الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية سياسية ... هجينية - 4 –

حميد غني جعفر

2012 / 1 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تزامنت صدور مذكرة القبض على الهاشمي وهروبه إلى كردستان مع قرار رئيس الوزراء – المالكي – بسحب الثقة من نائبه صالح المطلك ومنعه من حضور جلسات مجلس الوزراء على خلفية تصريحاته التي اتهم بها المالكي بالديكتاتور وقدم المالكي بذالك طلبا إلى مجلس النواب بسحب الثقة منه ، فتصاعدت الحرب الإعلامية والتصريحات النارية بين الكتل المتصارعة – اتهامات ومهاترات – كل منها للآخر خصوصا القائمة العراقية كانت أكثر تصعيدا للموقف دفاعا عن الهاشمي والمطلك، فهي ترى أن الاتهامات التي وجهتها دولة القانون – قائمة المالكي – إلى الهاشمي كيدية وطائفية وتهدف إلى تسقيط القائمة العراقية – بحسب ادعائها – وترى في الهاشمي شخصية وطنية وذات تأريخ وعلى هذا طالبت بنقل دعوى الهاشمي إلى كردستان أو كركوك لأن القضاء العراقي – مسيس – كما تدعي وكأن كردستان ليست جزء من العراق وكانت بعض الفضائيات المشبوهة والمتصيدة في الماء العكر تسعى لتأجيج وتسعير المعركة الإعلامية وكل لها توجهاتها في دعم هذه الكتلة أو تلك وتدفع بها لتصعيد الموقف ليزداد توترا وتناحرا وجعلت القائمة العراقية من قضيتي الهاشمي والمطلك أزمة سياسية مستعصية فأعلنت مقاطعتها لجلسات مجلسي النواب والوزراء احتجاجا على هاتين القضيتين وبذالك عرقلت جلسات مجلس النواب وعطلت الكثير من التشريعات المهمة وهذا ما دأبت عليه القائمة العراقية كوسيلة للعرقلة وشددت – العراقية – من تصعيدها للحرب الإعلامية وتصلبت في مواقفها المتزمتة ، ثم جاءت تصريحات الهاشمي من كردستان يفند فيها الاتهامات الموجهة إليه وطاعنا بقرار اللجنة القضائية المكونة من ستة قضاة موقعين على مذكرة الاعتقال وأيضا اتهم القضاء – بالمتسيس – وفي آخر حوار أجرته معه فضائية الشرقية – وهو في كردستان – قبل أيام – وكان حديثه ينطوي على تهديد – مبطن – إذ قال ( أن الهاشمي ليس شخصية عادية والأستاذ الهاشمي – بحسب تعبيره – يقف وراءه الملايين وأن المؤتمر الوطني سوف لم يعقد إلا بعد حسم قضيتي السياسية ) ولم تكتفي قيادة القائمة العراقية بذالك بل وجهت رسالة إلى صحيفة – نيويورك تايمز – الأمريكية وموقعة من – علاوي والنجيفي – والعيساوي – تدعو فيها المجتمع الدولي للتدخل لإنقاذ العراق من حرب طائفية ، وبعد رسالة علاوي هذه ببضعة أيام صرح أحد مرشحي الرئاسة الأمريكية من الجمهوريين بأنه سيعيد إرسال القوات الأمريكية إلى العراق ، وكأن العراق بات ولاية من الولايات الأمريكية ليرسل لها الجيش متى شاء ويسحبه منها متى شاء ويعاود علاوي من جديد – وبعد بضعة أيام أيضا – من تصريح المرشح الأمريكي ليوجه دعوة صريحة – هذه المرة – ومباشرة لواشنطن بالتدخل للحفاظ على التعددية ، فيا لها من تعددية تحت الحماية الأمريكية تعبر عن وطنية صادقة ..!! فأين السيادة الوطنية ؟ وأين الحرص على المصالح الوطنية العليا ؟
هذا في الوقت الذي يرى فيه علاوي وأصدقاءه الأمريكان كيف عبر الشعب العراقي وكل قواه الوطنية المخلصة والحريصة على سيادة واستقلال بلادنا عن فرحهم وغبطتهم بيوم انسحاب القوات الأمريكية من أرض بلادنا وعبروا عن رفضهم للوجود الأمريكي والأجنبي – عموما – على أرض بلادنا .
وكان المفترض أن يكون مثل هذا اليوم العظيم يوم الجلاء مناسبة وطنية كبرى بحق لكل القوى الوطنية الشريفة والخيرة وكل من تعز عليه حرية وسيادة واستقلال بلاده وحرصه على مصالح شعبه أن توحد كل جهدها وطاقاتها الخيرة في تعزيز اللحمة الوطنية وتوحيد الإرادة الوطنية والموقف من خلال نبذ كل الخلافات الثانوية والترفع عن الصغائر وإبداء التنازلات المتقابلة بمرونة وشفافية بتغليب مصلحة الوطن العليا على مصالحها الضيقة ، فبوحدة الإرادة والموقف وصدق النوايا يمكن مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجهها بلادنا اليوم بعد الانسحاب الأمريكي ، ويمكن توفير الخدمات الأساسية للمواطن بكل مفاصلها وتوفير فرص العمل للعاطلين وتعيد الأمن والاستقرار للشعب الذي عانى ما عاناه طيلة السنوات الماضية وإعادة الأعمار والتنمية والنهوض باقتصاد البلاد إلى سابق عهده .
هذا ما كان يطمح له الشعب العراقي وما كان يتأمله من الساسة في هذه المناسبة الكبيرة ، وكان هذا هو المطلوب من الساسة لكننا نرى وفي هذا الظرف الدقيق والحساس – تتفجر الأزمة وكأنهم شعروا بالخطر على مصالحهم – بعد الانسحاب الأمريكي – وتصاعدت حدة الخلافات واحتدمت الصراعات فكانت معركة إعلامية بين الكتل المتصارعة واتهامات متبادلة كل منهم دفاعا عن مصالحه وتعمقت الأزمة – المفتعلة – واتسعت لتشمل إقليم كردستان أيضا بفعل إيواءها للهاشمي حتى أبلغت وزارة الداخلية – في بغداد – وزارة الداخلية في إقليم كردستان بتسليم الهاشمي إلى القضاء العراقي لمحاكمته ورفضت وزارة داخلية – كردستان – تسليم الهاشمي وبأسلوب جاف ويتسم بالكبرياء والتعالي ، إذ قال مسؤول في وزارة الداخلية هناك – أننا لسنا شرطة لدى حكومة بغداد وهذا الرد يعبر عن انعدام الثقة بين الكتل السياسية لان إقليم كردستان جزء من العراق ويرتبط بالحكومة المركزية ، هذا وكان البارزاني قد صرح – عند لجوء الهاشمي إلى كردستان – بأن قضية الهاشمي قضائية ولابد أن يأخذ القانون مجراه ولكن وبعد زيارة رئيس القائمة العراقية إلى كردستان ولقاءه بالبارزاني تغير موقف – الأخير – وصرح بأن قضية الهاشمي سياسية وينبغي أن تحل بالحوار السياسي ، وهذا يعكس موقف العراقية والتشبث في محاولاتها لتسييس قضية الهاشمي ، وكانعكاس لأجواء عدم الثقة بين حكومتي بغداد واربيل قامت حكومة كردستان بتشكيل وفد من سبعة قضاة لزيارة بغداد للإطلاع على ملف الهاشمي والنظر في الأدلة الثبوتية المطروحة أمام القضاء بهدف التأكد من صحتها وهكذا أصبحت كردستان طرفا ثالثا في الصراعات المحتدمة بين القائمة العراقية ودولة القانون وهكذا جعلت – العراقية – من قضيتي الهاشمي والمطلك وكأنها القضية الوطنية الكبرى ، وواقع الحال أنها قضية اعتيادية لا تستوجب مثل هذا التهويل والمواقف المتشنجة ، فالهاشمي والمطلك ومهما كان موقعهما ومركزهما في الدولة ينبغي ويجب أن يأخذ القانون مجراه وفق الأدلة الجرمية المتوفرة فليس الهاشمي فوق القانون أو فوق المصالح الوطنية في حماية أمن وسلامة الوطن ومواطنيه ، ثم عاد الهاشمي ليصرح من جديد بأنه يمتلك حججا دامغة على براءته ، ويتساءل الشارع العراقي إذا كان الهاشمي يمتلك الحجج الدامغة على براءته ، فلماذا هرب إلى كردستان ؟ ولماذا لم يواجه القضاء بشجاعة
و لسنا هنا بصدد توجيه الاتهام للهاشمي أو المطلك لكننا نقول للأخوة في العراقية وكل الذين يدافعون عن الهاشمي ووطنيته !! أن يعوا حقيقة أن شعبنا العراقي – لا تخفى عليه خافية – وهو كما قلنا سابقا – يقرأ الممحي والمكشوف – ولديه مؤشرات عن كل شخصية في الحكومة و- ليس الهاشمي وحده من حيث تأريخه وماضيه وكيف صعد مع الزبد اليوم .
وللحقيقة نقول أن كل هذا ناجم أساسا عن الأسس الخاطئة التي قامت عليها العملية السياسية المرسومة !! وهي المحاصصة الطائفية أو القومية أو العشائرية ، أي أنها لم تستند إلى أسس ومعايير وطنية حقة من حيث الكفاءة والنزاهة والإخلاص ومن حيث التأريخ الوطني المشهود ، هذا إضافة إلى العوامل والضغوطات الخارجية ، تلك هي الحقيقة وليس غيرها – وإن كانت مرة للبعض – ولقد أدرك شعبنا هذه الحقيقة وعبر عنها بصوته المدوي في ساحة التحرير مطالبا بالإصلاح وأعلن عن الندم في اختيار ممثليه ... نادمون ... نادمون ...، فهل يعود هؤلاء السادة المتصارعون إلى صوت العقل والحكمة ويكونوا مع شعبهم ليكون معهم ، ولا نريد هنا الدخول في تفاصيل المحاصصة الطائفية والتوجهات الطائفية للدولة أيضا ، فهي واضحة تماما وتتجلى في الكثير من المظاهر التي تؤكد توجهات الحكومة في ترسيخ وتجذير الطائفية المقيتة التي مزقت النسيج الاجتماعي ووحدة الشعب وبات القتل على الهوية وضاعت بل وديست كل المقاسات الوطنية حتى أصبحت الطائفية هي المنطلق في مواقف – الكتل السياسية - من كل القضايا والمشكلات التي تعج بها الساحة العراقية وليس من منطلقات وطنية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر أن الدستور العراقي قد كفل حرية الأديان كافة وكفل لها حرية ممارسة طقوسها وشعائرها الدينية بكل حرية ، إذن فليس من حاجة لتدخل الدولة بمثل هذه المظاهر في خلق الأجواء البوليسية عند المناسبات والزيارات الدينية ، ثم لماذا هذا الاستعراض المسلح الذي جرى في النجف الاشرف – قبل أيام وبالأسلحة ذاتها التي لدى الجيش والشرطة أليس هذا من شأنه ترسيخ وتعميق للطائفية ، ولماذا لا ينزع حزب الله العراقي السلاح وهو قد دخل مشروع المصالحة والعملية السياسية وعصائب الحق تهدد بالعودة إل حمل السلاح ، فكيف يمكن بناء دولة المواطنة المؤسساتية الدستورية المدنية بوجود هذه المليشيات المسلحة ، وأين هي المناداة بحصر السلاح بيد الدولة ثم أين الإدعاء ببناء دولة المواطنة التي يتنادى بها الجميع فقد باتت شعارات للاستهلاك والتضليل .
وبعد القراءة لهذه اللوحة المكثفة لمجمل أوضاع البلاد وطبيعة ونوايا المتصارعين نتساءل ، هل من أمل في الإصلاح ؟ وهل من حل لإخراج البلاد من أزمتها ؟
يتبع

حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما هذا التناقض
ابن العراق ( 2012 / 1 / 31 - 18:33 )
السلام عليكم ايه الاخوة في الحوار المتمدن بدا الاخ العزيز حميد في حلقاته السابقة على موضوع واحد واليوم نراه ينحرف في الحلقة الرابعة قد غير مسار الحلقة الرابعة من موضوع الهاشمي الى استعراض النجف والى قضية العصائب وحزب الله فما الذي ربط قضية مجرم مثل الهاشمي وهروبه الى شمال العراق وعدم تسليمه الى الحكومه العراقية بقضية الاستعراض فهل الاخ حميد غني يدافع هنا على الهاشمي ام يدينه وهل حزب الله قال للهاشمي ارسل جرذانك لقتل الشعب العراقي فما ارتباط سلاح حزب الله هنا مع تسليم الهاشمي فانا اقول ولوسمحتم لي يا اصدقاء قراء وكتاب الحوار ان نثيت على مبدا في كتاباتنا ولا نرمي الناس بالحجارة عبثا دون التقيد بالرؤيا الكامله للحقائق

اخر الافلام

.. لماذا استبعدت روسيا ولم تستبعد إسرائيل من مسابقة الأغنية -يو


.. تعليق دعم بايدن لإسرائيل: أب يقرص أذن ابنه أم مرشح يريد الحف




.. أبل تعتذر عن إعلانها -سحق- لجهاز iPad Pro ??الجديد


.. مراسلنا: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان | #الظهي




.. نتنياهو: دمرنا 20 من 24 كتيبة لحماس حتى الآن