الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجامعة العربية جامعة أنظمة عربية وليست جامعة شعوب

عزو محمد عبد القادر ناجي

2012 / 1 / 21
حقوق الانسان


الجامعة العربية جامعة أنظمة عربية وليست جامعة شعوب
منذ وجدت الجامعة العربية على مسرح الأحداث العربية لم تكن مهتمة بالمصالح العربية ولا بمصالح الشعوب العربية وإنما كانت مع الوضع الدولي القائم على استراتيجيات الدول العظمى ، فوجودها وتأسيسها كان على أنقاض مشروع الهلال الخصيب الذي كان الشعب السوري والعراقي والأردني واللبناني والفلسطيني يراه وحدة أولية من أجل أن يكون نواة لوحدة إقليمية أكبر على أسس فيدرالية أقرب إلى الولاياة المتحدة الأمريكية أو الولايات المتحدة البرازيلية أو الولايات المتحدة المكسيكية أو غيرها من الدول التي قامت على أساس فيدرالي ، وهكذا كانت حكومات الأنظمة العربية وخاصة حكومتي مصر والسعودية - اللتين كانتا تحت النفوذ غير المباشر لبريطانيا- قد آلت على أمرها تنفيذ مخططات الدول العظمى وكانت وقتها بريطانيا تقود حربها ضد الألمان وشاركتها فيما بعد الولايات المتحدة وروسيا الشيوعية ، وهكذا تم إجهاض هذا المشروع أي مشروع الهلال الخصيب وأجبر الرئيس السوري شكري القوتلي على الاعتراف باستقلال لبنان مقابل حصول سوريا على استقلالها من فرنسا ووفق شرطين اقرحهما هما أن تتحقق مصالح سوريا بشكل رئيسي في لبنان وألا يصبح لبنان بؤرة تهدد استقرار سوريا ولكن للأسف كان لبنان واجهة للانقلابات العسكرية التي أدت في النهاية لسقوط الأنظمة الديمقراطية في سوريا واعتلاء البعث للسلطة والذي كان من افرازاته وصول النظام الطائفي الأسدي إلى الحكم ليقوم هذا الأخير بتدمير الديمقراطية في لبنان ويساهم في إشعال الحرب الأهلية فيها حتى تم له ما أراد من خلال سيطرة الجيش السوري على القرار اللبناني حتى خرج بقرار دولي في 2006 ولكن قبل خروجه كان قد وضع من أراد فيما وراء القرار السياسي في لبنان إضافة إلى استمرار سيطرة المخابرات السورية مع بعض عملائها في لبنان على القرار اللبناني وهذا ما يفسر الوضع القوي لحزب الله وحركة أمل في لبنان وتأثيرهما القوي على تشكيل الحكومة والبرلمان اللبناني ، وبالتالي وقوف الحكومة اللبنانية ضد إرادة الشعب السوري وحريته وكرامته من خلال ثورته المباركة بل واشتراك حزب الله وحركة أمل مع النظام السوري في قمع المظاهرات وتهريب السلاح إلى النظام السوري بل ووصل بهم الأمر إلى ضرب الزبداني بالصواريخ من الجهة اللبنانية .
في بداية الثورة السورية كان يحذونا الأمل أن الجامعة العربية من الممكن أنها تحررت من الانسياق مع الأوضاع الحكومية للأنظمة العربية والمصالح الشخصية لرؤساء هذه الحكومات وخاصة بعد سقوط نظامي الرئيسين زين العابدين ومبارك في كل من تونس ومصر ، واجتماع الجامعة العربية على إدانة العنف في ليبيا ورفع قرار الحظر الجوي على نظام القذافي إلى مجلس الأمن والذي كان من تداعياته فيما بعد إلى التقليل من عمليات القتل التي مارسها نظام القذافي في حق الليبيين الثوار ، وعلى هذا الأساس انتدبنا الثوار السوريين المتظاهرين في مصر أما جامعة الدول العربية مع الأخ ثائر الناشف للاجتماع بالأمين العام لجامعة الدول العربية لإطلاعها على الوضع السوري وتبيان استمرار تقاعسها عن نصرة الثورة السورية دون أي قرار رسمي حيث كانت حتى الشهر الثاني من الثورة السورية دون أن تبدي أي قرار يدين استخدام العنف من قبل النظام السوري ضد المظاهرات السلمية ، وقد سمح لنا بالدخول إلى مقر الجامعة العربية ، لكن للأسف أخبرنا أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمر موسى مشغول وأنه قد بعث بمستشاره القانوي طلال الأمين لمقالبتنا ، فأبلغته عن الوضع في سوريا وعن القمع العنيف للنظام السوري للمظاهرات السلمية وأن هناك تدخلات من حزب الله لتأييد النظام السوري ضد المد الشعبي ، وإذا به تتغير ملامح وجهه فقد كان في البداية معنا ثم انقلب وجهه فجأة ، أنا لم أعرف أنه لبناني إلا من خلال حواري معه لكنني لم أتأكد أنه شيعي ويمثل وجهة نظر طائفية في قلب الجامعة العربية ، فقال أنه سيبلغ موقفنا للأمين العام عمرو موسى ، فأردفت إليه أن هناك أقراص كمبيوتر عليها مظاهر الاستخدام العنيف للسلطة السورية ضد المظاهرات السلمية ، فأخذها ووعد بأنه سيعرضها على الأمين العام عمرو موسى ، وبعد فترة أسبوع احتجت معاملة من السفارة السورية في القاهرة من خلال توثيق إحدى الشهادات التي حصلت عليها من قبل من جامعة القاهرة ، فكان رد القنصل السوري في السفارة السورية عصام نيال بعدم التجاوب ، بل ووصل به الأمر إلى تبليغ السفير السوري يوسف الأحمد بوجودي في السفارة السورية ، قائلا لي هل شاركت في مظاهرات أمام سفارتنا وأمام جامعة الدول العربية ، قلت له نعم شاركت من أجل المظلومين من أجل حقوق الإنسان التي أنا ممثل في العديد من تنظيماتها ، فما كان منه إلا أن قال لي إن السفير يود مقابلتي ، وحينما قابلته أي السفير أخبرني عن الحديث الذي دار بيني وبين طلال الأمين وقال لي نحن عندنا أعين في كل مكان ولن تنجح مظاهراتكم ضدنا حتى وإن كانت آلاف الأضعاف من هذه المظاهرات وأنهم باقون ونحن زائلون ، وبعد خروجي من السفارة أحسست أنه بالفعل عند هذا النظام عملاء في الجامعة العربية وفي المنظمات الدولية فكيف بمندوب يمثل منظمة إقليمية أن يذيع سراَ عن أنشطتها أليس هذا نوع من الخيانة بحق الجامعة نفسها ؟ بعد ذلك بأيام حدثت عدة مجازر في محافظة درعا وكان هناك مزيدا من المجازر فيها ، فقامت مظاهرة ولم تأل الجامعة العربية جهدا في أي قرار يدين جرائم النظام ، فطلب مني الثوار أن أمثلهم في الجامعة العربية وأن أمد للأمين العام مطالب الثوار والشعب السوري من الجامعة العربية وفق وثيقة وافق عليها الجميع ، لكن للأسف رفض الأمين العام مقابلتي هذه المرة أيضاَ ، وقيل لي أنهم سيتصلون بالمستشار القانوني له لمقابلتي أي بطلال الأمين ، وبالفعل اتصلوا بطلال الأمين الذي قال لي أنه مشغول ولا يستطيع مقابلتي فقلت له فقط قابلني لأسلمك الوثيقة وأطلعك على مستجدات الوضع في سوريا وعن مطالب الشعب السوري ، فقال لي لا أستطيع فأنا مشغول مع مسؤولين كبار في الجامعة العربية ، فقلت له هل الجامعة تمثل المسؤولين في النظام أم تمثل الشعوب العربية ؟ فقال لي بالحرف الواحد نحن نمثل حكوماتكم ولا تمثيل لكم عندنا ، تفهنا مطالبكم المرة الماضية وقابلناكم وأخذنا منكم الأقراص وآن لكم أن تبتعدوا عنا فنحن غير جاهزون بشكل دائم لمقابلتكم ، فقلت له إن التاريخ لن يرحمكم كما أن الشعب السوري وشعوب الدول العربية والإنسانية ستحاسبكم على اشتراككم في قتل الشعب السوري ، فما كان منه إلا أن أقفل سماعة الهاتف في وجهي بعد أن قال كلمة سنرى .

وبالفعل جاءت الأيام وباركت الجامعة العربية في الاتفاقية الخليجية لحل أزمة اليمن ، بالرغم من أنها اتفاقية منقوصة لا يمكن أن تحل الأزمة بشكل دائم ، كما أنها أعطت الحق لقاتل الشعب اليمني الرئيس علي عبدالله صالح في الحصانة هو وأفراد عائلته ، وهذا انتهاك صارخ لحقوق الإنسان لأن الجرائم ضد الإنسانية لا يمكن إسقاطها حتى ولو صار عليها مئات السنين فهي لا تسقط بالتقادم ، وبالفعل استمرت أزمة اليمن وماتزال مستمرة والوضع سيستمر ريثما ينقض الشعب اليمني على رموز نظامه ويحاكمهم وفق محاكمات علنية وسيكون العالم كله مع الشعب اليمني وليس عملاء الأنظمة العربية الموجودين في الجامعة العربية .
ونعود إلى الوضع في سوريا حيث أوفدت جامعة الدول العربية وفد المراقبين العرب إلى سوريا بعد عدة أسابيع من المماطلة من قبل النظام السوري للموافقة عليها ، وجرى إرسال هذا الوفد للاطلاع على حقيقة الموقف السوري وفق مجموعة من الشروط التي حددتها جامعة الدول العربية وأهمها وقف المظاهر المسلحة من قبل النظام وسحب كامل الأسلحة من الشارع السوري ، واطلاق سراح جميع السجناء السوريين المعتقلين بسبب اشتراكهم في معارضة النظام أو التظاهر ضده ، لكن رغم أنه لم يحدث أي شيئ من هذا القبيل بل ازداد العنف في الشارع السوري ، وافتعل النظام عدة انفجارات في عدة مناطق سورية- بل في عدة دول مجاورة من خلال عملائه- لتوجيه الأنظار عن قمعه للشعب السوري ، ومحاولة النظام السوري إبعاد المراقبين عن مسرح الأحداث الساخنة بحجة سلامتهم ، بل وافتعال الإرهاب ضدهم بدعوى أن هناك مسلحين بالفعل لا يريدون وجودهم في سوريا ، بل ورشوة بعضهم بالمال تارة وبالسياحة بأنواعها تارة أخرى وبإغراءآت غير أخلاقية في أحيان كثيرة أخرى ، لكن هذا لم يمنع بعض الأحرار منهم مثل مالك نور من فضح جرائم النظام بعد زيارته لباباعمرو في حمص حيث فضح بعثة المراقبين العرب وقال أنها متآمرة مع النظام السوري على الشعب السوري ، مما حذا برئيس بعثة المراقبين محمد أحمد الدابي إلى اتهامه بالكذب وأنه متآمر ضد البعثة وبأنه لم يخرج من الفندق المقيم فيه وكل أقواله مغلوطة ، بل أن الدابي بتقريره الذي أرسله إلى الجامعة العربية ساوى الضحية بالجلاد..وطالب بوقف العنف من الجانبين!!!..والنظام الأسدي مازال يتكلم عن المؤامرة الكونية..وما زال مستمراً بإجرامه الطائفي الحاقد أملاً تائهاً منه بإخماد االثورة السورية ، وهنا يتبادر إلينا توجيه عدة أسئلة للدابي..كيف تساوي بين نظام لديه جيش بأكثر من 11 فرقة مقاتلة وعناصر مخابرات تفوق ال100 ألف عنصر إضافة الى مأجورين مدنيين يسمون بالشبيحة فاق عددهم ال 100 ألف ... كيف تساوي بين مثل هذا النظام الذي سخر كل هذه الامكانيات التي ذكرت فقط لقمع مظاهرات مدنية وبين ثورة سلمية تخرج في مظاهرات رآها فريق المراقبين العرب بعيونهم حين نزلوا للشارع السوري ... ولو فرضا" هناك من حمل السلاح غير النظام السوري وأجهزته سواء من بعض المنشقين عن الجيش أو بعض الأفراد المدنيين الذين فجعوا بقريب أوشقيق فحملوا سلاحهم الفردي للدفاع عن نفسهم وهؤلاء كلهم ماذا يشكلون أمام جيش النظام الكبير ، حتى الدول الغربية ومعظم دول مجلس الأمن تأسفت من مثل هذه المساواة بين الجلاد والضحية حين طرحت قي مشروع القرار الروسي المقدم لمجلس الأمن ثم ادعاءك في تقريرك أن السلطة والمعارضة قد عرقلت عملك ، هل عرقل عملكم النساء التي اندفعن نحوكم ليشكوا لكم فجيعتهم باولادهم ، أم المعتقلين الذين أظهروا ... أم القتلى الذين رأيتموهم وهم يسقطون أرضا" أمامكم ،ورأيتم أثار التعذيب على أجساد من كان معتقلا ، وقد رأيتم كيف انتشرت الدبابات والعربات المصفحة حاملة الرشاشات في كافة المدن التي زرتموها ... بعضها أعيد طلائها باللون الأزرق وبعضها حتى بقي بلونه الأصلي ، وقد أظهرت بعض التسجيلات وقوف مراقبيكم على مقربة من هذه المدرعات وقد شاهدها مراقبوكم ولم يفعلوا شيئا" ... ومن بنود المبادرة اطلاق المعتقلين السياسيين .. وقد زودتكم منظمات حقوق الانسان باسماء عشرات آلاف المعتقلين لم يطلق منهم حسب قول النظام سوى ال3000 ولم تعرفوا ان كانوا سياسيين ام جنائيين ، ولم تتمكنوا من الوصول لاماكن اعتقال هؤلاء الالاف ، ومن بنودها السماح بدخول الاعلام العربي والعالمي .. وقد رأيتم أن معظم وسائل الاعلام لم يسمح لها بالدخول سوى لبعض المحطات التابعة لبعض الاطراف اللبنانية الموالية للنظام السوري ، .ومن بنودها السماح بالتظاهر السلمي ، وقد رأيتم كيف تضرب التظاهرات بالرصاص وقد شاهد العالم آخر تسجيل دموي كيف يدوس الشبيحة والأمن بأقدامهم في كفرسوسة – كما كانت قبل ذلك في كثير من المدن السورية وأولها قرية البيضة في بانياس والتي ادعى النظام أنها من فعل البشمركة في العراق ، لكن ظهور أحد من كان يداس وهو أحمد بيساني قد كشف ادعاءآتهم على المدنيين العزل- وغيرها مئات التسجيلات الواضحة وغير القابلة للتزوير أو الفبركة .
ثم كيف عرفتم أن هناك تهريب سلاح الى سوريا وأنتم بصعوبة استطعتم الوصول لبعض الأحياء الملتهبة في بعض المدن ولم تزوروا أي مناطق حدودية فكيف جزمتم بأمر تهريب السلاح وهل أصلا" هذا الأمر هو من اختصاص اللجنة.(وخاصة ان الأجهزة الامنية اللبنانية مثلا" تحقق منذ شهور وللآن لم تكتشف شبكات واضحة لتهريب السلاح لسوريا ) ، وواضح ان النظام قد أثر على مهنية اللجنة من خلال التفجيرات التي حدثت في دمشق والتي تؤيد صحة الشكوك بكونها مفتعلة نظرا" لتوقيتها الغريب مع وصول اللجنة ، وهذه التفجيرات هي ليست من اختصاص اللجنة التي أتت لتنفيذ المبادرة العربية وأما هذه التفجيرات فهي حادث مريب غير واضح المعالم وان ثبت فعلا" تورط جهة معينة به فماهي علاقة الثورة السورية بذلك وخاصة أن المعارضة بكافة أطيافها أدانت العمل وأعلنت أنها بريئة منه ، ونتساءل هنا ماذا سيكون موقف الجامعة العربية من هذا التقرير المريب والذي لن يخدم سوى النظام ومزيدا من عنفه ضد أبناء الشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة والعدالة ، المنطق السياسي يقول إن الجامعة العربية ستتأثر بالوضع الدولي كما هي عادتها ، وعندما ستشعر أنها مجبرة على الانسياق وراء الإنسانية العالمية من خلال الحماية الدولية ، كما كان ذلك في كوسفو وفي البوسنة والهرسك وفي العديد من الدول الأفريقية وفي ليبيا مؤخرا ، وستظل جامعة أنظمة لا أمل من بقائها حتى تتحرر جميع الشعوب العربية من أنظمتها القمعية وتفرز ثوراتها حكاماَ جدد أفرزهم الشعب بكامل إرادته مثل النظام الجديد في تونس برئاسة المنصف المرزوقي أو بدايات النظام الجديد في ليبيا بقيادة مصطفى عبد الجليل ، وبذلك تتحول جامعة الدول العربية من جامعة أنظمة قمعية ّإلى جامعة شعوب وفق كونفدرالية تبدأ من الشعور الإنساني وتنتهي بالمصالح الإقتصادية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | أعمال الإنقاذ والإغاثة تتواصل بعد العدوان الإسر


.. Kesaria should still be alive ??




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - اليونيسيف: إرتفاع عدد النازحين بق


.. لعبة إلكترونية في ألمانيا تشجع على ترحيل المهاجرين!




.. الأمم المتحدة تطالب بإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية