الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياحكومة .. يامثقفين .. عراقي يبيع نفسه في مزاد عبر الفيس بوك !!

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2012 / 1 / 21
حقوق الانسان


قبل أكثر من ثلاث سنوات وصلتني رسالة من المواطن ستار عبد الله سلمان طلب فيها أن أنشر طلبه في الجريدة التي أعمل فيها ، قائلاً إن رسالته أمانة في عنقي . بدا طلبه غريباً لي في حينه ، ذلك أنه كان يريد من الحكومة أن تسقط عنه جنسيته العراقية ، بسبب ماتعرض له من خيبات في البلد قائلاً : لم أحصل على شيء من العراق وليس لي حق فيه ، ولم أجن ِ منه غير الظلم والعذاب ، فلماذا اتمسك بهذا البلد وجنسيته ؟
في ذلك الوقت لم أنشر رسالته ، ليس لعدم إهتمامي بمشكلة يعانيها مواطن ، وإنما لم أنشرها لاعتبارات أخلاقية تتعلق بقيمة الإنسان وبقيمة الوطن الذي يجب أن لانتخلى عن انتمائنا له مهما اشتدت بنا ظروف الاستبداد والظلم ، كما إن طلب إسقاط الجنسية غير واقعي ويعطي انطباعات سلبية ولايحل مشكلة ولايوقف مسلسل الإحباطات ، كما يجب أن يسبقه سؤال مهم : وماذا بعد إسقاط الجنسية ؟
استحضرت في ذهني ذلك الطلب ، حين لفت انتباهي خبر نشر مؤخراً عن المواطن نفسه وهو يعرض نفسه للبيع في مزاد علني عبر الفيس بوك .
اقرأوا معي الخبر :
عرض مواطن عراقي نفسه للبيع في مزاد علني سيفتتح عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، في ما اشترط أن لا يكون المشتري عربياً او مسلماً او مقيماً
في بلد عربي.
وقال ستار عبد الله سلمان "قررت عرض نفسي للبيع لمن يريد شراء إنسان من جمهورية العراق"، مؤكداً أنه جاد في هذا الأمر".
وأضاف سلمان الى قوله أن "المواصفات سيعرفها من يرغب في الشراء ويكون جاداً بها".
وأوضح سلمان ، الذي يبلغ من العمر 38 عاماً ، أن قراره "جاء بعد مضي أكثر من عامين على تقديمه طلبات عديدة لمجلس الوزراء بإسقاط جنسيته العراقية وإعلانه التنازل عن العراق وما فيه"، مضيفا أن "جميع الطلبات قوبلت بالتجاهل من قبل الحكومة العراقية".
وأشار سلمان الى أن "عدم الرد على أي طلب من طلباته خلال العامين الماضيين أثبت له أن الإنسان الذي يولد على ارض العراق ليست له أي قيمة".
الى هنا انتهى الخبر الذي أعدتُ نشره في صفحاتي في الفيس بوك لاستطلع آراء القراء ، وقد جاءت ردود أفعالهم بين متعاطف مع سلمان وبين مستاء من تصرفه . إذ إن المتعاطفين معه كانوا بين متسائل : أهناك عراقي لم يُبَع بعد ؟! ـ والمعنى في قلب الشاعر ـ وبين من قائل إن سلمان هو من باع العراق وباع الدين والعروبة بلا ثمن وهو غير مجبر على بيعه ، بالرغم من أن كثيراً من السياسيين باعوا البلد ، والفارق بين ستار وبينهم أنه ليس مجبراً ولم يقبض الثمن ولن يشتريه أحد وأعلن البيع في المزايدة ، على العكس منهم قبضوا الثمن ووجدوا من يشتري بكل سرية وهم أكثر من يتكلمون في الوطنيات .. كما إن هناك من علق بالقول : الذي ليس فيه خير لأهله.. هل يعطي الخير ؟ ناصحاً سلمان بالبحث عن الحب والعاطفة فى قلبه قبل أن يبحث عنها فى قلوب الآخرين .. وثمة من رأى أنها تقليعة للحصول على الشهرة ، وهناك من قال إن عرض الإنسان نفسه للبيع لايحدث في العراق فقط .
إن غايتي من الكتابة عن هذا الموضوع هو الوقوف على مدى ما أوصله اليأس ببعض الشباب ، فأخذوا يطالبون بأمور لم نكن نتوقع أن العراقي يمكن أن يطالب بها في يوم ما . ولاتتصوروا أن سلمان هو الوحيد الذي يريد الهرب من بلد الأوجاع والحكومات الاستبدادية ، لكنني إتخذت منه مثالاً لأنه أتبع أسلوباً غريباً على مفاهيمنا وأعرافنا ، بل هو أسلوب يدمي إنسانيتنا ، كما سبقه صحافي واع ٍ طلبَ اللجوء الى بلد فقير هو جنوب السودان ، فضلاً عما يتداوله الشباب في أحاديثهم عن عدم شعورهم بالانتماء الى العراق ومعنى كلمة عراقي وعراق ..
إنها شدة وطأة الظروف الضاغطة من اختلال أمن ونهب ثروة بلد من قبل قلة طارئة وفساد إداري وفقر وبطالة وأزمة سكن وفوضى شارع وغياب خدمات وضياع أحلام ، هي التي تدفع الكثيرين الى اليأس فضلاً عن إتباعهم أساليب لايرضاها الوطنيون والإنسانيون والواعوون بالرغم من احتراق أحلامهم فيه ، ويستغربها (بعضٌ من المستغربين والمستائين من بيع هوية وليس كلهم بالتأكيد ) لاسيما مَن لم يحترقوا بنار الأوجاع في العراق على مدى عقود حتى اليوم ، ولذلك تأتي تفسيراتهم وتحليلاتهم لسلوكيات الخائب اليائس المتعَب كمن ينظر الى الناس من برج عاجي ، فلايدري ماالذي يعانونه ؟
ولأن الحكومة ساكنة في أبراجها ، لاهية بمشاكلها وخلافاتها وكراسيها ، فهي لن تسمع أي نداء او تضعه على طاولة التشخيص ، لذا لابد أن تكون الكلمة موجهة الى مثقفينا مطالبين إياهم بأن يحاولوا أن يكونوا يداً واحدة بعيداً عن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة ويتحركوا بإتجاه تبني مطالب المواطن الفقير الضعيف ، وأن يكونوا قوة ضاغطة على الحكومة ، علّها تلتفت قليلاً الى جراح المواطن . فالخلاص لن يأتي من الخارج ، ولانريد أن نكون موضوعة نكتة يسردها الأنترنت من قبل مَن لايفقه حقيقة أوجاعنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إذا لم تجد عدلا في محكمة الدنيا ، فارفع ملفك
محمد ( 2012 / 2 / 13 - 15:46 )
ربـّــيْ هــبْ لِــيْ ،، مــن رحـمــتـڪ فـرحـًــآ لآ يــذڪــرنِــيْ ،، بــوجــعـِي
لا تتوقع من نبتة الصبّار أن تثمر لك التفاح.
حاول أن تعرف أصل الأشياء وماضيها، كي لا يصدمك المستقبل معها!
لقد نصحنا الناس ان لا ينتخبوا هولاء وياريت ياخذون العبر


2 - الله علىالجان سبب العراقيين
احمد العجيلي ( 2012 / 4 / 19 - 14:46 )
احب اكول للحكومة شوفو الشعب العراقي ترة متئذي من النضام السابق ولحد الان ممرتاح كضاها حروب بحروب ومئاسي متنسي اتمنة يتابعون المواضيع الي تفيد الشعب اكلة للاخ سلمان اخوية العزيز احنة والموت سوة احنة ميتين بس خارج القبر وشكرا جزيلا

اخر الافلام

.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق




.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟


.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع




.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد