الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ضوء تقرير أوروبي: الدولة الفلسطينية صارت خيالاً غير قابل للتطبيق

سمير طاهر

2012 / 1 / 22
القضية الفلسطينية


على مدى سنوات طويلة تتابعت الوعود الدولية باقامة الدولة الفلسطينية، وهو كل ما فعله المجتمع الدولي في هذه القضية بينما تواصل الاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين بشكل حثيث ويومي. سلبية المجتمع الدولي مع فاعلية النشاط الصهيوني أديا مع مرور الزمن الى واقع صار معه الحديث عن دولة فلسطينية مجرد خيال غير قابل للتحقيق حيث لم تعد توجد أرض لكي تقام عليها هذه الدولة، كما يؤكد التقرير الذي أعده من القدس الممثل الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي ويناقشه وزراء خارجية الاتحاد يوم الاثنين 23 يناير (كانون الثاني). ولعل هذه المعلومة المحورية في التقرير هي العامل الأهم في يأس القيادة الفلسطينية من "مفاوضات السلام" في الفترة الأخيرة، حيث يبدو ان المفاوضات تدور حول دولة في الهواء.
عندما قسمت اتفاقيات أوسلو (1995) المناطق الفلسطينية الى ثلاث: A (تحت الادارة والسيطرة الفلسطينية)، B (إدارة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة)، C (سيطرة أمنية ومدنية إسرائيلية) وقعت معظم الموارد الطبيعية والأراضي الخصبة للضفة الغربية ضمن المنطقة C، وبالتالي تركزت شهية الاسرائيليين على هذه المنطقة. ورغم ان المادة الرابعة من اتفاقية جنيف تمنع استيطان المناطق المحتلة إلا ان إسرائيل أتاحت الاستيطان في الضفة الغربية منذ احتلالها حتى تجاوز عدد المستوطنين اليهود اليوم نصف المليون. وفقاً للقانون الدولي اأيضاً فان إسرائيل مطالبة بوصفها قوة محتلة بتأمين الحقوق الانسانية والمدنية والقانونية للفلسطينيين، الأمر الذي تخرقه إسرائيل عبر ممارسات الاستيلاء والمصادرة والطرد والاعتداء والتدمير بحق المواطنين والأراضي الفلسطينية والتي دأب الاسرائيليون ـــ مستوطنين وسلطات ـــ عليها ولعقود طويلة. وكان المفترض ـــ منطقياً أو كعلامة على الجدية ـــ أن تتوقف هذه الممارسات مع بدء مفاوضات السلام ولكن بدلاً من ذلك شهد الوضع حالة لا سابق لها وهي إن النشاط الاستيطاني بعد إطلاق "مفاوضات السلام" لم يستمر وحسب وإنما تصاعد وأحياناً تضاعف؛ وكلما اكتسبت المفاوضات خطوة الى أمام أصدرت السلطات الاسرائيلية موافقتها على مشروع استيطاني جديد مع الحرص على إيصال الخبر الى وسائل الاعلام متعمدة بذلك إصابة المفاوض الفلسطيني باليأس من المفاوضات وبالتالي انسحابه منها لكي يلام هو على فشلها. والنتيجة التي أدت إليها هذه الأساليب تكشف عن حقيقة موقف الصهيونية من قضية السلام مع الفلسطينيين بصرف النظر عن كل التصريحات العلنية والاتفاقات الموقعة والمفاوضات الأبدية. هذا الموقف ينطق به الواقع الراهن على الأرض وخلاصته: إن المشروع الصهيوني يتعارض مصلحياً مع مبدأ مفاوضات سلام مع الفلسطينيين، ويتعارض ستراتيجياً مع حل الدولتين. فهذا المشروع قائم أساساً على فكرة الاستيطان. والصهاينة يدركون أن مشروعهم يلقى صعوبات تتكاثر كلما خطى المجتمع الدولي، وخطت الحضارة الحديثة، خطوات متقدمة في مجال حقوق الانسان والشعوب، وبالتالي فالتلاعب والخداع والوسائل القذرة هي الأساليب الممكنة لتحقيق مشروع تجرّمه قيم العصر. لقد ظلت حركة فتح طوال العقود الأخيرة تبحث عن الحقيقة في المكان الخطأ: كلام ووعود الساسة الاسرائيليين ولا ترى (أو لا تريد أن ترى) الحقيقة صارخة في أعمال الاسرائيليين اليومية على الأرض. ولا أقرر هنا ما إذا كانت قيادة فتح قد تصرفت عن حسن نية أو عن خيانة وطنية، إنما أزعم بلا تردد ـــ وما زلت أتكلم عن الواقع على الأرض وليس عن رأي شخصي ـــ أنه إذا اقتنع الفلسطينيون اليوم بأن المفاوضات ليست سوى خديعة إسرائيلية لالتهام فلسطين، فانهم متأخرون جداً، وأضاعوا وقتاً ثميناً استثمر فيه الاسرائيليون وكسبوا.
يسلط تقرير المبعوث الدبلوماسي الأوروبي على الأوضاع في المنطقة C التي تشكل 62% من أراضي الضفة الغربية وتشمل كذلك وادي الأردن ذا الأهمية الستراتيجية. ويتناول أيضاً وضع مدينة أريحا التي تتبع حسب اتفاقية أوسلو المنطقة A الخاضعة إدارياً وأمنياً للسلطة الفلسطينية ولكنها في الواقع صارت مثل جزيرة وسط منطقة C الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية. ويذكر انه قبل اتفاقيات أوسلو اقتصر الأمر على وجود الحواجز الاسرائيلية أما بعدها فان تقسيم المناطق قد قطّع أوصال الضفة الغربية. ففي سنة 1967 كان هنالك ما بين (200) ألف و(320) ألف فلسطيني في وادي الأردن، لكن بعد سياسة هدم بيوت الفلسطينيين في المنطقة C ورفض إسرائيل منح الفلسطينيين رخص بناء وكذلك خنق موارد المياه للقرى الفلسطينية فان عدد السكان العرب في الوادي قد تقلص الى (56) ستة وخمسين ألفاً فقط. واضح إن إسرائيل تنوي الاستحواذ على وادي الأردن وكذلك على المنطقة الواقعة بين جدار الفصل والخط الأخضر، كما ينقل التقرير عن فلسطينيين. وفي الوقت الذي كانت فيه حرية الحركة تتقلص على الفلسطينيين في المنطقة C تصاعد عدد المستوطنين من (1200) ألف ومئتين الى (310000) ثلاثمئة وعشرة آلاف وذلك منذ سنة 1972 ومعه تصاعد عنف المستوطنين ضد السكان العرب كما توثق المنظمات المدنية جزءاً منه. لكن النقطة المقلقة التي يذكرها التقرير هي إن كل هذا الأذى الذي أصاب الفلسطينيين في المنطقة C قد جرى دون أن ترفع السلطة الفلسطينية إصبعاً، ويؤكد أن هذه السلطة لم تبد اهتماماً كافياً بما تعرضت له القرى. في هذا الصدد تنقل الصحفية الاسرائيلية اليسارية أميرة هاس ما قاله دبلوماسي أوروبي: "السلطة الفلسطينية تتوسل إلينا أن نتبرع لها من أجل بناء مزيد من القصور الفاخرة في رام الله، وليس من أجل أي مبادرة ما في المنطقة C". ويبدو كما لو أن الجميع متشاركون في التآمر على سكان هذه المنطقة، فمسؤولو الاتحاد الأوروبي سبق وأن أعربوا عن انزعاجهم من أن توني بلير، المبعوث الخاص للجنة الرباعية لعملية السلام، لم يحرك ساكناً لتعزيز شروط الحياة للسكان الفلسطينيين في المنطقة C على الرغم من غنى منطقهم هذه بمصادر المياه والأراضي الخصبة والمراعي والأراضي الصالحة للبناء وكل ما يمكن أن تتطلبه التنمية السكانية والاقتصادية في الدولة الفلسطينية المستقبلية، إن قُدّر لها أن تكون يوماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط