الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصفة سحرية لسرقة ثورة عربية

فريد يحي

2012 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


البعض منا يظن أن الثورات العربية نتيجة حوادث عارضة، ولكن ربما الأصح أنها مثلت حلقة ضمن سلسلة ديناميكية من الأحداث التي تتابعت وتطورت لعوامل كثيرة توزعت بين دفينة وراسخة، ولم تكن عارضة وجديدة.

تقريبا كل الدول العربية التي وقعت فيها ثورات،وحتى إن هي اختلفت في بعض العوارض،إلا أنها كلها تقريبا اتفقت في أنها أنظمة حكم وراثية ،أو كادت أن تكون ،مترافقة مع الاستبداد من أجل سيادة هذا النظام،سائرة خطوة بخطوة مع الفقر والاستعباد،أي أنها ببساطة أنظمة إقطاعية لقرون وسطى غابت أحداثها ،وبقت شخصياتها.

هل أن مجموع هذه العوامل قد تغير بصورة متكررة مفهوم الثورة ومطالبها،وتبدل أبطالها،والقائمون بها،وتعدل طريقها ومجراها لتتجاوز أحلام البادئين بها،فيتسع نطاقها لتشمل بقية الدول العربية،وتهتز الأنظمة القديمة فيها ،وتمتد تعاليمها في الحرية والعدل والمساواة،لتكون مبادئ أساسية لكل دستور من دساتير هذه الدول...أخاف أن أقول بأن المشهد لا ينبئ بذلك.

إن سرقة الثورات من قبل رجال الدين السياسيين،وطبقة البرجوازيين،الذين يسعون إلي تزايد قوتهم وأهميتهم وأطماعهم،مسخرين العسكريين الفاشيين المتفقين معهم في هذا المنهج،تحت مظلة حماية الدولة من الوقوع في الهاوية التي لا قرار لها،متلونين بلون الثورة،ومتكلفين عناء ترديد شعاراتها،سيعملون عاجلا أو أجلا على تجميد المجتمع المحيط بهم، ومنعه من التقدم،وسيتشبث هولاء المتسلقين،عندما يشتد عودهم بما يعرف بأنها حقوقهم،لتبقى الدولة عاجزة عن دفع عجلة التغيير أمام عجلة الإصلاحات فالسادة الجدد سيقفون إلي جانب مصالحهم ،وسيعيقون إعاقة تامة التغيير المطلوب.

المشهد الذي أراه في مصر الآن واليمن وليبيا، والذي رأيته في تونس، وما سأراه لاحقا في سوريا، حتى وان اختلفت المسميات ،يعكس ما ذكرته سابقا، فالقوة الحقيقية التي قامت بالثورة، موجودة في الشوارع والميادين، تحت الخيام، ملتحفة بالسماء، ومفترشة الأرض في هذا البرد القارص.لا مستجيب لنداتهم ،بينما الآخرون الماهرون في السباحة،والذين لم يصعب عليهم ركوب الموجة،يتنعمون في الدفء ،تحت قبة "الشرعية"،يجلسون على المقاعد الوثيرة،متورطين في ربطات العنق الملونة ،ويحضون بتغطية وسائل الأعلام ،التي تصنع منهم الأبطال الحقيقيين لهذه الثورات ،وهم يتفننون في نطق كلمات الثوار... فقط بفعل تقليدهم،كما تفعل الببغاوات ذوات الريش الملون...أيضا،يعملون بهدوء بارد،وبدون كلل،وباحترافية سياسية تحمل قناع النفاق،من أجل تدعيم نفوذهم ونفوذ مصالحهم ،التي حتما إنها لا تنفصل عن مصلحة الوطن...كما يقولون.

الوصفة السحرية،لكي تكون من ضمن هولاء السارقين...طبعا فقط لمن أراد،تتمثل في دعم مالي ،أو حزبي،وبعض الأساطير التاريخية للكفاح،بالإضافة إلي التمتع بحب النقاش،وقلب الأكاذيب والزيف إلي حقائق مدعومة بنصوص سرمدية لا يمكن الطعن فيها،أو بالأحرى تجرم من يطعن فيها،أيضا عدم التورع في سلوك الطريق الذي يوصلك إلي غايتك ،ولا تنسى الفهم العميق لطبيعة الروح الإنسانية وطرق تسيير الأمور،وأخيرا الذكاء في استعمال الدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك