الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي السوري -لماذا ثار السوريون؟!-

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2012 / 1 / 28
الادب والفن


أمل في جهنم 
جهنم للعدل 
لأنها الجنان ما عادت لنا
احتلها السلطان
و من حرم الغنا

بقيت في جهنم لأنها الأخيرة
تقبل بيتمي.. بعبدة فقيرة
صليت كالغريبة 
في جامع المدينة
فصارت الحكاية
شعري المضفور

روحي تتحدى.. و هم يكفرون
من يستمع لها.. مؤكد مجنون
روحوا عن نفسكم.. فهي لا تريد
أن تقترب من ملككم .. من قصركم 
من حوركم.. هناك

جهنم مكروهة..لكنها الملاذ..
إن كانت الجنان
تسخر الإناث!

إن كانت الجنان 
تحتاج للتأشيرة
من أمة بعينها
من حاكم بذاته
من جنس لا يحيض
فجهنم بنارها
تدفئ الفقيرة
التي قضت لكونها تلد و لا تبيض
تبدد بنورها
ظلام من استحل
أن يرجم، و يذبح..
و يمنح الثواب
و يفسر الكتاب

هذا ما كتبته.. عندما سألني( الفيس بوك) ماذا يدور في عقلك .. و سألت نفسي لم يكون الطريق الأشيع لرجم امرأة هو شرفها.. هل هي عقدة الجنس و الكبت الجنسي، أم أن العهر تحول في زمن الديكتاتوريات السياسية و الدينية إلى بديل تنديدي.. يسمح للبشر بتفريغ قهرهم، ذلهم، و فقرهم في وعاء أنثوي مستكين.

بدل التنديد بالعهر الثقافي، لدينا وكالة حصرية للرجم بالعهر الجنسي، يا زمان العولمة حرر العقول...
فيما أنا أفكر.. أطلت رسالة " علي" في (الشات) المحادثة لتخبرني:
- أصبح لدي ألف صديق و صديقة...
- ألف؟!
- أجل..الفضل ل( النوت) التي كتبتيها لي.. وضعتها في عدة صفحات.. فأحضرت لي ثلاثمئة صديق.. قمت بإضافة أصدقائهم و هكذا.. متوالية من الأشخاص الثائرين الرائعين.. كم أحبهم!
- فرحتني.. يعني زال غمك..
- لا ما بيزول لتعزميني ع شاي...
- تفضل..متى تحب أن تحضر؟
- نصف ساعة أكون عندك...

طالعت بشكل سريع التعليقات و الهجاء الذي ورد على الكلمات التي كتبتها.. و أضحكني منها:
(أكيد جهنم لأمثالك يا عاهرة...)
عظيم ها أنا أكتشف من يعتقد نفسه ( الله) بين من قبلت صداقتهم على (الفيس بوك) لأتعرف على كل من أظنه لا زال يقرأ في بلاد الشرق العتيدة.
كيف يسمح أحد لنفسه بأن يحلل و يحرم، و يفصل و يقيس على هواه.. ألا يعقلون بأن العلاقة مع الله علاقة شخصية جداً، و بأن الأديان تتعدد بتعدد بصمات الأصابع.. ما علينا...

هذه أول مرة أسأل نفسي ماذا سألبس قبل أن يحضر" علي".. هي أول مرة استخدم زجاجة العطر التي أحضرها، و هي المرة الأولى التي لا أحس بأنني مضطرة لاستقبال ذلك السوري الحزين.

- كيف صارت رجلك؟!
- ماشي الحال...
- جاهزة للرحلة؟!
- أية رحلة؟!
ضحك:
- رحلتك مع "علي السوري" ذو الألف صديق و صديقة...
- هل تريد أن تحكي كتابيا ( على الشات) اليوم أيضاً ؟
- أجل يا دكتورة.. أريد ألف بطل جديد.. هذا يستلزم أن تحرري لي ( نوت) جديدة.
- لماذا يهمك كثيرا أن تزيد في عدد أصدقائك؟
- ألم أقل لك أريد أن أسقط الاستبداد.. أحتاج جيشا من العقلاء، لأنني أخاف على الوطن من أن يبتعد أولاده عن بعضهم و يتركونه هدية للغريب...
- ما كتير فهمت.. بس تفضل اجلس.. سأحضر لك الشاي و نبدأ.

على ذلك الكرسي الخشبي في طرف الصالة، جلس " السوري" غارقا في ( الفيس بوك) لم ينظر إلى فستاني، و لا هو التفت إلى أناقتي اليوم.. السوري لا يراني...أيقظني صوته:
- جاهزة
- أجل
- لم لم تفتحي المحادثة...
- آسفة نسيت.. ها أنا أفتحها...
و بدأ " علي" بالكتابة...

-ضربوني و بصقوا علي..
-من تقصد؟
- كنا في الثانوية.. أحد أبناء المسؤولين ضرب صديقنا " ولاء" في الصف.. لأنه قال له:
 (كل الناس سواسية.. ما حدا أحسن من حدا).
اقترب صديقنا زياد ليدافع عنه.. فضربه معه. ضربه على وجهه، و كسر له نظاراته.. ثم استمر يضربه، و المسكين يبحث عن النظارات.. و لا يرى أمامه.
 أما بقية الصف كان صامتا.. كأن لا علاقة لهم..و  عندما اقتربت أنا لأدافع عنهم.. قال لي  الكلب:
(روح جيب خبز.. خلي أهلك يشبعوا بعدين صير رجل..)
ثم ضربني،  و سقطت الخمسين ليرة التي كانت في جيبي و حقيقة بقينا يومها (بلا خبز).
لكنني نمت شبعان.. أجل شبعان ذل …

زياد كان سني و أنا و ولاء كنا علويين، لكن الصف الساكت كان من جميع الطوائف.. 
 أغلبيتهم اعتذروا لنا في اليوم التالي.. و قالوا:
(نحنا كنا خايفين من أنو يجيب علينا عناصر من عند أبوه  المسوؤل).

هل تعلمين لماذا أحكي لك هذه الحكاية؟!
- لا
- لأنها و في غياب إعلام مستقل، و بوجود أصحاب مصالح، و متعصبين.. تحكي لك ماذا يحدث في سوريا اليوم.. و تخبرك ببساطة: لماذا ثار السوريون؟!

- حط ( لايك) يعني أعجبني .. و وضعت إشارة ابتسامة ثم كتبت:
- علي .. من أين عرفت نوع العطر الذي أحب...
-بعد انتصار الثورة أخبرك.. ذكرتيني البارحة أرسل لي أحد الأصدقاء الجدد ( اسمه راني) يسألني من أنت؟! هو يقصد من حرر ( النوت) التي على صفحتك؟..كنت سأقول له اسمي "عليا". 

توقفت الكتابة، و سمعت ضحكة " علي" و صوته يقول:
خفت يفهمني غلط...

نظرت إليه.. أنا أعرف هذا " السوري" من ألف عام.
**********


إلى أين أنت ذاهبة...
- إلى دمشق القديمة- باب توما-
-تسكنين هناك؟!
- لا يوجد معرض للنحت في أحد المقاهي هناك.
- و أختك ستكون هناك؟!
ابتسمت " عبير" و هي تشير إلى باص ( باب توما):
- أجل.. أظن.. أكلمها على هاتفها المحمول.. مغلق.. ليست مشكلة الآن بما أنك ستوصليني.
المسافة بين جسر الرئيس و باب توما حافلة بالوجوه.. غالبيتها متجهمة، هناك شيء في الجو يوحي بالهم، و بالعجز أيضاً.. و تلك الصبية التي كان وجهها الحزين مرسى عيون الشباب تضفي على الطريق نكهة شامية.

- اسمي "أليس" خريجة هندسة زراعية.. و أنت؟!
-تشرفنا..أنا " عبير" ممرضة.
-أهلا و سهلا.. قلت لي أنك لست من دمشق.. من أين أنت؟!
- أنا من ضيع طرطوس...
- حورية بحر إذا.. 
ضحكت عبير:
- إذا كان في البحث عن أمير.. نعم حورية بحر.. أنت من أين؟!
- أنا من السويداء..
- ملكة تفاح أنت.. أو أليس في بلاد العجائب...
تضحك:
بلاد العجائب في أليس.
و أحست عبير أنها تعرف هذه الفتاة من ألف عام.. أحست أنها وجدت عن طريق الصدفة المحضة، كائنا آخر يحتاج إلى أذن و عين و قلب:
- هل أنت سعيدة في عملك...
- أنا لا أعمل.. أبحث عن عمل.. أنت ( شلون شغلك)؟!
- جيد .. أحب هذه المهنة جداً...
-هل تحبي النحت أيضاً.
- أجل.. صمتت " عبير" قليلا ثم أضافت:
- حبيبي كان يحبه..
ابتسمت أليس:
- و الآن ( ما عاد يحبه) ؟!
- لا الآن ما عاد حبيبي.. رحل...
- انزلي في الموقف التالي...
- لكننا لم نصل بعد...
- انزلي.. فبكاؤنا طويل...


يتبع...
من رواية " علي السوري"  قيد النشر. 









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا يا أستاذة على هذه الكلمات الشاعرية
Elias Ashor ( 2012 / 1 / 29 - 09:52 )
شكرا يا أستاذة على هذه الكلمات الشاعرية


2 - أعجبني ....!0
جابر حسين ( 2012 / 1 / 29 - 10:12 )
النص جميل حين تناول - الوجع - العام ثم تلك العلاقة التي يجعلها - أحيانا - الواقع الخشن ملتبسة ، العلاقة بين الكائن الرائع / المرأة والرجل حين يجمعهما عشق الوطن والرؤيا التنويرية المتوهجة ... أعجبني النص حد أن تمنيت لوكان في تمامه فتكتمل متعتي ... بوركت لأجل هذا - القلم - السيال بالحب وعشق الحياة ياسيدتي !0


3 - عندما تنتصر الثورة السورية؟
dania ( 2012 / 1 / 31 - 09:55 )
ولماذا لاتخبرينا الأن وتنتظرين اجهاض واجهاد بلد كامل وانتي تتلذين بقول عبارة - عندما تنتصر الثورة السورية؟- عزيزتي الجنس ليس مفتاح حرية بلد عن أخر وليس هو معيار الحرية والديمقراطية التي تبهركم بها أميركا - وصدقيني الأميركيون أنفسهم لايرون الا ماتريد الادارة الأميركية أن تريهم - فلماذا ننكلم عن الجنس وندخله في جميه مواضيعنا وكأنه مفتاح البداية والنهاية ! دعوا الجنس فلقد أصبح عاهرا بسببكم فقد الجنس عذريته بسببكم ....
لا أحد ينكر أن سوريا بلد بحاجة الى اصلاحات وهناك العديد من الأمور التي حدثت في الماضي وكانت عائقا أمام تطور البلد ولكننا لسنا بحاجة الى ثورة تستبيح القتل والتنكيل والتدمير وحمل السلاح بوجه الأخر والقتل على الهوية , لماذا نبارك ثورة هي طريق الى بداية نهاية الدولة؟ دولة لها تاريخ عريق وشعب مثقف ....


4 - نص ناقم على الواقع
محمد طلعت ( 2012 / 2 / 6 - 15:12 )
أكثر مايلفت النظر الى هذا النص بهذه الرواية بانها راوية صادمة لعدة مفاهيم سلطوية فى مجتمعنا العربى الذى يموج بالعديد من أصناف العهر مابين اباحته وحرميته.!
وأقول:
يا زمان العولمة حرر العقول مع تنقية عقدتنا العهرية.!...

اخر الافلام

.. الفنان عبدالله رشاد: الحياة أصبحت سهلة بالنسبة للفنانين الشب


.. الفنان عبدالله رشاد يتحدث لصباح العربية عن دور السعودية وهيئ




.. أسباب نجاح أغنية -كان ودي نلتقي-.. الفنان الدكتور عبدالله رش


.. جزء من أغنية -أستاذ عشق وفلسفة-.. للفنان الدكتور عبدالله رشا




.. الفنان عبدالله رشاد يبدع في صباح العربية بغناء -كأني مغرم بل