الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام السوري - -حساب السرايا وحساب القرايا-

وهيب أيوب

2012 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة السورية، قرّر نظام الأسد أن يُلبِسها لبوس المؤامرة والعصابات المُسلحّة، رغم يقينه أنّها ليست ذلك ولا ذاك! غير أنّه كان يُدرِك تماماً أن الإصلاحات التي يريدها المنتفضون والشعب السوري ليس بوسعه تحقيقها في ظل تركيبته العصيّة على التغيير، وأن أي تغيير حقيقي في بنية النظام وهيكليته التي شُيّدت منذ أربعة عقود على يد الديكتاتور الأكبر حافظ الأسد، تعني ببساطة نهايته، خاصة وأن الشعور السائد لدى أركان هذا النظام، أن البلد باتت ملكهم، وأن الباقين رعايا لديهم لا أكثر ولا أقل. ولهذا أيضاً، كانت تأتي المشاريع وما يُسمى بإلاصلاحات، تحت عنوان عطايا ومكرُمات الرئيس؛ لا على أنها حقوق للشعب السوري.
وقد جرّب الأسد الصغير بعد اعتلائه الخلافة، تسويق نفسه أميركياً وغربياً كرجل إصلاح وانفتاح، بعد أن حظيَ بتأييدهم، بأن ينفتح سياسيا على المعارضة في الداخل، وجس نبضها، فيما سُمّي في حينه "ربيع دمشق"، إلا أن الربيع المنشود سرعان ما تحوّل إلى خريفٍ عاصف، أودت رياحه بأركان المعارضة إلى خلف القضبان، دون أن يستطيع اتهامهم سوى اتهامات خنفشارية؛ أمثال إضعاف الشعور القومي ووهن عزم الأمّة وسواها من اتهامات لا ترقى إلى حد يستطيع أي قضاء في العالم البحث فيها.
نستطيع القول، إن الفرصة الذهبية الضائعة من يد هذا النظام كانت في حينه فقط وليس الآن، ولا مع بداية الاحتجاجات في آذار 2011، حين قرّر النظام اقتلاع أظافر أطفال درعا ونصيحة أهلهم نسيانهم، وبأن يُرسلوا له نساءهم لإنجاب غيرهم.
ومنذ أن زجّ نظام الأسد بمعارضيه في السجون، الذين كانوا يطالبون بإصلاح النظام السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد، مع بقاء بشار الأسد رئيساً، وليس بإسقاطه كما عبّر عن ذلك المتظاهرون في درعا وغيرها بعد مضي أقل من عشرة أيام.
وعلى مدى الأشهر السبعة الأولى من اندلاع الثورة، لم يُفلح النظام بإقناع السوريين أو العرب أو الغرب، أنه يتعرّض لمؤامرة خارجية، وصَفَها بالكونية؛ وأنّه يواجه عصابات مُسلّحة. لكنه عمل جاهداً على دفعِها بهذا الاتجاه وجعلِها كذلك، مِما يُسهّل القضاء عليها كما يظن، كونه الأقوى عسكريّاً وتنظيميّاً وعدّة وعتاداً من مُعارضيه.
لكن مع بدء الانشقاقات في الجيش السوري وتزايدها يوماً بعد يوم، ربما لم تكن بحسبان النظام، خاصة وأنها باتت اليوم، تُنازعه السيطرة على بعض المدن والمناطق السورية، وبعضها بالقرب من العاصمة دمشق.
استطاعت الثورة السورية اتّباع تكتيك ناجح فيما يخصّ الانشقاقات التي شكلّت "الجيش السوري الحرّ"، بحيث اعتُبِرت فيما يُشبه الجناح العسكري للثورة، ثم الإبقاء على التظاهرات السلمية، التي يقوم بحمايتها الجيش الحرّ، ِما أدى إلى إرباك النظام وقواه العسكرية والأمنية وفرق "الشبّيحة" المنتشرة في كل مكان.
الجميع يعلم، أن تركيبة الجيش السوري، عدا بعض الفرق، مُعرّضة لانشقاقات واسعة وكبيرة في حال فتح الصراع العسكري على مداه، مُضافاً إليه قراراً من الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتوفير مناطق عازلة وحظر جوّي يحمي المدنيين والثوار والجيش الحرّ، وهذا متوقع حدوثه في الأسابيع المُقبِلة، بعد أن استُنفذت كل المبادرات والوسائل في نقل السلطة سلمياً وتنحّي الأسد عن الحكم، وإصراره على الذهاب في الصراع من أجل السلطة حتى آخر الشوط.
لقد سقطت معظم الذرائع والحجج التي تلطّى خلفها النظام منذ اندلاع الثورة، وأوّلها يافطة المقاومة والممانعة، بعد أن ثبت أنّه الحارس الأمين، هو ووالده من قبله، للحدود الشمالية الإسرائيلية على خط الجولان المحتل، وأنّ حافظ الأسد دخل لبنان واحتلها لثلاثة عقود بقرار من الجامعة العربية، التي يوصمها اليوم بالخيانة، وتأشيرة أميركية ومباركة إسرائيلية، وأنّ وريثه بشار خرج من لبنان في العام 2005 بذات الطريقة! فكيف له أن يُدين تدخل الجامعة العربية اليوم، ويرفض التدخل الخارجي، وهو الذي دخل أيضاً عام 1991 في التحالف الغربي الأميركي لمحاربة العراق؟ ألم يكن حينها قراراً جزئياً من الجامعة العربية وليس بالإجماع، وقراراً دولياً أيضاً...؟!
الأنكى من هذا وذاك، أن هناك شركاء خارجيين للنظام السوري في محاربة شعبه ومحاولة القضاء على ثورته المُحقّة. فقد تمّ القبض على سبعة من الحرس الثوري الإيراني يشاركون أمن النظام في قمع المظاهرات وقتل السوريين، عدا عن إمداده بالمال والسلاح كما تفعل روسيا أيضاً، إضافة لمشاركة "حزب الله" بدعمه النظام بجميع الوسائل، وهم لا يخفون ذلك.
أما إدانته لدول الخليج بوجود قواعد أميركية على أرضها، فهو محض نفاق، لأن لديه أيضاً، قاعدة روسية على شواطئه! فما الفرق هنا إلا بشكل ولون علم القاعدة واختلاف مصالح كلٍّ منهما..؟
لقد أوهم نظام الأسد العصابة نفسها، أنّه بدفعه الصراع، صراعاً مسلّحاً سينقذه من السقوط، وأنّه قادر على حسم الأمور والقضاء على الثورة بآلته العسكرية ودمويته المُفرِطة. لكنه سيكتشف قريباً أن حساب القرايا غير حساب السرايا، وأن غداً لناظره قريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أراد تقليد أباه
ماجدة منصور-ام لهب ( 2012 / 1 / 30 - 12:31 )
أعتقد أيضا ،سيدي الكاتب،أن بشار أراد تقليد أباه حيث نجح المقبور في اخماد أكبر ثورة شعبية ابّان فترة حكمه البغيض و ظن فيما ظن أن التاريخ يعيد نفسه و سيستطيع قمع كل تحرك شعبي كما حدث في سالف الزمان، و لعمى أصاب بشار في بصره و بصيرته فانه نسي أن الزمن قد تغير و أن هناك تكنولوجيا متطورة قادرة على رصد النملة و هي تدب على الأرض و المعطيات الواقعية و التي كانت سائدة في عصر المقبور قد تغيرت و غاب عن ذهنه أن ثأر الدم لا يموت بالتقادم ،ببساطة،فان حساب السوق ما ظبط مع حساب الصندوق. لك احترامي

اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ