الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام عن القرية السورية والمؤامرة

بدرالدين حسن قربي

2012 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


نشرت جريدة الدستور الأردنية والقدس العربي اللندنية 15 كانون الثاني /يناير 2012 مقالاً عن القرية السورية للشاعر العراقي المعروف ســعدي يوســـف، مفاده حسبما حدثته سيدةٌ لاتعرفه، التقاها في مقهى أوروبي عن إنشاء قرية سورية في أحد الدول الأوروبية هدفها تدريب جنود متوحشين متعطشين للدم على كل ماهو سوري تمهيداً لغزو سوريا وهدم قراها على رؤوس أهلها الآمنين. وحديثها حسب قوله أعاد إلى ذاكرته المتعَبة ماكان من القرية العراقية التي أقيمت في أكثر من مكان أوروبي قبل احتلال العراق. وعليه، وإن كان الكلام كلام قهاوي، ولكن يمتنع ذلك لمكانة كاتبه، بل ويستوجب التعقيب.
أراد شاعرنا أن يأخذنا بطريقة المآلات إلى اعتبار ثورة الياسمين على أرض البطولات السورية، مؤامرة خارجية يراد منها أن يصار بسوريا كما كان في العراق. ولئن كنّا نعتقد أن المؤامرات على بلادنا لم ولن تتوقف، وهي ليست جديدة بل ممتدة في الزمان والمكان من قبل ومن بعد، ولئن كنّا أيضاً لاننفي خبر القرية العراقية أو السورية ولانثبته، ولكن المؤكد أن من دخلوا العراق على صهوة الدبابة الأمريكية معروفون جميعاً أفراداً وجماعاتٍ وكتلاً وأحزاباً وأطرافاً، وكان مَقْدمهم من مدائنَ مقاومِةٍ وممانِعةٍ معروفة، مدنٍ تَمُورُ رفضاً لكل ماهو أمريكي وصهيوني، وليس من قرية أوروبية شرقية أو غربية.
إشارة شاعرنا الكبير إلى ماعاد إلى ذاكرته عن القرية العراقية الأوروبية، أعادت إلى ذاكرتنا أيضاً الخصومة التاريخية والعلنية للنظام السوري لنظيره نظام بعث العراق لعشرات من السنين حتى يوم سقوطه بالطريقة المعروفة، والتي ترافقت بمناقبه ومآثره المشهودة في وقوفه في صف الجانب الإيراني، بحيث جعل النظامُ السوري وكذلك حليفُه الإيراني من بلده قريةً لامثيل لها في العالم كمكان إقامةٍ وتدريب، وحركةٍ وتدبير، وتخطيطٍ للمعارضين العراقيين حتى تمكنوا بالمساعدة الأمريكية والبريطانية العلنية، والتدخل العسكري المباشر أيضاً من العودة إلى العراق راكبين دبابة الأمريكي وداخلين بمعية المحتل.
وعليه، فهل كانت مشكلة العراق ونظامه في القرية العراقية الأوروبية التي أشار إليها الشاعر أم في الدولة السورية ونظامها، أم أن مصيبة العراقيين والسوريين هي مع مستبدهم وقامعهم وقاتلهم وسارقهم العراقي والسوري الذي أوصلنا معه إلى وضع كارثي معرفي أخلاقي سياسي اقتصادي اجتماعي وتنموي بعد عقود من ديكتاتوريات مستبدة فاسدة ومفسدة، أهلكت الحرث والنسل وعطّلت حراك المجتمع وجففت فيه سـحر الحياة وبهجتها وأماتت فيه الأمل!!؟
ومن ثم، فإننا نتساءل مع أصحاب القرية العراقية السابقة والسورية الحالية اللاحقة: هل مثل هذه القرى هي التي جعلت من نظامنا قامعاً فاشياً وقاتلاً متوحشاً، يتطهر بالمقاومة من كل آثامه وذنوبه قبل أن يأوي إلى نومه، أو جعلت منه لصاً نهّاباً على رؤوس الأشهاد ثم يغتسل بالممانعة فيرجع كل صباح تقياً نقياً كيوم ولدته أمّه. هل هذه القرية السورية التي أشارت إليها سيدة كريمة في مقهى، هي التي تآمرت واقنعت رجل أمن اسمه عاطف نجيب، كل إمكاناته أنه عُتلّ شاذ،ّ ومريض زنيم، ولص مجرم، وكل مؤهلاته أنه ابن خالة رئيس النظام، ليصبح أحد أبطال ثورة الياسيمن السورية، يوم لم يثنه عن التوحش في تعذيب باقة من ورود أطفال درعا قطرة من رحمة أو لَحْسة من إنسانية، فصب عليهم سوط عذاب...!!؟
إن نظاماً قامعاً متوحشاً يرتكب أفظع الجرائم بمواطنه المقهور، وعامله البئيس، وموظفه التعيس، ومثقفه المضطهد وشعبه الجائع والممتهن، ثم يثور بركان جماهيره على السادة والكبراء بعد طول صبرٍ ومعاناة لعشرات السنين، لسنا بحاجة لنجوب شرق الأرض وغربها ولاشمال أوروبا لنقول عن قرية ومؤامرة في تفسير هذا الكم من الغضب الساطع لشعب مسحوق يدعو ربه أن ينام ثم يستيقظ فلا يرى منهم أحداً، ويتمنى لهم صاعقة تأخذهم أخذة واحدةً ولا تبقي منهم أحداً. لأنه لو اجتمعت قرى الأرض تخطيطاً وترتيباً، لما استطاعت أن تحدث دماراً وخراباً في بنية المجتمع ومنظومة قيمه كما فعل ويفعل السفهاء والمعوَّقون من أبناء جلدتنا وبني قومنا ممن أعمى الله بصرهم وبصيرتهم وعقولهم ممن تولوا أمرنا بقوة بسطارهم وسلاحهم.
من يصدّق اليوم أن سوريا بعد عشرات السنين من حكم شمولي فاشي لحزب واحد وعائلة واحدة، الحرية فيها مسلوبة، والكرامة فيها مغتصبة تتهددها جوائح الفقر والمصير المجهول..!! من يصدّق أن نصف قرن من حكم متوحش قتل فيه الوالد وما ولد أكثر من خمسين ألفاً من مواطنيه، واعتقل مئات الألوف منهم، وشرد أضعافهم طوعاً وكرها..!! من يصدق أن عشرات من السنين لم تكن كافية لهم للإصلاح، وحتى إذا قامت قيامة المستضعفين الأحرار وخرج ماردهم لايلوي على شيء يتحدى اللصوص والسفهاء والعاهات من الهبّاشين والشبيحة والمجرمين، خرجوا بلا ذرة من حياء ولاضميرومعهم شبيحتهم من العمائم واللحى يطلبون التمديد لهم للإصلاح، ولكن أنّى لهم وقد اقتربت ساعتهم، وأفضوا إلى ماقدموا من إجرام، وفاتهم القطاااار.!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سفهاء القوم
ماجدة منصور-ام لهب ( 2012 / 1 / 19 - 07:58 )
لحضرة الكاتب المحترم: أتساءل بعجب شديد،كيف لا يدرك نظامنا المتهالك و رغم خبثه الذي أصبح يُضرَب به المثل..لما لا يدرك أنه يحمل بذور فنائه-شأنه كأي شيئا له بداية وبالتالي فان نهايته حتمية و مقررة؟؟والى متى يستطيع المكابرة و دفن رأسه بالرمل كالنعامة تماما ويتخيل أن ما يجري في سورية هو مؤامرة فقط؟؟كيف يفهم النظام أن ما يجري في سورية قد هيأت له ظروفا و عقودا من القهر و الاستبداد و أن لغته الهمجية البدائية لا يستطيع القبول بها الشعوب المتحضرة و عامة الشعب السوري !! فعلا نظامنا قد استهلك نفسه بنفسه و أن -دود الجبن منو وفيه-ولما لا يدرك أن مايقوم به شعبنا العظيم هو ثورة اليائسين الذين استوت عنده الحياة و الموت وذلك بسبب حنكة-القيادة الرشيدة-و الذي يتحفنا به نظام الممانعة و الصمود و التصدي!!ليلا نهار باسطوانة مكررة مشروخة صدّع رأسنا بها أبواق النظام على مدى خمسة عقود!! حقا يدهشني غباء النظام الذي لم يرتدع مما حصل في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و الحبل على الجرّار..و لماذا يعتقد هذا النظام الغبي أن الشعب السوري -غير شكل- هل يعتقد أنه قلم أظافر السوريين بحيث لن تقوم له قائمة.لك احترامي


2 - شعارات النهب
رفاعي الهمام ( 2012 / 1 / 19 - 15:29 )
لايحتاج ان يتدرب جنود متعطشين لدك دمشق أالامنة على رؤوس اهلها.البركة فيكم انتم المعارضة التي اصبح اعضائها مليارديرية وتجار تصريحات ومهرجين على الجزيرة طالما حمد والسعودية يدفع .الفاسدون الجدد قادمون متحالفين مع طبقة البروتاريةالرثة التي تملك اخلاق العبيد والنهب وبهذا فلافرق بينكم وبين النظام سوى انكم تريدون ان تحلوا محله في التمتع بمغانم الدولة واحتكار امتيازاتها اما الكلام عن المدنيين فانتم على استعداد للتحالف مع الشيطان على ابادة نصف الشعب السوري اذ كان ذلك يمكنكم الحكم .فما الذي يجنيه عامل النسيج او صحفي او بائع متجول طالما ان فكرة السلطة فكرة الويغارشية تقسم المجتمع الى طبقتين.على غرارالعميل سعد الحريري وتياره ينتظر سوريا محملا بحقائب دولارات الخليج ولتزهر مصانع نسيج الحجاب اما من يفتح فمه باسم الماركسية او القومية او المعادة للامبريالية لاحقا فالبروتارية الرثة جاهزة لزق فمه بالرصاص طالما دولارات الخليج قادمة


3 - تلفيق
عثمان الدليمي ( 2012 / 1 / 19 - 16:59 )
ولكن المؤكد أن من دخلوا العراق على صهوة الدبابة الأمريكية معروفون جميعاً أفراداً وجماعاتٍ وكتلاً وأحزاباً وأطرافاً، وكان مَقْدمهم من مدائنَ مقاومِةٍ وممانِعةٍ معروفة، مدنٍ تَمُورُ رفضاً لكل ماهو أمريكي وصهيوني، وليس من قرية أوروبية شرقية أو غربية
أخجل من نفسك وانت تزيف الحقائق لا لاشي وانما لان مقالة العظيم سعدي يوسف جاءت متطابقة تماما مع يدور في خططهم .فماذا عن القصف الجوي الدموي ومائة وخمسون الف جندي امريكي غزا العراق اما كلامك عن ان ممانعي العراق هم اول من أمتطوا الدبابة ؟فمن أين انتي بهذا الكلام؟من هو الممانع احمد الجلبي الذي غادر العراق منذو عام 1958ى او علاوي الذي غادر منذو 1970 او الاحزاب الدينية فهي موجودة سلفا في ايران والاكراد كان لهم كيانهم الخاص منذو 1990 فمن أين لفقت هذا؟ ثم من هم من أبناء هذه
مدائنَ مقاومِةٍ وممانِعةٍ معروفة؟ انهم محموعة ليس لها جذر او انتماء لا للارض او الوطن ك هدفهم واضح كان هو الانتقام والسرقة وقد فعلوا
مقاربتك هذه تلف وتدور من اجل تبرير التدخل الاجنبي وسحق الجيش السوري فاي كرامة او ممانعة مع هذا الانحطاط


4 - تعقيب على كلام السيد رفاعي الهمام
بدرالدين حسن قربي ( 2012 / 1 / 19 - 17:06 )
شكراً لك الأخ رفاعي على تطميننا بأن النظام ساقط وراحل. وهذه بشارة طيبة منك تستاهل عليها فنجان قهوة مرتب.
سألتني عما سوف يجنيه العامل أو الصحفي أو البائع الجوال وغيرهم...الخ. أنا لا أزعم أن الدنيا سوف تكون سمناً وعسلاً ، ولكني متأكد أنك أنت خصوصاً والسورييون جميعاً على اختلاف دينهم ومذهبهم وعرقهم وجنسهم وثقافتهم وعملهم لسوف يكونون في وضع أحسن وأفضل بالخلاص من نظام استبدادي قامع للحريات، والنهب فيه مشهود وبدون ذرة من حياء.
ستكون حياة السوريين على أية حال أحلى وأبهج، خلّيك متفائل واضحك للدنيا تضحك لك.
وعاشت سوريا حرة حرة حرة، والشعب السوري مابينذل، والموت ولا المذلة...


5 - الى الاستاذ رفاعي الهمام
ماجدة منصور-ام لهب ( 2012 / 1 / 20 - 11:09 )
أنا مواطنة سورية و مبعدة ابعاد قسري عن بلدي التي لم أعشق سواها..لست مع النظام و لست مع المعارضة!!أنا مع الماطن السوري البسيط و الذي أمعن فيه النظام ذلا و قهرا و تجويعا على مدى عقود طويلة و لا نريد سلطة و لا مالا ،كل مطلبنا أن نحس بالحرية و التي حرمنا منها--ابن المقبور-- و كأن الحرية صدقة أو زكاة يمن بها على من يشاء و يحرم منها من يشاء و بالنسبة للتدخل الأجنبي فنحن لا نريده و لا نتمناه و لكن قل لي.. من يستطيع ايقاف عداد القتل اليومي؟؟هل جامعة الدول العربية مثلا؟؟أم محاربون من المريخ؟؟من يستطيع أن يحمي أهلنا الذين يقاسون الأمرين في ظل آلة قمع لن تتوقف ؟؟ أخشى ان يستجير السوريين بالشيطان من شدة عذابهم!! يكفي تنظيرا يا أخي فالذي يداه تتشلوط بالنار ليس مثل الذي يداه في ماء بارد و لا يجوز أن نزاود على بعض و نبيع قيما و أخلاقا ..ففي زمن الأرذال تكون الحلول كلها مباحة. لك احترامي

اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة