الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رئيس الجمهورية الفاضلة

سعد هجرس

2012 / 1 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


بمجرد إعلان الدكتور محمد البرادعى اعتزامه الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وكان ذلك كما تذكرون فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، فتحت عليه أبواب جهنم. وأطلق عليه تحالف الاستبداد والفساد كلابه وأبواقه فى أكبر حملة للأكاذيب والتضليل والتشويه والاغتيال المعنوى. لكن الرجل استقبل هذه الحملة بابتسامته المعهودة ولم ينزلق إلى المستوى الهابط والمنحط الذى انحدرت إليه أجهزة وأذرع نظام مبارك السياسية والإعلامية. وتمسك بطرح رؤيته لـ "التغيير " فى مصر.
وظن الكثيرون أن البرادعى مجرد رجل "حالم" وأن رؤية التغيير التى يطرحها ليست سوى أضغاث أحلام. وأنه باختصار ينطح رأسه فى الصخر.
لكن الأيام سرعان ما أثبتت أن الرجل لا يهذى، فقد حرك المياه الراكدة – لدرجة التعفن – فى ظل هذا النظام "المملوكى"، وأعطى قوة دافعة جبارة للتغيير. وليس من المبالغة فى شيء أن نقول أنه من الآباء الروحيين لثورة 25 يناير.
ومثلما كان إعلانه اعتزامه على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية "بشارة" للقوى التى أطلقت شرارة ثورة 25 يناير فأن إعلانه الانسحاب من السياق الرئاسى جاء بمثابة قبلة حياة للثورة، والتى تعرضت – وتتعرض – لمحاولات شرسة للترويض والتركيع والاختطاف والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
فهذا إعلان لا ينطلق من موقع اليأس أو الانهزامية وإنما ينطلق من موقع الاحتجاج على "الربان الذى تولى قيادة الثورة – دون اختيار من ركابها ودون خبرة له بالقيادة – فأخذ يتخبط بها بين الأمواج دون بوصلة واضحة. ونحن نعرض عليه شتى أنواع المساعدة، وهو يأبى إلا أن يمضى فى الطريق القديم وكأن ثورة لم تقم وكأن نظاما لم يسقط".
وهو إعلان لا يهدف إلى مجرد "تسجيل موقف" أو إطلاق اتهامات مرسلة وإنما يوجه الاتهام المحدد إلى "سياسة أمنية قمعية تتسم بالعنف والتحرش والقتل، وعلى إحالة الثوار لمحاكمات عسكرية بدلاً من حمايتهم ومعاقبة من قتل زملاءهم.. وكل هذا فى إطار حالة الطوارئ الفاقدة للمشروعية وغياب غير مفهوم للأمن وإدارة سيئة للاقتصاد، بالإضافة لعدم اتخاذ خطوات حازمة لتطهير مؤسسات الدولة – وخاصة القضاء والإعلام – من فساد النظام السابق".
ونتيجة لذلك كله سادت "العشوائية سوء إدارة العملية الانتقالية" التى "تدفع البلاد بعيداً عن أهداف الثورة، مما يشعرنا جميعا أن النظام السابق لم يسقط".
****
وإزاء وضع كهذا كان أمام البرادعى أحد خيارين: إما أن يستمر فى ظل القواعد الفاسدة الحالية للعبة هدفها إعادة إنتاج النظام السابق (حتى ولو بدون حسنى مبارك)، أو أن ينسحب، لا ليتفرغ لزراعة حديقته الخلفية – كما يقول برنارد شو – وإنما ليواصل النضال فى إطار قواعد محترمة ونظيفة ونزيهة فى عملية هدفها بناء مصر الجديدة... الدولة المدنية الحديثة.
ولذلك فانه حرص فى بيان الانسحاب "المسبب والاحتجاجي" على مناشدة أهله المصريين "ألا يتطرق اليأس الى النفوس. فدروس التاريخ تعلمنا أن الثوارات العظيمة كلها تمر بمثل هذه الانخفاضات والارتفاعات، ولكنها فى النهاية تصل لبر الأمان".
ولم يكتف بذلك بل اجتمع مع ممثلى حركات ائتلاف الثورة و6 ابريل وغيرها من الحركات الثورية لحثهم على تشكيل كيان سياسى واحد، متعهداً بأن يتقدم الصفوف فى 25 يناير بمناسبة مرور عام على اندلاع شرارة الثورة.
****
تحية للبرادعى يوم تحدى نظام حسنى مبارك وألقى بالقفاز فى وجهه معلنا اعتزامه الترشح للرئاسة متحملاً سخافات أغبى الأقلام وافتراءات طابور طويل من محترفى الكذب والتضليل، وتحية له يوم انسحب من السباق الرئاسى احتجاجاً على قواعد فاسدة أراد منها البعض تحويل انتخابات الرئاسة إلى "طبخة مسمومة" تزهق روح الثورة وتعيد إنتاج نظام مبارك.
ومازالت الثورة مستمرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة حاشدة نصرة لفلسطين في ساحة الجمهورية وسط العاصمة الفر


.. أصوات من غزة| أثمان باهظة يدفعها النازحون هربا من قصف الاحتل




.. واشنطن بوست: الهجوم الإسرائيلي على رفح غير جغرافية المدينة ب


.. إندونيسيا.. مظاهرة أمام السفارة الأمريكية بجاكرتا تنديدا بال




.. -مزحة- كلفته منصبه.. بريطانيا تقيل سفيرها لدى المكسيك