الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القطاع الزراعي في العراق ضحية لتدني كفاءة الأدارات السياسية في البلاد ..

جاسم محمد الحافظ

2012 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


ان مشكلة القطاع الزراعي كانت ولازالت من بين أكثر الموضوعات المقلقة للمهتمين بشؤنها من ناحية , ولعموم المواطنيين من ناحية ثانية , وذلك لأرتباطها الوثيق بأمكانيات تلبية حاجات الناس المتنامية للغذاء , الذي يعد توفيره من بين الحقوق الأساسية للأنسان , وفق ما نصت عليه معاهدات ومواثيق منظمات حقوق الأنسان الدولية , وعدم توفيره أو تسهيل الوصول أليه يُعتبر أنتهاكاً لهذا الحق الأساسي . وطبيعي بأن القطاع الزراعي الذي يشكل أحد الفروع الرئيسية في البنية الهيكلية للأقتصاد الوطني المتسم للاسف بالأحادية والتشويه في بلادنا , لم ينل نصيبة من نظم البيئة المحيطة به , لضمان خلق الظروف المناسبه لتنمية فروعه المختلفة نباتية كانت أم حيوانية , بل أن هذه النظم قد رَحَلَت مشاكلها الى هذا القطاع الهام من أنتاج الخيرات المادية , وعرقلت نموه وتطوره اللآحقين , لأن طبيعة العمليات التحويلية للنشاط الزراعي الهادفة أصلاً لأنتاج المحاصيل الزراعية , تجري على مدخلات – كالاسمدة والمبيدات واللقاحات والمكائن والآلآت الزراعية وانظمة الري الحديث - منشأها في الاساس مخرجات نظم أخرى من نظم البيئة المحيطة بالوحدات الأنتاجية الزراعية , تلك الوحدات التي أذا ما توفرت لديها الأدارة الفنية الكفؤة فأنها ستصل الى أفضل توليفة بين عناصر الأنتاج المتاحة , لضمان أعلى أنتاج بأقل تكلفة ممكنة – مع قناعتي بان غالبية الكوادر الفنية والأكاديمية في وزارة الزراعة ومديرياتها تتمتع بكفاءات جيدة رغم عدم راعاية الدولة لمصالحهم - , كما أن ملابسات وتعقيد العملية السياسية في العراق , وما ورثته من خراب ممنهج لأكثر من ثلاثين عاماً , ألقت بظلالها الثقيلة على مختلف مناحي الحياة الأقتصادية والأجتماعية , خاصة وأن بعض أطراف القواى النافذة في الحكم مصرة على دفع الناس الى الأصطفاف بناء على أنتماءاتهم العرقية والطائفية , وليس على اسس المصالح الأقتصادية للفئات والطبقات الأجتماعية والمصالح العليا للوطن المشترك , تلك الأسس التي تشكل بكل تأكيد ضمانة أكيدة ورافعة قوية لمشاعر التآخي والوحدة الوطنية , وتمهد لآفاق تطور أقتصادي وتنمية أجتماعية منشودة . ومن دواعي الحيرة والأحباط الكبيرين , أن تُقَدم الحكومة الموقرة مشروع الميزانية العامة لسنة (2012م ) الى ممثلي الشعب , بعد عشر سنوات عجاف من أنهيار النظام البائد , بهذه الرؤية الأقتصادية السطحية وغير الموفقة في أحداث نهضة تنموية متوازنة قطاعياً وجغرافياً , وفي ظل موشرات أقتصادية أوردها البنك الدولي ومفادها أن القطاع الزراعي قد وظف في عام 2009م 17% فقط , في وقت كانت نسبة العاطلين عن العمل في المناطق الريفية قد بلغت 22% . ومن الملاحظ أن قسوة البطالة قد طالت الشباب الذين تراوحت أعمارهم ما بين 15 – 17 سنة , الأمرالذي شكل تحدياً مستقبلياً كبيراً في مجتمع معدل النمو السكاني فية قد تجاوز ال3% , كما أن الميزانية قد قُدِمَت وبتخصيصات متواضعة للقطاع الزراعي , رغم أن أحصائيات وزارة التجارة العراقية تؤكد بأن العراق أستورد ما نسبته 75% من القمح و90% من الرز في عام 2011 لسد العجز في الطلب الكلي على هذين المادتين الغذائيتين اللتين أستنزفتا موارد طائلة من المال العام تقدر ب(5 بليون دلار أمريكي ) , مما يشير الى رغبة بعض أطراف الحكومة على أبقاء العراق سوق مفتوحة للسلع الغذائية المستوردة , لتلبية مصالح فئة التجار الكبار , اللذين تهدد التنمية الزراعية والصناعية الوطنية مصالحهم الأنانية الضيقة , واللذين سيسعون بأستمرار الى عرقلة سعي الدولة للنهوض بهذين القطاعين الحيويين , ولأبقاء الأوضاع على حالها البائس هذا , كما تؤكد ذلك الأتجاهات الرئيسية لميزانية 2012 م , التي سوف لن تلعب دوراً حاسماً في مكافحة الفقر والجهل المستشري , الذي ما فتأت تنبه عن مخاطره غالبية القوى الوطنية والديمقراطية وتحذر من مدياته التي بلغت حدوداً غير مسموح بانتشارها في بلد ثري مثل العراق , فنسبة العاطلين عن العمل , وفق أحصاءيات وزارة التخطيط العراقية بلغت في عام 2010 م حوالي 30% , في وقت تُبين فيه بيانات الأمم المتحدة بأن حوالي 25% من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر .
أنني أعتقد بأن الأزمات السياسية التي تخلقها قيادات الأحزاب المتصارعة على السلطة والمال , ليس ألا هروباً في بعض جوانبها من مواجهة الأزمات الأقتصادية والأجتماعية الطاحنة , وأستحقاقات التنمية والمشروع الديمقراطي , تلك التي تقتضي طاقما سياسياً قادراً على تحديد الأولويات من جانب , وكفء في حشد الموارد المادية والبشرية لتحقيق أهداف المجتمع من جانب آخر , أن العراق الغني بثرواته وموقعه الأستراتيجي يستحق أفضل من نظام المحاصصة هذا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل