الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- تسونامي- يضرب العراق

يونس الخشاب

2005 / 1 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بينما تنهمك البشرية الآن في تضميد جراحاتها اثر الزلازل البحرية التي ضربت جنوب آسيا مؤخراً ، يستمر "تسونامي " العراق ، دون ان يلقى ، آذاناً صاغية من العالم الخارجي . اذ يبدو ان مئات ألوف الاطنان من الضغط المتراكم جراء الصراعات السياسية ، لعقود سياسية قد اسفرت عن تدفق موجات عنف لا تبقي ولا تذر .
فالشعب العراقي اليوم يعاني مما سماه البعض ، وهم على حق ، من جرائم ضد الانسانية . اذ بعد انهكته ثلاثة عشر عاما من الحصار وحروب ضروس ونظام ديكتاتوري شرس ، بدأت موجات من الدبابات والمدرعات ، الصواريخ ،طائرات الهيلوكبتر ، وطائرات ال (ف16 )، موجة إثر موجة ، تسحق المدن والقصبات العراقية مخلفة ورائها دمار مدن بأكملها وتشريد مئات الالوف من السكان من الموصل وحتى البصرة .
ويخشى عمال الاغاثة ان اكثر من مائة الف مدني عراقي قد قتلوا في آخر الاحصائيات الكارثية . اما حالة الوضع الصحي ، الذي هو في الاصل مشلول بفعل الحصار واهمال نظام صدام له ، فانه يكافح من اجل استيعاب الاعداد المتزايدة من الجرحى والمرضى .لقد لاحظ صندوق رعاية الطفولة التابع لهيئة الامم المتحدة ( اليونيسيف ) ومنظمات انسانية مشابهة ان عدد الاطفال دون عمر خمس سنوات ، والذين يعانون من سوء التغذية في العراق قد تضاعف . كما ان ناقوس الخطر بدأ يقرع بالنسبة للاوبئة التي تحملها المياه ، وكالعادة فان الاطفال وكبار السن والفقراء هم اكثر الفئات السكانية تعرضاً للخطر . والمحتل ومؤيدوه مستمرون في القاء اللوم على ما يسمونه ب
(لمتمردين والارهابيين ) في الزوبعة التي تلتهم العراق . بل ان قادة عساكر الامريكان يطلبون المزيد من العساكر من اجل ( قصم ظهر)المقاومة لكي يحل" السلام" وتحل "الحرية "في هذا البلد السئ الحظ.
من بين البلايين التي خصصها الكونغرس الا مريكي لاعمار العراق لم يصرف منها سوى مبالغ ضئيلة جداُ. بل ان بعض النقاد يشيرون الى ان اقتصاد البلد باكمله يسير حثيثاً لكي يصبح طوافة ضئيلة من تلك التي يتعلق بها الغريق مخصصة فقط لاولئك الذين يلعبون وفق شروط واشنطن . اما ما عداهم ، فانهم مرشحون للسباحة دون طوافة او
سلة غذائية تساعدهم على السباحة او الغرق ، وهذا ما يخشاه هؤلاء النقاد . وألاسوأ من ذلك ، يتوقع هؤلاء
ان الانياب البيضاء للمؤسسات والمعاهد المالية واقفة تنتظر لكي تغرز اسنانها وتنهش في ثروة البلد الانية والمستقبلية . واذا ما سارت الامور بالطريقة التي يشتهيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فان فقراء العراق
سينتهون الى هشيم دموي في قاع برنامج ( تعديل البناء الاقتصادي ).
ويقول العاملون الرسميون في منظمة الهلال الاحمر العراقي ان الاحوال السائدة في العراق اليوم هي الاقرب
الى كارثة الزلزال الذي ضرب جنوب آسيا مؤخراً ، وهم يناشدون المجتمع الدولي والمنظمات الخيرية ليساهموا في
اغاثة الشعب العراقي . وطبقاً لدراسة نشرت مؤخراً فان المواطن العراقي معرض الى الموت بسبب العنف (58 )
ثماني وخمسون مرة اكثر مما كان عليه قبل ان تغزو واشنطن مدن العراق .
ان الارقام الفلكية للجريمة وخرق القوانين ، وارتفاع سوء التغذية بين الاطفال وانتشار الاوبئة والامراض ونسب البطالة المرتفعة ، والنقص المزمن حتى في المواد الطبية الاساسية والارتفاع الجنوني في اسعار المواد الغذائية والايجارات والتاثيرات البعيدة المدى للاشعاع النووي جراء استخدام اليورانيوم المنضب هي بعض ما ينفثه وحش الحرب القابع في الاعصار الامريكي على العراق.
وفيما يتكلم "توني بلير " عن الصراع بين اولئك الذين يقاتلون من اجل سيادة الديمقراطية في العراق واولئك
" الزرقاويين " ، يخطط قراصنة الامبريالية وأنذال العراق لنهب العراق من مصادره تاركين الشعب العراقي
في وضع لا يحسد عليه . فالاصلاحات الاقتصادية التي ( شرعها ) "بول بريمر " تعد ان تفتح السوق العراقية
على مصراعيه امام شركات العالم . ومن اعماق هذه الازمة الانسانية ، ومن بين الانقاض والجثث المتفحمة والسيارات المحترقة ، برك الدماء والبيوت المهدمة ، ومن بين ارتعاشات الاطفال والنساء الراكعات والمتلفعات بالسواد ، من بين المساجد التي انتهكت حرمتها , والكنائس التي احترقت والسجناء الذين عذبوا بطرق وحشية
والرهائن مقطوعي الرؤوس ، وهدير طائرات الفانتوم وهي تهدر في سماء العراق ينطلق صوت الشعب العراقي
باحثا عن الاستغاثة . وما احرى بنا ان نعد قائمة سوداء ندرج فيها اسماء كل الذين خططوا ورسموا وساهموا في هذه الكارثة . واذا كانت اسماء مثل ( برنارد لويس ) و ( فؤاد عجمي ) الخبيران بالعالمين العربي والاسلامي واللذان
قدما للصقور اختلاقات فكرية مزيفة من مثل " عقلية العرب و تراجع الحضارة الاسلامية منذ قرون " ، والذي لا
دواء له سوى غزو امريكا ، اذا كانت هذه الاسماء تاتي في بداية القائمة ، فان اسماء من مثل " الجلبي " و
" مكية " تليها مباشرة ، وسوف تبقى في ذاكرة العراقيين كي تعرف الاجيال القادمة من الذي دمر العراق .

يونس الخشاب
كاتب من العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د