الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من كوستاف الى ألحبوبي .... ذاكرة تحتضر

علاء دهلة قمر

2012 / 1 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ألنفق المظلم صار طويلا .. حيث يبحث ألأنسان عن منفذ للخروج أو حتى لبصيص أمل يستنجد به ،ترى هل هذه علامات الساعة التي انبؤنا بها القدماء من اهلنا ، وأي طوق نجاة نرتايه للوصول الى مبتغانا.
آه .. آه ..ياسنوات العمر كم كنت عصية على الذين ضيعوا اعمارهم في متاهات الغربة التي لم يرغبوا بها يوما وانا واحد منهم .. ترى هل ان الوطن قريب من العيون .. ام انك ترى عالما يختلف عما كنت تعيش فيه ، لذلك كلما احسست بحاجة الى الراحة والتامل والاستذكار ألتجأ الى ذلك المكان الذي يبعد كثيرا عن مكان اقامتي كي اريح بعض ماتبقى من خلايا ذاكرتي التي باتت تتهاوى كاوراق الخريف في مدن الثلج والأغتراب ، ولكن هذه المره كنت هناك للتضامن ضد العنف والقتل والكراهية التي اعتقدنا اننا قد تركناها في اوطاننا على اثر الحادث الاجرامي الذي اودى بمقتل الشاب العراقي ( اردوان ضياء سمير ) الذي لم يتجاوز الخامسة عشر من العمر ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة في مدينة مالمو ألسويدية التي تعد ثالث اكبر مدن مملكة السويد وتسمى بعاصمة الجنوب بالمعنى الدارج . بعد ان انتهى التجمع وغادر المستنكرون جلست وحيدا كعادتي بذلك المكان الذي يعد من كبرى ساحات المدينة يتوسطها تمثال كبير للملك كوستاف العاشر لذلك سميت هذه الساحة بساحة كوستاف وهي من رموز المدينة الجميلة ورمزا للحرية والتحرر وبداية عهد جديد لنضال دام طويلا نحو الديمقراطية والحياة السعيدة .. لذلك لايخلو المكان من زائريه ومن كل الاجناس والالوان وفي كل الاوقات .. وانت جالس هناك تشاهد عالما ملونا وامثالي كثيرون كلما يزدادوا اشتياقا وتضيق صدورهم حسرة وألما لذكريات تركوها على مقصلة الاغتراب تكون هذه الساحة ملاذهم الآمن ويتعالى دخان سكائرهم ليرسم لوحات جميلة بانعكاسات المصابيح الملونة التي تملأ الساحة... اما انا فتنساب ذكرياتي الى عالمي الذي مازال راسخا في مخيلتي والى طفولة وصبا ومقاعد دراسة وتمرد وعشق وعقود خمسة من السنين ودعتها لأردد أغية عراقية جنوبية الشجن (للناصرية ... للناصرية) ذاع صيتها وصار اهلها يرددونها رغم مرور عشرات السنين من الوجع والألم وتغير الحكام ... يتلذذ فيها الصغار والكبار مثلما يتلذذون بقيمر تلك الفتاة (كافي)التي أحرقتها شمس المدينة واتي اشتهرت بقيمرها ذو نكهة الدخان والتي علمتني أن الحب يعقبه الموت وقد علمت بوفاتها بوقت متاخر من الواصلين الجدد لبلد ألأغتراب وقد حزنت لوفاتها.
للناصرية .. للناصرية .. احمليني أيتها الطيور المهاجرة واتمنى ان تتركيني هناك فقد زاد اشتياقي الى استراحة قرب ذلك الرمز الكبير الذي يتوسط تلك المدينة والذي سميت الساحة التي انتصب فيها باسمه وكذلك الشارع ايضا .. انه نصب السيد محمد سعيد بن السيد محمود الحسني الشهير بالحبوبي.
مثلما كان كوستاف رمزا من الرموز الكبيرة في مدينة مالمو السويدية فقد كان الحبوبي من اشهر مشاهير عصره واديب فطحل مبدع وفقيه كبير .. لم لا وهو من مواليد مدينة النجف الاشرف عام 1266 هجرية وكان مثالا للخلق الرفيع والنفسية العالية ، كرس حياته في حب العلم والمعرفة والادب وكان ولوعا بالحلقات الادبية التي تصقل المواهب وتثيرها ، لذلك كان هذا الرمز من رموز العراق وقد تم نصب هذا الرمز عام 1972 من قبل الاستاذ عبد الرضا كشيش الذي ابدعت انامله بصنعه .. فكم جلسنا بقربه وكانت لنا مواعيد قربه وكنا أحبة تجمعنا قواسم مشتركه لحب لاينتهي وكان كتوما لأسرارنا وعنده كنا نخبيء بعضا من منشوراتنا.
للناصرية .. للناصرية .. سأظل اكتب الى مدرسة ليس بشبابيكها زجاجا يقينا برد الشتاء وبساحتها نمارس هوايتنا للعبة كرة القدم ونسطف للننشد برفعة العلم وحنين لشموع احرقت عمرها كي تنير الدرب لنا وكم كنا نخشى ان يرانا احدهم في طرقات المدينة كامثال المربي بدري قمر ، حزام عيال ، عبد الكريم خضير ، كاظم طارش ،عباس هليل ، دحام رومي ودهلة قمر.
للناصرية .. للناصرية .. مازلت أحن لخشبة مسرح ثانوية الجمهورية وبهو بلدية الناصرية لاقلب نصوصا واحفظ اخرى واستمتع الى ندوة شعرية لمن تركوا بصمة بفن وادب المدينة وكانوا رواد عصرهم .. فتاح حمدان ، احمد كنو ،عبد الرزاق سكر ،عزيز عبد الصاحب ،صالح البدري ، مهدي السماوي ، كاظم الركابي ، حسين نعمة ، بهجت الجبوري ، دهلة قمر ، فلاح الجيلاوي و.... و....
للناصرية .. للناصرية ... يأخذني الحنين الى طفولة وزملاء دراسة ورفاق درب كان زادها الفقر والعوز والحرمان وانتظار المجهول مازالت تخنقي العبرة كلما اشتنشق رياح الشرق القادمة من البحر القريب من مكان اقامتي واتمنى ان ادفع ماتبقى من سني عمري ثمنا لأحضى بلقاء احدهم .. جلال ابراهيم ،زاهرة ذياب ، حرية فعيل ، آمنة طارش ،حسن جليل السنيد ، حسين عبود ، جميل امين ، نعيم عبد مهلهل و ... و ....والقائمة تطول .
للناصرية .. للناصرية ...تأخذني ترانيم رجل دين مندائي الى طقوس وفقا للاصول الصابئية على ضفاف نهر الفرات الخالد وحديث للشيخ عباس الناصري في الجامع الذي يتوسط سوق الصفارين بالمدينة وذكريات لأيام عاشوراء ويوم زكريا وختان جماعي في جامع فتاح باشا.
مع كل ذلك سأظل اتذكر ذلك الرمز وسيظل الحبوبي من رموز العراق الكبيرة بجانب الرموز الاخرى التي نفتخر بها ... أما الاسماء التي ذكرت فرحمة وغفرانا لمن لم نعثر على اجداثهم سواء من غيبوا في سجون ومعتقلات الطغاة او من وافتهم المنية واما الاحياء منهم فسيظل خافقي معذبا حتى التقيهم او اراهم اسعد الناس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال فقط
علي ( 2012 / 7 / 21 - 15:33 )
اتمنى ان احقق امنيتي في معرفة شئ وهو :
مالذي يريده العراقيون ؟

اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك