الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!!!حين يعقلن(النقد) القصيدة

فاروق صبري

2005 / 1 / 6
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


نشرت مجلة –كلمات_ العدد 20 ، كانون الأول عام 2004(قراءة) لقصيدة السياب "المسيح بعد الصلب" بقلم الدكتور عدنان الظاهر وهو كيميائي وكاتب وشاعر من اصل عراقي يعيش في ألمانيا حسب تعريف المجلة للظاهر الذي ارتأى قبل بداية (قراءته النقدية) ذكر المقطع الأول من القصيدة المذكورة وهو:
بعدما أنزلوني ، سمعت الرياح
في نواح طويل تسف النخيل
والخطى وهي تنأى . إذن فالجراح
والصليب الذي سمّروني عليه طوال الأصيل
لم تمتني.وأنصت: كان العويل
يعبر السهل بيني وبين المدينة
مثل خيط من النور بين الصباح
والدجى ، في سماء الشتاء الحزينة
منذ سطوره (النقدية) الأولى يتورط الظاهر في التباس تفسيري يلمّح إلى زاوية (قراءته) والذي يفصح عن تناسي موهبة السيّاب ومعرفته في استحضار الحدث أو الشخصية عبر لغة شعرية تخلق ولا تستنسخ ، تعبِّر ولا تستعيد فهو يتوهم(الناقد) بأن السيّاب حاول " تقمص أو استنساخ المسيح شخصاً وفكراً ومصيراً" ، لكنه لم يدرك درامية القصيدة وملحمية طقسها ودلالاتها التاريخية المتفاعلة والمتداخلة مع زمكانية السيّاب نفسه ،إذ نلتقي بالمسيح في "جيكور" :
حين تمتدُّ "جيكور" حتى حدود الخيال
حين تخضرُّ عشباً يغني شذاها
والشموس التي أرضعتها سناها
حين يخضرُّ حتى دجاها
يلمس الدفء قلبي ، فيجري دمي في ثراها ،
وبحكم (عقلانية) وأيديولوجية تفسيره (النقدي) لطقوس القصيدة التخييلية فإنه يرشقنا بركام "تساؤلات" من قبيل:
هل مرّ السيّاب بمحنة تعادل محنة المسيح مع كُهّان الهيكل وكتبته في أورشليم في فلسطين؟
هل سجن أو عذب؟
فلماذا انطق نفسه بضمير المتكلم نيابة عن المسيح؟
علام كل هذا النواح مادام المسيح قد انزل وقام حيّاً ؟
لماذا اختار"السيّاب" فصل الشتاء في البيت الأخير وهل له علاقة بتاريخ أو زمن الصلب ؟
إن (تساؤلات) الظاهر بقدر ما تحاول تغفيل وعي القارئ وتغفل ذائقته المعرفية تفصح أيضاً عن انتمائها إلى مفاهيم (نقدية) مؤد لجة ومؤطرة بيقنيات لا تقبل التخييل والارتفاع عن أرض الواقع!!! والمعروف أن السبب الجوهري في حضور الإلياذة كمنجز إبداعي ليومنا هذا هو طاقتها التخييلية المنفلتة والمتواصلة ، لذلك كم تبدو تساؤلات(الناقد) ومنها "لماذا اختار فصل الشتاء في البيت الأخير في _ في سماء الشتاء الحزينة_ وهل له علاقة بتاريخ أو زمن الصلب؟"ساذجة ومسبقة الصنع بالإضافة إلى إجاباته التي نتوقف عند بعضها ، فعن سؤاله: هل سجن أو عذّب؟ يجيب هو نفسه قائلاً:"كلا ، لقد طورد إبان العهد الملكي في العراق فغادره للعمل في الكويت ثم حورب وفصل من وظيفته بعد ثورة تموز 1958 في العراق فبالغ في جنوحه نحو اليمين ونشر ما نشر في بعض صحف بغداد يومذاك متبرئاً من ماضيه وعقيدته والتزامه السياسي السابق" ولعل السطور التي تحتها خط توضح غرض التنظير (النقدي) الذي تبناه الظاهر_ سبقه في ممارسته نقاد مؤدلجون وهم يتحدثون عن تجربة السيّاب الشعرية _ في (قراءته) لقصيدة "المسيح بعد الصلب" فالظاهر ممتعض لان الشاعر (تبرأ) من العقيدة وفك ارتباطه عن (التزامه السياسي) ولكنه لم يشر بكلمة واحدة عن الأسباب أو الظروف التي أجبرت السيّاب إلى ذلك الطلاق المرّ مع الحزب الشيوعي العراقي الذي لعب ( مثقفوه) قبل كوادره المتقدمة دوراً إيجابيا في إنجاز هذا الطلاق وذلك لسوء تقديرهم في (قراءة) المبدع كونه لا ينقاد مثل أي (رفيق) ولان (الرفيق) السيّاب رفض الانقياد لذلك يقرر الظاهر بأن لا " شئ يجمعه ومحنة المسيح" ولا يحق له بالنطق باسمه !!!
تكمن إشكالية (الناقد) ولنقل ورطته في عقلنة القصيدة ، انه يحلل ويفسر بعقلانية مستوحاة من بنية أيديولوجية يمكن بها (قراءة) افتتاحية او مقالة سياسية لجريدة ما وليس لقصيدة مثل "المسيح ما بعد الصلب" والتي اعتبرها الظاهر بأنها "قمة هرم موهبة بدر شاكر السيّاب لا احسب أحدا ممن نعرف قادر على إصابة كل هذا القدر من النجاح فينا لو إذا حاول معالجة هذا الموضوع المتشعب والمعقد" فأين هذا المدح ( النقدي) من استنتاجه ( النقدي) الشبيه بتقرير طبي غير محايد " فقد كان الرجل_ السيّاب_ عليلاً جسداً ونفساً وكان ضعيف الجهاز العصبي المركزي ، فكيف يستطيع السيطرة على عالمه الخارجي منْ لا يستطيع السيطرة على نفسه وجسده؟" وهذا التشفي ( النقدي) المريض هو نتاج (ثقافة) منحازة وملتزمة مع يقينيات الواقعية الاشتراكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟