الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية سياسية ... هجينية – 2 –

حميد غني جعفر

2012 / 1 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وهكذا كان صراع الأضداد بين عناصر ومكونات هذا الهجين المتنوع الأصناف والألوان الذي زرع في قلب العملية السياسية ولكل صنف منها – بطبيعة الحال – فعله ولونه الخاص وأيضا ارتباطاته – التي يعتاش عليها – وتدفع به إلى تشديد وتعميق الصراعات والتناقضات ، وظلت هذه التناقضات تنخر جسم العملية السياسية حتى باتت مشلولة بفعل الصراعات ولم تتقدم خطوة واحدة بالاتجاه الصحيح الذي يخدم مصالح الشعب ويحرص على سيادة واستقلال البلاد ويوقف نزيف الدم العراقي الطهور ، وليس ثمة أمل في أن تتقدم خطوة واحدة بهذا الاتجاه وذالك لأنها قامت – منذ بدايتها – على الأسس الخاطئة التي ذكرناها في الحلقة السابقة ولا نرى أن مثل هذه التشكيلة – الهجينية – كانت عفوية بل كانت مقصودة ومدروسة بهدف إشغال القوى السياسية عن مهامها الوطنية الأساسية وبالتالي إعاقة مسار العملية السياسية وخلق هذه الحالة من الفوضى – الخلاقة – لتكون الحصيلة لصالح الأجنبي المحتل والسائرين في فلكه ليغتنوا وتنتفخ كروشهم على حساب جوع الشعب وبؤسه واستباحة دمه ، فهم يتصارعون على الكراسي والمغانم والشعب – المغلوب على أمره – الذي لا ناقة له ولا جمل في كل هذه الصراعات والمهاترات – اللاوطنية واللامسؤولة – يدفع الثمن باهضا ، وهذا ما أكدته التجربة الملموسة طيلة السنوات التسع الماضية والتي كان لها انعكاساتها وتداعياتها على مجمل أداء الحكومة والبرلمان وعلى الصعد كافة – السياسية – الاقتصادية – الاجتماعية – الخدمية – الأمنية – التي راح ضحيتهاالآلاف من الضحايا الأبرياء – بفعل انشغالهم بالصراعات على المغانم –فلا زالت البنى التحتية للإقتصاد العراقي مهدمة والدورة الإنتاجية متوقفة بالكامل ولا زالت البطالة متفاقمة وتتفاقم يوما بعد آخر بين الشباب والخريجين منهم بصفة خاصة ناهيك عن البطالة المقنعة والبطاقة التموينية – البائسة أصلا – هي الأخرى متعثرة ولم تحصل عليها العوائل الفقيرة الكادحة مع أنها المصدر الوحيد للعيش بالنسبة للعوائل التي ليس لها من مورد آخر ،وانعكست تداعيات هذه الصراعات أيضا على الضعف والخلل الكبير في مواقف الحكومة ازاء التحديات التي تواجهها من الدول الإقليمية والمجاورة والذي ينعكس بجلاء بالقصف – غير المبرر – على حدودنا الآمنة – شرقا – وشمالا – من إيران وتركيا وتدخلاتهما السافرة بشؤون العراق الداخلية إضافة لتدخلات الدول الإقليمية الأخرى التي تدفع باتجاه تعميق وتشديد الصراعات وتأجيج الفتنة الطائفية لمصالحها وهذا ما يتجلى – اليوم – بتدهور الأوضاع الأمنية وجريان نزيف الدم ، كل هذه الأوضاع المأساوية المزرية لم يأبه لها – ساستنا الكرام – فالمهم مصالحهم الأنانية – شخصية أو حزبية أو طائفية أو عشائرية – وعلى ما يبدو فإن هؤلاء الساسة ومعهم بعض – المتسيسون – قد استهوتهم لعبة الديمقراطية ، - كما تسميها أمريكا – فهم يتشدقون بها ويرون فيها أنها عين الديمقراطية وأنها تمنع عودة الديكتاتورية – كما يزعمون – إن الديمقراطية الحقيقية أيها السادة هي أن يكون الشعب مصدر السلطات وهي أخلاق وسلوك وممارسة وكلمة الفصل فيها عبر انتخابات نزيهة وتقررها صناديق الاقتراع وهذا ما لم يراه ولم يلمسه المواطن العراقي في كل هؤلاء الساسة والمتسيسين .
تلك هي الديمقراطية الحقيقية التي يريدها الشعب العراقي والتي قدم من أجلها التضحيات الجسام بقيادة قواه الوطنية الحية الأصيلة عبر تأريخه الطويل ، وهو يرفض مثل تلك اللُعب – المستوردة – لعبة الديمقراطية – اللعبة السياسية – لعبة الانتخابات – كما تسمى في الغرب الرأسمالي – فشعبنا الجريح يمقت تلك اللُعب الخبيثة ويرى فيها لعبة قمار بين مقامرين من الأغنياء الأثرياء للحصول على المزيد من المال والجاه والنفوذ على حساب المصالح العليا للشعب والوطن ، وخير دليل على ديمقراطية ..!! هؤلاء الساسة – والمتسيسين – هو ما تجسد بكل وضوح في التعديلات الظالمة الجائرة التي أدخلوها على قانون الانتخابات – الأخيرة – والتي لا مثيل لها في كل الديمقراطيات في العالم والذي يهدف أساسا إلى إبعاد وتهميش القوى الوطنية الديمقراطية الحقيقية صاحبة التأريخ العريق والتضحيات عن أداء دورها المؤثر والفاعل لمصلحة الشعب والبلاد ولصالح السيادة والاستقلال الوطني ، وسرقت الآلاف من أصوات الناخبين لهذه القوى الوطنية الأصيلة وتحويلها – بغير وجه حق – إلى القوائم الكبيرة – أي القابضة على السلطة حاليا
مع أن المحكمة الاتحادية العليا قد رفضت تلك التعديلات الظالمة واعتبرتها باطلة ودعت مجلس النواب إلى تعديل هذا القانون الباطل ، لكن وللأسف كان هذا القرار بعد فوات الأوان وبعد أن تم فرز النتائج لصالح المتنفذين فقد جاء قرار المحكمة الاتحادية متأخرا ، مع أن الدعوى القضائية التي تقدم بها نائبان من مجلس النواب – الدورة السابقة – إلى المحكمة الاتحادية كانت قبل إجراء الانتخابات بأكثر من خمسة أشهر فالدعوى قدمت في تشرين أول -2009 - وإجراء الانتخابات كان في آذار – 2010 – وهذه الفترة كانت كافية للنظر بالدعوى وإصدار قرارها العادل باعتبارها قضية حساسة تتعلق بمصير شعب كان قد تحدى الإرهاب لانتخاب ممثليه من الوطنيين والديمقراطيين الحقيقيين ، ولسنا ندري لماذا كان هذا التأخير ،والذي بسببه تحولت النتائج لصالح هؤلاء اللاعبون الكبار وحرمان الشعب من ممثليه الوطنيين الديمقراطيين من الوصول إلى البرلمان .
وإلى حلقة قادمة . حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استبعدت روسيا ولم تستبعد إسرائيل من مسابقة الأغنية -يو


.. تعليق دعم بايدن لإسرائيل: أب يقرص أذن ابنه أم مرشح يريد الحف




.. أبل تعتذر عن إعلانها -سحق- لجهاز iPad Pro ??الجديد


.. مراسلنا: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان | #الظهي




.. نتنياهو: دمرنا 20 من 24 كتيبة لحماس حتى الآن