الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخلاقيات المسرح

رحمن خضير عباس

2012 / 1 / 21
الادب والفن


اخلاقيات المسرح
رحمن خضير عباس
ضياء الساعدي, رجل من بسطاء الناس . كان ومنذ طفولته يعشق المسرح . ويؤمن بالقول المأثور (اعطني مسرحا . اعطيك شعبا مثقفا ) . حينما اراد ان يساهم –عبر المسرح- في بناء ثقافة لأبناء مدينته تحسس "الرفاق " واجهزة الأمن في النظام الدكتاتوري مسدساتهم . لم يبق لديه سوى التشرد في ارض الله الواسعة . فكانت الشام محطة لهجرة موقتة , يشم فيها هواء العراق الذي لوّثته الحروب . كانت الفاقة والحنين ترافقان ضياء الذي بقي نقيا ,صابرا ,مقاوما كنخل العراق .. وحينما سقط النظام حتى يعود مع العائدين . لكنه لم يسع الى مال او سلطة , واعتكف على المسرح من جديد , متخذا منه فضاءا لأشاعة القيم الأنسانية , بكل ماتحمل من نبل ووطنية ..لقد صادف هذا الفنان تجربة صغيرة في شكلها عميقة في مضمونها وهو الحصول على مال سائب من خزينة الوطن التي تنهشها الغربان , وقد كشفت هاته التجربة عن اصالة هذا الفنان وأمانته . سأنقل لكم الحكاية حرفيا كما وردتني من صديق عبر الفيس بك
(ضياء مدير مدرسة ابتدائية عند خفاجة .ذهب لأستلام رواتب المعلمين من المصرف , اعطوه 32 مليون دينار . نسي هويته , وحينما عاد لآخذها , سلموه مبلغا آخر قدره 16 مليون دينار وهي الرواتب الحقيقية . وحينما راجع الأوراق اكتشف انهم سلموه 32 مليون دينار زيادة . اجّر سيارة على حسابه الخاص واعاد المبلغ وسط ذهول الموظفين . حينما ذهب الى مديرية التربية سالته موظفة محجبة: انت تصلي؟ فأجاب : انا شيوعي . فهتفت , يحيى الحزب الشيوعي ) انتهى حديث الصديق الذي كان معجبا بفحوى التجربة وأمله في اشاعتها .... هذا يقودنا الى سؤال جوهري عن معنى المواطنة , ودور المواطن في بناء بلده . ودور المدرسة في تأسيس قيم جديدة تبدا من الأطفال . ولااعني في ذالك إلقاء المحاضرات المحشوّة بالنصح والأرشاد . الذي اعنيه هو توفير الحاجات المادية للطلاب ببناء مدارس حديثة ومزودة بكل عناصر الحداثة . وتغيير المفاهيم البالية التي تشكل عقبة رئيسية في سبيل الأنطلاق الى رحاب العصر الحديث . ولعل من يسأل ما العلاقة ما بين الأمانة وتوفير المستلزمات الأساسية للطلبة ؟ واني اجزم بقوة العلاقة وترابطها . فسلوك الفنان الرائع ضياء الساعدي ,يكون طبيعيا في ظل انظمة الكفاية , والتي ينبثق منها حزمة مترابطة من القيم .. ولكن سلوك الأمانة يكون غريبا في ظل سيادة الفساد والغش والسرقة والتكالب على المال .
اننا في المهجر نفخر بهذه الظواهر الأيجابية , التي تبرز في سماء بلدنا المثخن بالجراح . كما نحزن للأنهيار الذي يفتك بجسد العراق . هذا الأنهيار الأخلاقي الذي يتمثل بالنهب الكبير من المال العام , وتفشي الرشوة , والتهاون او الغش في العمل .. إن ثروتنا الحقيقية تكمن في شرفاء العراقيين ومخلصيهم , الذين سيعيدون للوطن ألقه وافقه الجميل . اما انت ياضياء وامثالك فستبقون كالنخلة العراقية التي تمنح الناس الظل والغذاء والدواء .
اوتاوة 21/01/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس أخطر مشهد لـ #عمرو_يوسف في فيلم #شقو ????


.. فيلم زهايمر يعود لدور العرض بعد 14 سنة.. ما القصة؟




.. سكرين شوت | خلاف على استخدام الكمبيوتر في صناعة الموسيقى.. ت


.. سكرين شوت | نزاع الأغاني التراثية والـAI.. من المصنفات الفني




.. تعمير - هل يمكن تحويل المنزل العادي إلى منزل ذكي؟ .. المعمار