الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق الصعب للديموقراطية في سوريا وسياسة القلب المفتوح

جان كورد

2005 / 1 / 4
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


بعض السوريين الذين كتبوا في العام المنصرم أو في بداية هذا العام الجديد قالوا بأن هذه السنة ستكون صعبة وشاقة للنظام البعثي الحاكم في سورية، ولهم من الحقائق الملموسة ما يبرر نظرتهم الدقيقة هذه..
وفي الحقيقة فإن سورية تحدّها من الشمال دولة تركيا العضو في حلف الناتو، ومن الشرق دولة العراق التي تتحرك الدبابات الأمريكية على امتداد حدودها مع سوريا ويطلب وزير دفاعها من النظام السوري أن يراقب الحدود مع العراق كمراقبته لحدود بلاده مع اسرائيل، كما يحد سوريا من الجنوب نظام ملكي هاشمي يتصرّف حيال جيرانه حسب قناعاته السياسية الوطنية ومصالحه وليس حسب المصالح القومية المشتركة، وكذلك اسرائيل التي لا يمكن اعتبارها دولة صديقة لسوريا في الوقت الحالي.. وليس لسوريا في وضع كهذا إلا أن يفكّر في عمقه الاستراتيجي بترميم نافذته المطلّة على الغرب عبر الأراضي اللبنانية، في وقت يغلي شعب لبنان كرها للمحتل السوري على حد تعبير بعض من هم مطّلعون على حقيقة المشاعر الشعبية اللبنانية تجاه الوجود السوري المزمن في لبنان.
وعلى الرغم من "لطافة" الضغوط الأمريكية ، السياسية والاقتصادية، على سوريا فإن خوف النظام البعثي من اعلاء وتيره هذه "الكبسات" الديبلوماسية المتلاحقة من قبل وزارة الخارجية الأمريكية وتحوّلها إلى سياسة عملية تستهدف خنق النظام أو شويه على نار بطيئة، يجعلنا موافقين على الرأي القائل بأن أصابع النظام ترتعش خوفا مع بداية هذا العام الجديد لأنه مقدم على مرحلة صعبة حقا من محاولات التوفيق بين سياسة عرض العضلات والسير حسب الايقاعات التي تمليها وزارة الخارجية الأمريكية...
ولكن إضعاف النظام البعثي المتفرّد بالحكم في سوريا لايعني تحقيق نظام ديموقراطي تلقائيا أو بروز شمس الحرية والديموقراطية في الأفق السوري بين ليلة وضحاها..إذ أن ثلاثة من أقدم الأحزاب السورية عمرا وأشدها تأثيرا على الساحة السياسية السورية حتى الآن (الحزب الشيوعي السوري ، حزب البعث العربي الاشتراكي والإخوان المسلمون) التي تلتقي على هدف الدفاع عن دمشق آخر قلاع الأمويين بعد سقوط بغداد والفلوجة، لم تتمكّن بعد أكثر من نصف قرن من وجودها تقبّل الديموقراطية كنظام للحكم، بل كانت تعتبرها على الدوام ترفا غربيا لايمكن تطبيقه في بلادنا إلا بعد اجراء عمليات تجميلية كبيرة عليها، أو أنها قاومت بشراسة ضد ما اعتقدت بأنه مضّر بمصالح الأمة العربية والشعب السوري.
ولكن علينا الاعتراف هنا بأن الإخوان المسلمين في الماضي وفي الحاضر، بسبب تواجدهم على الدوام كحركة معارضة للأنظمة العلمانية والاشتراكية، أظهروا أنفسهم، نظريا على الأقل، بأنهم أكثر تقدمية في هذا المجال من الحزبين الآخرين، ووثيقتهم الأخيرة التي اعتبروها برنامجا للإصلاح السياسي والمصالحة الوطنية، الذي فيه نواقص، وبخاصة في مجال الاعتراف بالوجود القومي الكوردي الذي لم يأت ولو بكلمة واحدة صريحة، على الرغم من الشعب الكوردي في سوريا يشكلّ القومية الثانية بعد القومية العربية من حيث التعداد السكاني وكوردستان سوريا تنتشر جغرافيا من شرق البلاد إلى غربها، في حين أن الحزب الشيوعي، ونعني هنا جناح رياض الترك الذي بدّل اسمه مؤخرا شرع في الاعتراف بأهمية الديموقراطية كإطار لابد منه لمعالجة الأوضاع الاجتماعية المزرية للطبقات الكادحة، ولاندري هل سيظل موقف الحزبين ( الإسلامي والشيوعي) ذات الموقف من الديموقراطية إن وصلا إلى دفة الحكم في البلاد أم لا، فالشعب السوري لم يمتحنهما في السلطة حتى الآن، ولكن مقارنة الأوضاع في بلدان عدة مع الوضع السوري تجعلنا غير متفائلين في هذا المجال.

أما حزب البعث الذي يحاول على الدوام بيع بضاعته في سوق الحركات والقوى السياسية العربية على أنه حامي الحمى والبطل الصامد والمقاوم عن عرين العروبة وعاصمة الأمويين في وجه (الامبريالية والصهيونية والرجعية والشعوبية) فحدّث ولا حرج. إذ أنه الحزب الذي يمارس السلطة الفعلية في البلاد منذ أربعين عاما أو تمارس السلطة بإسمه وتحت شعاراته البرّاقة الطنانة وعن طريق شخوصه البارزين وغير البارزين على كافة المستويات التنفيذية في البلاد. ويمكن اتهامه بكل التهم التي تطلق على الأنظمة المتخلّفة إلا أنه بريء من الديموقراطية براءة الذئب من دم يوسف على الرغم من أن مؤسسيه تحدّثوا وكتبوا في بدايات التأسيس عن فضائل الديموقراطية التي داستها أحذية جنرالاتهم وزعاماتهم الحزبية الدكتاتورية وشوّهتها تشويها لامثيل له، سواء في "الدستور" أو في "مجلس الشعب" أو في "الادارات المحلية" أو في "الجبهة الوطني التقدمية" التي لن يكتب عنها التاريخ السوري شيئا ذا قيمة...
هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد أن الأحزاب التي تطلق على نفسها أسماء ديموقراطية أو إصلاحية أو تحديثية ضعيفة نسبيا وقليلة التجربة ومترددة في مجال مقارعة النظام التوتاليتاري المستبد برقاب الشعب السوري، فتارة ترجو النظام أن يفرج عن السجناء السياسيين أو يسحب قواته من لبنان حتى لايتعرّض إلى المخاطر، أو تتوسل أمريكا أن لاتستخدم العنف تجاه النظام بذريعة أن إسقاط نظام دكتاتوري بالقوّة هجوم على كل الأمة العربية من منطلق التفسير الجاهلي لأنصر أخاك ظالما أو مظلوما، وتارة أخرى تقف على خط المواجهة ووجهها صوب الوراء أو أنها تغازل النظام على حياء بعبارات خلاّبة تجعلنا نتساءل:" ما لهؤلاء لايقولون حقيقة ما يريدونه؟" والأنكى من هذا هو أن بعض الزعامات "الديموقراطية!!" تتصرّف ضمن أحزابها ومع أعضاء تنظيماتها أو مع غيرها من أحزاب "المعارضة" تصرّفا دكتاتوريا غاشما لا يعبّر أبدا عن ديموقراطية أو عن قيم حضارية.. وقد قال الحكماء: "فاقد الشيء لايعطيه."
إذا فالمعارضة الديموقراطية السورية بحاجة إلى ما نسميّه نحن الكورد بسياسة "القلب المفتوح" وهذا يعني الكثير حقا، إذ أنها تعني الحوار الصريح والاستماع الجيّد للآخرين والثقة المتبادلة بين الأطراف المختلفة وكثيرا من المحبة ووضع المشاكل على طاولة النقاش وترتيبها حسب أولوياتها والتعاون من أجل حلها وفق خطة عمل وبرنامج زمني محدد... وسياسة "القلب المفتوح" هذه لابد منها لتقصير الطريق صوب مجتمع سوري حديث، ديموقراطي تعددي ليبرالي فيدرالي وتضامني..
ولأننا نؤمن – من جهتنا كأكراد سوريين – بضرورة رسم هذه السياسة الايجابية نقول:" إن طريق الديموقراطية في سوريا يمر عبر الاعتراف التام بالوجود القومي الكردي بصراحة في برامج كل الأحزاب التي تدّعي أنها تناضل من أجل الحرية والديموقرطية والتقدّم الاجتماعي أيا كانت..." وهذه هي خطوة لابد منها لبناء معارضة ديموقراطية سورية حقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين في -عيد النصر-: لن نسمح لأحد بتهديدنا والقوات النووية


.. رحلات إنسانية.. الإمارات تنفذ عمليات إجلاء للأطفال المصابين




.. خيانة و قتل من أجل الحب


.. سموتريتش: يجب أن تستمر الحرب حتى القضاء على حماس بشكل كامل




.. استهداف جرافة عسكرية للاحتلال بعبوة ناسفة خلال اقتحام قباطية