الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما مهمات الاشتراكيين؟ 1 - 2

أنور نجم الدين

2012 / 1 / 22
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


علينا بحث مهمات الاشتراكيين من التجارب السابقة والحاضرة لحركة الشغيلة في العالم ودرجة تقدمها في صراعها مع البرجوازية العالمية في الوقت الحاضر. ونحاول تلخيص هذه المهمات في النقاط الآتية:

- الاستقطاب والانتظام الطبقي:

في (الكومونة والسوفييتات) المنشور في الحوار المتمدن، قد أشرنا إلى الجوانب المختلفة لقوة وضعف الثورة في محاولاتها السابقة، وقلنا: إن الانتظام الطبقي للشغيلة يأتي من خلال الشروط المادية التي ستجعل من الطبقات قطبين متعارضين أمميًّا. وحين بلغ هذا الاستقطاب نضوجه التام، فآنذاك تتحرك الأشياء نحو الانتظام الطبقي الضروري لتطوير اتجاه الثورة في الحركات التي يسودها عدم الانتظام إلى الآن محليًّا وعالميًّا. فوراء الأزمة الاقتصادية العامة التي تدفع العالم نحو الكساد العظيم -حسب الاقتصاديين البرجوازيين أنفسهم- تتقدم حركة الشغيلة بمطالبها الاجتماعية نحو مقدمة المسرح العالمي. وإن النهوض الجديد في الحركة الأممية، سيبعث آمالاً جديدة بين الاشتراكيين الكومونيين بالذات. ولكن مع ذلك لا توجد وصفة رياضية أو ايديولوجية لكيفية تطور الحركة نحو الصراعات الحاسمة بين طبقتي المجتمع الرأسمالي -البرجوازية العالمية والشغيلة العالمية- وتوازن القوى بينهما في ميدان مبارزتهما الاجتماعية.

- التوازن الطبقي:

في الاستقطاب الطبقي نجد شروط التوازن الطبقي بين الطبقات في المستوى العالمي. أما انضمام الشغيلة إلى حركتها وانتظامها الطوعي فيها، فلا يجري إطلاقا من خلال ما يسمى بوجود قيادات حكيمة، والحزب الحديدي، بل يعود إلى تفاقم الأزمة السياسية بين الطبقات وانعدام ثقة الشغيلة بالوعود الكاذبة للدولة ثم الاستمرار في الهجوم على قلعة الرأسمالية في المستوى الأممي. فالتقدم أو الردة، فعل تاريخي، يجد شروطه في التوازن الطبقي لا في رغباتنا الخاصة وفكرنا لتصميم المستقبل. إن عوامل تقدم أو تراجع الشغيلة، موجودة في العناصر التاريخية للثورة ذاتها. فالثورة تصاحبها ثورة مضادة تحاول دائمًا إخماد نارها، ولا تقوم بضرب حركة الشغيلة من الأمام فقط، بل ومن الخلف أيضاً، أي من خلال برامج اليسار لإصلاح المجتمع وإعادة الشغيلة بسلامة إلى إحضان الدولة، آلهة الأرض.
والسؤال هو: ما معنى التوازن الطبقي؟ هل هو وجود الحزب؟ هل الحزب عامل الانتصار، كما يقال؟ ما الوسائل والتكتيك للوصول إلى الاستراتيجية -الهدف-؟

- الاستراتيجية والتكتيك والوسائل:

إن تحديد الأعمال التكتيكية والوسائل النضالية، يأتي من خلال تحديد الإستراتيجية بالضبط.
وما الإستراتيجية؟ هل هي الديمقراطية؟ إذا كان الجواب: نعم، فالأعمال التكتيكية والوسائل النضالية -بكل تأكيد- هي تكتيك اليسار الديمقراطي نفسها ووسائله، فالجبهات الوطنية، والنضالات النقابية والبرلمانية، والإصلاحات هي الهدف المباشر بالنسبة لليسار. فهذا التكتيك يخدم قضية الليبراليين فقط، ولا يستهدف سوى إنهاء التوازن الطبقي لصالح البرجوازية في العالم، حيث ان الهدف منه هو عزل الحركات البروليتارية عن بعضها بعضًا في العالم بحجة الحيل السياسية المختلفة مثل (التفاوت الاقتصادي) و(القفز على المراحل التاريخية) و(التطرف) وضرورة تحقيق ما يسمى (ببرنامج الحد الأدنى) الذي هو في الأساس جزء غير منفصل عن البرنامج الاصلاحي للبرجوازية ذاتها. وحين تحاول البرجوازية عزل الحركات المعاصرة عن بعضها بعضًا من خلال قواتها العسكرية الإرهابية يحاول اليسار نزع الشغيلة من وسائلها النضالية الخاصة بها بحجج لا أساس لها في الواقع العملي.
ولا تنتهي هذه الأعمال إلا بشق الحركة الأممية وتشويه الطابع التاريخي لأهداف الشغيلة من جديد، وسلب كل وَعْي طبقي لصالح البرجوازية العالمية، مما يؤدي في النهاية إلى تفسخ معنوية الشغيلة واستسلامها أمام جبروت الرأسمالية العالمية وزرع فكرة أبدية النظام الرأسمالي من جديد.

أما إذا كانت إستراتيجية الاشتراكيين تختلف عن إستراتيجية اليسار، فيجب أن يخدم كل تكتيك وكل وسيلة، الطابع الهجومي لحركة الشغيلة التي تتلخص في التظاهرات، والإضرابات العامة، والاحتلال، والمتاريس على الشوارع.
أما الوسائل فهي الاتحادات الجماهيرية والمجالس الثورية التي ستقوم بتوجيه الحركة في مجرى واحد مشترك، ودحض أوهام ضرورة مشاركة البرجوازية في إكمال مهماتها الديمقراطية.
إذاً، فالاستراتيجية، والتكتيك، والوسائل تختلف كل الاختلاف بين الاشتراكيين واليسار الشيوعي المتحالف مع البرجوازية الوطنية تارة والبرجوازية الديمقراطية تارة أخرى.

- الوعي الطبقي:

مع تطور الحركة ذاتها واستمراريتها، تكتسب الشغيلة دروساً جديدة يتطور بموجبها الوعي الطبقي، فالوعي الطبقي ليس دروسًا حزبية وايديولوجية، بل اكتساب تجارب جديدة محددة. أما تعميم هذه الدروس والتجارب، فهو مهمة الفصائل والتنظيمات الاشتراكية في العالم.

- مهمة الفصائل الاشتراكية:

بالطبع لا يوجد هناك أي برنامج سياسي مثل برنامج الإصلاحيين الذي يقره حزبهم في المؤتمرات وحسب ما يسمى بالظروف المختلفة للبلدان، وتقسيم هذا البرنامج إلى (برنامج الحد الأدنى) و(برنامج الحد الأقصى) الذي لا يستهدف سوى تقسيم الشغيلة إلى فرق وطنية وقومية ونقابية متناقضة.
ولكن مع ذلك تطلب حركة الشغيلة وتطورها، تنظيم الاشتراكيين في فصائل وتنظيمات اشتراكية في كل مكان. والغرض ليس نشر ايديولوجية محددة، أو إنشاء ما يسمى بجهاز تثقيفي من قبل الإنتلجنسيا لنشر الوعي بين العمال وتربيتهم للنضال؛ فالمسألة لا تتعلق بالنظرة اللينينية التي تقول: (أعطوني منظمة ثورية سأقلب روسيا رأسًا على عقب!)، فكأنت الحركة ذاتها لا تستهدف سوى اكتساب قيادة ثورية تقوم بإحلال الحزب محل الطبقة والقيادة محل الحزب. الأمر يتعلق بالتوازن الطبقي في المستوى الأممي والمستوى الأممي فقط لا بقلب القيصر في روسيا أو مبارك في مصر، ولا بتحسين حياة هذه الفصيلة أو تلك من فصائل الشغيلة في العالم، أو بشعار "ارحل"، أو باقامة ما تسمى بالجمهورية الاشتراكية، أو بالديمقراطية المباشرة، أو بدقرطة الأنظمة السياسية في الشرق وافريقيا، فما الحصيلة النهائية لدمقرطة الغرب وأمريكا؟ أهي اطلاق أيدي الشغيلة للثورة، أم تجديد دورة حياة نظام اضطهاد الإنسان للإنسان وسيادة الإنسان على الإنسان؟ فمهمات الاشتراكيين الكومونيين اليومية هو المشاركة في تطوير الاتجاه الاشتراكي في الحركات المعاصرة لا أكثر.
وعكس ما يتصوره المثقفين، فتتعلم الشغيلة من تجاربها الخاصة، والغرضُ من نشوء الفصائل الاشتراكية استخلاصُ النتائج من الدروس السابقة والحاضرة، وتعميمها محليًّا وعالميًّا، ونشر التقاليد الثورية للكومونة، ونقد الجوانب المختلفة للحركة، والمشاركة في الأعمال المجالسية في حينها .. إلخ.
ان هذا العمل سينعكس لا محالة على نشاطات الاشتراكيين الذين يعايشون الزمن التحضيري للمحاولة المقبلة في كل مكان.
وبهذا المعنى، فوجود الفصائل الاشتراكية جزء غير منفصل عن مجموع الحركة، وإنها بالتحديد عضو من أعضائها، وتظهر من خلالها، وتعبر عن درجة من درجات تطورها تستهدف سحق الحلقات والشيع الاشتراكية الرجعية التي تتمسك دائما بحياتها الخاصة المنعزلة عن مجموع الحركة، فالقضاء على العصبوية له أهمية تاريخية كبيرة في الوقت الحاضر. وأنها بكل تأكيد نتاج تطور الحركة ذاتها وضرورة تقدمها لا نتيجة لإدراكها أو قوة المثل، فالنزعات الشخصية للإنتلجنسيا تميل دائما نحو العصبوية، وإنها تخلف أثرًا سلبيًّا على مجموع الحركة.

نعرف سلفًا أن حركة الشغيلة حركة غير متجانسة، وأنها لا تصبح يومًا حركة خالصة. لذا فإن كل حركة تنتج في خصوصيتها -أي في الحدود التي تنطلق فيها ومع تجاربها الخاصة وتقاليدها القديمة- مفاهيمها الخاصة وفصائلها الخاصة بها أيضًا. إن تقارب هذه الفصائل في الأعمال يتوقف على درجة تطور حركة الشغيلة ذاتها. لذلك لا ننتظر التقارب المطلق بين هذه الفصائل الاشتراكية يومًا من الأيام. وإن توحيد هذه الفصائل في حزب واحد أمر غير ضروري، بل وغير ممكن، ولكن مشاركتهم في الحركة والمحاولات لتطوير الاتجاه المجالسي فيها أمر في غاية الأهمية بالنسبة لحركتنا.
وهكذا، ستحتاج الحركة الاشتراكية العالمية قريبا إلى توحيد الأهداف عالميًّا. فالبدء بتنظيم اللقاءات، والاجتماعات المكثفة، والمطبوعات والجرائد والمواقع الخاصة بالاشتراكيين، والدعم المالي للحركات التي يشارك فيها الاشتراكيون بصورة فعالة، ومحاربة التقاليد الرجعية التي تركتها الثورة المضادة في حركة الشغيلة هو في الأساس مهمات آنية لفصائل الاشتراكيين الكومونيين.

أما بخصوص تطور الحركة نحو الصراع الحاسم مع الرأسمالية في هذه المنطقة أو تلك من مناطق العالم، واتساع حدود نشاطاتنا وتفاعلنا معها، وأثرنا على مجرى الحركة التي تستهدف في النهاية سحق السلطة السياسية، وإقامة التعاونيات الاشتراكية، فنحاول الإجابة عن أهم النقاط منها في الجزء الثاني في هذا الموضوع.

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع


.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم




.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.


.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا




.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية