الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا والطريق الصعب

جورج حزبون

2012 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية




اصاب الملك الاردني عبدالله في لقاء له مع ( بي بي سي )وبدقة ، في تشخيص الوضع السوري ، حين قال : ان الرئيس الاسد ، يريد الاصلاح والتغير ، لكنه لا يستطيع ؟!! بسبب النظام القائم ،sestem) (فالرئيس احضره ونصبه النظام ، وبالتالي فهو احدى ادوات النظام السوري القمعي المنتمي شكلاً للقومية العربية ورافعا ظلما لشعاراتها ، والمتسبب في اخفاقات دور ومكانة القومية العربية كرافعة لنهضة حداثية عربية ، وصاحب اكبر بلدان العالم في أجهزة المخابرات المتعددة لعل اغرابها ( المخابرات الجوية ) !! وهي مؤروث الاب حافظ منذ كان قائدا للطيران واراد ان تكون لديها أجهزته الاستخبارية الخاصة على طريق اعدده للانقلاب المشهور ، بحيث تراكم القمع سنوات حتى انفجر ثورة شعبية ،حين لم يعد ممكنا الاستمرار في العيش في ظل هذا النظام الفاشي ، صاحب قوات الردع في لبنان التي اشتهرت بالاغتيالات والارهاب للقوى الثورية العربية ومقدمتها حركة الثورة الفلسطينية ، ذلك النظام الذي غيب في السجون لعشرات السنين الاف المناضلين ومئات المفقودين، ازاء صمت عربي ، راعا تحالفات اقليمية وغض البصر عن تلك المظالم التي هي ليست غريبة عن كافة انظمة الحكم العربي .
وليس اسقاط النظام السوري ، سوى بداية واقعية لانطلاق الشعوب العربية نحو الديمقراطية والحداثة ، فقد ظل عنواناً قمعياً تحت عباءة الصمود والتصدي حيناً والممانعة حيناً اخر ، تحالف مع ايران الملالي وحزب الله وحركة حماس وظل يعتبر نفسه نظاماً تقدمياً يسارياً ، كيف هذه الأمور تتوافق مع بعضها !! وهي فقط تتحالف لان الجوهر واحد ، فلكل تلك المسميات غايات تكمن في نفوس اصحابها حفاظاً على السلطة بالترغيب والترهيب وليست تجربة الانتخابات الايرانية بعيدة بقتل المحتجين والمعترضين على التزوير، وليس تمسك حركة حماس بنتائج انتخابات مضت سنوات على شرعيتها ، وحزب الله الساعي لاقامة نظام او امارة شيعية مع النظام او ضمنه، مع موقف مرتبك لجماعة الاخوان الفلسطينية ، حيث الحركات الدينية الاسلامية في سوريا تخوض معركة الحرية مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية في البلاد ، وهي تحاول ان تنىء بنفسها عنها حرصا على إرضاء النظام لعله ينجح في تصفية الثورة ؟وهكذا يتلاقى كل الرجعين والماضوين مع جلاوزة الشعوب ، وتتضح صورة الشعارات الجوفاء بلا مضامين .
فالنظام السوري القائم تغول على شعبه واذله وعلى الشعب اللبناني ودمر له بلاده وعزز دور القوى الرجعية فيه ، وتآمر على الثورة الفلسطينية بكل اطيافها السياسية واقام تنظيمات تسير في فلكه ووصل الى ان اصبح نظاماً امنياً تحكمه المخابرات وجلاوزة السلطة وتقيم ابشع انواع السجون وتتفنن في التعذيب ، وقد صدرت عدة بيانات وكتابات عن منظمة دولية خاصة عما يحدث في سجن تدمر وسجن عدرة وغيرها ، بمعنى ان هذا النظام بدأ بقتل مواطنيه كثيراً قبل الانتفاضة الراهنة ، ولكن المحاذير تظل كثيرة، ليس دفاعاً عن النظام بل عن سوريا ، فالاجتماع بين القوى الاسلامية الذي عقد في اسطنبول بعيداً عن المجلس الانتقالي ، والتباين الراهن بين الانتقالي والتنسيقي ، وعدم وجود رابط سياسي مع ما دعي الجيش الحر يجعل مهمة الثورة اصعب ، والنظام اشرس ، والعديد من القوى الاجتماعية تتخوف ، مع ملاحظة حضور ما هو جارٍ الآن في مصر وليبيا ، وهي تخوفات مشروعة تحتاج الى مؤتمر وطني شامل بوجود برنامج سياسي واضح ومحدود ، لان استمرار التفتت يرشح سوريا الى الانقسام ويشجع على اقامة دويلات ضعيفة او مذهبية او اثنية على حدود اسرائيل لا تملك حول ولا قوة .

وكما هو الحال ما بين قوى الثورة حول الكيفية والمستقبل ، فهو ذاته ما يواجه الجامعة العربية في معالجتها امر الوضع السوري ، فالانظمة العربية ليست منسجمة على ذات النهج مما يجعل خطواتها متعثرة ومراقبيها مشاهدين لحراك لا يجدون له معنى او مفهوم حيث هم ممثلين لأنظمة بلدانهم يقودهم جنرال مشبوه ومطلوب للعدالة بجرائم ابادة جماعية ، وواضح ان بلدان الخليج بقيادة السعودية ومباركة قطرية نشطة يحاولون نقل عملية الصراع نحو التدويل ، لكن الشكل لا زال محيراً لهم ، فسوريا تمتلك قوة عسكرية وجيش نظامي يمتلك تجربة قتالية ولا زال متماسكاً ، فمنذ انقلاب الاسد الاب اعيد تنظيم الجيش وتوسيعه وتوزيعه ، بحيث اصبحت هناك جيوش مما يصعب ان لم يمنع امكانية الانقلابات العسكرية ، اضافة الى ان القوة الجوية ومخابراتها ذات ولاء كبير بحكم عدة عوامل منها الانتماء المذهبي والولاء المطلق الذي كان معيارا اًللاتحاق بالقوات الجوية التي لها اهمية خاصة في اية معارك عسكرية ، وبذلك لا تستطيع الدول الخليجية مواجهة سوريا عسكرياً في غياب مصر والعراق ، والولايات المتحدة لا تملك الارادة ، بفعل الازمة المالية ، فالحرب مكلفة وتجربة العراق لا زالت حاضرة ،ثم هناك الانتخابات الاميركية التي يحاول اوباما الفوز بها على قاعدة الاستقرار الاقتصادي وتخفيض البطالة وعجز الموازنة ، ناهيك عن الازمة الايرانية واحتمالات ان تفرض ذاتها عسكرياً على الناتو بتلاعبها بمضيق هرمز ، وربما تجبرها اسرائيل الى مغامرة غير محسوبة ، مع بقاء الموقف الروسي النشط بالتضامن مع النظام السوري ومعه التأيد الصيني بغض النظر عن حسابات تلك البلدان ، معنى ذلك ان الازمة السورية مرشحة للتفاعل الطويل زمنياً ، وهذا يستدعي وحده موقف كافة قوى المعارضة باطيافها ، لتتمكن من الوصول الى الجسر ثم يتم التفكير في كيفية اجتيازه .
رغم احتمالات استمرار الوضع في سوريا طويلاَ على الشكل الراهن ، فانه حال مريح لاميركا واسرائيل فهو يضعف دولة قوية عسكرياً على خاصرة اسرائيل اللينة ، وربما يدفعها للتقسيم ، وجميعه يجعل امكانيات الضغط على الفلسطينين اسهل للقبول بحل يحقق حقوقهم المشروعة في ظل تفتت ارادة عربية ، وغياب تضامن عربي جدي مع القضية الفلسطينية التي اصبح الاهتمام بها اقل مما كان عليه في اي وقت مضى ، وهذا ما يبدو السبب الذي دفع الملك عبدالله للقيام بخطوات دبلوماسية محسوبة لاعادة المفاوضات مدركاً صعوبة الموقف الفلسطيني في ظل تشرذم لا يطل له مستقبل واعد ، وبقاء الحال كما هو يجعل من الاردن بلداً يحتمل خيارات كثيرة لحل القضية الفلسطينية ان لم يكن على حسابه فعلى الاقل ليس حسب رغبته ، وليس بحال مريح له .
وعلى هذه القاعدة ستكون عملية اسقاط النظام السوري المطلوبة سورياً وعربياً ودولياً ، اداة ورهينه لفرض حل شرق اوسطي شامل ابرز مقوماته انهاء الحالة الفلسطينية الموجودة في مرحلة ضعيفة التأيد ناهيك عن خطابات التضامن الدولي مع حقوق الفلسطينين والتي ستتحول الى ضغط عليهم للقبول بحل لا يسمح باستمرار هذه الحالة امام صراعات اهم واستحقاقات اكثر يحتاجها العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس