فـي ارسال طائراتها لضرب القوى الكردية التركية المتواجدة في الاراضي العراقية ولا تتردد حتى من احتلال جزء من اقليم كردستان للحد من سقف التوجهات الكردية ، وبهذا التوجهة تجد الدعم من امريكا والعربية السعودية ودول الخليج.

التحدي الرابع :
ان الوضع في المنطقة الكردية قد يبدو مستقرا ولكنه يحمل مقومات الانفجار باي لحظة فلم تسلم كردستان من التاثر بالتخندق الطائفي الذي يعصف بالعراق وتحاول القوى السياسية الكردية الابتعاد جهد الامكان من الصراع الطائفي الدائر في المركز, في ظل هذة الاوضاع تبدو كردستان واحة سلام في العراق المضطرب .
كانت منطقة كردستان والحركة الديمقراطية الكردية ولعهود خلت ، مصدر قلق دائم للحكومات العراقية المتتالية ، لم يكن طموح الاكراد اكثر من الحكم الذاتي وقد ناضل الكرد مع القوى الديمقراطية و لعهود طويلة من اجل تحقيق شعار الديمقراطية للعراق والحكم الذاتئ لكردستان , ولكن جميع الحكومات المتعاقبة بما فيها الحكومات التي شكلت بعد 2003 ، لم تمتلك القناعة ولا الشجاعة في حل المسألة الكردية حلا ديمقراطيا يمنح الاكراد الحكم الذاتي الفدرالي وفقا لدستور العراقي الذي تم اقرارة في 2005.
ان الاحدات السياسية المتسارعة في العراق المنطقة وعدم حكمّـة الساسة العراقيين قد تدفع الكرد لرفع من سقف مطالبهم وبتشجيع من قوى قومية متطرفة في كلا الحزبين بفرض سياسة الامر الواقع والعمل على ضم اراضي أخرى( المناطق المتنازع عليها ) من دون تفويض من البرلمان والحكومة العراقية او الاكتفاء بتفوض من برلمان الاقليم.
لقد تمتعت المنطقة الكردية بالحماية الدولية منذ 1991 ، جعلها منطقة متميزة عن العراق الذي يشهد عدم استقرار الوضع الامني والسياسي، فمن الناحية السياسية ، هناك حكم ذاتي فدرالي شبة مستقر ، وهناك تماسك سياسي لتكتلهم منحهم الافضلية في تشكيل شكل الحكومة في المركز ، ( احد النقاط التي قدمها الكرد ابان حل أزمة تشكيل الحكومة هو اعتبار الحكومة ساقطة في حالة انسحاب الكرد منها ). كل هذا جعل المناطق الكردية تتصرف باستقلالية في رسم سياستها الداخلية والخارجية بعيدة عن الحكومة المركزية وتتصرف كانها دولة ( دولة لجوء) , فليس غريبا ان يلجا الهاشمي اليها ( وهو السني المعارض لنزعة الانفصال ), كما ان الحكومات الطائفية المتعاقبة في بغداد تعرف هذا وتتقبلة على مضض لحين توفر الفرصة لمواجهـة حكومة اقليم كردستان . وربما لا تنسى القوى الاسلامية و المالكي كيف اصر الاكراد على تنحية الجعفري من رئاسة الوزراء على خلفية زيارته الغامضة لتركيا ، وكان هذا سببا لصعود نوري المالكي انذاك ، ,كما أن حكومة الاقليم تستفيد الى حد ما من الصراع الطائفي القائم ، وتتصرف كحكومة تنئ بنفسها من المشاكل الطائفية ان حصلت ( صرح مسعود البرزاني بانة الكرد لن يكون طرفا في الصراع الطائفي الشيعي السني ان حدث) وقد يكون هذا تصريح سياسيا ولكن عمليا غير دقيق ، فعند حصول الحرب الاهلية لا يمكن لكردستان ان تنئ بنفسها ، وعندها يدرك الجميع متاخرا ماذا سيحل بالوطن.

التحدي الاخير والأعظم :
ان الاجواء في العراق بعد انسحاب الاحتلال الامريكي تفوح منها رائحة الطائفية ستجعل البلد يعيش صراعا اقليميا مستداما، يجعل من الصعب عليه ان ينال استقراره السياسي والأمني بسهوله , وتنذر بدكتاتورية طائفية لها آثار مدمرة و بالانفجار في اي لحظة بالارتباط مع التطورات السياسية بالداخل وفي المنطقة العربية وسوريا خاصة، وان سقوط النظام السوري سيعجل ببروز هذا الصراع لسطح باكثر عنفا وشدة ، وكل الدلائل تشير الى صعود القوى السلفية المحافظة والمدعومة من قبل السعودية وقطر ودول الخليج العربي الاخرى ، وقد تكون بدعم و مباركة امريكية كبادرة صلح بين الادارة الامريكية والقاعدة بعد مقتل زعيمها ابن لادن, حيث شاهدنا مباركة الاتحاد اوربي وامريكا صعود القوى الدينية والسلفية في كل من تونس وليبيا ومصر ولاحقا سوريا ، بعد ان سرقت القوى السلفية والمال السعودي والقطري والخليجي وماكنة الاعلام الهائلة لقناة الجزيرة والعربية ، الثورات العربية التي قامت بها قوى علمانية لم تتمكن من المواصلة لتقطف ثمار جهدها بسبب تشرذم القوى اليسارية واليبرالية وقلة الدعم المتاح لها.


ضمن هذة التحديات والواقع في المنطقة العربية ، فان العراق يبدو قد حسم اختياره ، او لنكون ادق ، فان قوى الطائفية الحاكمة قد حسمت خيارها وقررت الانحياز الى ايران ودعم طائفة معينة . فدعم العراق لسورية ومساعدتها لقيادة الحكم البعثي ، وتغاضي الحكومة العراقية عن جرائم النظام البعثي في سوريا بحق شعبة وبحق الشعب العراقي ، وابتعادها عن دعم القوى الديمقراطية صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة ، وهذا ما شاهدناه حين نئى العراق بنفسة عن كل الثورات العربية ودافع بشراسة عن الحكم البعثي السوري كلها دلالات لحسم خيارات الحكومة العراقية برئاسة المالكي.
لكي يستقيم الوضع في العراق ، على الحكومة العراقية العمل بتعميق النهج الديمقراطي ، وتحصين الجبهة الداخلية بانتهاج سياسه ديمقراطية ، ونبذ الخطاب الطائفي والالتزام بالدستور . ان العراق الحالي بوضع قلق ، وان الامور تتجهه ليس بما تشتهي القوى الحاكمة في العراق، فالعراق يعاني من مشاكل وتحديات كبيرة تم الاشارة لها ، وايضا هناك تحديات داخلية اخرى ، حيث ارتفاع نسبة البطالة واعتماد العراقيين بشكل مفرط في معيشتهم على الحكومة ( البطاقة التموينية) واعتماد الحكومة على النفط كمصدر اساسي وحيد في تمشية امورها اليومية (الميزانية التشغيلية) وعدم تشجيعها القطاع الخاص وغياب التشريعات الداعمة له , ولا ننسى ما يعاني العراق من شحة المياة والكهرباء و دورها الكبير في دعم الانتاج الزراعي ولا اريد ان اتعمق لاننا نعرف ما للطاقة والكهرباء من دور كبير وحيوي في الزراعة والصناعة والحياة الاجتماعية عامة وان الصيف القادم سوف يشهد الكثير من الازمات التي تواجهة الحكومة

وباعتقادي ان الحكومة تستعد لحسم مشاكلها الداخلية بالمزيد من لقوة وافتعال الازمات والمشاكل مع الفرقاء السياسيين , وربما تلجأ الى تصفية خصومها السياسين او اسقاطهم سياسيا ، ان هذا السلوك سيجعل حكومة التي اقيمت على التوافق الهش في مواجهه وزمات متكرره مع الكتل السياسية و في مواجهة امام ناخبيها وامام الشعب العراقي ذو الاغلبية الشيعية متضررة تعاني من مشاكل وتحديات كبيرة ، كما ان تغاضي الحكومة عن عمليات الفساد وسرقة المال العام يجعلها مشاركه به ويضعها في وادي والشعب العراقي وفي وادي اخر.


سعد كاظم
أمريكا- ميشغان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة