الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإغتراب ومدينتي - السويداء

نايف حسين الحلبي

2012 / 1 / 28
سيرة ذاتية


الاغتراب
ومدينتي - السويداء


السويداء أنت في القلب ولكني أراك حزينة هناك جراحا تدمي، أنستني حتى ملامح وجهك، أصبح هناك بيني وبينك جدار يفصلني عنك

غبت عني سنين طويلة صرت اشتم بها رائحة تبعدني عنك ورياحا تشدني إلى البعيد... وذكريات تشدني إليك.. عشت بقلبي في غربتي وترحالي

عشت معي في حقيبة سفري وبين أمتعتي عشت معي بكل ما تحملينه من قيم ، تركتك بأيام الصبا.

أيام كنت حزيناً ، عشت غريبا فيك وغريبا في غربتي حين هجرتك منذ ثلاثين عاما،

تعلمت خلالها الكثير من الخبرات والتجارب الحياتية والكثير من المهارات وتفتحت مخيلتي على الكثير من الأشياء،
من علوم وتقنيات الحضارة مثل الكمبيوتر والانترنت

التي لم نكن نشهدها من قبل وكانت محطتي الأخيرة منذ سبعة عشر عاما في بلد
كنت غريبا عن أهلها وأهلها غرباء عني كانت تفصلني عنهم مسافات شاسعة وكأنني

أراهم من خلف لوح زجاجي يتحركون كالدمى، تعودوا أن لا يهللوا للقادمين لان مزاجهم سيئ وينظرون إليهم بدونية
حتى أنهم لا يحبونهم ولا يندمجون معهم إلا في

حدود مصلحتهم الضيقة وكانت النظرة متبادلة فيما بيننا كالمتكبر الذي يقف على ظهر جبل يرى كل الناس صغيرة
والناس تراه صغيرا دون ان يدري، لذلك عشت غريبا هنا وغريبا هناك.

أريد العودة إليك بفرح أريدك أن تعيدي لي فرحتي وتلثمي جراحي التي اكتوت عبر السنين.
لا أريد أن أرى البؤس على وجوه محبيك... لا أريد أن أرى بك الوجوه كالحة... أريدك زنبقة، وردة جميلة يفوح عطرها على الدوام.

إن طرقاتك اليوم تغص بالبؤس وعيناك تدمعان وريشة الذين يرسمونك في مخيلتهم ودفاترهم تعتصر ألما ...... أعيدي إلينا بارقة من أمل.

أسكبي فوق جراحنا بلسمك الشافي، عطري أبنائك بعطرك الدافئ واحتضنيهم وامسحي عرقهم كما كنت تفعلين، قبلي جباههم ،
وأعطهم مسحة من المحبة التي اخذوا يفتقدوها.

إن أبنائك يتوقون لام حنونة تحتضنهم لتفجر كل غضبهم وفرحهم وتمسح عنهم أعباء السنين
أريد العودة إليك محبا

أريد أن اخط دروب عشقي بك من جديد، أريد أن أعيد غراسك التي تم تشويهها أريد لك الخير كله والحب كله ،
أعطنا حبا أصيلا كأصالة أحجارك وثباتها أمام متغيرات الطبيعة، أعطنا شموخا كشموخ جبالك.

أنتي جعلتي لكروم العنب نكهة خاصة، وألبستي بساتين التفاح روحا طيبة وعطرا.

فيك أناس ذو سريرة صافية وقلوب نقية وعقول منفتحة وعزيمة قوية.
لهم فلسفة نيرة في محيط خاو ... لهم أفكار بنيت على أسس متينة ... ولهم حكمة

تحاكي كل فلاسفة الإغريق...

فيك روح التفاني والعطاء والغيرة وبك يكرم الضيف ويحترم، بك أناس طيبون في معشرهم، ودودين في تعاملاتهم.

من يسكن بين حناياك يحس بأنه جزء منك.
ومن يعش في ربوعك يلتصق بك ويحبك
يحترم أهلك كل قادم إليك ويكون معززا ومكرما.

الغريب هنا في ديارك هو من لا يعرف الرحمة.
الغريب هنا في أرضك هو من لا يتخلق بأخلاقك

الغريب هنا هو من لا يحفظ ماء وجهه، وسيرته غير محمودة، تغربله الناس وتنفر منه.
أبناؤك شيم عريقة، وقلاع متينة.
أبناؤك الحقيقيون لا ينامون على ضيم

عَلمْتِ محبيك التسامح
علمتِ أطفالك فلسفة الحياة وحب العطاء.

إني عائد إليك بحبي.
إني عاتب عليك بحبي.

أتطلع إليك تطلع محب لمحبوبته، وعشيق لمعشوقته
أعيدي إلى فرحتي التي سرقتها غربة السنين الطويلة.

أعيدي الفرحة لمن يعيشون بغربة داخلية فيك، للأناس الذين يحبونك ويحبون السويداء اسمك.

ولكن هناك من سلبهم هذا الحب وانتزع منهم الفرح واغشي على عيونهم وأعمى على بصيرتهم.

أحببت بيوتك العامرة التي عملت على تكريس حب الضيافة، والتعاضد والتآخي والتحلي بالكلمة الحسنة وبالكلمة الصادقة.

أحببت جبلك القلب النابض الذي يُعلم بدون قسوة ويعيد ترتيب الحروف بدون تسلط ويبني شيما جميلة بدون تمنن.

تمر عليك أيام شكوى وتعتريك أيام غصة ويسير البعض من أبنائك سيرة لا ترضين عنها وتعضدينهم
وتحبينهم لكي تصححي مسارهم لا لكي تعاقبينهم.

أيتها السويداء مذمومة أنت في عصرك لا لشيء!!!!
إلا لانفتاح عقلك.

منبوذة من كل ما يحيط بك ومغضوبا عليك في زمانك هذا،
ولكن بذورك المتأصلة لن تنبت إلا ثمارا طيبة وعجينتك التي بنيت على فلسفة حكيمة وأفكارٍ روحية سامية لن تجعلك إلا في المقدمة.

هذه ذنوب عليك ووجع وألم لأيام سوداء تمرين بها سوف تزول وتتطهر لتبقى رايتك خفاقة وبريقك يلمع وثغرك يبتسم، لان الحقيقة مكتنزة فيك.

انك تدركين ما أنت فيه وتدركين وجعك.
أنهم قد عبثوا في أصالة روحك ولكنهم لم يطفئوا شعلة النور المتقدة بك

لأنك أقسمت أن لا يكون هذا الجبل إلا للنسور التي لا تحلق إلا بالأعالي.

نسورك التي تحب العطاء، وتعشق النور، وتحب الفكر المتألق والسامي، وتحترم كل ذي عقل، وتأخذ بيد الجاهل،
وترأف لحال المسكين، إلا من قست قلوبهم

وتخشبت أعضائهم وتلطخت أيديهم بالعفونة ونخر السوس قلوبهم وأصبحوا كالشجرة التي لا حياة فيها.
هؤلاء سوف ينكسرون ليتعلموا

سوف تعصف بهم رياحك.

لأن من يحمل فكرك ويسمو ويرتقي لمحار عقلك لن يكون إلا في الأعالي
ولن يكون إلا قريبا من السماء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24