الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطنية .... وثياب الرمزية ومحنة التطاول فوق سماء القانون

وسام محمد شاكر

2012 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


بات من الواضح عند كل أجراء حكومي تنفيذي كان أو قضائي تجاه أي شخص أو مؤسسة أو شريحة ما تتكون مشكلة تأخذ بالأتساع بعد ان يتم نفخها ببعض التصريحات النارية التي تكشف ما بدواخل أصحابها من نرجسية وفوضوية وميل جارف نحو السطوة على القانون مع تأطيرها بالوطنية ، حيث ان هذا الشخص الوطني ما ان يمس أنامل امتيازاته القانون يقوم بتحذير الجميع ويتوعد بان سوف تتطاير الحمم البركانية في الوطن وتعصف رياح الفوضى في العملية السياسية كأن مصلحة وأمن وأستقراروكينونة العراق يقف على مزاجية ونرجسية هذه الشخصية وهي بصورة وأخرى تدل بشكل واضح على الرغبة الجارفة لهؤلاء الأقزام بالعيش فوق سماء القانون خصوصاً عندما يقومون ظلماً وبهتاناً بشرنقة شخصياتهم بلباس الرمزية الوطنية فيكون احدهم ( رمزاً وطنياً ) !!! حاله حال دجلة والفرات اوأسد بابل او الجنائن المعلقة وعلى الجهات التنفيذية والقضائية ان ترضخ لهذا الأمر الرمزي. ! هذه هي بالضبط جوهر المشكلة التي نواجهها بين فترة وأخرى في حين ان العراق اكبر بمليارات المرات من هذه الأقزام المتطافرة من صالونات السياسة المشبوهة وجذورها التي لو دققنا في أصلها لوجدناها غير عراقية بالمرة ، أن الرمز الوطني هو شخص اكتوى بنار الوطن وناضل من اجل قضية وطنية عامة وجمهوره هو شعبه بجميع أطيافه وألوانه فهو خارج من رحم معاناة الفقراء والمعدمين والمظلومين ، ولكي لايبقى الباب مشرعا أمام كل من هب ودب ويغتصب حرمة هذا المفهوم المقدس لابد وضع موانع وحواجز وثوابت اتجاه كل من يدعي لنفسه هذا الشرف العظيم بدون وجه حق فمعنى ان تكون رمزا وطنيا عراقيا لابد ان تكون دمائك قد عجنت بهذه الأرض الطاهرة وان تكون امتدادا حقيقياً لحضارة عمرها ألاف السنين وان تقترن جميع مواقفك السياسية والشخصية لخدمة هذا البلد الكبير وان تحصل على صكوك الإجماع الشعبي التي من الصعوبة ان تجير بهذه البساطة التي يتوقعها البعض .
إن جائزة الوطنية هي أنبل واشرف الأماني التي يفني الإنسان سني حياته للحصول عليها بعد رحلة ناصعة البياض ومأطرة بالتضحيات الجسيمة نجده يطمح على ان يراه قومه رمزا وطنيا لهم ، تتناقل سيره الأحاديث والروايات ، لا أن يقوم هو بلصق نفسه وترتيل معزوفة دعائية لشخصه المريض ، وعلى هذا المنوال نجد اليوم ان الكثير من الذين يوهمون نفسهم بأنهم أمسوا رموزا وطنية فيبررون لنفسهم كل فعل وقول ويحلقون في فضاءات عقولهم المريضة غارقين بهذا الوهم فارضين على الآخرين التعامل معهم بهذا الشكل المقرف ، ان للكثير من الشعوب رموزها التي تفتخر وتعتز بها كـغاندي الهند وموحدها ونلسن مانديلا محطم تماثيل العنصرية وجيفارا محرر رمز الشعوب المقهورة وماوتسي تونك مناضل الأدغال الخ ... هذه الشخصيات التي اخترقت بكفاحها الإطار الوطني وخرجت نحو الفضاء ألأممي الأوسع وبدت نجوم لامعة في سماء الأرض يجمع الكثير من الناس بمختلف لغاتهم وثقافاتهم على رمزيتهم التي نقشت في ذاكرة الشعوب وعلى أوراق التاريخ ، اختزلت سيرهم سِفر شعوبهم .
إن لبلد كالعراق لابد ان يحذر من يتوهم بأنه أمسى عنوانا يختزل في شخصه العراق وحضارته وكفاح شعبه العريق وعلى جميع الساسة ان ينتبهوا لهذا الأمر كون بوصلة الترميز اتجهت وبشكل عفوي في العراق منذ أفول شمس الرابع عشر من تموز نحو رجال الدين والأدباء والمفكرين وهذا الاتجاه المتزايد يقابله تراجع حاد للسياسيين كنتيجة حتمية وردة فعل طبيعية لما عاناه الشعب من الشخصيات الطفيلية التي استلمت دكة الحكم بطرق المؤامرات والغرف السرية المظلمة ذات الصفقات المشبوهة ، قبل أكثر من خمسة عقود وصنعت لنفسها بروجاً عاجية وأجبرت الكثير على التصفيق والإطراء والمديح لها رهبة وتزلف ، في حين نجد بريق الأدباء يتجه نحو العلياء فمن من السياسيين اليوم يجروء ويزايد على نضال وكفاح ووطنية ألجواهري ومظفر النواب أو د.أحمد الوائلي الذي اهتزت ارض بغداد من اقدام مشيعيه ليكون اكبر تشييع في تاريخ العراق وابهره ، مثل هؤلاء اليوم لو أقحموا نفسهم في المعترك السياسي لكانوا من أوائل الذين يدخلون أبواب البرلمان وسط أكاليل الورد والاجماع الشعبي ، ان الشعب العراقي يعرف جيدا من هم رموزه فلاحاجة لأحد أن يدعي انه رمزاً ، ويكفي مصادرة لحريات الاختيار ومنهجية القوالب الجاهزة المفروضة جبرا وثقافة القطعان ، فمنذ عقود فرض على العراق زوراً وبهتاناً شخصيات لاتمت بصفة لأرض وشعب هذا البلد فتارة ساطعية حصرية ومرة ميشيلية عفلقية استوردتها بعض النفوس المريضة لسد فراغ وضاعتها على حساب اكبر وأعلى قامة في قامات التاريخ الحضاري ، وليعلم الجميع ان ارض العراق مازالت ولودة بالشجعان والأدباء والمفكرين والنزيهين اللذين ترتبط مصالحهم بمصالح وطنهم العراق لايجروء احدهم بتجاوز القانون لكون القانون لديهم هو الشعب والوطن فهم فوق الشبهات دوماً ولم تتلطخ اياديهم بدماء شعبهم نتيجة بعض العقد العنصرية والطائفية التي تغلف نفوسهم وتجدهم في قلب الوطن أيام المحن والشدائد ولايهرولون خارج الحدود ساعة الشدة أنهم رموز حقيقيين وليسوا فزاعات تم صنعهم في المعامل الاجنبية ليكونوا بؤراً لإنتاج الأزمات في مسيرة هذا الوطن الغالي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا