الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسطينيون 2004 عام الحزن

بيسان عدوان

2005 / 1 / 6
القضية الفلسطينية


لا شك أن عام 2004 لم يكن عاما عابرا بل شهد أحداثا هامة ذات الأثر على الساحة الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية. الحدث الأهم هو ما شهدته الساحة الفلسطينية من تصعيد خطير للعدوان الإسرائيلي حيث الاغتيالات للقادة المؤسسين والاعتقالات والحصار الخانق والهدم وخطة فك الارتباط سيئة النية والإبعاد. هذا من جانب، ومن جانب اخر وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقرار رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بالانسحاب الأحادي من المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية في قطاع غزة وشمالي الضفة الغربية. وقد خلق الحدثان جوا مختلف وترتب عليه تغييرات في الساحتي الفلسطينية والاسرائيلية بعد 4 سنوات من الصراع.
"التصعيد الاسرائيلي في العام الماضي اخذ شكلاً ولوناً آخر غير الذي عهدناه في السنوات الثلاث الاولى من عمر الانتفاضة، حيث انتقل الى مرحلة حساسة ومهمة جداً ارتكزت على عاملين اساسيين، اولهما الجدار الذي بني وما زال يبنى في مقاطع كبيرة من الضفة الغربية محولاً اياها الى معازل وكنتونات، ويحد بشكل كبير من حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة، وكذلك ترك اثاراً اقتصادية واجتماعية هائلة على الفلسطينيين. وايضاً اتسم هذا التصعيد وذروته باعتماد اسرائيل الواضح علي العمليات الدقيقة والحساسة لا سيما اغتيال القادة.
حوالي ألف شهيد قضوا في عام 2004 و ذلك خلال العمليات العدوانية الاسرائيلية عبر عمليات الاجتياح والتي شهدتها الاراضي الفلسطينيون وكان آخرها مجزرة شمال قطاع غزة ومخيم جباليا والتي وقعت في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، و راح ضحيتها ما يزيد عن مائة وثلاثين شهيدا ومئات الجرحى وكذلك الجريمة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة والتي كانت بمثابة عملية استئصال راح ضحيتها ما يزيد عن ستين شهيدا ودمرت قوات الاحتلال فيها مئات المنازل وشردت الالاف من المواطنين الذين اقترشوا الارض والتحفوا السماء واذ بهم يجدون انفسهم وقد هجروا من ديارهم للمرة الثالثة ذكر تقرير صادر عن مركز المعلومات الوطني الفلسطيني أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت 950 شهيد فلسطيني من بينهم:36 شهيدة من النساء و 172 شهيداً من الأطفال، و 16 شهيداً سقطوا على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، و 112 شهيداً سقطوا نتيجة عمليات الاغتيال الإسرائيلية، و افاد بسقوط 5965 جريحاً، و بإلحاق الأضرار بـ9387 منزلاً، من بينها 2366 منزلاً دمرت تدميراً كلياً، و اقتلاع 295098 شجرة، و تجريف 10271 دونماً من أخصب الأراضي الزراعية، و تدمير 707 من الدفيئات الزراعية، و هدم 92 بئراً للمياه .
و اوضح التقرير ان قوات الاحتلال دمرت المئات من المخازن الزراعية وعشرات آلاف الأمتار من شبكات الري، وقتلت عشرات الآلاف من الطيور والحيوانات، وإلحاق الأضرار بالمزارعين، وتقدر الخسائر الزراعية بملايين الدولارات الأمريكية، فقيمة الخسائر الناجمة عن أعمال التجريف والتدمير في القطاع الزراعي بلغت 100625539دولار أمريكي
و قدرت خسائر الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام بلغت في الفترة من 29/9/2003 وحتى 29/9/2004 3200834000 دولار أمريكي.
ذكر التقرير ايضا إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية قد تصاعدت بشكل كبير على قطاع غزة، حيث بلغ عدد الشهداء الذين سقطوا في القطاع فقط 694 شهيداً، أي بنسبة 73% من إجمالي عدد الشهداء الفلسطينيين عام 2004.
كما شهد العام 2004 تزايد عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة عمليات الاغتيال مقارنة بالسنوات الأخرى السابقة، حيث بلغ عدد الشهداء الذين اغتالتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي 112 شهيداً خلال العام 2004، أي بنسبة 35.6% من إجمالي عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة هذه العمليات.
هذا فقد الفلسطينيون في مارس اذار الشيخ احمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الاسلامية حماس وقائدها الذي اتهمته اسرائيل بالمسؤولية عن عمليات نفذها الجناح العسكري لحماس المعروف باسم كتائب القسام واسفرت عن قتل مئات الاسرائيليين ثم قامت الطائرات الاسرائيلية بقصفه بالصواريخ عندما كان يغادر مسجد المجمع الاسلامي القريب من منزله على كرسيه المتحرك بصحبة عدد من المصلين مما ادى الى وفاته على الفور .
ثم اغتالت الطائرات الاسرائيلية خلفه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي اختير زعيما لحماس في قطاع غزة بعد بضعة اسابيع من اغتيال الشيخ ياسين .
ولم تكن الاغتيالات هي الوسيلة الوحيدة التي اتبعتها قوات الجيش الاسرائيلي في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية وقادتها ونشطائها بل ترافق كل ذلك مع حملة اجتياحات وتوغلات واسعة النطاق وكان من اهمها حصار رفح والتوغل في حي الزيتون بمدينة غزة.
تميز عام 2004 ايضا ، بزيادة الاصوات الفلسطينية التي دعت الى ضبط الاوضاع الامنية الداخلية ومحاربة الفساد، فقد خرجت وفي مناسبات كثيرة المسيرات المطالبة بالاصلاح ، وشهد الشارع الفلسطيني عدة محاولات اغتيال فلسطينية – فلسطينية واعتداءات لبعض القيادات ورموز السلطة الامر الذي كاد ان يسبب في اقتتال داخلي في الشارع الفلسطيني .
الا ان رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسس حركة فتح وزعيمها من ابرز العلامات التي تركت اثرها على الفلسطينيين وما صاحب ذلك من توزيع التركة بين الجيل الاول في قيادة فتح و محاولة السيطرة علي الاجيال الشابة في الحركة خاصة كتائب الاقصي الجناح العسكري لفتح ، والذي اسفر علي تولي ابو مازن رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة وترشحة للانتخابات الرئاسة .
القلقون من رئاسة أبو مازن، وهم كثر حتى داخل فتح، يذكرون بإشرافه على اتفاق أوسلو الذي اتضح خلال العقد الماضي إلى أي حد وضع المستقبل الفلسطيني في القبضة الإسرائيلية، وبمعارضته عسكرة الانتفاضة ولا يستبعد هؤلاء أن يسعى الرئيس أبو مازن وبمبررات شتى إلى قمع قوى المقاومة، وجر الوضع الفلسطيني بالتالي إلى احتمالات الاشتباك الداخلي، كما لا يستبعدون إمكان أن يقوم أبو مازن بالتفاوض على حل نهائي يمس فعلا بالثوابت الفلسطينية. حيث ذكر ابو مازن في لقاءته في غزة والضفة وفي جولته العربية ان من وأولوياته ضرورة العودة الى المفاوضات مع الاسرائيليين "لأن الانتفاضة لم تحقق شيئاً سوى تدمير البنية التحتية للدولة الفلسطينية وإلحاق الأذى بالشعب الفلسطيني", وتأمين هدنة كافية تسمح باختبار النوايا الأميركية والاستعدادات الاسرائيلية للعودة الى "طريق السلام", ووقف كافة أعمال المقاومة المسلحة ضد الاسرائيليين, واعتماد مبدأ التفاوض كخيار أساسي ان لم يكن وحيداً.
ربما كان رحيل عرفات باعثا على بذل جهود فلسطينية اكبر لتعزيز الجبهة الداخلية واعادة بناء المؤسسات الفلسطينية على اسس ديمقراطية اذ اعقب وفاة عرفات حملة مكثفة لانتخابات بلدية وبرلمانية ورئاسية وتمت المرحلة الاولي في الانتخابات البلدية في الضفة الغربية واظهرت تقدما ملحوظا لحركة حماس فيها وكانت على عكس ما توقعه الكثير من سيطرة فتح خاصة في الضفة الغربية مما يمهد لسيطرتها في الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تقرر ان تجرى الانتخابات الرئاسية في التاسع من يناير كانون الثاني ويامل الفلسطينيون ان تجرى الانتخابات البرلمانية في مايو ايار القادم وان تبدأ اسرائيل بالانسحاب من قطاع غزة وبعض انحاء الضفة الغربية مع حلول مارس اذار القادم ولكن المخاوف الفلسطينية مع ذلك ليست بالقليلة .
شهد عام 2004 ايضا تطورا مهما في السياسة الاسرائيلية خاص بالساحة الفلسطينية حيث اقرت الكنيست خطة تمنح الحكومة الاسرائيلية فرصة لاعادة الانتشار وازالة المستوطنات اليهودية الموجودة في قطاع غزة وهي الخطة التي اقترحها رئيس الوزراء ارئيل شارون وقد قلل الفلسطينيون من شأن هذه الخطوة .
قال أرييل شارون في عدة مناسبات اهمها مؤتمر هرتسليا الخامس إن العام القادم هو عام الفرصة التي يجب أن تستغل، الفرصة التي طالما انتظرتها إسرائيل و المقصود هنا التغيير الذي أصاب الفلسطينيين بموت زعيمهم الرئيس ياسر عرفات الذي طالما اعتبرته الحكومة الإسرائيلية عقبة بوجه السلام.
اقترح شارون قبل حوالي عام خطة الانسحاب الاحادي الجانب من قطاع غزة و بعض المستوطنات المعزولة في شمالي الضفة الغربية، هذه ليست خطة شارونية بحتة وإنما توجه استراتيجي قديم يقوم على أساس عدم وجود مصلحة ملحة للبقاء في قطاع غزة و ذلك بعكس الضفة الغربية التي يعتبرها الخبراء العسكريين امتداد للأمن الاستراتيجي الإسرائيلي و لا يمكن الانسحاب منها إلا بعد تأمين ما بعد تلك الحدود تماما.
الخطة المقترحة قبل عام سببها حسب أرييل شارون " عدم وجود شريك فلسطيني دفعنا إلى عمل خطة مبادرة " ولكن وفاة عرفات و التشجيع الإسرائيلي المباشر لمرشح الرئاسة محمود عباس يدل أن الفرصة جاءت و الشريك موجود فعلينا البدء في تنفيذ الخطة ".
رغم الجو السائد في الاوساط الاقليمية والدولية وعلي الساحتي الاسرائيلية والفلسطينية بعد الانتخابات وفوز القيادة التي تأمل اسرائيل من التعاون في احراز تسوية جديدة بين الطرفين فإن معظم ما يمكن التنبؤ به للعام 2005 لا يتعدى عن كونه شكلا من أشكال الترتيب المؤقت ، ويعتقد الفلسطينيون ان خطة الانفصال هي الستار الذي يستخدمه ارئيل شارون وحكومتهاليمينية للتغطية على مجمل الاعمال التدميرية الذي قام ولا يزال يقوم بها جيشه في قطاع غزة، وبالتحديد عمليات الابادة العمرانية الممنهجة التي تمت من خلال تدمير مئات المنازل، وتشريد عشرات، الالاف والقضاء على قطاعات واسعة من الاراضي الزراعية الخصبة" ، حيث ما تزال اسرائيل تحتل القدس والضفة الغربية وقطاع غزة ، ولا تزال تواصل عملية بناء جدار الفصل العنصري في القسم الجنوبي من الضفة الغربية ومازالت تواصل عمليات الاجتياح العسكري في غزة ( جباليا – خان يونس ) وتواصل سياسة الاغلاق والحصار ( معبر رفح ) ، الا ان الجمهور الاسرائيلي يعتقد ان الانتفاضة ستتوقف العام القادم وينعموا بالامن والاستقرار ، هذا ما قد يجعل الصراع يستقر لبعض الوقت لكن لن يحله وقد يعد بسهولة لمرحلة موجة عنف جديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات