الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلادنا و الصراع العنيف بين مشروعين !

مهند البراك

2012 / 1 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعيداً عن تفاصيل تأريخية و تنظيرات، يرى متخصصون متنوعون ان الإحتكارات الغربية في الظروف السابقة، اضافة الى انظمة المنطقة . . شجّعت و هيّأت السبل لحكم فردي في العراق لضبط تأمين مصالحها، و كان ذلك لصدام حينها بعد الإتفاق عليه بطريق متعرج، لتشييد دكتاتورية فردية في اطار نظام جمهوري، يأتي على ظهر ثورة بيضاء فريدة اتفق على اخراجها لقطع الطريق عن بديل شعبي تقدمي متآلف كان موجوداً . . و سار الدكتاتور المرتقب منذ بدء فرصته، على طريق تصفية منافسيه و معارضيه و تقريب من ايّده منهم في المنعطفات المهددة لموقعه، مهما كان انتمائهم الفكري و القومي و الديني و المذهبي .
و بمسيرة حكمه ذلك، بطش صدام بلا رحمة بكل شخصية وطنية عراقية ـ باختلاف طيف انتمائها ـ كان يمكنها ان تشكّل عاملا يجمع و يحرّض على معارضة او يبدي آراءً منطقية لتغيير مسار حكمه . . موظفاً لذلك تجارب البلاد و المنطقة الغنية بالنفط عبر مستشارين، حتى وصل تزايد استقطاب الدكتاتورية طريقا سدّ مشاريع الاصلاح للصالح الوطني و لتلبية المتطلبات الدولية الضرورية و مزّق الوحدة الوطنية، فعملت الإحتكارات على ازالة صدام و على الحفاظ على آلية بناء الدولة الدكتاتورية، بمراهنتها الطويلة على انقلاب قصر يطيح به و بالمحيطين به فقط . .
و يرى محللون بانه اثر عمليات الحصار و الرقابة ثم بعد اسقاط الدكتاتورية بحرب خارجية . . واجهت الإحتكارات بشكل مباشر درجة عمق الفساد الذي وصله حكم الدولة الدكتاتورية و اوصل به المجتمع من جهة، و واجهت الرفض السياسي و الشعبي للاحتلال الأميركي من جهة اخرى . . الأمر الذي ادى بها الى ان تعيد النظر باسلوب بناء الدولة الجديدة بما يؤمن مصالحها، بشعارات تناسب العهد الدولي الجديد و المحيط الإقليمي .
فابرزت مشروع الدولة البرلمانية الإتحادية الذي اجمعت قوى معارضة الدكتاتورية عليه قبل الإحتلال كبديل. و لكن بشرط ان يكون على اسس ديموغرافية طائفية و عرقية فرضتها، و كأن تلك الأسس هي الإسلوب الوحيد لقيام الدولة الإتحادية تلك، في اطار خطط رمت ضمن ما رمت . . الى الهاب المنطقة بـ (الفوضى الخلاقة) لمواجهة تحدياتها، دون حساب المتطلبات الحقيقية للمصالح الوطنية العراقية او بالدوس عليها لتحقيق اهداف ستراتيجية لم تعلن كلها، سواء في العراق او في المنطقة . . رغم انواع الشعارات و الوعود. عقّد ذلك ظهور لاعبين اقليميين متصارعين لم تحسب الإدارة الأميركية بمحاصصتها حسابهما بحجمهما المطلوب : ايران الشيعية و المحيط العربي ـ التركي السني، اللذين التهب صراعهما متسبباً اضافة الى ما سببه الإحتلال ...
تصاعد الارهاب و انعدام الأمن في البلاد، تزايد الضائقة المعاشية للغالبية العظمى من الجماهير الشعبية، و تصاعد الصراع : الديني الطائفي و الإقليمي، الإيراني الأميركي . . اضافة الى التهاب القضية الكوردية، وتأثيرات الربيع العربي . . حتى وصلت الصراعات و تأثيراتها درجات لم يتوقعها اصحاب القرار في القضية العراقية . .
و لعب كل ذلك دوره في ظهور طبقة سياسية جديدة تستقوي مكوناتها بالدعم الدولي او الإقليمي او كلاهما، و في تزايد امتلاك قسم من تلك المكونات السياسية صنع القرار، رغم مجيئها بانتخابات طعن بنزاهتها اكثر الأطراف . . و لعب دوره في (الإنشغال) عن العمل الجاد لتعبئة اوسع الجماهير و لتحطيم اسس الدكتاتورية و مفاهيمها التي استمرت بالتواصل لعدم وجود قوانين ملموسة قابلة للتطبيق تتصدى لها . .
ليطغي الصراع الإيراني ـ الأميركي و الشيعي ـ السنّي، على صورة التطورات و الصراعات و ليصل الى تزاحم منظومات الانذار و المنظومات الصاروخية في دول الخليج العربية ـ بمليارات فلكية من العملة الصعبة ـ و تزاحم قطع البحرية الأميركية في الخليج . . في مواجهة الترسانة العسكرية الإيرانية المتصاعدة ذات التصريحات النارية المهددة بقطع مضيق هرمز . .
ثم تصريحات الجنرال سليماني (قائد فيلق القدس) بتحكم ايران بدول المنطقة و قراراتها، التي نالت استنكاراً جماهيرياً واسعاً رغم توضيحات قيادة الحرس الإيراني (السباه بازداران) و تراجعها عنها . . في وقت يرى محللون في تصريحات سليماني بكونها اشارة الى تزايد احتمال تشكيل حكم عسكري ايراني بديل لحكومة نجاد المدنية لخلافاتها مع خط ولاية السيد "علي خامنئي" . .
و يرى خبراء انه بينما تمارس ايران سياسة حافة الهاوية و التهديد . . تسير الإدار الأميركية بلا ضجيج على خطى مشروع بيكر ـ كارلتون الداعي الى التعايش مع دول المنطقة على اساس التنازلات المتبادلة بما يؤمن المصالح الأميركية بالأمن و الطاقة . . معتمدة في ذلك ليس على قوات المارينز، التي قلّصت اعدادها بوضوح و انما على اجهزة معلوماتها و على تفوقها التكنولوجي ـ الألكتروني العسكري الذي يحقق لها اهدافاً منتخبة فقط، بعد " انتهاء عقد الحروب . . اثر انتهاء خطر القاعدة على الولايات المتحدة و انتهاء بن لادن " و اعلان الرئيس الأميركي اوباما عن استعداده للتعاون مع اية قوة و جهة يمكنها ان تحقق نفعاً للأمن القومي الأميركي و تطور اقتصاده ـ راجع خطاب اوباما عن حال الإتحاد في 24 / 1 / 2012 ـ .
و يرون ان الإدارة الأميركية تعلن بذلك عن استعدادها لعقد صفقات و تنازلات متقابلة للتعويض عن خسائرها في خوض و تمويل الحروب، و هي تستعد للإنتخابات القادمة . . و انها قد تبدي استعداداً لتنازلات متقابلة مع ايران في القضية العراقية . . و يتسائلون هل تتنازل ايران في اطار سياستها بالإحتواء . . لقيام حكم تعددي اتحادي عراقي حقيقي يعتمد التبادل السلمي للسلطة و يؤمن مصالحها ـ بما لايضر بالمصالح الأميركية المذكورة ؟؟ ام ان هناك اصرار على حكم فردي يحقق ذلك . . في ظروف تتصارع فيها الإحتكارات الغربية ذاتها على شكل الدولة العراقية المزمع قيامها ـ اتحادية برلمانية ام دكتاتورية ـ في ظل غياب حركة جماهيرية شعبية مؤثرة و تعليق الدستور.
فيما يحذّر اصدقاء للشعب الكوردي من ان التعامل مع الدولة الايرانية و الإدارة الأميركية قد يحمل مخاطر من تكرار مآسي اتفاقية الجزائر عام 1975 التي عقدت في غرف موصدة الابواب، حين سحبت ادارة نيكسون ـ كيسنجر نفسها من القضية الكوردية و من حقوق العراق في شط العرب، بعد ان تحققت مصالح الأمن القومي الأميركي منها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في فرنسا : هل يمكن الحديث عن هزيمة للتج


.. فرنسا : من سيحكم وكيف ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. سائل غامض أخضر اللون ينتشر على أرضية مطار بأمريكا.. ما هو وم


.. فشل نظام الإنذار العسكري.. فضيحة تهز أركان الأمن الإسرائيلي




.. مقتل وإصابة العشرات من جراء قصف روسي على عدة مدن أوكرانية عل