الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفردانية و النظام الإقتصادي في المغرب

خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)

2012 / 1 / 20
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لعل الفردانية كمفهوم حديث لدينا ، لم نعرفه سوى مؤخرا بفضل احتكاكنا بالغرب الذي لا تفصلنا عنه مكانيا سوى أربعة عشر كيلومترا ، والواقع أننا لم نتمكن من الإستفادة من هذه التجربة المُغامِرة المُنتِجة التي صمدت إلى اليوم رغم التّحدّيات .
فالنظام الذي كان سائدا بالمغرب هو النظام الإقطاعي باستثناء بعض المناطق الأمازيغية التي كانت تزاول و لاتزال نظاما اقتصاديا جماعيا يشارك فيه الجميع بغضّ النظر عن خلفية العائلات و مؤهلاتها و رغم بساطته أيضا إلا أنه مكّن القبائل من العيش دون نظام الطبقات .
إذن بعد خروج الحماية الفرنسية بدأ المغرب يعتنق شيئا فشيئا الفردانية إثر ظهور الطبقة البورجوازية الفاسية التي تعاملت مع المستعمر بسخاء حتى بعد خروج هذا الأخير من المغرب ، لا بل تمكنت طبقة التكنوقراط الفاسيين من نسب جميع الإنجازات المتعلقة بمقاومة الإحتلال الفرنسي و الإسباني إليها لاكتساب الشرعية الدينية و الوطنية في آن واحد وقد نجحت في ذلك إلى أبعد مدى و استفادت من منحة فرنسا التي تربِّت على كتف كل من وقف بصفّها حتى و إن كلفه ذلك معاداة وطنه و مواطنيه فزادت هذه الأخيرة من تدخلها في شؤون المغرب الداخلية ومعها ارتفع حجم الهدايا والعطايا للفاسيين على شكل مناصب عمل سامية وطنية وأخرى دولية.
لكن سرعان ما أخذ مفهوم الفردانية ينتشر شيئا فشيئا عبر وسائل الإعلام و من خلال التجربة المُعاشة من قبل المغاربة المقيمين بالغرب . وأصبح ترويج الفردانية كشرط أساسي للتقدم ، و بالفعل فإن نجاح تجربة مغاربة خرّيجي الجامعات الأمريكية و الفرنسية (الفاسيين) كانت أكبر دليل على "نجاح "الفردانية و ما تحققه من إستقلالية و غنى للفرد .
ثم اتّسعت عدوى مفهوم الفردانية في المجتمع المغربي و لقيت ترحابا رغم غياب الأرضية الإقتصادية التي تتماشى مع هذا المفهوم و أكملت أجهزة الإعلام في ترويج هذا المنتوج الجديد و الدّخيل على المغرب ، في حين ظل النظام غير قابل للتماشي مع المنتوج الجديد مما انعكس على طبقات المجتمع و على التشريع الذي يحمي من يمارس فردانيته بكل حرية و من يُحرَم من فردانيته بسبب عوزه المادّي، وبدا تفسير الفردانية بشكل غير مشروط ، مطلق كما هو الدّين مما حذا بالمجتمع العيش داخل زنزانته غير قادر على وصول فردانيته بسبب الأجواء الإقتصادية العائدة إلى زمن الإقطاعية الكارهة للرأسمالية التي تكبت كل انفراج اقتصادي مركزة الرأسمال و الإقتصاد في أياد محدودة في نفس الوقت التي تشجع فيه سكان الزنزانة ( المجتمع ) على استهلاك المنتوجات سواء الحقيقية كالسلع أو المجردة كالأفكار ، ولا هو قادر ( المجتمع ) على أن يُقبلَ كما هو داخل النسق التقليدي ، مما أدّى إلى صراعات شرسة بين الأجيال و ارتفعت وثيرة سخط الأبناء على الآباء بسبب دفع الآباء أبناءهم على البحث عن عمل هم على علم أنهم لن يجدوه في معالم مجتمع هو في حقيقة الأمر اقطاعيا ليس إلا .
في حين شوهِدت في الدول الغربية هجرة آلاف الأبناء العائدين من أين أتوا أي إلى بيوت آبائهم للعيش معهم إثر الأزمة الإقتصادية التي مسّت العالم ، إما نتيجة فقدانهم للعمل أو بكل بساطة عدم توفرهم على عمل قارّ . و هنا تصبح الفردانية و ممارستها مشروطة بنظام اقتصادي معيّن و أنها قابلة للتّمطيط و التغيير بسبب الظروف الإقتصادية و ليس العكس كما أراد نظامنا الإقطاعي إيهامنا والذي بسببه يتمّ يوميا طرد آلاف الأبناء من قبل آبائهم إثر الأعباء المتزايدة يوما عن يوم خالقا مجتمعا بائسا في تناقض مستمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع