الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هرطقة الخط الأحمر

نعمة حسين الحباشنة

2012 / 1 / 28
كتابات ساخرة


الخط الأحمر وما أدراكم سادتي ماهو الخط الأحمر ؟ هو لعبة الموت أم هو سلسبيل الحياة ؟ هو الأمل أم هو الفناء ؟ سؤال غريب لايعرف الاجابة عليه إلا من تجرأ على الاقتراب منه ...

لاتستغربوا من عدم معرفة الجواب فكيف لتلك الوجوه المتعبة أن تعرف ماهو الخط الأحمر وأين تقف ؟ و كيف لذلك الجائع التائه من سرقوا خبزه وباعوا لحمه والقوه في زنازين العتمة بحجة الإبقاء عليه أن يعرف ؟

هو لم يقرأ في دروس التاريخ عن خطوط حمراء أو صفراء أو حتى سوداء ؛ ولم يفكر بالقراءة يوما وهو مستلقي في زنزانته لأنه لايمتلك ثمن الكتاب والجلاد لايوزع إلا الأشجان بالمجان ، كان طفلا وكان كل ما تعلمه من كتب التربية الوطنية وكتب التاريخ أنه الانسان ، ومنذ الأزل الانسان يعني الكرامة والحرية ، كم من الحروب قامت ؟ وكم من الدماء أريقت من أجل كرامة الانسان والحرية ؟ كان مدرس التاريخ يصفق كل يوم لمن يحفظ دروس الحرية وهو كان منهم ..

وجوه ترحل وأخرى تأتي وهو يقف هناك وراء جرنه يطحن قمح الذل المعطر ببراز الجرذان لتصنع له أمه منه خبزا عجن بملح العرق يبتلعه بسرعة لأنه فارق الوقت وقارب على الاقتراب من الخط الأحمر للوقت المسموح له به للابتعاد عن الجرن والجرذان لتبدأ من جديد رحلة الغثيان ...

ليس بعيدا عنه كانت ديدان القز تتسلق شجرة التوت الوحيدة في فناء البيت العتيق لتجتاز كل الخطوط الحمراء لا وبل قضمت الجذع ومازالت تسعى نحو الجذر لتسقط الشجرة ؛ ولم يلقي عليها باللوم أحد ؛ قالوا له في كتب العلوم أن دودة القز تعطي الحرير والحرير يباع مثقال بدينار لكنهم لم يخبروه أن دودة القز ستأكل كل الشجرة لتسقط كل الأوراق ولا يبقى حتى ورقة واحدة يغطي بها سوءته ليصبح مهدد بتجاوز الخط الأحمر بسبب السيرعاريا في مدينة الخطوط الحمراء وما أكثرها هناك ...

خط أحمر سرق لون خطوطه من بساط أحمرنسج في أرض فارس نقشت عليها منمنمات فرعونية تحكي قصة انتصار نبوخذ نصر وغرق فرعون موسى وسقوط عرش كسرى وسبي زنوبيا وغيرها من قصص الأولياء والأثرياء على مر التاريخ تقابلها خطوط صفراء وخضراء لتراب مقدس ؛ سنابل قمح شامخات ؛ حصاد ومنجل ؛ وشعلة نار حملها عداء يطوف وهو عار من ورقة التوت يحاول أن لايقترب منها حتى لا تحرقه فيقال أنه مجنون تجاوز الخط الأحمر ؛ عداء مصاب بعمى ألوان تعود على القفز فوق كل الخطوط دون أن يميز لونها و في كل مرة كان يقفز فوق خط من الخطوط يزداد قوة واصرار على الوصول رغم كل الأهوال و المصاعب وعندما سالوه عن سر قوته كان الرد هو الصمت ..


/ هرطقات من زمن الهروب / 27/1/2012م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي