الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يحيا - مايكل نبيل - مدون الثورة ويسقط - محمد حسنين هيكل - مثقف السلطة

أحمد شهاب الدين

2012 / 1 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أعرف تماما أننا لا نعيش وقت الكتابة والبحث والتحليل بقدر ما نعيش وقت الفعل ، وأؤمن أن الفعل " الثوري " أكثر إيجابية وأقرب تغييرا من الكلمات المنمقة والمعبرة أو غير المعبرة لذا سأكتفي بخطوط عريضة ، وخط واضح وفاصل بين مايكل نبيل ومحمد هيكل

أكتب في الوقت الذي جاءتنا فيه أنباء مبشرة عن الإفراج عنه ، واعتبرتها فرصة للكتابة عن هذا الشاب وهو يكاد يكون أقرب إلى " نموذج " معبر عن الجيل بقلقه وشجاعته وتمرده ، وأن هيكل أيضا هو هذا النموذج الأقرب إلى جيل بيقينه وثباته ووقعه تحت إسار السلطة .



كل شيء مختلف بين جيلين الأول يبحث عن السلطة والمنصب ويتقرب منها ويتودد إلى أصحابها ، والثاني بعيد عنها تماما ويفكر في مباديء الحرية والعدالة والكرامة .

الاختلاف في المظهر يعبر عن الجوهر

إذا بحثت في جوجل عن صورة هيكل ستجد بيدج قناة الجزيرة القطرية – التي تحوز المال والنفوذ السياسي في المنطقة – وسترى رجلا عجوز منمقا في ملبسه ، وستلاحظ هذا الإبهام في وجهك كعلامة على اليقين والثقة فيما يقول ، وإذا بحثت في جوجل عن صورة مايكل نبيل فستجد شابا في مقتبل الشباب في ضحكته مزيج من المرح والسخرية ، وستراه أحيانا من خلف القضبان كإيحاء بالسجن المتكرر الذي تعرض له ، ولن تجد سوى إصبعين إثنين مرفوعين علامة العزيمة على النصر ، وأحيانا سترى الإصبع الثالث دلالة على التمرد الذي لايعرف قوانينا ولا أعراف

قصة حياة واختلاف مواقع

ابحث في ويكيبيديا عن سيرة هيكل ونبيل ، ستجد الأول صحفي وله كتب كثيرة وحياته حافلة بالشخصيات التي قابلها وصادفها ، قام بتأليف كتب سياسية كثيرة لم تؤثر إلا على النخبة القليلة وقليلا منها حرك المياه الراكده ، فالأول كان يتكلم من موقع السلطة ، فهو العارف ببواطن الأمور وهو ولع بالتوثيق – تماما مثل مايكل – ولكن الأول ولع بتوثيق الخطابات والرسائل الرسمية، يقول لك كنت جالسا مع الرئيس الفلاني والمسؤول العلاني ليتلقى الدرر من أفواههم ، كان لصيقا بعبد الناصر بالطبع لم يناصر الحريات ولم يدافع عن المعتقلين ، ولم تكن له قضية يدافع عنها تمس حياة المواطن البسيط والمركب ، كل ذلك كان يفعله نبيل فهو مدون ، اختار الكتابة على الشبكة العنكبوتية أداة حرة مثل السماء لا حسابات ولاقيود ولا مراوغة ، لم يطبع له كتاب ، ولكن كتاباته كان لها تأثير على الشباب النشط في سبيل حقوق الإنسان وحريته ، تبنى قضية وأخذ يكتب ويدافع عنها " قضية التجنيد الإجباري " ، في الوقت الذي كان فيه هيكل يجلس مع أمراء قطر ، ويحصل على بركتهم في قناة الجزيرة ، كان نبيل يقف في الميادين يهتف بالحرية التي ينتفض لها قلبه ، ويرعش لها شعيرات جسده ، هو أيضا يوثق جميع مدوناته ولكنه ليس التوثيق لغرض التوثيق ، ولكن ليحرك المياه الراكدة ويحرض الإنسان ضد الفساد والاستبداد ، أما هيكل فلايتكلم عن وثائقه إلا بعد فوات الأوان ، ولا يفصح عما في داخله إلا بعد أن يحترق سياسيا ، فكلامه عن الضربة الجوية الشرفية لمبارك كانت ستحرك كثيرا وستحرض أكثر لو كانت قبل رحيله عن الكرسي ، كلمات هيكل يسبقها الزمن وكلمات مايكل تخلق الزمان والمكان المناسب لها .

طريقة الكتابة الفصحى والعامية

يكتب محمد حسنين هيكل بلغة منضبطة فصيحة بليغة دقيقة ، وأما مايكل نبيل فلغته منفلتة لا تفصح إلا عن عفويته ولا تبلغ إلا صرخاته ، ولاتدق عن أي فهم ، يكسر قلمه الحاجز بين قواعد اللغة وبراح العامية ، رغم سمو المعاني التي يدعو إليها ، تجده يتحدث عن قضايا لا عن ذاته ، أما هيكل فتجده حاشرا ذاته وقصة حياته حشرا في كل تاريخ يسجله ويوثقه .

هيكل مؤمن بفكرته بالقومية العربية التي دعا إليها عبد الناصر ، ويحلم باستعادتها ثانية ، ويكتب للرؤساء والزعماء الذين يمكن أن يلعبوا دورا مشابها ، ومايكل يشك في كل شيء الإيمان والوطن والقومية إلا الإنسان وحريته ، يؤمن في الإيمان نفسه ، وينظر إلى الإنسان وكرامته وحريته فتتقازم قامة الزعماء ، وتختفي كل الإيديولوجيات ، إلا الإنسان هو الزعيم والإيديولوجيا والوطن والدين ، هو ابن لهذا الجيل الذي لم يجد قدوة ولا لغة ولا فكر ولا دين كل شيء تحول إلى قشور وقشور وقشور ، فهذا الرئيس يدعو إلى الممانعة والكبرياء العربي في الوقت الذي يذبح شعبه كما فعلها عبد الناصر في معارضيه ، وذلك يعتبر نفسه خادم الحرمين الشريفين وباسم محمد الذي بعث من أراضيهم يسجنون ويقتلون كل إنسان يزعزع استقرار الأسرة المالكة ، وهؤلاء الأقربين في بلادنا يبشرونا بالشريعة الإسلامية السمحاء التي أنارت العالم وأكسبته تمدنا وحضارة ، ثم يزورون في الانتخابات ويشوهون منافسيهم في دينهم وأخلاقهم ، ويضعون خطوطا حمراء على العسكر الذين فعلوا أكثر مما فعله أبو لهب في السلف الصالح الذي يقتدون به ، كذب وزور ورياء .

لكل هذا أهتف وكل أبناء الثورة المصرية التي لم تنادي بالليبرالية أو الإسلامية أو الإشتراكية ، الثورة التي لم تفضل أبيض على أسود ولا مسلم على مسيحي ، الثورة التي قادها نوبيون وقاهريون وفلاحون وصعايدة ، شباب وعواجيز ، مسلمون ومسيحيون وملحدون ، ثورة نادت بالمباديء العامة : الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية ، في الوقت الذي كان فيه هيكل على قناة الجزيرة القطرية يفكر ويحلل ويشير بإبهامه أننا نخاف من الصندوق الأسود !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأمل
عدلي جندي ( 2012 / 1 / 29 - 12:03 )
مايكل يمثل فعلا طموح شباب وطن يبحث عن هويته المنهوبة والمزورة مايكل ومن هم في طريق الحرية والعزة والإنسانية هم أمل مصر للنهوض تحية لكل الشهداء ومناضلي الكلمة وشكرا لك

اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟