الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الطلابية الفلسطينية:

جبريل محمد

2012 / 1 / 26
الحركة العمالية والنقابية


الحركة الطلابية الفلسطينية:
تراجع الدور الوطني وتخبط في النضال المطلبي
نشأت الجامعات الفلسطينية تحت حراب الاحتلال الصهيوني في فترة حاول الاحتلال ان يظهر بمظهر ليبرالي، ليحسن صورته امام العالم، حيث بادر الى السماح بانتخابات بلدية، واعطاء المرأة حق التصويت، هذه الصورة التي ارادها هدف من ورائها الى خلق نخبة سياسية معادية لمنظمة التحرير الفلسطينية، او انها تشكل قيادة محلية يمكن التعامل معها كبديل عن المنظمة، في هذا الجو بادرت عائلات فلسطينية كانت تدير معاهد متوسطة الى تحويل هذه المعاهد الى انوية جامعات في نابلس وبير زيت وبيت لحم والخليل، وقد دفعت الحاجة الى استيعاب خريجي الثانوية العامة في التعليم العالي الى هذا التوجه بعد ان شددت مصر ودول عربية اخرى من شروط قبول الفلسطينيين في جامعاتها من جهة، ونظرا للتكاليف العالية للدراسة خارج الارض المحتلة، وعدم قدرة ايناء الفقراء على الوفاء بها فقد تكونت الصبغة الاساسية من طلبة جامعات الارض المحتلة من ابناء الطبقات الشعبية اساسا، زاد عليها صنوف من الطلبة هم اما من الاسرى المحررين والذين عادة ما كانوا يمنعون من السفر، او من نشطاء ممنوعين من السفر، او طلاب درسوا في جامعات عربية وعند عودتهم بعد انقضاء السنة الدراسية الاولى كانوا يتعرضون للابتزاز المخابراتي ويمنعون من السفر فيلجأون الى استكمال دراستهم في الجامعات المحلية، كان هذا في بداية واواسط سبعينات القرن الماضي.
من هنا نستطيع القول ان نشأة الحركة الطلابية في الجامعات الفلسطينية كحركة منظمة قد استمدت نسغها الاصلي من مقاومة الاحتلال وايلاء الاولوية للنضال الوطني التحرري ومواجهة سياسات الاحتلال بشكل عام، فيما ترافق مع ذلك او خدمه نشاط اجتماعي وثقافي وتعبوي وطني ذو صبغة علمانية ديمقراطية، حيث اعفت التيارات الدينية وكانت متواجدة في هذه الجامعات نفسها من هذه المهمات لا بل انها احيانا كثيرة وقفت تندد او تهاجم النشاطات الطلابية الوطنية والاجتماعية على قاعدة حرمة الاختلاط وشيوعية العمل التطوعي المختلط في الارياف الفلسطينية او اقامة المهرجانات والاحتفالات الفنية والتي كانت احتفالات ومهرجانات تعبوية وطنية، وكان ان هاجمت هذه القوى الظلامية الطلبة الوطنيين في جامعة النجاح عام 1982، وبيرزيت عام 1983، ورمت باحد اساتذة جامعة النجاح من غرفة في الطابق الثالث، فيما اطلقت اتهامات بالطائفية والتبشيرية على نائب رئيس جامعة بيرزيت. ورغم ذلك ظلت الحركة الوطنية العلمانية هي العمود الفقري للحركة الطلابية الفلسطينية، والقائد الفعلي لكل النشاطات الطلابية حتى انخراط حركة حماس في النضال الوطني متأخرا واستقطابها لقطاعات شابة عززت من قوتها الجماهيرية، وتحول خطابها من ديني بحت الى خطاب يتمازج فيه الديني بالوطني، وهو ما اهلها للمنافسة والفوز بمجالس طلبة عديدة في جامعات الضفة، رافق ذلك بداية غروب لشمس فتح وافول لقوى اليسار الفلسطيني الذي يمكن القول وبكل صراحة انه المؤسس الفعلي للحركة الطلابية الفلسطينية في جامعات فلسطين.
غير ان اصطباغ الحركة الطلابية الفلسطينية في الوطن بالصبغة الوطنية التحررية لم يمنع من وجود نضالات طلابية اكاديمية ونقابية حقق فيها الطلبة مكاسب كثيرة خلال فترة الاحتلال، فبعد اضراب طويل اواخر سبعينات القرن الماضي استطاع طلبة جامعة بيرزيت ان ينقلوا المقصف الجامعي الى ادارة مجلس الطلبة وهو ما عرف بمعركة تأميم الكافتيريا، كذلك حقق الطلبة مكتسبات اهمها تواجد اعضاء مجلس الطلبة كأعضاء مراقبين في المجلس الاكاديمي للجامعة ودائرة القبول والتسجيل ومجالس الكليات وغيرها من الدوائر، كما استطاعوا وعبر نضال واضراب من جدولة الاقساط الجامعية حسب مستوى دخل الافراد، اضافة الى انتزاع ضرورة دعم الجامعة لاثمان الكتب.
وكانت الحركة الطلابية على تنسيق مع نقابات العاملين في الجامعات والكليات المتوسطة، ودعمت حركاتهم الاضرابية التي هدفت في الغالب الى تحسين الاجور وظروف العمل، اضافة الى المعركة التي دارت لسنوات حول القرار العسكري رقم 854 الذي اصدره القائد العسكري الاحتلالي معدلا فيه قانون التربية والتعليم الاردني رقم 16 لسنة 1964، والذي يعطي ادارة الاحتلال حق التدخل في شؤون الجامعات واستطاعت وحدة الطلبة مع العاملين ومع ادارة الجامعات تحويل القرار الىمجرد ورقة معلقة، وظل ذلك حتى اندلاع الانتفاضة الكبرى عام 1987.
مع اندلاع الانتفاضة الكبرى انخرط الطلبة وبسرعة فائقة في فعالياتها، فقد كانت الحركة الطلابية الحركة الاكثر تنظيما بين قطاعات الشعب، هذا الانخراط الواسع والسريع دفع الاحتلال الى الاسراع باغلاق الجامعات والمعاهد، هنا توزرع الطلبة من الحرم الجامعي الى مدنهم واحيائهم وقراهم ومخيماتهم، ولم يتقاعسوا عن الانخراط في الفعاليات الانتفاضية بل ان جلهم كان يقودها، فيما حدثت فترة انقطاع طويلة في الحياة الجامعية، ادت الى ابتكار التعليم في البيوت عوضا عن الحرم الجامعي وجرت العملية تحت سيف المطاردة الاسرائيلية والملاحقة، غير ان ذلك قد عطل الفعل التنظيمي للحركة الطلابية بما هي حركة تعتمد الاجتماع العام في الحرم الجامعي، وادى ذلك الى انقطاع في الخبرة بين جيل عاد الى الحرم الجامعي بعد مدريد-اوسلو وجيل غادر الحرم الى العمل او الهجرة او غيرها من مجالات الحياة لنكون ازاء مرحلة جديدة تختلف عن السابقة.
لقد ترافقت عودة الحركة الطلابية الى مجال اجتماعها في الحرم الجامعي مع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، بما حملته من استعدادات جعلت قضايا الحركة الطلابية مختلفة، حيث تصدرت قضية تدخل الاجهزة الامنية الفلسطينية في الحياة الجامعية مهام الحركة الطلابية، كما طرأت قضايا اخرى جعلت من النضال الوطني للحركة الطلابية عملا ثانويا يتم تعويضه بمجرد الانتساب للفصائل او كتلها الطلابية، دون برامج طلابية محددة لدى هذه الفصائل او كتلها، وتحولت قضية الفوز بمقاعد مجلس الطلبة هما اساسيا للكتل الطلابية، من خلال الشعار السياسي المفرغ من المهمات العملية، وبات الامر ماراثونا انتخابيا هدفه صندوق الاقتراع لا قضايا الطلبة الا لماما وموسميا حين الازمات المالية او رفع الاقساط.
بقيام السلطة، تخففت من عبء الجامعات بعد ان كانت المنظمة تغطي جزءا من تمويلها، كما تخففت ادارة الجامعات من عبء التدخل السياسي عبر الاطر والمجالس الطلابية، وجرى توافق ضمني بين الطرفين على حدود الصلاحيات فيما بينهما عبر سن المجلس التشريعي الفلسطيني لقانون التعليم العالي وهو قانون لا يهتم بالحركة الطلابية كطرف في العملية التعليمية، فيما جل همه تأكيد المكانة القانونية للجامعات بالنسبة للسلطة، ولم يقدم القانون أي مادة تضع على السلطة كفالة للتعليم العالي، فيما اطلق القانون للجامعات حرية اتخاذ القرارات في اشكال الادارة والتنظيم كل جامعة على حدة رغم ان التنفيذ جرى عبر احياء مجلس التعليم العالي والذي يخلو من ممثلين للطلبة.
والان حيث تدور الازمة بين الحركة الطلابية وادارة الجامعات او بين الحركة النقابية وهذه الادارات نجد ملامح الشرذمة، فالحركة الطلابية لا يجمعها مؤسسة جامعة كاتحاد وطني للطلبة مركزي وقائد للحركة الطلابية على مستوى الوطن ويملك رؤية وسياسات حول التعليم العالي، كذلك الحركة النقابية، فيما يجمع مجلس التعليم العالي ادارات الجامعات والوزارة، وهنا يتعامل مجلس التعليم العالي مع الحراك النقابي الطلابي بالقطاعي وحسب الحركة في أي جامعة، فيما يرسم سياساته بشكل شمولي في مجالات اخرى.
هذا يحيلنا الىضرورة نقاش قضايا اساسية تتعلق بهذا القطاع اهمها:
1- الاطار التشريعي المتمثل بقانون التعليم العالي المجحف بحق الطلبة، وغير الشامل لقضايا كثيرة، مما يضع على اجندة العمل تعديل هذا القانون سواء من حيث الاعتراف بالحركة الطلابية والنقابية كطرف في القانون او من حيث توضيح مكانة الجامعات القانونية والتي اسهمت المنظمة كثيرا في تطويرها واستمرارها، الامر الذي يجعل من اعتبارها جامعات اهلية عامة ارضاء للمؤسسين على حساب جهد وطني شامل اسهم في ترسيخ هذه الجامعات.
2- اطار ادارة الجامعات، حيث يحكم اغلب الجامعات مجالس امناء هي بالاكثر صورية، حيث لا نظام او قانون يحدد كيفية وشروط تعيين مجالس الامناء ومن يصادق على هذه المجالس وعضويتها.
3- الكيان التمثيلي للحركة الطلابية، وهو يحتاج الى اعادة صياغة وتجاوز لحالات التنسيق الموسمية بين مجالس الطلبة في الجامعات الى بناء اتحاد طلبة على مستوى الوطن يكون ممثلا للحركة الطلابية الفلسطينية، ويحل الاشكالات مع قيادة هرمة للاتحاد العام لطلبة فلسطين ا وان تتم اعادة بناء هذا الاتحاد من الوطن ذاته بعد ان يتم انهاء عضوية من قاربوا على التقاعد او تقاعدوا من قيادة وعضوية هيئات الاتحاد القيادية.
4- اعادة الروح للنضال المطلبي النقابي للحركة الطلابية، وهذا يحتاج الى ان تشمر القوى السياسية المختلفة عن ساعدها لتضع تصوراتها حول التعليم العالي وفلسفته ومجانيته او عدمها وغيرها من القضايا لتكون برامج طلابية يتم الصراع الانتخابي على اساسها، وهو ما لا تفعله هذه القوى حتى الان وتكتفي بارقام تحققها في مؤتمرات مجالس الطلبة عبر التهويش السياسي المفرغ من أي مضامين تتعلق بوجود الطلاب في الحرم الجامعي واهدافهم من وراء هذا الوجود.
خلال عمر السلطة جرت في نهر التعليم العالي الفلسطيني مياه كثيرة، فقد جرى الاعتراف بنظام التعليم الموازي وهو نظام يضرب تكافؤ الفرص لمجرد القدرة المالية وبغض النظر عن الاحقية الاكاديمية، كما جرى استحداث برامج ممولة اجنبيا كبرامج دراسات المرأة او دراسات الديمقراطية والتنمية وغيرها، وهي برامج مستجيبة اكثر لحاجات الممول الاجنبي، وجرت خصخصة المطاعم والمقاصف، كما جرى خصخصة خدمات تصوير الكتب والمراجع وغيرها من امور حولت هذه الجامعات الى مؤسسات شبه ربحية، هذا عدا عن تراجع الدور الوطني للجامعات طلابا واكاديميين وغير ذلك من بنى يجب على الجامعة ان تضطلع بها في ظل مرحلة التحرر الوطني.
فلا جامعة لدينا تبني مركز ابحاث معتبر للمجتمع الفلسطيني، ولا دور مجتمعي حقيقي لهذه المؤسسات، فقد غاب العمل التطوعي عنها وغاب دورها التنويري وتراجع مستواها الاكاديمي، الامر الذي يفرض على الجامعات والحكومة والطلبة والقوى السياسية والاكاديمية ضرورة المراجعة الشاملة لنظام التعليم العالي في فلسطين، والامر يبدأ من اعادة الروح للحركة الطلابية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: فرق الإطفاء تستمر في إخماد حريق اندلع بمأوى للمشردين ف


.. كلمة أخيرة - كيف استفادت الحكومة من تجربة التأمين الصحي الشا




.. كلمة أخيرة - بعض الناس عايزين يقاطعوا اللحوم والبيض زي الأسم


.. كلمة أخيرة - اختيار مستشفيات التأمين الصحي بعناية شديدة.. شو




.. كلمة أخيرة - متحدث وزارة الصحة: المواطن من حقه اختيار مكان ا