الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس وقتها

رحاب ضاهر

2005 / 1 / 4
الادب والفن


في تلك الساعة من النهار لم يكن الوقت يسمح للخيال بالتوسع كثيرا ولا لاجنحة الشوق بالطيران فحرارة شهر "اب" تمتص جلدي كعلق وحشي والشمس منكبة على راسي تحاول ان تفجر ابار صراخ محتمل ، حينها لم تكن قد خطرت على بالي لاني قلت حين افترقنا انك نزوة وتحصل مع كل الطلاب على مقاعد الدراسة وعبرت حدود النسيان الى حيث اخترت ان تسافر دوني . وانخرطت انا في عملي ولم يعد يتسع الوقت للذكريات بالانفلات من اوراق الماضي لتوضع على طاولة الحاضر ومعاودة قراءتها، فكيف لمدنية كبيروت تسرق العمر وتصادر الحب كبضاعة مهربة ان تمنح فرصة لذكرى حب له هيئة نزوة ان يتنفس خارج نفق النسيان ؟!!!!!
كيف التقي بك في ممر الذكريات والقي عليك التحية بهدوء وانا اقف يوميا نصف ساعة على الرصيف بانتظار سيارة اجرة لتقلني من "الضاحية" الى مقر عملي في "كليمنصو " وحين استقلها يبدا السائق بتأففه من غلاء البنزين ويشاركه باقي الركاب من عرض وطرح ليومياتهم التي تشبه يومياتي ، ادخل الى مكتبي في البنك حيث تذوي عيني امام شاشة الكومبيوتروتنمحي بصمات اصابعي على مفتاحية واحول عقلي الى الة حاسبة يجب ان لاتخطئ في صرف النقود للزبائن واعود اخر النهار في زحمة السير التي تقتل انفاسي لاضع تعبي تحت الماء الفاتر واغسل غباربيروت عني، هكذا اعيش يوم لبناني بامتياز يوما فوق يوم اكدس النهارات وارسلها الى مستودعات مليئة بالرطوبة والعتمة دون ان اجد دقيقة لاخرج ذكرياتي لاشمسها قليلا حتى لاتتأكل.
ويومها حرارة بيروت في تلك الساعة من شهر "اب " لا تطاق ولامجال لذكريات الحب ان تظهر في ذلك القيظ وانا اقف بانتظار سيارة اجرة تقلني الى عملي . لم يكن وقتها متوقعا ان تمر بي رائحة عطرك (تيد لابيدوس) فتنعش المخيلة وتحرض ذاكرتي على اخراجك من دهاليز الاغفال ، كنت اخاف عليك في تلك اللحظة من "ضربة شمس" فحاولت ان اتوسد وسادة السهو وتأجيل فكرة ان احتضن وجهك بيدي لوقت اكثر اعتدالا واخف ضجيجا فازدحام السير يخنقي وسائق التاكسي لايتوقف عن الثرثرة وكأن الحر لايصل الى لسانه فيجفف ريقه ويستمر في تعديل المراة ليسرق شيئا من وجهي ودخان سيجارة المراة الجالسة قربي يطبق علي واكاد ان اخنقها لكني اروض غضبي واروض خيالي للبقاء معي فأنا مقيدة في مقعدي والمباني تحتجزنظراتي فلاتعود الي ولاتسمح لها بالعبور بعيدا واعصابي تلتف على بعضها كحلزون جائع . ورشة عطر لابيدوس تهاجم ذاكرتي بعنف وقوة كمحفار ينبش في ذكريات مضت وليس وقتها الان .
اهدء من الحاح المخيلة واقنعها ان المكان ضيق لايتسع لعبور ذكريات الحب هنا والطرقات مزدحمة ،اقلب طيفك ذات الشمال وذات اليمين حتى لا تؤذيك الحرارةالمرتفعة وتزعجك ثرثرة الركاب قربي و احاول الهرب من ضوء يحرضني على الطيران.
يعبث السائق بابرة الراديو فياتي صوت لعشق ليس وقته هذه الخنقة فيتأمر على ذاكرتي مع رشة عطر لابيدوس:
"ياقمر يطلع كل مساء من نافذة الكلمات"
تضيق بي بيروت وابحث عن قطرة ماء ، عن طاقة هواء اسافر اليها
وتأخذني الكلمات معها
"وان دخولك في قلبي هو اعظم خبرا في الدنيا"
وانا مقيدة مكاني انادي نظراتي لترتفع بي ،اتسلق طوابق المباني التي ابعدت السماء كثير ا عني. .
"هل عندك شك. . . ..

استمر بالارتفاع بحثا عن بقعة من السماء حاصرتها فوضى بيروت
ويستمر صوت كاظم بمساعدتي. . . ارتفع رويدا رويدا واحس بانفصالي عن جلدي الذي يتراكم عليه غبار بيروت ارتفع واكاد المس وجه السماء
لكن ...
اهوي بسرعة وارتطم بالمباني
ياتي صوت المذيعة تقرا نشرة الاخبار
لبنان بين التمديد والتاجيل
مواجهات بين الفلسطينين وقوات الاحتلال
انفجار في الفلوجة. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو