الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (37): الثورة والأيام الضائعة

عبير ياسين

2012 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


استوقفنى تعبير لصحفية مصرية يوما فى لقاء تلفزيونى تم منذ عدة أشهر ففى أجابة اعتبرها دبلوماسية حول موقفها من المجلس العسكرى -والذى لم يكن الموقف منه قد تطور للوضع الحالى بعد، ولم يصل إلى عام كامل بعد الثورة- وأن كان موقفها قد تغير عما كان عليه أثناء وبعد الثورة مباشرة ردت بأنها "زعلانة" من المجلس لأنه كما قالت "ضيع عليها كام جمعة”.. التعبير كما قيل بالعامية المصرية بليغ ومعبر، ويشير إلى ما كان ممكن عمله فى أيام الجمع التى أضطرت للنزول فيها لميدان التحرير للتأكيد على مطالب الثورة بدلا من القيام بأشياء أخرى. وفى ظل كل ما يحدث وما يدور من جدال مع نهاية عام على الثورة أو بداية عام جديد من عمر الثورة -أن أردناها رؤية ايجابية تحمل تعبير البداية بدلا من تعبير النهاية- أتوقف كثيرا حول حالة الانتظار "السلبية" التى تفرضها أو فرضتها الأحداث.

لقد أصبحت حياتنا فى معظمها إلا البعض القليل المحظوظ فى حالة انتظار.. من ينتظر الشهادة ومن ينتظر الوظيفة ومن ينتظر السفر ومن ومن... المهم كلنا فى حالة أنتظار. سنوات تمر فى حالة انتظار، وقدرات مهددة فى دوامة الانتظار وحلم الخروج من عنق الزجاجة يصادفنا دوما بعده زجاجة أخرى وعنق أخر فالزجاجات لا تنتهى وهو ما حدث مع الثورة على ما يبدو ترسيخا لنمط الانتظار المصرى والخروج من عنق لعنق.

والسؤال متى تأخذ مصر منا بشكل ايجابى؟ ومتى يكون الانتظار تحقيقا لنتيجة عمل حقيقى وليس لوقت ضائع؟ متى تأخذ مصر لكى ترتفع وليس لكى تخسر ونخسر معها المزيد من الوقت؟

وأن كانت الأحداث التى مرت بمصر خلال العام الماضى يمكن اختصارها فى أيام الجمع فقط لكان الموقف هين ولكنها بالطبع أعمق من مجرد جمع، فبين الجمعة والجمعة أيام أخرى وساعات انتظار طويلة، وقبل الجمع وربما بعدها ساعات انتظار أخرى طويلة وأحلام مهدرة وصور باهته بحكم تعب الانتظار لدى البعض وصور يعاد رسمها بحكم الصبر والثقة والأمل لدى البعض الآخر.

أنتظر الشعب المصرى دوما وعدا بالخير القادم، وسعادة لم تتحقق. انتظر حروب لتنتهى وسلام ليتحقق وتنمية لتتم وأشجار لتخضر ولكن بدلا من ذلك استمرت الوعود واستمرت دائرة الانتظار.

أنتظر الشعب التغيير والإصلاح فحصل على مزيد من الفساد والإفساد، وجاءت الثورة وأنتظر مرة أخرى عدالة وحرية وديمقراطية فدخل فى مساحات أخرى من الانتظار ودوائر أخرى من الوقوف فى طوابير الديمقراطية والعدالة الغائبة وأصبح لسان الحال المستخدم من قبل السلطة وبعض النخب أنه ليس فى الإمكان أفضل مما كان وعلى المواطن القبول بما تم والعودة للحياة "العادية" وكأن الثورة لم تكن على تلك الحياة "العادية" نفسها.

أنتظر الشعب أن يكون من حمله على الأعناق أفضل ممن فرض عليه، ومن أبتعد عن الكراسى اختيارا أفضل ممن تمسك بالكراسى للحظاته الأخيرة ولكن خاب ظنه واكتشف أن الكراسى لها بريق والفساد الموجود فى الآليات والقوانين والنظم الحاكمة لعقود تعشعش فى عقول ودواليب وأساليب ودهاليز متنوعة ومتشعبة وكثيرة، وأن القضاء عليها ليس سهلا، وأن ترك البعض لكراسيهم لن يكون بأى حال نهاية الطريق ولكنها مجرد بداية تؤكد على الإمكانية وعلى أن الطريق سليم والتغيير ممكن.

أنتظر الشعب أن يكون العام هو عام تغيير وإصلاح وتأسيس ينتهى منه لاحتفال وينطلق منه لمسار طويل من البناء وأكتشف أن عليه أن يعيد إحياء ثورته أن أراد تغيير حقيقى فلا أحد يمنح الشعب ما لم يصارع من أجل الحصول عليه، ولا أحد يتنازل عما أعتبره لعقود "حقه" أو "أرثه" وأصبح على الشعب الإنطلاق فى عملية ثورة وتجديد واستمرار.

ربما سيكون علينا الأنتظار مرة أخرى، وسيكون على مصر الأنتظار مرة أخرى لكن تلك المرة لابد أن يكون طعم الأنتظار مختلفا عما سبق وأن يكون أنتظار بناء وليس أنتظار من أجل الأنتظار وضياع العمر، تلك المرة سيكون أنتظار ثورة واحتفال وتغيير فى القواعد والأسس وليس فى الأشكال والوجوه، ومن أجل هذه الصور المنتظرة سيكون للانتظار تلك المرة طعم مختلف لأنه أنتظار مصحوب بالعمل من أجل التغيير والبناء من أجل الغد ولن يكون أيام ضائعة تستحق الشعور بالحزن على الأقل هذه أمنية ورجاء عام جديد للثورة المصرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر