الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقبرة

خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)

2012 / 1 / 28
الادب والفن


عزمت رغم الإرهاق الشديد الذي أعاني منه منذ أيام أن أحضر إلى جلسة المحكمة ،إذ أن قضية كهذه لا يُستهان بها و يُبدي القانون صرامة تجاه هذا النوع من المخالفات.
قررت المشي رغم تحامل الأمطار ، إذ تمتاز النزهات الصباحية بطعم خاص ، قلما تحقق مثيله عند الظهيرة و لا أدري سببا لذلك .
كانت القطط و الكلاب تنطّ من على مظلتي السوداء ، إذ ظهرت على أشكال مختلفة لتعطي معنى خاص لحديقتي المتنقلة.والواقع أنني كنت البارحة في أمسّ الحاجة إلي التفكير العميق حيث تمنحني النزهة علاقة أقوى بالأمكنة و الأزمنة و البشر .
كنت أمشي تحت المطر الغزير إلى أن شعرت بماء دافئ يتسرّب إلى حذائي ، لقد وصل الماء جواربي أيضا ، إلا أنني هممت بالإستمرار ، ثم تذكرت أهل الجبال الذين يعيشون تحت ظروف مناخية متطرفة ،و مع ذلك فهم يعيشونها ولا يشتكون .
الأجدر بي أن أصمت لأمنح المطر فرصة الحديث . مشيت دون انتباه لشعري الذي وصلته حمىّ البلل بدوره . أثناءها عزمت على أن أختصر الطريق و أن أقطع كنيسة القديس " سانت جورج " من الوسط .
كانت الكنيسة أنيقة كما هي العادة ، إذ سبق لي منذ زمن بعيد أن حضرت كونشرتو للموسيقى الكلاسيكية أثناء الظهيرة مخصص ليستمتع موظفو المنطقة و أهلها باستراحة الغذاء منتعشين بحركات و أنغام الموسيقى .
لم يكن لدي الوقت الكافي للإستمتاع بمرئى الكنيسة و سررت أن أقطع زمنا متأملة في المقبرة الجميلة الصغيرة التابعة لها ، إذ ناذرا ما يمرّ أحد بها اللهم الراغبون في زيارة أحد الأقارب .
توقفت قليلا ، خفّت الأمطار فأغلقت المظلة لكي أخلد في سكون المكان ،اغتبطت إذ تذكرت مقبرة مونبارناس الكبيرة التي ليست سوى معبدا للإنسان .
توقفت و حاولت أن أقرأ شاهد القبور ، إذ تعود بعض التواريخ إلى 1720 م.لم أتمكن من قراءة كل شئ بسبب فعل الطبيعة من رطوبة و مياه ، فالزمن كفيل بأن يكسر أقوى الصخور و أصلبها .
توجهت تجاه الجهة الغربية للمقبرة ، إذ لم أزر المقابر منذ زمن مما جعلني غير قادرة على الإنصراف دون الإستمتاع باللحظة الزائلة أملا في لمس شئ من الخلود و الراحة .
كانت بعض القبور نَظِرة ، بشواهد ملمّعة كأن أصحابها استأنسوا الجمال و النظافة و ارتفعت قبورأخرى بزهور خجولة تظهر هنا و هناك . نظرت إلى الأرضية لأرى "سكاّتة" رضيع بيضاء نظيفة لا شك أنه قد زار بدوره المكان.
كان لا بد لي أن أختطف نفسي من هذه الرحلة العميقة ، إذ أن موعد المحكمة على اقتراب و ليست لي النيّة في إضافة مشكل آخرسوى الإسراع إذ أن المحكمة لا تتساهل مع متجنّبي الضرائب بما فيها ضريبة السّكن التي كنت بصددها البارحة . فعقوبة متجنّبي الضرائب صارمة قد تودي بصاحبها إلى السجن و لو كان رئيسا للوزراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها


.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف




.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب