الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية سياسية ... هجينية – 3 –

حميد غني جعفر

2012 / 1 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كان تأخير قرار المحكمة الاتحادية العليا – إلى ما بعد نهاية الانتخابات وفرز نتائجها – ورغم عدالته – قد ساعد على خلو حلبة الصراع – العملية السياسية – للمتصارعين فقط ، فكانت الفوضى والمهاترات بفعل تعارض المصالح والغايات والنوايا ، وكان هناك من فرض نفسه – أفراد وقوائم – بالقوة وبأساليب التهديد والوعيد وإرباك الوضع الأمني ... فانتشرت القوات الأمنية في الشوارع وقطعت الطرق – تحسبا للطواريء – وتعطل الدوام الرسمي عموما وخلقت حالة من القلق بين المواطنين وشلت حركة السوق وتصاعدت أعمال العنف الدامية ، وإلى جانب أسلوب التهديد والوعيد كان – بوس اللحى – أيضا في لقاءات سرية وعلنية في سفارات الدول الإقليمية والأجنبية – الداعمة – حتى مارست تلك الدول الضغوطات المكثفة على الحكومة العراقية ثم تحالف – صالح المطلك – وكتلته الحوار الوطني مع قائمة العراقية لتشكيل قوة ضغط أكبر على الحكومة بهدف إلغاء قرار إبعاده من المشاركة في الانتخابات – الأخيرة – كونه مشمولا بقانون المساءلة والعدالة – اجتثاث البعث – واضطر – المالكي – لإلغاء قرار الاجتثاث وإشراكه في الانتخابات فكان نائبا لرئيس الوزراء – عن العراقية – وفقا للمحاصصة الطائفية هكذا هي الديمقراطية وإلا فلا ، وعلى خلفية هذا الحدث وما نجم عنه من تصاعد الأعمال الإرهابية وسقوط الضحايا الأبرياء صرح رئيس الجمهورية السيد الطالباني – في حينها – قائلا : ( هناك من هم ديمقراطيون في النهار – وإرهابيون في الليل ) فما مغزى هذا القول ومن رئيس الجمهورية ؟ واحتدمت الصراعات حول تشكيل الحكومة على مدى قرابة العام وبعد مبادرة من البارزاني بعقد اجتماع في اربيل بين الكتل المتصارعة تم التوقيع هناك على اتفاقية لم تعلن فحواها وبنودها على الشعب ، ثم أعلن عن تشكيل حكومة – عرجاء – دون أهم وزارتين أمنيتين – الداخلية والدفاع – ولا زال الصراع حولها قائما ولم تكتمل بعد ، ولا زالت الصراعات محتدمة ، وصدرت – مؤخرا –مذكرة بالقبض على طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية على خلفية اعترافات من عدد من حماية الهاشمي بقيامهم بأعمال إرهابية واغتيالات وبإيعاز من الهاشمي الذي هو من العناصر القيادية في القائمة العراقية وهرب الهاشمي مع اثنين من أفراد حمايته وعليهما مذكرة بالقبض أيضا إلى إقليم كردستان للاحتماء بحكومة الإقليم وعلى خلفية إفرازات هذا الصراع ، صرح رئيس الوزراء السيد المالكي – ولأول مرة – يكشف فيها عن مؤشرات لديه على الهاشمي منذ ثلاث سنوات – أي قبل الانتخابات – وقد طرح ملف الهاشمي على رئاسة الجمهورية – في حينها – لكن السيد الطالباني كان يرى بأن تلك المعلومات غير دقيقة وعلى هذا أغلقت هذا الملف حرصا على العملية السياسية – بحسب قول المالكي – وهذه المؤشرات باتت واضحة للعيان أمام الشعب العراقي والرأي العام وتناقلتها كل وسائل الإعلام أما ما خفي منها فقد يكون أعظم .
وتصاعدت حمى الصراعات بين المتصارعين وعلى وسائل الإعلام – علانية – كل يتهم الآخر شتى الاتهامات ويحمله مسؤولية ما يجري ووسائل الإعلام تزيد النار حطبا والمتصارعين تزداد تصريحاتهم وطيسا وكل يفرض شروطه على الآخر حتى باتت أزمة سياسية مستعصية الحل في نظر هؤلاء السادة ومن يقف وراءهم من القوى الخارجية ومن وسائل الإعلام المروجة لهذه الأزمة المفتعلة
وواقع الحال أنها ليست كذالك بل ولا صلة لها بأزمة سياسية ، لأن الأزمة السياسية عادة تنشأ بين أحزاب وكتل أو منظمات سياسية في الحكومة ، ولكل منها بطبيعة الحال برنامجا سياسيا يجسد رؤيته ورآه لما تحتاجه البلاد والمرحلة المعنية من متطلبات أساسية لبناء مستقبل البلاد على كل الصُعد سيما الاقتصادية منها والسياسية ...الخ وكل يرى أن برنامجه هو الأفضل لخدمة مصالح الشعب والبلاد
ولابد أن يتضمن برنامج تلك الأحزاب مساحة – ولو صغيرة – لمصلحة الشعب والبلاد فيحتدم الصراع بينها على البرنامج الأفضل ويمكن أن يتحول الصراع إلى أزمة فعلا بسبب عدم التوافق بينها ، ويمكن أن تعصف بالحكومة أيضا وتستبدل بحكومة أخرى ، تلك هي الأزمة السياسية المعتادة المتعارف عليها والمألوفة ، أما ما يجري في العملية السياسية – الهجين – في بلادنا يختلف تماما ، فهو صراع مصالح وصراع إرادات ليس بين الكتل العراقية ذاتها بل يرتبط بصراعات وقوى إقليمية ودولية ، اذ ليس لكل منها برنامج واضح يجسد رؤيته لخدمة مصالح شعبه وهذا ما يتضح بجلاء من خلال الصورة المكثفة لمجمل أوضاع البلاد التي ذكرناها في الحلقتين السابقتين وطبيعة تركيبة هذا الهجين – العملية السياسية والأسس التي قامت واستندت عليها – منذ البداية – وما سيأتي ذكره لاحقا يؤكد ذالك .
يتبع

حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تبلغ نهائي يوروفيجن 2024 وسط احتجاجات على مشاركتها ب


.. كيف سيتعامل الرئيس الأميركي المقبل مع ملف الدين الحكومي؟




.. تساؤلات على إثر إعلان الرئيس الأميركي وقف شحنات السلاح الهجو


.. نشطاء أتراك أعلنوا تأجيل إبحار سفينة مساعدات إلى غزة بسبب تع




.. محاكمة ترامب في نيويورك تدخل مراحلها الحاسمة| #أميركا_اليوم